بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

غزة.. المذبحة الكبرى والملحمة الاكبر
اساطيل أمريكا و جيش الاحتلال ( شرق المتوسط مرة أخرى ) .. بإنتظار ساعة الصفر

 

 

 

 

 شبكة المنصور

 حمد لافي "الجبريني"

 

 "أولمرت: لم ندخل غزة ردا على الصواريخ"

 

""افي ديختر" كان قاب قوسين من أن يسقط صريعا بعد سقوط صاروخ على بعد أمتار من مكان تواجده وادى الى اصابة عدد من حراسه، علاوة على اصابة رئيس مستوطنة سيدوريت بشظايا صاروخ فلسطيني آخر"

 

" المقاومة استخدمت تقنية مواجهة الطيران بطريقة "النجمة الخماسية" التي تربك الطيران وتوهمه بتعرضه لقوة نارية ضخمة"

 

" 20 قتيلا صهيونيا الرقم الاقرب للواقع"

 

" وبعبارة أخرى الاستعداد لحرب من نوع آخر"

 

"هل يصح استخدام مصطلح "الهولوكوست؟"

 

مأصر رئيس وزراء الكيان الصهيوني يهود اولمرت على إثبات حضوره وشن هجوم إستباقي عقب التراجع المرير لقواته على اعتاب غزة، بالتصريح ان "شتاءه الساخن" لم تنسحب كل غيومه بعد عن سماء القطاع، الذي كان لكل ممن سبقوه على سدة الحكم الصهيوني بمثابة الكابوس ولسان حالهم يردد ما تجرئ على البوح به أحد ضحاياهم اسحق رابين بأن "ليت البحر يبتلع غزة". 

ما كان يصح في زمن "رابين" ومن تلاه، يعتبر ترفا لا يحلم به "اولمرت" في هذه المرحلة الضيقة والدقيقة التي يحتاج فيها أن يعمل تحت ضغط مختلف هذه المرة، وهو يعلم ان عليه مجاراة الخطة الكونية التي تحركها إدارة الرئيس الامريكي "جورج بوش" قبل رحيلها خلال اقل من عام، وقد إنعدمت الفرصة لها لإستبدال "اولمرت" بأي كاريزما اخرى، في غياب "ملك اسرائيل" شارون، ليتول واحدا من أهم بنود تلك الاستراتيجيا في شرق المتوسط العربي التي أزفت ساعة الانفجار فيه بعد أن قلب على نار كانت تستعر وتخفت تبعا لتكتيكات السياسة الاستعمارية الحديثة، وكانت نقطة اللاعودة في تجلياتها إلقاء المدمرة "كول" لوراسيها على مشارف الشواطئ الشرقية للمتوسط برفقة مثيلتها "ناسو" وثلة من السفن على شكل شبه اسطول، لتكون رأس الحربة المباشرة في الخاصرة العربية المتوسطية، ريثما ينهي أولمرت مهمته المناط بها في عموم فلسطين المحتلة والمحاصرة قبل بدء الاحتفال الكبير في خارطة الحرب المفتوحة. 

لم يمروا

الحرب المفتوحة.. هكذا أرادتها أمريكا في الربع ساعة الاخيرة قبل رحيل أحد أشرس اباطرتها.

 هكذا بدأها الكيان، الذي ما عاد بإمكانه بعد اليوم الاختباء خلف الحشود الامريكية، وبات لزاما عليه ان يكون شريكا أكثر إستعدادا للتضحية إذا اراد الحفاظ على وجوده وامنه الاستراتيجي، بل وان يدفع ثمن إنتكاساته العملية وما كلفته وحلفائه من حرج وخلط اوراق للمشروع الامريكي الهاجم على المنطقة، ليس ثقافيا وسياسيا وإقتصاديا كما كان على مر عقود، بل عسكريا كاسحا هذه المرة، بعد "نضوج الظروف الموضوعية له –كما يرى- بتزايد عدد الاتباع والمواليين في المنطقة، بمواجهة تيار الممانعة الذي هو أيضا أثبت نضوجه وبات اكثر خطورة طرديا كلما تآخرت تلك الهجمة لكسر شوكة آخر حركات المقاومة العربية التي لا زالت تشكل العقبة الكأداء والشوكة في عين التنين، لا بد من انتزاعها حتى يتجلى الاحتلال. 

