بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

البعث الذي لم تفهمه كما ينبغي ...!

 

 

 

 

 شبكة المنصور

 المحامي هاشم العبيدي / السويد

 

نشر السيد نوري المرادي في موقعه (الكادر ) خلال الأيام 19و24 و29/ تشرين الثاني – نوفمبر و4/ كانون الاول – ديسمبر / 2007 مقالا من أربع حلقات اسماه بــ (دراسة  ) في أربعة أجزاء وبعنوان ( حزب البعث كما افهمه ) .......

وجدت في مقالته ، تجنيا سافرا على الحقيقة بعيدا عن الأمانة والأنصاف والتجرد والموضوعية ومجانبة للصواب بالمرة وبصورة لا يقبلها العقل السليم والمنطق المعقول وبشكل يفوق حد التحامل والتجاوز والإقصاء والإلغاء وافتراء ظالما دون أي وجه حق على العروبة والفكر القومي العربي والحركة القومية العربية بفصائلها وأحزابها والتي هي الرافد والمكون الأساس لحركة التحرر العربية وبالأخص الفصيل الأهم والأكبر فيها المتمثل بـ (حزب البعث العربي الاشتراكي ) وأهدافه الأساسية ( الوحدة والحرية والاشتراكية  ) وشعاره المركزي ( أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة )....

فيزعم أن – الحركة القومية العربية – هي من نتاج "الاستشراق الماسوني" الذي كان قد ركز كما يدعي بقوله على " التعريب وبعث الشعور القومي الذي أنهكته الحقبة العثمانية " وبأشراف من يسميه بــ " اشهر أبطال الاستشراق "هو الضابط الفرنسي الماسوني – ماسنيون – الذي استعرب وعمل في بيروت والتف حوله الكثير من التلاميذ ، وأشهرهم - أمين الريحاني - الشخصية الأكثر تأثرا روحيا على علي المصري وجرجي زيدان وميشيل عفلق وبيير الجميل وزكي الارسوزي وغيرهم "

هكذا وعلى طريقة " العقيد فاضل عباس المهداوي" في مهازله- محاكماته" لضباط ثورة الموصل بقيادة الشهيد العقيد الركن عبد الوهاب الشواف عام 1959 حينما وجه كلامه لاحد الضباط المتهمين بالاشتراك في الثورة"...الست ضابطا ، ألم تكن مسلحا بمسدسك أثناء التمرد يوم 8\آذار؟ ..." آذن ، كيف يكون التآمر ..." ..." خلاص ...أنت متآمر على الزعيم والجمهورية ..."

يلجا السيد المرادي إلى مثل هذا الأسلوب ( الفبركة ) الذي يتسم بــ (المخادعة الكلامية ) التي تكمن في صياغة عامة هلامية مبهمة تخلو من الأسانيد والدلائل أو الأدلة المادية الملموسة لاستحالة وجودها أصلا في محاولة واضحة ومكشوفة لاستغفال عقل القارئ واستلابه من خلال الإيحاء له بما يرغب ويريد من قوله كذبا للنيل كما يظن من القائدين البعثيين التاريخيين وبالتالي من فكر الحزب...!!! دون أن يورد أو يذكر لنا مقتطفات من " أسانيده" على سبيل المثال او الاستشهاد أوان يشيرنا كما ينبغي على الأقل إلى مصدر أو مصادر "معلوماته" ومدى دقة وصحة تلك " المعلومات" ودرجة الوثوق بها وبمصدرها ؟ ودون أن يوضح أو يبين لنا كيفية حصول مثل هذا" التأثير الروحي" أو كيفية وقوع هاتين الشخصيتين القياديتين الكبيرتين تحت مثل هذا " التأثير" !!!؟ وفي أي اتجاه أو في أي جانب !!!؟ ومدى هذا "التأثير"؟ ولماذا مع "امين الريجاني" تحديدا وبالذات فقط دون غيره...!

بهذه الطريقة الملتوية يحشر السيد المرادي عمدا اسمي المرحومين (زكي الارسوزي ) و( ميشيل عفلق ) ضمن الأسماء التي يزعم أنها تأثرت روحيا بــ (امين الريحاني ) الذي يعتبره ماسونيا...!

إن هذه – الفرية - التي يزعمها السيد المرادي هي على شاكلة تلك- الكذبة – التي أطلقها الداعية المصري الشيخ – محمد الغزالي – من إن المرحوم ( ميشيل عفلق  ) متزوج من ابنة مجرمة الحرب الصهيونية (كولدا مائير ) رئيسة وزراء الكيان الصهيوني السابقة!!!

ولا ادري لماذا استثنى السيد المرادي أسماء المفكرين القوميين الآخرين ولم يحشرها ضمن تلك الأسماء كالمفكرين القوميين البارزين المرحومين ( ساطع الحصري ) و ( قسطنطين زريق ) مثلا...؟ هل كان ذلك بسبب النسيان أم انه تعمد تجنب ذلك لكي لا يشمل كل أو جميع الرموز القومية الأخرى بغية إضفاء المصداقية على كلامه؟ أم لانه يستهدف أساسا تشويه الرموز القيادية التاريخية البعثية والإساءة لفكر الحزب فقط !!!؟

ويخترع السيد المرادي تهما جديدة كـ (التاثير الروحي ) و (المخلفات النفسية ) التي ستضاف الى قائمة التهم المتوارثة من ( محاكم التفتيش ) والتي ستزيد من اعباء البوليس السياسي الذي سيجد صعوبة في التحقيق والاثبات ... وعلى المرء ان يحمد الله كثيرا لان ( الكادريون ) لم يستلموا السلطة بعد!!!

أما ما يتعلق بزعمه إن ( الحركة القومية العربية ) و بان( التعريب وبعث الشعور القومي ) الذي ركز عليه وأججه كما يدعي ( الاستشراق الماسوني ) فهو زعم باطل وغير صحيح من أساسه ولاينم عن اية معرفة ولو بسيطة عن الموضوع.

لان الشعور القومي لدى العرب لم يظهر فجأة إلى الوجود ولم يكن أيضا وليد القرن التاسع عشر كما يخيل او يحلو ذلك لبعضهم بل هو كامن في الوجدان العربي الذي عبرت عنه – الهوية العربية – عبر الحقب التاريخية ...في العصور القديمة...وما قبل الإسلام ... وفي عهدي الرسالة والخلافة والعصور الأموية والعباسية والمغولية والجلائرية والعثمانية حتى العصر الحديث إزاء التحديات الداخلية والخارجية التي واجهت الأمة العربية وخاصة أبان فترات من العصور الأموية والعباسية ، عندما نشطت الشعوبية والزندقة اللتين كانتا مظهرا من مظاهر الكراهية والحقد والعداء للعروبة والإسلام وذلك بالحط من شان العرب واستصغارهم واحتقارهم والتعالي عليهم والاستهانة بهم والانتقاص من قدرهم والتشكيك بالإسلام كدين والطعن بنبوة الرسول الكريم (عليه الصلاة والسلام ) كرسالة سماوية واللجوء إلى التاؤيل الباطني في تفسير نصوص القران الكريم، وكذلك على اثر سقوط بغداد على يد (هولاكو ) يوم 17 / كانون الثاني – يناير/عام 1258م ( وهو نفس تاريخ بدء العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991الذي اختاره الإمبرياليون الغزاة لمغزاه الرمزي )...

كما أن الصراع الطبقي يخفت أو يختفي ولا يظهر جليا واضحا وحادا في المجتمع أثناء مرحلة الكفاح"الوطني – القومي" عندما تواجه (أمة أو شعب م ) عدوانا خارجيا وتخوض نضالا ضده أي أن الطبقة العاملة هي الأخرى تخوض نضالا ضمن نضال أمتها باعتبارها جزء منها لمواجهة مخاطر الغزو الخارجي ومقاومة الاحتلال الأجنبي وكذلك فان الشعور القومي رغم رسوخه في وجدان الأمة هو الأخر كامن لا يظهر إلا من خلال الدخول في علاقة تناقض مع الغير عند المساس بالهوية القومية كاحتلال الأرض ومحاولات تغيير الواقع الديموغرافي ...الخ ، وعلاقة التناقض هذه لم تبدأ بين العرب والأتراك بسبب كون السلطة السياسية الحقيقية والفعلية بيد الأتراك العثمانيين طيلة تلك الفترات الماضية من الحقبة العثمانية المظلمة بل بدأت بعد وصول حزب " الاتحاد والترقي" إلى الحكم واستلامه مقاليد الأمور وممارسته أو تطبيقه سياسة " التتريك" ألطورانية البغيضة وعندما استهدفت تلك السياسة أساسا وبالدرجة الأولى – الهوية القومية العربية- في محاولة صهر " العرب " هي ألبوتقة التركية...

