بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

هجوم الموصل : تأخر ؟ ام الغي ؟ ماذا ؟ ولماذا ؟

 

 

 

 

 شبكة المنصور

 صلاح المختار

 

من استمع الى المالكي وهو يقول ، يوم ( 3 / 2 / 2008  ) ، لقد ابتدأت معركة الحسم في الموصل وهي ( اخر معقل للارهابيين ) كما قال ، تصور ان ( المعركة النهائية )  بين المقاومة العراقية وقوات الاحتلال قد ابتدأت في ذلك اليوم ، وانها ستكون ضارية وحاسمة ، كما قال ! لكن ما حصل بعد شهر طويل من الانتظار دون ان ( يأتي جودو ) ، اي لا يقع الهجوم ، اكد ان كلامه كان محض عنتريات ومبالغات سايكولوجية تعوض عن الشعور العميق والمتجذر بالضعف والهزيمة . وجاء تصريح مهم لقائد عسكري امريكي في العراق يقول بان الهجوم على الموصل سيستمر عاما او اكثر ليزيد من الاسئلة والتساؤلات الطبيعية ! وكان اول تساؤل هو : هل من المعقول ان يستمر هجوم امريكي ، بكل قدرات امريكا  العسكرية والتكنولوجية والاستخبارية ، ومدعوم بالعملاء من البيش مركة الكردية والصفويين ، عاما او اكثر ؟  لقد اضاف ذلك المزيد من التساؤلات على المسالة . ان السؤال الذي يدور في اذهان العراقيين وكافة المراقبين هو : هل أجل الهجوم ام الغي ؟ وفيما يلي باختصار شديد الاجابة :

          1 – لقد قررت المقاومة العراقية ، كما هو واضح من سير الاحداث وتسند ذلك معلومات تسربت من مصادرها ، ان لا تنجر الى معركة كبيرة تبعا لاسلوب الحرب النظامية اعد لها العدو قوات ضخمة من اجل الحاق اكبر الخسائر الممكنة بالمقاومة ، خصوصا كوادرها المقاتلة ، فاختفت اغلب الكوادر في مناطق امنة . وهنا يجب او نوضح ونذكّر بان من اهم قواعد حرب العصابات التي تتقيد بها المقاومة هي :

أ - عدم خوض معارك نظامية الا في مراحل الحرب النهائية وحينما تكون امكانيات المقاومة كافية لشن هجمات نظامية ، او صد الهجمات النظامية للعدو  ، كما حصل في اواخر حرب فيتنام . اما في حرب تحرير العراق فان شن هجمات نظامية ضخمة مستبعد لان التفوق الامريكي المادي كبير جدا وامكانيات امريكا  التكنولوجية فائقة التقدم ، وبهذه الامكانيات تستطيع الحاق خسائر اكبر بالمقاومة كلما خاضت معركة كبيرة ووفقا لقواعد الحرب النظامية .

ب – لا تشتبك مع العدو وهو متيقظ وجاهز لخوض معركة اعد لها هو وليس انت .

ج – ان المهمة الاساسية للقوات النظامية المعادية في العراق هي قتل اكبر عدد ممكن من كوادر المقاومة ، خصوصا الكادر العسكري المقاتل ذو الخبرة والافق السياسي المتطور . لذلك فان احدى المهام الاساسية للمقاومة الان هي حماية الكادر من التصفية في معارك لم تخطط لها المقاومة ، والاحتفاظ به للمعارك التي تخطط لها هي وفقا لتقديراتها .

د – عندما تنسحب القوات المعادية ، بعد عدم السماح لها بخوض المعركة الكبيرة التي خططت لها ، يجب مهاجمة مؤخرتها ان كان ذلك ممكنا ووفقا لتقدير القيادة الميدانية .

هـ - بعد اكمال الانسحاب يجب ان تعود الكوادر ، التي انسحبت الى مناطق امنة ، وتقوم بشن هجمات متلاحقة ومتزامنة وفي اكثر من مكان ، خصوصا مهاجمة البيش مركة .