سقط القناع

الهجوم الاخير على غزة أو ماسمي بمعركة الايام الخمسة ، مع الكم الهائل من الشهداء الذي وصل في آخر احصائياته الى 125 شهيدا شكل انكسارا حقيقيا في السياسة الصهيونية، وشرخا ستكون له انعكاساته على تيار السلطة في رام الله، التي باتت يوما عن يوم تخسر آخر أوراقها في الشارع والنخبة الفلسطينية على حد سواء، بعد تماهيها المفجع مع الاحتلال إن بالتصريحات او بالممارسات على الارض، وليخرج من الفوضى الاسرائيلية ما يدين تلك السلطة ويؤكد بعدها عن القضية الوطنية بإتجاه مصالح غير مفهومة لم يثبت اي منها انه كان لصالح القضية والشعب، خاصة وهي تختار الخندق المقابل للشعب الفلسطيني بمختلف اتجاهاته حتى تلك التي كانت فيما مضى شريكة في الهدف السياسي، 

فيما غزة تلهث ليل نهار في لملمة أشلاء ابنائها ورفع حطامها، وبعد أن صعدت السلطة في رام الله من لهجتها بإتجاه قطاع غزة عموما والمقاومة خصوصا، عبر اتهامات إبتدأت بتنامي القاعدة في القطاع ولم تنتهي بإدانة صواريخ المقاومة، جاء الرد أخيرا على هذه التهم ليس من حماس، بل وللمفاجئة جاء بتصريحات أولمرت وطاقمه الحربي بعيد إعلانه سحب قواته البرية من غزة حين قال في مؤتمره الصحفي "إن الجيش لم يقم بعمليته الأخيرة في قطاع غزة في أعقاب تعرض عسقلان للرشقات الصاروخية، وإنما بعد أن أصبحت الظروف لها ناضجة" راميا بعرض الحائط الحجة الاخيرة التي استخدمها النظام الرسمي العربي وسلطة رام الله لإتهام المقاومة بجلب الدمار على غزة بأنها كانت نتيجة ما سموه ب"الصواريخ العبثية"، مؤكدا في الان ذاته ما غيبه الاعلام العربي من ان تلك العملية لم تات الا ضمن خطة استراتيجية كبرى كانت تنتظر نضوج الاوضاع الداخلية والدولية وتوفر الظروف الموضوعية العالمية التي هي بلا شك مستندة الى الخطة الامريكية تجاه كل من سوريا لبنان وايران. 

صواريخ المقاومة

أما بالعودة الى موضوع الصواريخ، فقد اثبتت المقاومة ارتقائها الى مستوى جديد من التطور والنهج التقني الاكثر موضوعية بشهادات جنرالات العدو واعلامه، خاصة بإستخدامها للصواريخ التي جاءت ثمرة سنوات من الصراع التقني الى ان وصلت الى ما وصلت اليه، لتخلق توازن رعب جديد في هذه المرحل مع الكيان المحتل عبر وضعها في دائرة استهدافها أكثر من ربع مليون مستوطن، تكلف حكومة الاحتلال ميزانية ضخمة في مواجهة كل صاروخ وصلت وفق تقديرات اعلامية صهيونية الى مائة ألف دولار عدا ما يمكن ان يسببه الصاروخ من خراب وتدمير، وهو التدمير الذي كان شاهدا عليه مايسمى وزير الامن الداخلي الصهيوني "افي ديختر" الذي كان قاب قوسين من أن يسقط صريعا بعد سقوط صاروخ على بعد أمتار من مكان تواجده وادى الى اصابة عدد من حراسه، علاوة على اصابة رئيس مستوطنة سيدوريت بشظايا صاروخ فلسطيني آخر، وهو مايشير اضافة الى التأثير النوعي للصواريخ ودقته، الى القدرة الاستخبارية العالية وحجم الاختراق المذهل الذي نفذته المقاومة في صفوف العدو في معركة الردع. 

