بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

عتـاب بمـرارة الــدم

 

 

 

 

 شبكة المنصور

كاظم عبد الحسين عباس  / اكاديمي عراقي

 

قيل لنا من على المنابر الحسينية حتى حفظنا عن ظهر قلب, ان الحسين عليه السلام قد مُنح فرص مخاطبة قتلته فخاطبهم بلغة عربية فصيحة لا لبس فيها ولا غموض عن كل قناعاته الشريفة وكذا فعل أصحابه الشهداء بمعظمهم. فتعلمنا نحن العامة من ذلك قيمة أعطيناها قدرا" من القدسية وهي ان للظلم صرخة مدوية يطلقها المظلوم فتصل ابواب السماء دونما حواجز فصرخة الظلم أقرب الى أبواب السماء. وعندما جاء المحررون الامريكان ومعهم قطعان العراق الجديد من السادة الذين حملوا (علايجهم) من قم ومشهد وحائر وسيستان وطهران وطبطباء وغيرها من الاسماء التى لم ولن اتعرف عليها بشكل صحيح وبدأ مهرجان الذبح وفق القوائم المختومة من دهاليز السادة ف] ايران ... تذكرت ان صرخة الظلم الحسينية قد حجبها قراء المنابر لان العراق الجديد ليس فيه ظلم وان من يذبحون في الشوارع والسيارات والبيوت والجامعات والمدارس والدوائر وفي مكاتب الاحزاب الجديدة ومقرات المليشيات التي اخذت أسماءا" إلهية كحزب الله وثار الله وبقية الله وصولا" الى البدرية والدعوجية ومشتقاتها وغير ذلك الكثير قد جاءت أوامر ربانية بذبحهم فحجبت عنهم وعن عوائلهم وعشائرهم أبواب السماء وفي الأمر منطق ... فالأوامر الربانية قادرة على اغلاق أبواب الرحمة لانها اصلا" قد صدرت من منابع الرحمة.

صدقنا هذا وامرنا الى الله, لكن الذي ظل عصيا" على مداركنا هو لماذا دُمرت المصانع وشركات الانتاج؟ لماذا نُهبت شركة حطين وهي التي تنتج عتادا" يحتاجه حكام العراق الجديد للقتل والتصفيات ونُهبت كل محتوياتها حتى تحولت الى أثر بعد عين بعد ان هُدمت الجدران لكي تسرق الشبابيك وحُفرت الشوارع لكي تُنهب اسلاك وكابلات الكهرباء؟ ومثل ذلك حصل للقعقاع والرشيد ومصانع السيارات والآلات الزراعية في الاسكندرية ومصنع الحقن النبيذة والنسيج والالبسة الجاهزة في الحلة والنجف. لماذا نُهبت ممتلكات جامعة القادسية والكوفة وكربلاء والبصرة وذي قار ومعاهدها المختلفة وبيعت في باب المعظم ليرجع رجال العراق الجديد يشترونها لنفس الاماكن التي نُهبت منها بمئات أضعاف اسعارها؟ لماذا أُحرقت دوائر الدولة ونهبت محتوياتها؟ أمن اجل ان تكون صورة انسان العراق الجديد في عيون العالم كله الذي يشاهد مختارات منتقاة من عمليات التدمير والسرقة في اعلام المحتل واصدقاءه على انه عراق الحرامية والسراق والقتلة؟ أم ان القصد قد كان ان تتوضح للعالم ان العراقيين يستحقون الفناء والتدمير لانهم شعب بلا قيم ولا خلق ولا وطنية ؟ ولمصلحة مَن كل الذي جرى ويجري؟ افتونا واقنعونا فلقد مرت خمس عجاف ونحن نأكل الدم ونشرب الدم؟ لماذا علينا ان نصدق ان كل ما يجري على ايديكم هو رباني مقدّس وان ثاركم بدأ ولن ينتهي؟ لماذا علينا ان نصدق انكم تمتلكون صكوك الغفران في الاخرة وتأييد غير مقيد بانهاء حياتنا من اجل ان تستوطنوا على الكراسي؟ لماذا علينا ان نصدق انكم ربانييون ونحن سقط المتاع، وانكم الحقيقة كلها ونحن تأريخ بشع؟ افتونا أهل الفتاوى فلقد كرهنا طعم الدم ورائحة الموت وأوجعنا جمع الاشلاء الممزقة من أولادنا. لماذا يقتل العلماء والاطباء والمهندسون والضباط والطيارون والاساتذة والبعثييون؟ ومن يصدق ان أهل هؤلاء وعشائرهم قد قرأوا الفاتحة على ابناءهم والسلام؟ من يصدق ان ثار الآلاف من ابناء العراق سيوضع تحت فراش العجم واعوانهم وان خلجات الثأر والانتقام واوجاع الحيف والظلم قد استكانت تحت طيات العمائم؟ ان كان ثمة من يصدق ان اهل العراق قد اذعنوا لواقع التغيير تحت سرف عجلات الاحتلال فهو واهم, وان ظهر ما يوحي بذلك فهو محض تقية تعلمناها من المنابر وها نحن نسوقها على اهل المنابر ولكن هيهات منا الذلة الابدية فثأرنا لن يموت. ومن يظن ان ثارنا يمكن ان نطويه قدر تعلق الامر بدماء اولادنا واهلينا فمن سيتنازل عن ثأر العراق؟ ويظل عتبنا بمرارة الدم ...