ان هذه القواعد تلخص في قاعدة اساسية وهي : عندما يهاجمك العدو بقوة متفوقة جدا انسحب وحافظ على قوتك خصوصا البشرية وعندما ينسحب هاجمه بعنف .

2 - ان المقاومة حصلت على الدعم الكامل لاغلبية العشائر وشيوخها في محيط الموصل ، وكلفت مقاتلي العشائر بقطع خطوط امدادات العدو اذا شن الهجوم او مشاغلة قواته في معارك في محيط الموصل ، خصوصا تصفية اكبر عدد ممكن  من عصابات البيش مركة .

3 - اقامت المقاومة قيادة ميدانية موحدة لاغلب الفصائل لمواجهة الهجوم على الموصل ، وتمركزت هذه القيادة في مناطق مناسبة لكافة الاحتمالات .

4– اعدت المقاومة مناطق قتل للقوات المهاجمة في العديد من مناطق الموصل دون خوض معارك مباشرة ، وهذه المناطق تكفي لالحاق خسائر ضخمة بقوات العدو .

5 – بما ان القوة االثانية  في الهجوم على الموصل ، بعد القوات الامريكية ، هي البيش مركة ، فان تصعيد التوتر في شمال العراق نتيجة الهجمات التركية على مقرات حزب العمال الكردي ( وليس الكردستاني ) *  التركي قد اثر بقوة على الاستعداد الامريكي للمعركة لان البيش مركة والزعامة الكردية الصهيونية وقعت فريسة الخوف من شمولها بالهجوم التركي ، فسحبت قسما من قواتها من الموصل الى المدن الاقرب الى مراكز القيادات الكردية لحمايتها من اي احتمال سلبي . وازداد قلق الزعامات الكردية نتيجة تسرب معلومة خطيرة تقول بان تركيا تستعد لشن هجوم كبير في كركوك وتطهيرها من البيش مركة كليا والانسحاب ، بعد تسليح عدة جماعات في المدينة ، لمنع عودة البيش مركة اليها .

6 – تفاقم الخلافات بين الصهاينة الصفويين والصهاينة الاكراد حول كركوك ، وبقية المطاليب التي تريدها الزعامة الكردية ، وتخوف الصفويين من تمادي صهاينة الشمال في مطاليبهم لتصل حد الانفصال ، ليس نتيجة عراقيتهم غير الاصيلة بل لان ( وطنهم الام - ايران ) سيتعرض لمخاطر انفصال اكراده ، في حالة انفصال اكراد العراق ، وهو بدوره سيشجع العرب في الاحواز والاذريين في اذربيجان الايرانية والبلوش على الانفصال . لذلك فان المطلوب ايرانيا الان هو تقسيم العراق فعليا ، وفقا لنظام كونفدرالي ، مع ابقاء رابطة هشة تربط ( الدول ) الثلاثة الكردية والسنية والصفوية في عراق موحد شكليا لمنع انتقال عملية التقسيم الى ايران .

7 – قيام المقاومة الوطنية بمشاغلة قوات الاحتلال والقوات العميلة في معارك عديدة ، في مناطق العراق المختلفة ، لاجبار العدو على التقليل من تركيز قواته في وحول الموصل . ومن المظاهر الايجابية التي تزامنت مع الحشد لمهاجمة الموصل عودة عمليات المقاومة الى التصاعد في الانبار ، والتي افتخر بوش بانه وضع حد للمقاومة فيها ! اما في ديالى وصلاح الدين وجنوب بغداد وجنوب العراق فقد واصلت المقاومة تصعيد عملياتها التي لم تتوقف او تنخفض كما روج العدو .

8 –  كما ان تطورا ايجابيا اخرا حصل ، وهو توقف تبادل الاتهامات بين بعض فصائل المقاومة وبدء عملية تستهدف تقاربها وتجميد خلافاتها .