وفي العصر الحديث فان التشويش على – الهوية العربية- هو مخطط تآمري استعماري مرسوم ضمن عملية في ثلاثة عناوين وادوار موزعة باتجاه غزو ثقافي ( إمبريالي وصهيوني ) تولته:-

1- حركة الاستشراق – باتجاه تشويه التراث الحضاري الإسلامي بالإساءة المتعمدة للإسلام كدين الذي هو القاعدة الروحية للعروبة ويشكل المكون الثقافي الأساس للعقل العربي وذلك من خلال إعداد وتوظيف الأبحاث والدراسات الاستشراقية ووضعها في خدمة المشاريع الاستعمارية الأوربية ومخططاتها إذ اشغل عدد كبير من المستشرقين والمستعربين والمؤرخين والباحثين والخبراء المتخصصين في شؤون وتاريخ المنطقة العربية مناصب هامة ورفيعة في مقري وزارتي الخارجية والمستعمرات ودوائر الاستخبارات البريطانية وفي الأقسام الشرقية في وزارة الخارجية والأجهزة الاستخبارية الفرنسية المعنية أو في ملاكاتها في الخارج سواء في البعثات الدبلوماسية أو ألممثليات المعتمدة لدى عاصمة السلطنة العثمانية ومدنها الكبرى الرئيسة وخصوصا العربية منها أو لاحقا للعمل كسفراء أو مستشارين أو مندوبين أو ملحقين لدى سفارتي الدولتين الاستعماريتين لدى دول المنطقة العربية التي نالت استقلالها الشكلي ، خلال الفترة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية وفي أوائل النصف الثاني من الفرن الماضي ( القرن العشرين )...

2- عمليات التنقيبات الأثرية:- التي تولت من جانبها الاستكشافات الأثرية في المنطقة العربية وخصوصا ( المشرق العربي ) حفرا وتنقيبا واستخدام وتوظيف دراسات وأبحاث علماء الآثار والحفريات والمتخصصين في محاولة لصياغة هويات مزيفة ومزورة ومزعومة بهدف التشويش والتشكيك على هويتنا العربية.

3- البعثات والإرساليات ألتبشيرية:- التي هدفت ومن خلال عدد كبير من القساوسة والرهبان والراهبات مع الأساتذة والأطباء القادمين من مختلف الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية والممثلين لمختلف الطوائف المسيحية في تلك الدول وفق نشاطات وبرامج مدروسة ومعدة من قبل مراجعهم الكنسية وتحت واجهات ومسميات خيرية وإنسانية كفتح مدارس ومراكز صحية وتمريضية وإنشاء مستشفيات ومدارس ملحقة بالكنائس والأديرة وخصوصا في إقليم الشام أو مدارس مستقلة للتعليم العام لأبناء الطوائف المسيحية العربية يقبل فيها أيضا غيرهم من أبناء الطوائف غير المسيحية لنشر العلوم والمعارف والفنون وتغليب الثقافة الأوربية (الغربية ) سعيا وراء محاولات تغريب الأجيال العربية والنشئ الجديد من أبناء تلك الطوائف المسيحية العربية مع محاولات عند سنوح الفرصة لبث سموم التفرقة الدينية والطائفية وإثارة النعرات و النزاعات والأحقاد والفتن بالعزف على أوتار المشاعر والعواطف والنوازع الطائفية والعنصرية والانعزالية بهدف تمزيق النسيج الاجتماعي وخلخلة البنية الداخلية للمجتمع واضعاف اللحمة الوطنية والنيل منها بالنفاذ إليها من خلال تلك الثغرات بالمحصلة النهائية لتنفيذ مآرب وغايات وأهداف معروفة...

ولكن من الأنصاف القول انه كانت هناك قلة قليلة بل وفئة نادرة من هؤلاء سواء المستشرقين أو المستعربين وعلماء الآثار والباحثين المتخصصين والمؤرخين والقساوسة والرهبان والراهبات من رجال دين مسيحيين أفاضل ومخلصين قدموا من خلال دراساتهم وأبحاثهم العلمية وأعمالهم جهودا وخدمات جليلة في مجالات تخصصاتهم العلمية المختلفة ضمن هذا الجيش الاستعماري الواسع المتكون من الحالمين بالشرق والمغامرين واللصوص والوكلاء والعملاء والجواسيس...... والشواهد كثيرة وكثيرة على ذلك......!

فالتشكيك بالعرب – كأمة- هو بلا ريب ودون أدنى شك هدف إمبريالي – صهيوني....وهكذا فان المخططات والمشاريع الإمبريالية – الصهيونية تستهدف أساسا – الأمة العربية –دون غيرها...!!!

من نحن ومن نكون ، إن لم نكن عربا، أبناء أمة عربية واحدة؟ هل نحن أمم عربية متباينة كما يدعون؟ أو شعوب مختلفة ناطقة باللغة العربية كشعوب أمريكا اللاتينية الناطقة بـ (الأسبانية والبرتغالية ) كما يزعمون؟

ولكن لماذا هذا الكم الهائل من العداء الغربي للعرب كأمة...؟ أو لماذا تحديدا " العرب" وبالذات...!!!؟

إن الجواب يكمن فيما يقوله المستشرق الأمريكي – رو برت بين- في كتابه – السيف المقدس- " إن لدينا أسباب قوية لدراسة العرب والتعرف على طريقتهم ، فقد غزوا الدنيا كلها من قبل وقد يفعلونها مرة ثانية ، إن النار التي أشعلها (محمد ) ما تزال تشتعل بقوة وهناك آلف سبب للاعتقاد بأنها شعلة غير قابلة للانطفاء"

كما يقول الكاتب الصهيوني "ديفيد كاما" في كتابه " الصراخ لماذا...والى متى"..."إن هناك وطنا واحدا عائدا للعرب ليسوا غرباء فيه آلا وهو الجزيرة العربية ، أما بقية البلدان التي يقيمون فيها فليسوا فيها سوى محتلين لها ومسيطرين عليها ...انه يجب قذف العرب إلى جوف الصحراء ...أي أعادتهم من حيث آتوا..."

وفي معرض ردهما على مقترحات لجنة (بونزن ) البريطانية حول تشكيل دولة عربية موحدة واحدة تشمل الجزيرة العربية وجميع مناطق الخليج العربي فقد أكد كل من " غرانت- رئيس القسم الخارجي في الإدارة الاستعمارية البريطانية في الهند " و " هرتزل- رئيس في الأداة الاستعمارية البريطانية في الهند " ما يلي:- "... إن الاستراتيجية الاستعمارية تجاه-المنطقة العربية- ينبغي لها أن تقوم وفقا لمخططات التجزئة والتفتيت " وذلك بقولهما " ... نحن لا نحتاج إلى الجزيرة العربية المتحدة وإنما يلزمنا الجزيرة العربية الضعيفة المشتتة والمتفرقة والمقسمة إلى عدد كثير من الإمارات العربية الصغيرة الخاضعة لسيطرتنا ومحرومة من كل إمكانية الاتحاد ضدنا...".

وحول نفس هذه الإستراتيجية الاستعمارية فقد ذهب ونستون تشرشل- عندما كان وزير للمستعمرات البريطانية إلى حد الصراحة بالقول" سأضع على كل بئر نفط أميرا وعلما ...".