كيف واجهت المقاومة الطيران

ميدانيا فإن حجم الدمار الهائل الذي خلفه العدوان على غزة وعدد الشهداء لا يدلل بأي حال على نجاح عسكري او قدرات فذة، بقدر ما يدلل على الفوضى التي عانها الجيش وحجم الهلع والهستيريا التي عايشها مقاتلوه في القطاع، فأكثر من ربع الشهداء هم أطفال، والنصف موطنون في منازلهم، فيما أقل من الربع هم من المقاتلين الذين واجهوا تقدم الاليات البرية وتصدوا للطيران الحربي. ووفق شهادات وردت على مواقع المقاومة فقد تمكن المقاومون من التصدي لطيران العدو بالمدافع الرشاشة معتمدين على الدقة والخبرات العلمية أكثر من الاعتماد على نوع السلاح عبر ما اسموه "تقنية مواجهة الطيران بطريقة النجمة الخماسة" التي تربك الطيران وتوهمه بتعرضه لقوة نارية ضخمة، خاصة وأن رادرات الطيران لاتميز بين الطلقات الرشاشة والقذائف المضادة للطيران، وهو ما حصل فعلا فما كان من الطيران الا القاء حمولته كيفما اتفق، والانسحاب على عجل. وفي ظل عجز جيش الاحتلال الصهيوني عن الوصول إلى مخازن الصواريخ والقذائف التي تعتمد عليها المقاومة الفلسطينية في غزة لمواصلة صراعها مع الاحتلال، أقر مسئول عسكري صهيوني كبير بأن قواته عندما تفشل في الوصول إلى أماكن هذه الصواريخ تضرب في البيوت المدنية.. 

خسائر العدو الحقيقية

اما على الارض فرغم تأخر المؤتمر الصحفي المنتظر من كتائب المقاومة إلا أن نظرة تحليلية وقراءة مترابطة للأحداث تعطي شكلا قريبا للخسائر التي حصرها العدو بقتيلين وعشرين جريحا.

لقد اعتادت القوى الامبريالية على اخفاء خسائرها دائما والتغطية قدر الامكان على قتلاها حفاظا على معنويات الجماهير، ولتلمع مصداقيتها وتثبط من همم الحركات المقاومة، خاصة وانها لا تستند عادة الى على أهداف سياسية تقاومها معارضة داخلية بقدر ما تجد تأييدا، وتستفيد من قدرتها الاعلامية وإمكانيتها في ترويج التصريحات الاولى التي تكون اكثر تأثيرا حتى لو تم تكذيبها لاحقا بعد ان تكون قد تجاوزت اخطار تغير الرأي العام في المراحل الحساسة، وحرب العراق شاهدة على ذلك، كما كانت بعده حرب تموز والقائمة تطول كلما تعمقنا بالتاريخ. 

 في معركة غزة، أعلنت مصادر للعدو عن سقوط ستة قتلى، قبل ان يعاد ويكذب الخبر وإبقاء الحال على اثنان، ومع نظرة للداخل الصهيوني لا بد ان نعيد النظر في هذا الرقم بناء على المعلومات الواردة منه..

ذكرت صحف واذاعة العدو بعد انتهاء الاعمال القتالية عن مقتل ثلاثة شبان في حادث سير، تلاه خبر بعد ساعات عن مقتل اثنين من الجنود اثر انقلاب دبابة في مناورة تدريبية، وبعده بساعات ايضا مقتل أربع سبان في حادث سير آخر (لاحظ ان الحديث لا يدور الا عن شبان) وهذا يعيد الى الاذهان تزايد اخبار قتلى حوادث السير في فترات الحروب التي يخوضها الكيان!

من ناحية اخرى فإن مصادر المقاومة تحدثت عن عشرات القتلى، ووفق شهادات مقاتلين لموقع حركة حماس فإنهم واجهوا جنودا يصرخون بلغات ليس من بينها العبرية مما يعطي انطباعا عن وجود مرتزقة ( تذكر أخبار القتلى الفرنسيين والروس في معارك حزب الله والاوروبيين الشرقيين في الانتفاضة) ووفق مصادر حماس فإن قتلى الاحتلال لا يقلون عن عشرين جنديا، وهو الرقم الاقرب الى التصديق خاصة مع تصريحات جنود الاحتلال الذين تحدثوا عن معارك لم يشهدوها في حياتهم. 

استراتيجية الاحتلال والجولة الجديدة

بلا شك فإنه مهما كانت الخسائر العسكرية والسياسية التي تعرض لها الكيان فإنه لن يجد بدا من معاودة الكرة، وهو ما صرح به بطبيعة الحال أولمرت، فبقاء جيب من المقاومة المتقدمة بحجم غزة قائما حتى الان لن يكون معطلا للمشروع "الشرق اوسطي " الواسع تجاه المنطقة وحسب، بل سيكون بمثابة نافذة واسعة لإمتداد الجيوب المقاومة وتوسعها وتكاثرها في المنطقة، وحافزا لشعوب اخرى للإقتداء بالنموذج الفلسطيني الصامد. 