9 – توصلت المخابرات الامريكية الى معلومات تقول بان ايران ستستغل انغماس القوات الامريكية في معركة الموصل لتزيد من تدخلها في العراق ، والذي حدد له قائد امريكي مدة عام لحسم معركة الموصل .

10 – ان انهاك القوات الامريكية في معاركها مع المقاومة قد ادى الى تدهور استعدادها القتالي وزاد من انحطاط معنويات الجنود ، مما جعل خوضها لمعركة الموصل محفوفا بمخاطر الفشل ، وهو ما سيعيد الضغط في داخل امريكا لسحب القوات ، بعد ان خف هذا الضغط نتيجة ادعاء الادارة الامريكية بان المقاومة قد ضعفت ، سيعيده الى سابق عهده ، وربما ستتضاعف حدة الهجمات داخل امريكا على الادارة الامريكية لاجل سحب القوات .

ان هذه العوامل ، وغيرها كثير ، كانت وراء عدم شن الهجوم الكبير والحاسم كما وصفه المالكي . ولاخفاء هذا الفشل تركز الجهد القتالي للقوات الامريكية والعميلة لها ، على مداهمة احياء معينة في الموصل لاعتقال اشخاص عديدين ومن مختلف الفصائل اضافة لمستقلين ! ان هذه العوامل بغالبيتها مستمرة ، اضافة للتصعيد الكبير في لبنان ، من قبل حزب الله وامريكا ، خصوصا تهديد نصرالله بخوض حرب مفتوحة مع اسرائيل نتيجة اغتيال عماد مغنية ، وكان ضابطا في المخابرات الايرانية كما هو معروف ، فاستغلت امريكا ذلك لاجل تحقيق تصعيد اضافي في لبنان بارسال البارجة كول ، وقطع بحرية اخرى ، الى المياه الدولية قبالة الشاطئ اللبناني ، لذلك فان الهجوم ، بالصورة التي وصفها المالكي وبعض القادة العسكريين الامريكيين ، لن يحدث على الارجح ، على الاقل في المدى القصير ، مادام التصعيد مستمرا في لبنان ، والازمة التركية الناجمة عن هجمات حزب العمال الكردي لم تحل بل اجل الحسم التركي نتيجة للضغط الامريكي على تركيا .

والدلالة الاهم لتصريح القائد الامريكي المذكور هي ان امريكا لا تريد الاعتراف بان هجوم الموصل فاشل سلفا لذلك تركت الباب مفتوحا لاكثر من عام وممارسة اساليب قوات الامن ، وهي الاعتقالات والمداهمات المفاجئة ، وليس اساليب الجيوش ، وهي شن هجمات او هجوم عسكري كبير .

* - ان استخدام وصف ( الكردستاني ) ، المشتق من كلمة كردستان ، ينطوي على معنى انها ( ارض الاكراد ) وهذا غير دقيق ، لانها ارض يسكنها ايضا اتراك وتركمان وعرب ويزيديين واشوريين وغيرهم من الاقوام . كما انه اعتراف غير مباشر بحق الانفصال لاكراد تركيا والعراق وايران وسوريا ، وقبول الخريطة العنصرية لما سمي ب( كردستان الكبرى ) ، والتي تضم اجزاء من العراق وسوريا وتركيا غير كردية وليس في اكثرها اكراد ، مثل مناطق جنوب شرق بغداد وشمال سوريا وجنوب شرق تركيا ، لذلك فان الوصف الدقيق هو ( الكردي ) وليس ( الكردستاني ) ، فالاكراد جزء من تركيا والعراق وايران وسوريا ، وليس لهم ارض واحدة تخلو من الاقوام الاخرى .

 
Salah_almukhtar@gawab.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاثنين  /  25  صفر 1429 هـ   ***   الموافق  03 / أذار / 2008 م