كما أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه العرب والوطن العربي تقوم على أساس انه "...ما من شيء اسمه وطن عربي وليست هناك أمة عربية ... وان الولايات المتحدة تتعامل مع كل دولة على حدة على أنها أمة تامة قائمة بذاتها وبقدر اقترابها أو ابتعادها عن الخط الذي رسمته الولايات المتحدة لنفسها كقوة عظمى وحيدة في العالم...".

قبل الرد على مزاعم السيد المرادي ينبغي لنا إعطاء نبذة مختصرة عن تعاريف "الأمة ، القومية والانتماء القومي ، الأقلية القومية ، العنصرية ، الشعب ، الفكر القومي العربي ، الحركة القومية العربية ، المشروع القومي العربي ، الهوية القومية العربية"...الخ

تورد الموسوعة الفلسفية العربية – المجلد الثاني – الطبعة الأولى عام 1988 في الصفحة 1085 تعريفا يكاد يكون عاما جامعا شاملا ودقيقا لمفهوم – الأمة – على إنها(... جماعة تكونت تاريخيا على بقعة من الأرض وانتج تعايشها لغة مشتركة وتاريخا مشتركا ومصالح مشتركة وتعبر هذه الوقائع عن وجودها في الأدب المشترك والثقافة المشتركة ...".

فالأمة –إذن- وبتعبير أخر أدق هي – جماعة أو مجموعة بشرية مستقرة في بقعة جغرافية معينة (ارض- إقليم ) تكونت تاريخيا عبر حقب ومراحل زمنية عميقة في عملية تفاعل معقدة تعبر عنها مجتمعة وحدة اللغة والأرض والتاريخ والثقافة والمصالح الاقتصادية والأهداف والمصير.

وعلى هذا الأساس –فان- الأمة العربية- هي نتاج سيرورة تاريخية معقدة قوامها وحدة اللغة والأرض والتاريخ والثقافة والمصالح الاقتصادية والأهداف والمصير وهي فوق كونها واقعا ملموسا وحقيقة حية واضحة لا جدال عليها ولا نقاش فيها ، فإنها في الوقت ذاته بديهية راسخة وثابتة لا تقتضي حجة ولا تحتاج إلى دليل أو برهان ومحصلتها هذا الكيان البشري – المتجانس- والمتجسد ضمن البقعة الجغرافية الممتدة من المحيط إلى الخليج...

أما القومية- والانتماء القومي
فان – القومية – من ناحية المجموع كأمة أو شعب – هي ذلك الوجود التاريخي والجغرافي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي الذي يميز أمة من الأمم عن غيرها.

أما القومية- من الناحية الفرد-فهي الإحساس أو الشعور اللاإرادي للفرد بالانتماء إلى مجموعة بشرية معينة (شعب أو أمة ) لها خصائص ذاتية تميزها عن غيرها من المجموعات البشرية الأخرى (شعوب أو أمم )وان تساوت هذه الخصائص في سماتها الإنسانية العامة المشتركة مع خصائص غيرها من المجموعات البشرية الأخرى .

أي أن (القومية ) –إجمالا-هي نتاج سيرورة تاريخية – اجتماعية في بقعة جغرافية وعبر حقب زمنية عميقة شكلت أمة معينة ذات خصائص تميزها عن غيرها من الأمم الأخرى كاللغة والتاريخ والثقافة والمصالح الاقتصادية والأهداف والمصير.

والقومية اوالانتماء القومي – هي ليست بفكرة او ايديولوجية او نظرية او فلسفة او قيمة معرفية او علمية تحتمل الجدال والنقاش والاراء ووجهات النظر المختلفة والمتباينة بل هو شعور او احساس لا ارادي بالوجود للذات الاجتماعية بالانتماء الى مجموعة بشرية ذات صفات او سمات تميزها دون استعلاء عن المجموعات البشرية الاخرى وهذا الشعور غير قابل للتجزئة والاختلاف والتاويل.

الاقلية القومية- هي مجموعة بشرية لها صفات عرقية او لغوية اوخصائص او سمات تختلف عن الاكثرية التي تعيش معها في كيان سياسي واحد وبقعة جغرافية واحدة.

العنصرية – هي الادعاء بالتفوق العرقي والاستعلاء العنصري لجنس معين او مجموعة بشرية معينة كشعب او كامة او امم معينة بذاتها استنادا الى "نظرية نقاء العرق والدم" التي هي بدعة كاذبة ثبت بطلانها علميا...

فالقومية:- هي شعور او احساس لا ارادي بالانتماء الى (شعب او امة  ) مفعم بالحب نحو الاخرين .

والعنصرية – هي ادعاء بالتفوق العرقي او الاستعلاء العنصري ممزوج بالانانية المفرطة وكراهية الاخرين.

فالقومية شيء والعنصرية شيء اخر مناقض لها ...

فالقومية والعنصرية ليستا شيئا واحدا او شيئين مترادفين بل انماهما شيئين مختلفين.

الاممية _ هي عبارة عن فكرة التعاون والتضامن بين الشعوب والامم جميعا دون استئناء ، القائم على اساس المساواة والتكافؤ والاحترام المتبادل بين جميع هذه الامم والشعوب من اجل خير البشرية ورفاهيتها من خلال تقدمها الحضاري....

الشعب:- هو عبارةعن جماعة من الناس او مجموعة بشرية تقطن في بقعة جغرافية معينة (ارض – اقليم –وطن ) تكونت نتيجة تطور تاريخي في سياق عملية معقدة ولا يفترض في هذه الجماعة او المجموعة، التجانس القومي أي لايفترض فيها ان تكون من قومية واحدة فقط بل تخضع لسلطة سياسية واحدة...

الفكر القومي العربي:- هو منظومة الرؤى والتصورات والحلول التي تنطلق من بديهية راسخة ( العرب امة واحدة ) كحقيقة جغرافية اجتماعية اقتصادية وثقافية وسياسية وتتمثل في رصد وتحليل ودراسة الواقع العربي من خلال مشاكل التخلف والتنمية اضافة الى افرازات التجزئة القومية والاغتصاب الاجنبي والاحتلال الاستعماري (الامبريالي- الصهيوني ) واكتشاف الشروط الموضوعية والذاتية التي تتحكم بهذا الواقع وتشخيصها واعتماد الحلول اللازمة لتجاوز واقع- التجزئة القومية-غير الطبيعي ،الذي يعتبر المشكل الاساس الذي تعاني منه الامة العربية ويرى هذا الفكر في – الوحدة العربية- حلا تاريخيا وجذريا لازمة هذه الامة بتشكيل الدولة العربية الواحدة وبالارادة العربية الحرة المستقلة وينطوي هذا الفكر على مضمون نهضوي حضاري باعتباره يمتلك مشروعا تغييريا دون ان ينحصر اطلاقا بالمدارس القومية المعروفة ولا تجاربها او تطبيقاتها التي شهدتها الحياة السياسية العربية المعاصرة مع الاستفادة منها بدراستها من كل جوانبها دراسة تفصيلية لتلافي تكرار الاخطاء التي وقعت فيها بل هو بالاساس يتسع لكل المناهج والتيارات والفعاليات التي تنطلق من مبدأ- وحدة الامة العربية- وتسعى الى تحقيقه...

الحركة القومية العربية:- حركة سياسية – اجتماعية شعبية نضالية تعتمد الفكر القومي كدليل نظري في امتلاك الوعي والارادة والايمان بالوجود القومي العربي الذي تمثله – الهوية العربية- باتجاه تحريك الواقع العربي المتخلف وبالشكل الذي يمكن معه احداث التغيير الجذري المطلوب في المجتمع العربي وتحقيق اوانجاز الاهداف القومية للامة العربية بتاسيس وبناء وحماية الدولة العربية الواحدة من خلال النضال اليومي الجاد والهادف للجماهير الشعبية العربية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية والمخاطر الناجمة عنها والتي تتعرض اليها هذه الامة في هذه الحقبة التاريخية والتي تهدد وجودها ومصيرها – كامة – والمتمثلة بالمخططات الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية المتحالفة عضويا معهما...