تصريحات قادة الكيان قد تتباعد وقد تتقارب في بعض الاحيان، فهي لا تختلف الا على نوع الهجوم على غزة، ولا تتفق الا على ابادة المقاومة هناك وإعادة ما يسمى "التيار المعتدل" الى هناك، فقد قالت مصادر اسرائيلية مطلعة ان حشودا عسكرية اسرائيلية تحيط بقطاع غزة من جميع الجهات، بما في ذلك من البحر، وانها ستختار الوقت والمكان المناسبين لها لتوجيه ضربتها الجديدة. 

الاستراتيجية العسكرية للكيان تعتمد على استراتيجيات ثلاث كما جاء في كتاب (أولاً ودائماً! الخطة الخماسية للجيش الإسرائيلي) بأقلام نخبة من الخبراء العسكريين، وهي الردع، الحسم والتحذير المبكر أضيف مركب رابع ألا وهو الدفاع، ويناقش في مؤتمر هرتسليا سنوياً كل الموضوعات في إطار تلك النظرية وهذا المؤتمر ينظمه (المركز الإسرائيلي العابر للتخصصات) وفي مؤتمر هرتسليا السابع الذي انعقد في 2007 حيث يعرض لتفصيلات الخطة الخماسية للجيش الإسرائيلي المسماة خطة تيفن 2012 والتي من المقرّر أن يبدأ العمل في تطبيقها في مطلع هذا العام 2008 وبحسب ما أعلن الناطق العسكريّ الإسرائيليّ فإن هدف الخطة الرئيس هو بناء الجيش الإسرائيلي وتسليحه وتدريبه من أجل أن يكون في وسعه أن يؤدي مهمته وهي الدفاع عن دولة "إسرائيل" ومواطنيها، وبعبارة أخرى الاستعداد لحرب من نوع آخر. 

في ثلاجة الموتى..

إذن فهي الحرب المفتوحة، التي لم يكن تصريح حسن نصرالله الامين العام لحزب الله بها عبثيا، بل هو فهم منطقي للأحداث، وكان الرد عليه من قبل المقاومة الفلسطينية بإطلاق عملية "الحساب المفتوح" في تماهي آخر مع الفهم الموضوعي للأحداث، المقاومة الفلسطينية فهمت الخطة والدروس السابقة على خير وجه، وبالتالي فهي تعلم ان مراكبها العربية قد أحرقت عن بكرة أبيها وليس امامها سوى القتال على الطريقة الاسبارطية مادام ظهرها أما للبحر، او للجدار العربي المغلق بشراسة في وجه أي امل لنصرة الشعب الفلسطيني. 

وبعيدا عن اللهجة الحادة، فإن النظام الرسمي العربي أثبت في عمومه انه غير معني ببقاء حماس، وان همه متقاطع مع الاهداف الامريكية بعودة سلطة عباس لتقضي على أي بذور للمقاومة في غزة، ليصل الامر الى نتائج كارثية وصلت حتى الوضع الانساني الذي يتجاوز اي حساسيات سياسية، ومثلته حكومة مصر بإغلاق حدودها في وجه جرحى العدوان، والاكتفاء بصور للإستهلاك الاعلامي عن بضعة جرحى تم استقبالهم في مشفى العريش الذي لا يتجاوز عمليا بإمكاناته شكل مستوصف طوارئ، ما ادى حتى الان الى استشهاد أربعة فلسطينيين في هذا المستشفى، بسبب امتناع الحكومة المصرية عن استقبالهم في مستشفيات القاهرة ذات الامكانات القادرة على معالجة مثل تلك الحالات، وهي تستعد لزيارة كونداليزا رايس، التي كانت موضع اصرار السلطة هناك لتناول وجبة الافطار رغما عنها –ربما ليكون هناك عيش وملح بين الطرفين! 

وإذا كان التعامل مع الحالات الانسانية بهذه الطريقة، فإن المواقف السياسية ستكون اقل إثارة للإستغراب، بعد غياب أي إدانة رسمية للعدوان الصهيوني، بل والاكثر تناغمها مع لهجة الاحتلال بإدانة المقاومة كما جاء على لسان سفير مصر في الامم المتحدة الذي أكد ان بلاده غير راضية عن اطلاق الصواريخ الفلسطينية وستسعى لإيجاد حل لها كما صرح لأحدى القنوات الامريكية. 