ليس على مَن جاء بهم الاحتلال ومكنهم من رقابنا وبلادنا فنحن نعرف ان هؤلاء لا يُعتب عليهم ونعرف بماذا سيردون علينا فلقد صمت آذاننا بعويلهم على مظلوميتهم وغدر الزمان لهم ومن أُعدم منهم ومن سُجن منهم ومن هُجر منهم ومن حُجبت عليه كراسي الرئاسة والوزارات زمنا" طويلا" فوضع كيانه الشخصي والحزبي في حضن اميركا وايران واسرائيل والسعودية والاردن ومصر الحكام ليسترد حقه المغتصب, أوَ ليس نحن مَن قُلنا ان صاحب الحاجة أعمى لا يرى الاّ قضاءها؟ فكيف نعتب على هؤلاء الشيعة الايرانية والسنة الوهابية والكرد الانفصالية وطلاب الفدرالية وحكام الميزانية الامريكية وحوزويوا المنطقة الخضراء وخدام السفارة الامريكية؟ انما نحن نعتب على أهلنا وأبناء عمومتنا وعشائرنا ... كيف قبلوا وسكتوا ان نُذبح بسكاكين الفرس واليهود دون ان يرفعوا راية احتجاج ولا كلمة رفض تُطيب خواطر ايتامنا واراملنا ومنكوبينا؟ كيف قبل شيوخ عشائرنا ان يُهدر دمنا ونحن مَن كُنا لا ننام الليل نحمي بيوتهم وحلالهم وزرعهم؟ كيف ارتضت عروبة العرب واسلامية المسلمون ان نُجرَد من عراقيتنا ومن اسلامنا ومن عروبتنا ارضاءا" للعجم واعوان العجم واذعانا" للمعممين ونزواتهم في السلطة والمال والجاه الفارغ؟ أحقا" ان أهلينا في البصرة وميسان والنجف وكربلاء وبابل وبغداد والانبار والموصل وديالى وصلاح الدين قد نزعوا العقال واليشماغ واستساغوا طعم الثريد الامريكي الفارسي الصهيوني المغمس بدماءنا والمحلى باوصال العراق المقطع؟ وصدقوا ان اميركا قد حررتهم وان العجم سيبنون لهم عراقا" فيه مجتمع مدني وحضارة وتمدن وديمقراطية؟ وان كل ما صدقوه وانفتح امامهم من مغلق الابواب نحو المقاولات والتجارة الامريكية الصنع هو البديل الأنسب عن عراق كان مُهاب الجانب تتطاول فيه العزة فوق هامات الرجال وتختال فيه الهيبة مرحا" وتغلب فيه الهمة منافذ الحدود الطويلة وتتحشد الهمم نخوة لاعمار موقع ضُرب ومدرسة هُدمت وتتنافس الرايات في مرابع العشائر عزا" وهيبة وفخارا" وتطلعا نحو المستقبل؟ نحن نعتب على اهلنا الذين خدعتهم الحوزة لانهم طيبون يحبون الهواشم ويحترمونهم فغطت الحوزة الايرانية رأسها بكوفية خضراء وعمامة سوداء والسادة الهواشم منهم ومن رجسهم وبشاعة ما اقترفوا ضدنا وضد بلدنا براء. نحن نعتب على مَن أجل ثأره ولم ينتفض حد هذه اللحظة ضد العراق الجديد الذي ثبت للجميع انه عراق فاسد عراق مجزأ عراق بلا لون ولا طعم ولا رائحة عراق بلا كرامة ولا عرض عراق بلا غيرة ولا حمية ولا حمى. عراق تنهبه الضباع ويفترس عرضه وينتهك سيادته كل من فقد رجولته بفضل الايدز وقطعت خصيتيه على يد امراة من زبالة الهايدبارك ومراقص لاس فيجاس وملاهي حي سوهو فلم يعد أمامه في هذه الدنيا غير أن يركب فوق صهيل الدولار الحرام ويمتطي عمامة سُرقت من رسول الله صلى الله علية وآله وسلم ليصل الى جنات واهمة وغدران جافة وغلمان مأبونون وحواري اغتصبهم بني صهيون.عتبنا بمرارة الدم على اهلنا الذين نكسوا الرايات وكسروا السيوف وارتضوا لانفسهم ان يطأطوا الرؤوس تحت شخص عقيل الخزعلي الموتور وتحت عباءة الحكيم عمار الزعطوط وتحت لحية موفق المنافق والجلبي الحرامي والجعفري الدجال والمالكي الغدار وأبو كلل القاتل المجرم وسواهم من تجار الصفوية وأرباب الفرقة وحماميل مناهج التطبير واللطميات ورواديد مواكب الزيف والشرك.