وبتعبير اكثر دقة وشمولا فان – الحركة القومية العربية- هي حركة سياسية شعبية منظمة للتعبير عن حاجات الامة العربية في هذه المرحلة التاريخية الهامة من مراحل نضال هذه الامة في مواجهة التحديات والاخطاء الداخلية والخارجية التي تهدد وجودها ومصيرها كامة والمتمثلة في المخططات والمشاريع الامبريالية والصهيونية والرجعيةالعربية المتحالفة معها الرامية اساسا الى اعاقة انجاز وحدة وتحرر هذه الامة من خلال اضعاف وهدر طاقاتها وشل قدراتها بهدف احكام السيطرة وفرض الهيمنة الامبريالية على مقدراتها لسلب خيراتها ونهب ثرواتها والحيلولة دون العمل على استخدامها بما يؤمن ويحقق مصالحها القومية العليا كامة عربية وعلى النحو الذي يمكنها بلوغ مراحل التقدم وسلوك سبيل الرفاه دون تقديمها أي تنازل او تفريط باي حق من حقوقها...

المشروع القومي العربي- هو المشروع الذي يتمثل في عملية استنهاض – الامة العربية – حضاريا باعادتها الى وضعها الصحيح بتنظيمها ضمن اطار كيان سياسي عربي موحد من خلال بعث الوعي فيها وتحرير ارادتها بتفجير طاقاتها الكامنة وحشد امكاناتها الهائلة وتوظيفها في خدمة قضاياها الاساسية.

والمشروع القومي العربي -هو المشروع الحضاري الوحيد دون غيرها من المشاريع الاخرى الذي اصطدم ولايزال يصطدم بمخططات ومشاريع الغرب الاستعماري الذي يحاول بكل قوة وجبروت استمرار سيطرته وابقاء هيمنته على منطقتنا العربية بكافة الوسائل والسبل والاساليب بما فيها استخدام القوة الغاشمة...

المسألة القومية العربية _ هي عبارة عن ادراك للوجود القومي العربي الذي يفرز وعيا وارادة من اجل النهوض القومي التحرري للامة العربية وصولا الى حلول كفيلة بمعالجة قضاياها الاساسية ومشاكلها الخطيرة الناجمة من حالة- التجزئة القومية- وافرازات استمرارها اضافة الى مشاكل التخلف والتنمية ...أي ان المسالة القومية العربية في الجوهر وبالاساس قضية هوية ووعي لها...

الهوية القومية- هي نتاج عملية تاريخية اجتماعية معقدة تتحقق عن طريق تفاعل مجموعة بشرية ما في علاقتها الديالكتيكية مع حركة التاريخ وبمعنى اخر ، فانه بالنسبة للعرب كمجموعة بشرية تكونت وتطورت تاريخيا عبر تفاعلها مع ظروف البيئة الطبيعية والاجتماعية حتى بلغت مرحلة وعيها بذاتها القومية من خلال حملها لرسالة الاسلام الموجهة الى الناس كافة...

فـ ( العروبة ) بهذا المعني ذات ارتباط وثيق بل وتنفرد بعلاقة وخصوصية عميقة جدا بالاسلام الذي منحها بعدها العالمي -الاممي والانساني- فانشأها أمة لها رسالة خالدة ذكرها في العالمين والعرب دون سائر الامم قد اقترن وعيهم الذاتي القومي بصورة خاصة بالاسلام ومن هنا جاءت خصوصية العلاقة بين العروبة والاسلام .

آمن المرحوم ( ميشيل عفلق ) بهذا المفهوم عن العروبة والاسلام وان من يقرأ بامعان واهتمام كلمته التي القاها على مدرج( الجامعة السورية –جامعة دمشق ) في 5/ نيسان – ابريل عام 1943 في ذكرى الرسول العربي (صلى الله عليه وسلم ) ويتتبع احاديثه بهذا الخصوص يستخلص منها:-

ان ( العروبة ) هي مادة الاسلام قرانا ورسولا وتاريخا وقيما ورجالا. و هي ايضا وعاء الاسلام وحاضنته وسياجه والعربية لغته ولسانه الذي نزل به ( القران الكريم ) و بعث ( الله  ) سبحانه وتعالى ( محمد ) – عليه الصلاة والسلام – من بين قومه العرب وهم حملته وعصبته وحماته وان ارضهم هي معقله وحرمه وقبلته ومسرى ومثوى رسوله الكريم وبجهادهم انتشرت دعوة الاسلام في بقاع الدنيا...

و الاسلام هو جوهر العروبة وروحها و هو الذي حفظ العروبة ومنحها هذا الوجه المشرق والمضيء والذي جعل من القبائل العربية المتناحرة فيما بينها امة انتجت حضارة عظيمة.

وان الاسلام هو من اولى مقومات الشخصية العربية و هو المكون الثقافي الاساس للعرب ( مسلمين ومسيحين ) .

ان العروبة ليست بديلا عن الاسلام او نقيضا له ولايمكن ان تكون كذلك ولن تكون ابدا.

ويقول عنه القيادي البعثي المعروف ( جلال فاروق الشريف ) ، ان من لم يكن يعرف ( ميشيل عفلق ) حينما كان يتحدث عن عظمة الاسلام ورسوله الكريم يخاله من جماعة الاخوان المسلمين )...

ويقول القيادي البعثي الاردني ( شريف حلاوة ) ان حسن البنا لم يكتب عن الرسول الكريم مثل ماكتبه ( ميشيل عفلق ) .

وبخصوص مايسميها السيد المرادي بــ (السرانية ) و ( التركيبة الهرمية الشديدة الانضباط ) للماسونية التي "تقول بطاعة الادنى الى الاعلى والتنفيذ اللامشروط" دون أي نقاش او اعتراض ، يجعل من رئيس المحفل في الماسونية شبه اله معصوم عن الخطأ وصاحب الاراده المطلقة دون اية قيود والذي يفكر نيابة او بدلا عن الجميع ... ويقول ان شعاري الماسونية " السلام والمودة في وحدة الاعداد الهادئة" و " حرية ، اخاء ، مساواة " تذكرانه دائما وحتما بما يسميها خطأ بـ " الشعارين" – "امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" و " وحدة ، حرية ، اشتراكية" وان التركيبة الهرمية للماسونية التي تتمثل كما يقول بــ " طالب ، رفيق ، استاذ ، استاذ قدوس " وان للماسونية تخصصات من قبيل الامين العام ومسؤول الدفاع والحربية ومجلس قيادة للشورى ، وانها تستخدم الاسماء المستعارة ...... وتجيز للمريد المراوغة حتى على الحقيقة في السلوك وانه يستخلص من كل هذا كما يقول " فكرة ولو موجزة عن تاثير الماسونية على الاحزاب الهرمية الشيوعية على وجه العموم والقومية على وجه الخصوص التي سيؤلفها لاحقا المفكرون اعلاه او تابعوهم... " ثم يضيف بانه في العقد الثاني من القرن العشرين فقد تغير منهج الماسونية الاجتماعي والسياسي جذريا بعوامل يمكن حصر الظاهر منها بمايلي:-

1ـ انقلاب الماسونية على ذاتها وتصالحها مع الصهيونية ونجم عن ذلك صدور وعد بلفور عام 1917.

2 ـ نجاح الماسونية في تسريب الهوية السياسية لواحد من مذاهب الاسلام وهو التشيع.

3 ـ سقوط اخر خلافة اسلامية على يد ضابط من محفل سالونيك الماسونية وهو مصطفى كمال.

ثم يستمر السيد المرادي في حديثه عن الماسونية بالقول" بقى الوعي الذي اصلته في المريدين ، لذا كان تاثيرها حتى المباشر احيانا لا زال طاغيا على بعض التجمعات السياسية اليسارية والقومية التي نشأت لاحقا ومن هنا فتركيبة حزب البعث العربي الاشتراكي وحزب الكتائب اللبناني والحزب الشيوعي المصري والحزب الشيوعي العراقي ....., وانه " لو دققنا في طريقة عملها سنراها تحمل او تتلاقى او توازي المنهج الماسوني قي الهرمية وان " الاشتراكية والعلاقة مع موسكو اعادة قولبت المناحي الماسونية في الاحزاب اليسارية العربية ولكن نشطت الصهيونية بالمقابل في هذه الاحزاب، اما الحزب الشيوعي العراقي ، فقد كان النشاط اليهودي او قلها الصهيوني طاغيا فيه حيث ان من بين( 21 )هم اعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي كان هناك (18 ) يهوديا بعضهم وطني وجلهم صهاينة وكانت اغلب المكاتب المتخصصة بيد اليهود اصلا .".