ولعل لهذا ما يفسره بالرغبة العربية الملحة للإنتهاء مما تسمى بقوى المقاومة العربية، خاصة وان الملفات متشابكة في هذا الاتجاه، فدول الاعتدال تريد الخلاص من سيطرة سوريا على الوضع في لبنان حتى لو كان نتيجته حرب عليها، وتقوية سلطة عباس حتى لو ادى ذلك الى مجازر، وهذان مترابطان بأكثر من رابط، وعليه فإن التصريحات في وسائل الاعلام من قبل المحللين والسياسين الموالين للنظام العربي جاءت جميعها لتبرر هذا الصمت بهذا الاتجاه، لم يكن اقلها بطبيعة الحال تصريح وزير اعلام سلطة رام الله رياض المالكي حول التنديد بالمقاومة، ولا أكثرها اثارة للإستغراب، تنطع رئيس السلطة محمود عباس (الذي حيد قطاعا مهما من المقاومة هم كتائب شهداء الاقصى بمنعهم من المشاركة في صد العدوان رغم تمرد جسم هائل على هذا القرار- بتصريح أثار الاستغراب حول استعداده للتوسط بين حماس و"اسرائيل" للتهدئة، وكأن من يتحدث هو رئيس دولة اوروبية او اسيوية بعيدة عن الاحداث!! 

"المحرقة".. خرافة و(خُرًافية)

مرة اخرى.. يعود الاعلام والسياسة العربية لإثبات ضياع هويته مقابل الاخرين في إستخدامه المفرط لمصطلحات العدو بل وتكريرها بأكثر مما يحلم الطرف الاخر نفسه، في خدمة مجانية للأساطير المؤدلجة للصهيونية الحديثة. 

 أبرز تجليات هذا الاختراق الثقافي اللغوي جاء عبر ترديد مصطلح ما يعرف "المحرقة" أو "الهولوكوست" الذي جاء على لسان مساعد وزير الحرب الصهيوني "ماتان فيلاني" متوعدا غزة بما يدعى أن اليهود تعرضوا له على يد النظام الالماني قبيل الحرب العالمية الثانية، الذي تلقفته وسائل الاعلام والسياسة العربية كأنه مكسب إستراتيجي، في محاولة ساذجة لمقارنة المجازر اليومية التي يعيشها الشعب الفلسطيني بأكذوبة ما يسمى المحارق النازية وغرف الغاز، والتي اثبت بالدليل العلمي والتاريخي القاطع انها محض خيال ودعاية ركيكة لم تترسخ في التاريخ الا بفعل الكذب المتواصل والقمع الغربي لكل من يحاول مناقشة جدية هذه المعلومة، وهي الفكرة التي دفع في سبيلها العديد من الاساتذة والمؤرخين الاوروبين سنوات من عمرهم خلف القضبان بسبب اقتراحهم بتفنيد هذه الاكذوبة، وقد ثبت أن غرف الغاز محض إفتراء بسبب إستحالة تنفيذها وفق تقنيات الزمن الحالي فما بالك بقبل سبعين عاما، إضافة إلى ان ما يعرف بالمحارق كانت لحرق جثث الموتى التي انتشرت في شوارع المدن الألمانية من المدنيين الألمان وغيرهم من الاوروبيين منعا لإنتشار الأوبئة القاتلة بسبب وحشية القصف البريطاني عليه، الذي مثل بحد ذاته جريمة حرب، وهذا الكلام جاء على لسان قائد سلاح الجو البريطاني في تلك الفترة والذي صرح بأنه لولا إنتصار الحلفاء لحوكم بصفته مجرم حرب. 

وإذا كان العرب يعتقدون انهم بهذه الطريقة يخطبون ود المشاعر الغربية، فهم من جانب إنما يكرسون الكذبة، ومن جانب آخر يحيلون المشكلة من أصوليتها المتمثلة في فرادة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، الى فرعيات من قتل أكثر، هتلر ام الصهيونية، في جدلية ساذجة يرفضها أصلا العالم الغربي لما يضفيه من قدسية على تلك الاكذوبة، فيما يقوم العرب بمحاول التطاول للمقارنة بها دون ان يصلوا عمليا الى هذا المكسب الوهمي، وهو ان دل على شيء فهو يدل على غياب الهوية وضياع الثقة وتفكك الايمان القومي والوطني العربي لمواجهة اي تحديات، لن يخدم أبدا اي نية صادقة تجاه القضايا العربية.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاربعاء  /  27  صفر 1429 هـ   ***   الموافق  05 / أذار / 2008 م