نعم هذا موضع عتبنا لاننا نعرف منطق اهل الدعوة وكل افق ثقافتهم ونعرف منطق عائلة الحكيم وكل افق رؤاهم ولا عتب لنا عليهم لانهم ليسوا عربا" يعاتبون وكلنا يعرف ان الاعجمي لا يعاتب ولايعاتَب انما يلدغ ويخون ويغدر.

وعلينا ان نؤكد ونحن نطرق ابواب التساؤلات المريرة ان ثأرنا ليس قتلا" ولا اقصاءا" ولا تهجيرا", لا ليس هذا ما نقصده بل انه ثأر العراق الذي إنْ رُفعت راياته بأذن واحد أحد فهي رايات تحرير العراق وتضميد جرح عروبته النازف ولملمة اوصاله المقطعة واحالة الجزارين الى العدالة. انه ثأر يعيد الآلاف الى الحياة بعد ان أظناها الجوع وافجعتها الفاقة واعادة الآلاف الى اعمالها ووظائفها وتشكيل فريق عمل من علماء جامعة الكوفة وبابل والقادسية وكربلاء والبصرة يعيد الكهرباء في أسابيع الى سابق عهدها وأفضل، وآخر يعيد الخدمات البلدية وآخر يُعيد خدمات الماء وثالث يُعيد توزيع مواد البطاقه التموينية.

ومجاميع أخرى ترضي من زعلوا لانهم جُندوا في الجيش الشعبي الذي ساهم في إبعاد الشر الفارسي عن أرضنا حتى شاركت اميركا بكل قوتها في نجاحه في اختراق حصوننا وانتهاك مقدساتنا واخرى تُرضي مَن زعلوا لانهم أُشركوا في حملات العمل الشعبي لبناء مدرسة أو مخزن للحبوب أو جامعة أو تبليط شارع واخرى لارضاء من عُينوا مدراء عامين ولم تسنح لهم الفرصة ليكونوا وزراء واخرى للجوال على شيوخ العشائر وتوزيع مكارم السيد الرئيس عليهم حتى لا يتكلفوا عناء السفر الى العاصمة. وسنشكل فرق لارضاء المهجرين من الفرس ونطبطب على اكتافهم وهم يمارسون احتلال العراق وقتل ابناءه وفرق لدفع الدية لمن ذبحهم القانون لقيامهم بالتجسس لصالح دول الجوار والتآمر على أمن البلد لصالح ايران من رجال الدعوة ومشتقاتها واخرى لدفع الفصل أو الدية لرجال الاهوار الذين قطعوا الطرق وسلبوا السيارات والراكبين على اقدامهم وضربوا دوائر الدولة ومقرات الحزب واغتالوا من ارادت ايران اغتياله يقودهم زعيم حزب الله ... استغفر الله .. امير السلب والنهب والاغتيال بدم بارد كريم ماهود.

نعم سنرضي كل هؤلاء لانهم اصحاب قضية وحاجة وعلينا ان نكون ديمقراطيين ومتمدنين وشفافين كما شفافية الجعفري فلقد علمنا اهلنا ان صاحب الحاجة أعمى لا يرى الاّ قضاءها وان كان قضاءها فيه احتلال البلد وتدميره ونسف قواعد التعايش والمحبة فيه من خلال نسف قبب ومراقد الائمة الأطهار.

لن يكون ثأرنا ولا الثأر الذي نطالب به اهلنا لينفذوه سوى عودة الى العراق الواحد الموحد الحر الأسد وما يقرره العراق حينذاك سيكون سيد احكامنا. ويقينا ان السيد العراق لا يعطي الحق بالقتل لهذا وذاك ويحرمه على هذا وذاك فالقتل قتل في كل الاحوال كما ان السيد العراق يميز بين العدل الحاسم الذي يضمن للحياة انسيابيتها وللتطور مساراته وبين الفوضى التي تؤمّن الفساد والافساد والتيه والاختلاس والتدليس وان السيد العراق يعرف تماما الفرق بين من قاتلوا أينما اقتضت الضرورة لحماية العراق وبين من يقتلون أهل العراق محافظة بعد محافظة لكي يثأروا لمن انتصر عليهم العراق. نعم السيد العراق يعرف كل شيء وقادر على الافتاء بكل شيء حين تحين الساعة. وهو يعرف اننا حتى عندما نعاتب فان عتبنا له لون الدم!!!

 

 

 

 

شبكة المنصور

                                            الاثنين /  03  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  10 / أذار / 2008 م