ثم يقول ان " الطابع الماسوني واضحا على الاحزاب الاخرى وعلى وجه الخصوص في تركيبة حزب الكتائب وحزبي البعث و العربي الاشتراكي في العراق اللذين اتحدا فكونا حزب البعث الحالي ....فاذا" لخصنا المخلفات النفسية للماسونية في الاحزاب المعنية فستكون الاقصائية والتخوين ، تأليه القائد ، الصرامة اكثر من العسكر في معاقبة المخالف داخليا ، المرواغة ، الانتقامية عند التمكن"...

وان كل من يقول بالمظلومية سيتصف باللاعهدة والنسيب والشعور عنه الانتصار باختيارية تفرز اقصائية فاشية دموية غالبا.

ونحن هنا لانتكلم عن الوطنية والخيانة وانما عن التكوين النفسي فحسب، وعلى مقاس البعث فللاعهدة جعلته ينقلب على حليفه عبد الناصر ويلغي قانون النفط رقم 80 بينما كان احد الطامحين لاستقلال سياسة العراق النفطية والبعث اصلا جاء بالتعاون مع السفارة الامريكية في بغداد وبموجب النسيب فحين حكم البعث عام 1963 صمت الاذان وانبحت الحناجر بقصائد واغان النسيب والعزة والقومية والفروسية وما اليه من البهرجة والدموية التي اثارها الحرس القومي اضعاف ما اتته المقاومة الشعبية الشيوعية عام 1959 طبعا مع فارق ان المقاومة الشعبية حامت عن نظام وطني بينما الحرس القومي حامى عن نظام انقلب على هذا النظام الوطني ...".

سنناقش هنا مزاعم واباطيل السيد المرادي الذي يرتكب او يقع في جملة من الاخطاء في مقالته والتي سنبينها في سياق الرد عليها ...

في الحلقة الثانية من مقالته وفي اكثر من اربعة صفحات يستغرق في الحديث عن( الماسونية ) ولكن بصورة مشوشة ومبتسرة ومبتورة قافزا منها الى اتهام اكثرية ( رواد النهضة العربية  ) بالماسونية ، فاطلاق الكلام على عواهنه امر غير مقبول ومنحى غير سليم في أي حديث او نقاش او جدال او سجال ثقافي او غيره ، فينبغي اولا الوقوف على التعريف اللازم لتحديد معنى (رائد النهضة العربية  ) او (رواد النهضة العربية ) لنتبين في ضوء مثل هذا التعريف ، هل ان هؤلاء الاشخاص الذين ذكرهم السيد المرادي في مقالته كانوا جميعا ودون استثناء روادا مفكرين او فلاسفة من صنف اولئك المفكرين والفلاسفة الكبار الاوروبين الذين ساهموا في صنع عصر التنوير الاوربي و احدثوا هزات عميقة في مجتمعاتهم الاوروبية ، ام ان هؤلاء الذين يصفهم بــ ( رواد النهضة العربية  ) كانوا في الحقيقة وعلى العموم مجرد افراد بارزين ضمن فئة متعلمة تعليما عاليا وممتازا قياسا للاخرين والذين كان اغلبهم من ابناء عائلات الطبقة الغنية المترفة في مجتمع عربي شديد التخلف يسوده الجهل والامية والمرض اضافة الى الفقر المدقع في تلك المرحلة، فالزعم بان اكثرية (رواد النهضة العربية ) كانوا من اتباع الماسونية هو زعم باطل فيه كثير من الاجحاف والتعسف ، الا انه لا يمكن نكران ان هناك نسبة من بينها عدد من اصحاب المطابع والجرائد والمجلات وكتاب الصحف والشعراء والسياسين وعدد قليل جدا من رجال الدين ( مسلمين ومسيحين ) من الذين كانوا ينتمون الى ( الماسونية ) بوعي او بغير وعي وجلهم او اغلبهم من اهل الشام ومصر ...

كما ان بعضا من الباحثين والمفكرين العرب لا يرون انه كانت هناك نهضة عربية او شيء من هذا القبيل اصلا بل انها كذبة اطلقها الاستعمار الاوربي كستار لتغلغله او غزوه الثقافي لمنطقتنا العربية...

فحديثه عن الماسونية وسماتها وشعاراتها ودرجاتها وطقوسها ليس دقيقا ، اذ لم تكن للماسونية شعارات او رموز او علامات او درجات او طقوس جاهزة او ثابته ومستقرة ، اذ تطورت هذه الامور لديها عبر مراحل زمنية طويلة من خلال تطورها كمنظمة سرية لها اهداف غير معلنة او ظاهرة تختفي وراء اوتحت شعارات براقة ، حيث بلغ تطورها ذروته في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وتحديدا منذ عام 1717 م ... واما بالنسبة لاقانيم ( الحرية ، المساواة ، الاخاء ) فقد ظهر رسميا ولاول مرة على اثر نجاح ( الثورة الفرنسية ) عام 1789م التي اتخذتها كشعار لها مثلتها لاحقا الوان العلم الفرنسي والتي كان الثوار يثبتونها كشارات ملونة على قبعاتهم ثم اتخذه محفل ماسون ـ الشرق الاعظم الفرنسي ـ منذ تاسيسه شعارا له بينما اتخذت المحافل الماسونية الاسكتلندية والانكليزية لها شعار ( الاخاء ، الاغاثة ، الحقيقة  ) وقد قيل ان (الماسونية ) كانت وراء تلك الاحداث التاريخية الكبرى التي هزت اوربا كالثورة الانكليزية ( ثورة اوليفر كرومويل ) والثورة الامريكية ضد الوجود البريطاني والتي قادها ( جورج واشنطن ) الذي قيل عنه انه كان ماسونياواصبح أول رئيس امريكي في تاريخ الولايات المتحدة والانقلاب العثماني عام 1908 م الذي حمل ( حزب الاتحاد والترقي ) بشعاره المعروف( حريت ، مساوات ، عدالت ) لاحقا الى السلطة حيث قاد الانقلاب ( الفريق محمود شوكت باش ) حيث زحف بقواته من ( سالونيك ) نحو عاصمة السلطنة ( اسطنبول ) وهو الاخ الاكبر لـ ( حكمت سليمان ) الذي اصبح رئيس وزراء العراق على اثر انقلاب الفريق بكر صدقي عام 1936م ، كما قيل ان الماسونية كانت ايضا وراء الاحداث التي مهدت للثورة البلشفية عام 1917م في روسيا القيصرية وكانت وراء فتح قناة الاتصال بين( لينين ) والالمان الذين كانوا في حالة حرب مع روسيا القيصرية اذ تم نقله ورهطه باشراف مصلحة الاستخبارات الالمانية من منفاهم في سويسرا بقطار الماني عبر السويد وفلندا الى روسيا القيصرية ثم الدعم المادي الكبير من المصارف (البنوك ) العالمية التي يمتلكها اليهود في بريطانيا والولايات المتحدة والتي حصلت عليها الحكومة السوفيتية الجديدة التي شكلت برئاسة ( لينين ) عقب انتصار الثورة والتي تالفت من اغلبية يهودية ...... والجديربالذكر انه سرت مقولة في المجتمع الروسي في موسكو على اثر انهيار وزوال الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية مفادها ( ان الشيوعية بنتها وهدمتها اليهودية الصهيونية )...

وقد قيل ايضا ان الماسونية كانت وراء اسقاط ( روبسبير ) وارساله الى المقصلة وكذلك وراء صعود وسقوط ( نابليون ) وغزو مصر واحتلال الجزائر وبروز ( محمد علي ) وصولا الى باشوية ولاية مصر العثمانية وسقوط وزوال الامبراطوريات الاربع على اثر الحرب العالمية الاولى (1914ـ 1918 ) وهي الامبراطورية القيصرية الروسية والامراطورية القيصرية الالمانية والامبراطورية النمساوية ـ المجرية والامبراطورية العثمانية...

والماسونية هي على ثلاثة اصناف : ـ

1 ـ الماسونية الرمزية

2 ـ الماسونية الملكية

3 ـ الماسونية الكونية

وهي على نوعين : ـ

أ ـ ماسونية ملحدة لاتعترف بجميع الاديان.
ب ـ ماسونية متدينة تتظاهر باحترام الاديان.

والماسونية العامة قد استقرت على (33 ) درجة تبدأ من درجة ( المبتدئ ) وتنتهي بالدرجة الاخيرة (33 ) التي هي مرتبة ( المفتش العام الاكبر الاعظم )...

اما مرحلة الاعداد الماسوني ووفق الترجمات المختلفة كما يلي : ـ

1 ـ المبتدئ ، الطالب ، التلميذ ، الصبي ، المتدرب.

2 ـ الشغال ، الصانع ، الرفيق ، زميل صنعة ، ابن مهنة ، صاحب .

3 ـ المعلم ، العربف ، الاستاذ.

واجهات الماسونية:ـ

1 ـ النوادي الروتارية.

2 ـ الينيزية.

3 ـ جمعيات عبدة الشيطان.

وهناك واجهات اخرى منها دينية وغيردينية.

هذا وان ( الماسون  ) يستخدمون عند التخاطب او اثناء الحديث مفردة ( الاخ ) ويطلقون على انفسهم كمجموع ( الاخوان الماسون ) ...

كما ان جماعة ( الاخوان المسلمين ) هم الاخرون ولكن القياس مع الفارق يتخاطبون فيما بينهم وحتى مع غيرهم بمفردة ( الاخ ) المستوحاة وفقا للدليل الشرعي من الاية الكريمة ( انما المؤمنون اخوة ) ...

ولاادري مالذي دفع السيد المرادي الى مثل هذه القراءة غير النزيهة ... وما السر الذي اورده مثل هذا المورد الرديء فانصرف ذهنه وقلبه الى نحو مثل هذه المقارنة الغير منصفة بين شعار واهداف حزب البعث العربي الاشتراكي و شعاري الماسونية دون أي دليل او سند سوى اتباع الهوى والظن ... وهو الذي يجهل كما يعترف في المقطع الاخير من الحلقة الثانية من مقالته ابسط الامور عن حزب البعث العربي الاشتراكي ... كالتراتيبه الحزبية التي يسميها بـ (التركيبة الهرمية ) وهو الذي يخلط ولايميز بين شعار الحزب ((امة عربية واحدة ...ذات رسالة خالدة ) ) وبين اهدافه الاساسية((الوحدة ,الحرية,الاشتراكية ) ).

فلماذا لا تذكره شعارات "الماسونية" بشعارات (( الشيوعية الدولية ) ) وشعارات ((الحزب الشيوعي العراقي ) ) _(يا عمال العالم اتحدوا  ) و (وطن حر وشعب سعيد  ) او شعارات (كادره ) المصطنع (يا عمال العالم ومستضعيفه اتحدو ) وثالوثه (تحرير,توحيد, بناء ) المستقاة على سبيل التخمين و القياس من شعارات الماسونية ذاتها كالثالوث الفرنسي (الحرية،الاخاء، ،المساواة ) ... فان منطقه هذا يقودنا الى مثل هذا الاستنتاج...

ثم لماذا شعار واهداف حزب البعث العربي الاشتراكي تحديدا وبالذات دون سواه!!!؟ اليس هذا استهدف مقصود ومشبوه ورخيص لفكر حزب البعث العربي الاشتراكي من خلال تلك المقارنة البائسة بقصد التشويه والاساءة المتعمدة في الوقت الذي يخوض فيه مناضلوا هذا الحزب قتالا شرسا جنبا الى جنب مع بقية ابناء شعبنا المقاوم وفصائله الباسلة ضد قوات الاحتلال الامريكي الامبريالي وحلفائه وعملائه بهدف تحرير العراق...!!!؟

لماذا لايرى السيد المرادي او يتبادر الى ذهنه بان فكرة شعار الحزب (امة عربية واحدة ...ذات رسالة خالدة  ) هو في اساسه شعار ديني على سبيل الفرض ومستوحاة من صلب النداء السماوي الخالد (لا اله الا الله ... محمد رسول الله  ) ولاسيما ان- الحزب- قد اقتبس منذ تأسيسه عام 1947 وهو امر واضح وجلي مفرات قرانية مثل ((البعث ) ) و((الرسالة  ) ) و (الخلود ).

ولمذا لا ترى ايه الاخ الدكتور...في ((الوحدة  ) ) تجسيدا حيا لحقيقة تاريخية ثابته وعودة بناء الى الاصل ونحو الاتجاه الصحيح لتاريخنا وتعبيرا صادقا عن ارادة الامة العربية التي تعاني من افرازات- التجزئة القومية- والمهددة في وجودها ومصيرها بسبب مخاطر المشروع الامبريالي – الصهيوني و التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها - كأمة - بشكل عام...

ولماذا لا ترى ان النضال من اجل الوحدة يقترن حتما وبالضرورة في النضال ضد الامبريالية والصهيونية وادواتهما...

ولماذا لاترى في "الحرية " نزوعا للانسان العربي نحو التعبير عن ذاته كفرد وكمجموع في الابداع والانتاج والبناء والمساهمة الفعلية والمشاركة الجادة في رفد الحضارة الانسانية وتحريرا لكامل تراب الوطن العربي من المحتلين الغزاة الامبرياليين والصهاينة واسترجاع كافة الاراضي العربية المحتلة والمغتصبة والقضاء على جميع اشكال السيطرة والهيمنة الاستعماريتين سؤاء السياسية والاقتصادية و الثقافية مع تاكيد العمل على دعم وتوثيق التضامن والتعاون مع كل الامم والشعوب الاخرى دون استثناء وعلى اساس وطيد من التكافؤ والتساوي والاحترام المتبادل من اجل سلام وخير البشرية قاطبة ورفاهيتها...؟

ولماذا لاترى في " الاشتراكية" طريقا لخلق وبناء قاعدة اقتصادية قوية ومتينة وسبيلا امثل في استخدام مواردنا الطبيعية و ثروات وخيرات الوطن العربي الوفيرة ضمن عملية علمية واعية ومتوازنة لتهيئة المتطلبات اللازمة لانجاز مهمات التنمية الشاملة وانهاء جميع مظاهر استغلال الانسان سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وفكريا وتوفير الفرص في كافة المجالات مع المستلزمات الاساسية للعيش الكريم الذي يليق بكرامة الانسان واحترام مشاعره و توفير العمل و السكن المريح والتعليم المجاني والعلاج الطبي وضمان اجتماعي وصحي اضافة الى توفير وسائل الرفاهية سواء في البيت او العمل مع وسائط التنقل المواصلات وفتح المراكز الرياضية والثقافية ودور العبادة واماكن الترفيه او الراحة والتسلية البريئة من خلال استخدام احدث وسائل التقنية والتطور العلمي والقضاء التام المبرم على كل مظاهر التخلف في الوطن العربي والارتقاء به حضاريا في جميع مناحي الحياة...

ومع هذا فان لنا الحق كل الحق في ان نتساءل لماذا ولمصلحة من وما هي الدوافع والاسباب وراء هذه الحملة القديمة - الجديدة وفي هذه الظروف العصيبة بالذات والتي يعيشها شعبنا وامتنا ويقينا ان ذلك لايأتي ابد في اطار دراسة تفاصيل ومفررات تجربة الحزب في بعض جوانب مسيرتها وبدافع الحرص والشعور والاحساس بالمسؤلية للاستفادة منها لتلافي الاخطاء اولمجرد البحث الواعي الملتزم.

فاما حديثه عن " التراتبية الحزبية" التي يسميها بـ " التركيبة الهرمية" خصوصا بالنسبة لحزب البعث العربي الاشتراكي ينم عن جهل مطبق كما يعترف ، فالنظام الداخلي الذي ينظم الحياة الحزبية الداخلية ويرسم هيكلية الحزب التنظيمية واختصاصات المؤسسات الحزبية وحدود علاقاتها بعضها مع بعض لم يكن قبلا وفي الماضي مثلما هو عليه الان اذ طرات عليه تغيرات جذرية سواء الغاء او تعديلا للنظام الداخلي للحزب حتى استقر على شكله الحالي...

فلم يكن مركزاو موقع " الامين العام للحزب" موجودا في مرحلة التاسيس اذ كان يطلق عليه مفردة " عميد الحزب" ولم يكن هناك ايضا مصطلح " قيادة قومية" بل كانت تسمى " الهيئة التنفيذية " مؤلفة من ثلاثة اعضاء طما لم يكن هناك مايسمى بـ "المؤتمر القومي" او " المؤتمر القطري" وانما كان يطلق عليه " مجلس الحزب" كما لم يكن هناك ايضا " مكاتب حزبية متخصصة وقيادات فروع وشعب وفرق...الخ".

ولم يكن الحزب في تلك المرحلة يعتمد على نظرية " الحزب الواحد" ثم لاحقا بنظرية " الحزب القائد " ومفهوم " الفرد القائد" وان المسؤولية الحزبية هي تكليف وليست امتيازا، اذ لم يكن شخص " الامين العام للحزب" وبالذات المرحوم " ميشيل عفلق " طيلة فترة اشغاله موقعه منذ مرحلة تاسيس الحزب عام 1947 وحتى تاريخ وفاته ، سوى فترة قصيرة ومؤقته كان قد اصبح خارج موقعه الحزبي عام 1965 ولم يكن يشغل اطلاقا موقعا او منصبا رسميا في الدولة منذ تاريخ استلام الحزب للسلطة لاول مرة عام 1963ولحين وفاته اذ لم يكن ممسكا بالسلطتين الحزبية والرسمية في ان واحد فقد بقى بعيدا عن اشغال اية مناصب رسمية وحتى الشرفية منها ولم يكن كما يتصوره السيد المرادي على غرار "ستالين" الذي جمع السلطتين الحزبية والرسمية معا في في يديه واقام نظاما امنيا وبوليسيا قمعيا رهيبا وقاسيا الى درجة اصبح معها النظامين الالماني" الهتلري" والايطالي " الموسوليني" مقارنه له صفرا الى الشمال ، بحيث اصبحت الايدلوجية مهنة (البوليس السياسي السري - يزاهوف، ياغودا، بيري ) ، فاختزل الجماهير الشعبية في بودقة الحزب واختزل الحزب في بودقة اللجنة المركزية للحزب واختزل اللجنة المركزية في بودقة المكتب السياسي للحزب ثم اختزل المكتب السياسي نفسه في ذات السكرتير العام او الامين العام للحزب الشيوعي السوفيتي ، فالكلام الذي اورده السيد المرادي عن " القائد الفرد" ذو الارادة المطلقة الذي يفكر نيابة وبدلا عن الجميع والذي لا اعتراض ولانقاش على قراراته التي ينبغي ان تنفذ دون أي تردد ، ينطبق اساسا على الاحزاب الشيوعية دون غيرها اما بقية الاحزاب الاخرى وان اصيبت بمثل هذا الداء فقد انتقلت عدواها من تطبيقات الاحزاب الشيوعية وخاصة – الحزب الشيوعي السوفيتي- فقد كان " لينين" صاحب القرار النهائي والكلمة الحاسمة والقول الفصل في كل الامور والقضايا الاساسية والهامة في الحزب والدولة منذ تولي البلاشفة السلطة عام 1917 ولغاية وفاته عام 1924 ولكن الامر اصبح اشد خطورة مع تولي " ستالين" بشخصيته الفضة الدموية الذي امتدت فترة حكمه من عام 1923 ولغاية موته عام 1953 تحول خلالها كما يقول – ايليا اهرنبورغ- " الى نصف اله اسطوري... كان الجميع يرتجفون عند سماع اسمه " ومارس ابشع انواع الجور والقمع والارهاب حتى قالت –كروبسكايا- عام 1926" لو كان لينين حيا حتى الان لكان حتما بالسجن " حيث طبع ( الدولة السوفيتية ) بطابعه الاستبدادي فانتج –النظام السوفيتي ماسميت بـ ( الظاهرة الستالينية - دولة الستار الحديدي  ) التي استمرت حتى بعد موت " ستالين" و لم يستطع الذين توالوعلى الحكم من بعده التخلص من هذه التركة الثقيلة والارث الرهيب حتى انهيار وزوال الدولة السوفيتية.

وتتلخص تلك الممارسات القمعية والوحشية للنظام الستاليني على النحو التالي:-

1 ـ اعمال التصفيات الجسدية واساليب الاغتيالات السياسية وتصويرها كانها عمليات انتحارية فردية بالمسدس او القاء النفس من البنايات ذات الطوابق العالية او تناول السموم او حوادث الدهس بالسيارات والمركبات كتدبير عملية اغتيال (كيروف ) و ( تروتسكي )...

2ـ الاعدامات الفردية والجماعية التي طالت اعداد كبيرة من الحزبيين عسكرين ومدنيين بتهمة عدم الولاء للنظام السوفيتي او التخابر مع الدول الاجنبية المعادية...

3 ـ محاكمات موسكو الشهيرة خلال الاعوام (1936-1939 ) والاعدامات التي نفذت من خلالها وشملت اعداد واسعة من المناضلين الذين عانوا من الاضطهاد القيصري واغلبهم من الصف القيادي الاول للحزب الشيوعي السوفيتي ومن رفاق " لينين" ومعظمهم كانوا قادة وكوادرفي الحزب...

4 ـ اقامة معسكرات السخرة والعمل الاجباري الجماعي الشاقة للمعارضين السياسين وغيرهم اذ شمل الكثيرين من الشيوعيين السوفيت من اعضاء وكوادر الحزب نتيجة وشايات وتهم مختلفة كعدم الولاء والاخلاص وانتقاد الاوضاع العامة مع اعتقال الجنود السوفيت الاسرى المطلق سراحهم والعائدين الى البلاد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية...

5ـ النفي الجماعي للمعارضين الى مجاهيل الصقيع في سيبيريا تحت وطأة ظروف مناخية قاسية يصعب تصورها ولايمكن تحملها انسانيا وهي غاية في السوء...

6ـ ارسال المعارضين الى المصحات العقلية والنفسية بتهم الجنون وفقدان التوازن العقلي والاتزان النفسي ولفترات قد تمتد الى سنوات وسنوات طويلة حيث يخرج – الضحية- من تلك المصحات وقد تغيرت كل الاشياء والامور من حوله وهو شبه مجنون او قد يعاني من اختلالات عقلية او نفسية فعلا نتيجة المعاناة الشخصية الشديدة بالحرمان والشعور والاحساس بالظلم والياس والاحباط والانكسار...

7ـ العمل على تصفية قيادات الاحزاب الشيوعية الاوربية وغيرها من الاحزاب الشيوعية الصديقة الاخرى والذين كانوا يقيمون في (موسكو ) كلاجئين سياسين قبل وابان الحرب العالمية الثانية كالشيوعيين البولون واليوغسلاف والالبان والبلغار والهنغار والجيك والهنود والاتراك والايرانيين بتهمة التعاون مع الالمان او التجسسس لصالحهم او لصالح دول معادية للسوفيت...

8ـ القيام بتهجير شعوب بكاملها كتتار القرم والمان الفولغا وقوميات القوقاز من مناطق سكناهم الاصلية ونقلها بقطارات الشحن او الحمل ونقل البضائع والمواشي واسكانها في مناطق نائية لا تمتلك ابسط مقومات الحياة ومسلتزمات المعيشة الانسانية ضمن جمهوريات اسيا الوسطى مما تسبب في موت عشرات الالوف من ابناء تلك الشعوب المهجرة من مناطق سكناها بتهمة التعاون والتعامل مع المحتليين الالمان...

9ـ ممارسة عمليات الترويس غير المبررة للشعوب غير الروسية الداخلة في الكيان السياسي للدولة السوفيتية وبخاصة تلك الممارسات المقصودة او المتعمدة الموجهة نحو شعوب جمهوريات اسيا الوسطى والقوقاز من خلال عمليات الاسكان الجماعي للمواطنين الروس وبمغريات مادية او نتيجة امتيازات اضافية في مناطق هذه الجمهوريات بهدف الخلط السكاني والاخلال بالوجود الديمغرافي لشعوب تلك الجمهوريات من ناحية وترسيم الحدود عشوائيا بخاصة حدود تلك الجمهوريات دون مراعاة التركيبة الديمغرافية في تلك المناطق بحيث يصبح جزء من شعب ما داخل جمهورية مجاورة او تصبح القومية الواحدة مجزأة وموزعة بين دولتين متجاورتين او اكثر، اضافة الى ظهور نتؤات او جيوب او السنة جغرافية دون اية ضرورة نتيجة هذا الترسيم العشوائي الملغوم والمقصود والمتعمد في حدود واراضي مثل هاتين الدولتين المتجاورتين والذي يخلق دون أي مبرر منطقة تشويها وتداخلا جغرافيا وسيشكل مثل هذا الترسيم بؤرة للتوتر والنزاع بين الشعوب مستقبلا ...

10ـ الاستمرار في اعتماد وتطبيق المفهوم اللينيني الخاطئ لمبدأ حق تقرير المصير للامم والشعوب والقوميات الذي يختزل هذا الحق في صورة " الاتحاد الاختياري الحر" التي ابتدعها " لينين" وهذا المفهوم في الحقيقة هو التفاف على مبدأ حق التقرير للحيلولة دون الاقرار الفعلي والاعتراف الصريح وتطبيق وممارسة هذا الحق على الامم والشعوب والقوميات غير الروسية التي كانت اساسا مستعمرات لروسيا القيصرية وان المفهوم اللينيني لحق تقرير المصير ليس سوى تفسير واحد وهو التمسك والاحتفاط بتلك المستعمرات لكي لا يقال ان " لينين " قد فرط بمصالح روسيا من خلال التنازل المجاني عن هذه المستعمرات ثم لغرض الاستفادة من الثروات الموجودة فيها ، اذ ان مبدأ حق تقرير المصير يعني اساسا حق الامم والشعوب والقوميات في تشكيل دولتها الوطنية وبارادتها الحرة المستقلة التي تعبر عن شخصيتها القومية لاغير...

وان تاسيس – الاتحاد السوفيتي- كدولة اتحادية وبالشكل الذي تم كان خطئا تاريخيا ارتكبه " لينين" حمل بذور انهياره معه اذ ليس هناك من رابط يجمع بين مجمل هذه الشعوب فمثلا ماهي الروابط التي تجمع شعوب اسيا الوسطى مع الشعب الروسي اذهي تماما كعلاقة الشعب الفرنسي بالشعب الجزائري، فليست هناك اية روابط لغوية او جغرافية او ثقافية وحتى اقتصادية سوى تلك العلاقة الاستعمارية مع روسيا القيصرية هذه العلاقة الاستعمارية التي حولها " لينين" الى علاقة حقوقية شكلية دون اية مساواة فعلية فمثلا ان الطالب الارمني عليه عبء تعلم اللغة الروسية فضلا عن لغته القومية الارمنية بينما التلميذ الروسي عليه تعلم لغته القومية الروسية فقط اذ ليست هناك مساواة فعلية وحقيقية في هذا الاطار ولم يكن الاتحاد السوفيتي سوى دولة روسية في جوهرها وحقيقتها كما كانت الدولة العثمانية دولة تركية ليس الا ......

وكان من المفروض كما يقتضي الامر حل مسالة المستعمرات وفق المنظور الماركسي بان تقوم الحكومة السوفيتية الجديدة التي تألفت برئاسة (لينين ) على اثر انتصار الثورة بالتخلص فورا ودون اي تردد عن مستعمرات روسيا القيصرية والاعتراف باستقلالها وخاصة مستعمراتها في اسيا الوسطى والقوقاز او كان ينبغي على الاقل الاعتراف باستقلال هذه المستعمرات كدول مستقلة ذات سيادة ولكن بانظمة اشتراكية ولاسيما بالنسبة لاوكراينا وغيرها من الشعوب الاخرى من غير الروس وان تكون على غرار منظومة الدول الاشتراكية التي تشكلت عقب الحرب العالمية الثانية .

اما زعم السيد المرادي القائل بان الماسونية قد غيرت منذ العقد الثاني من القرن الماضي ( القرن العشرين ) منهجها الاجتماعي والسياسي جذريا بسبب عوامل ثلاث مكشوفة ظاهريا يحصرها فيما يلي:-

1ـ انقلاب الماسونية على ذاتها وتصالحها مع الصهيونية التي تمكن متنفذوها من التاثير على بريطانيا التي قامت باصدار وعد بلفور .

وهذا الزعم باطل من اساسه وتدحظه الوقائع والادلة والذي يقرأ ماكتبه السيد المرادي بهذا الشأن يتبادر الى ذهنه انه قد كان هناك تضاد او تناقض او عداء مستحكم بين الماسونية والصهيونية ، اذ ان الماسونية ليست ضد الصهيونية او معادية لها او في تناقض وتضاد معها بل على العكس ان عتاة الصهاينة المعروفين هم من رؤساء والقيادات العليا للمحافل الماسونية وان العلاقة بينهما علاقة وثيقة جدا وان الدلائل تؤكد ان الماسونية هي في حقيقتها وفي جوهرها صناعة يهودية تأسيسا ونشأة وبناء وتاريخا وزعماء ورموزا وطقوسا واداء وتعاليما وممارسة وأهدافا...

إذ يقول الحاخام الأكبر "اسحاق دايز" ان الماسونية هي مؤسسة يهودية بكل مافيها من الفها الى يائها يهودي ، تاريخها، فرائضها ، درجاتها ،مراسمها ..." وهي " مؤسسة يهودية في تاريخها ودرجاتها وتعاليمها وكلمات السر فيها وتوضيحها ، انها يهودية من البداية الى النهاية".

وكما يقول " احمد علوش" – رئيس اكبر المحافل الماسونية في الاسكندرية بمصر " ان الماسونية والصهيونية كلاهما سواء وكلاهما شيء واحد يكمل احدهما الاخر..."

ويرى جودت رفعت اتلخان " ان اليهودية هي القوة المحركة للماسونية وان الاساتذة الكبار في المحافل الماسونية من اليهود...".

ويقول "عبد الحليم الياس خوري" احد الماسونيين اللبنانيين المعروفين ان " الماسونية في اعماقها تسكن الفكر الاسرائيلي وفي تقاليدها ورموزها واسرارها تظهر الاساطير اليهودية المقدسة ، انها يهودية ومن مصدر يهودي" ويضيف قائلا ايضا ان " الماسونية تحمل الصبغة اليهودية والنفسية اليهودية في كافة حركاتها وسكناتها وهي تعمل بوعي اعضائها او دون وعيهم على غرس الروحية اليهودية في مريديها واحياء اقوال صهيون في بناء هيكل سليمان"...

ان الاساتذة الكبار العظام الأول للماسونية فهم ثلاثة اولهم " النبي سليمان- عليه السلام " الذي يسمونه بــ ( ملك اسرائيل ) والثاني هو ( حيرام – ملك صور  ) الذي ساعد بارسال العمال ومواد البناء والخشب لبناء الهيكل ، والثالث والاخير هو ( حيرام اييف – ابن الارملة  ) اذ يطلق على الجماعة الماسونية ايضا لقب ( ابناء الارملة ) ...

والخلاصة ان هناك علاقة وثيقة ومتينة جدا بين الماسونية كحركة سرية ذات شعارات (براقة ) تهدف الى خدمة اليهود واليهودية واحترام طقوسها والمحافظة عليها والعمل على اعادة هيكل سليمان وبين الصهيونية كحركة سياسية عنصرية تحمل مشروعها الخاص بها وان الماسونية هي بالاساس تنظيم يهودي الجذور ...!!!


-يتبع-

 

المحامي
هاشم العبيدي
السويد
26 / شباط / 2008

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس /  21  صفر 1429 هـ   ***   الموافق  28 / شبـــاط / 2008 م