بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

ماذا جرى في العامرية ... ؟؟

 

 

 

 

 شبكة المنصور

 د. صالح الكبيسي

 

العامرية هذا الحي الذي يقع غرب مدينة بغداد ارتبط اسمها وعرف على مستوى العالم بعد الجريمة النكراء التي اقترفتها الادارة الامريكية المجرمة بحق هذا الحي ابان العدوان الغاشم الذي شنته تلك الادارة ومعها اكثر من ثلاثين دولة على العراق تحت ذريعة اخراج القوات العراقية من ارض الكويت عام 1991 حيث قامت تلك الدولة الكافرة المتصهينة بضرب البنى التحتية وتدميرها بوحشية غادرة استخدمت فيها كل ما تيسر عندها من اسلحة مدمرة فتاكة فلم تبقي شيئا قائما على الارض الا وقامت بتدميره واستهدفت فيها ملجا مدني يقع وسط حي العامرية كان ياؤي المئات من اهالي المنطقة من النساء والاطفال والشيوخ واحرقت داخله اكثر من 400 شخص حولتهم الى كتل بشرية محترقة وادت تلك العملية الغادرة الى قيام الشرفاء في العالم باستنكار واستهجان هذا العمل الاجرامي فمن ذلك الوقت عرف العالم العامرية واصبح اسمها مرادفا لهيروشيما ونكازاكي في اليابان .

بعد العدوان الامريكي الثاني الذي استهدف العراق وانتهى باحتلاله واسقاط نظامه الوطني والاتيان بمجاميع من حثالة البشر ليكونوا في واجهة النظام الجديد الذي اقامه الاحتلال وانطلقت حينها المقاومة الباسلة رفع لوائها كل وطني شريف في ارض الرافدين ليقولوا كلمة لا للاحتلال ويعلنوها ثورة عارمة ضده وضد عملائه شغلت كل بقعة من ارضنا الطاهرة وهنا كان للعامرية حصة من هذه المقاومة فاعلنت هذه المنطقة التي يسكنها موظفون يعملون في مؤسسات الحكومة الوطنية ومن شرائح المجتمع ونسيجه الاجتماعي يمثل الطيف العراقي الاصيل ففيهم المسلمون والمسيحيون من العرب والاكراد والتركمان والصابئة يعيشون بمحبة ووئام لم ينغص عيشهم الا الظروف السوداء التي جلبها المحتل واذنابه عندما ارادوا تمزيق ذلك النسيج وجعله مهلهلا لكن هيهات .

نقول اعلنت هذه المنطقة الواقعة غرب بغداد التمرد والعصيان والمقاومة ضد كل ماجاء به المحتل فانطلقت شرارة المقاومة من اول يوم اعلن فيها احتلال العراق فبدات جحافل المقاومة تضرب كل عميل ومجرم واستهدفت قوات الاحتلال الامريكي التي اصبحت صيدا سهلا لرجالها البواسل واستمر الحال هكذا الا ان اضطر العملاء والمحتل ان يطلقوا على هذه المنطقة اسم ( المنطقة الساخنة ) وهنا ذاع صيتها واصبحت عصية على ان يدخلها جندي امريكي او عنصر من الحرس الوثني فكانت القوات الامريكية عندما تضطر للدخول الى شوارعها والتجوال فيها ان تستخدم الدبابات والمدرعات نهارا والغت استخدام الهمرات نهائيا في الحركة هذا الشي جعل تلك القوات تستخدم اساليب وحشية قاسية في التعامل مع هذه المنطقة دون استثناء ونفذت مداهمات ليلية لدور المواطنين حيث تقوم بتدميرها واعتقال من تجده من الشباب والرجال واصبح الواقع فيها يقول بان لاتوجد عائلة في العامرية سلمت من مداهمة عناصر الحرس او القوات الامريكية ونتيجة لذلك اصبح الشرخ كبيرا بين مواطنيها وتلك القوات المعتدية .

يوما بعد يوم اصبحت سمعة العامرية ترتفع الى عنان السماء فاصبحت مثال للتصدي والتحدي والصمود والتضحية .

هنا نسال كيف اذن استطاعت قوات الاحتلال والحكومة العميلة ان تدخل وتفرض سيطرة وهمية على هذه المنطقة ؟

الشواهد تقول كان من ضمن تشكيلات المقاومة في العامرية تشكيلان احدهما يمثل الجيش الاسلامي والاخر يمثل تنظيم القاعدة كان هذان التشكيلان هما المتبقيان في ساحة العامرية بعد انسحاب بعض التشكيلات الاخرى احتجاجا على تصرفات تنظيم القاعدة وتعرضه للمواطنين الابرياء بحجة الطائفة او عدم الموالات لها وغيرها من الاسباب .. فبدا هنا الصراع بين الطرفين الا ان استطاعت القوات العميلة وقوات الاحتلال من اختراق بعض تشكيلات الجيش الاسلامي وتشكيل ما سمي ( بثوار العامرية أو الصحوة ) وساعدت على حصول الصدام العسكري والمباشر بينهما واندلعت معارك عنيفة في شوارع العامرية ادت الى مقتل عدد من عناصر الطرفين مع سيطرة عناصر الجيش الاسلامي على الموقف بمساعدة القوات الامريكية المحتلة وعناصر من الحرس الوثني وسلمت زمام الامن في المنطقة الى شخص يدعى ( ابو العبد ) كان هذا يعمل في استخبارات الجيش الاسلامي في العامرية ومن المهجرين اليها وهو شاب لايتجاوز الثلاثينات من عمره ساعدته على تشكيل مجموعة اطلقت على نفسها اسم ( ثوار العامرية ) تضم مجموعة من الشباب اغلبهم من العناصر المهجرة من خارج العامرية ومن العوائل التي سكنت فيها بعد تهجيرها من مناطقها الاصلية بعد الفتنة الطائفية التي افتعلها جيش المهدي الطائفي وهنا لابد من الاشارة الى ان العامرية لم يدخلها منذ الاحتلال عام 2003 والى عام 2008 اي عنصر من عناصر النظام العميل من ما يسمون بمغاوير الداخلية وقوات حفظ النظام الى حد هذا اليوم فقد كانت العامرية عصية عليهم وقد استطاعت ( عناصر الثوار ) ان يفرضوا سيطرة الى حد ما في منطقة العامرية باسناد من القوات الامريكية والقوات الحكومية العميلة من عناصر الحرس فقامت تلك القوات على عزل منطقة العامرية عن بقية المناطق المجاورة لها تماما فاغلقت منافذها الخمسة بالحواجز الكونكريتية الضخمة ومنعت دخول وخروج سيارات المواطنين اليها وحولت المنطقة الى سجن ( صغير ) لان السجن ( الكبير ) هو الوطن جميعا واقامت نقاط حراسة مشتركة ( بين الحرس والثوار ) في كل شارع وزقاق وشعر المواطن بنوع من ( الامان الكاذب ) لانهم يعرفون هذا ما هو الا خدعة وامن مؤقت وهش ولاننسى ماقام به الاعلام الدعائي التابع للحكومة العميلة والقوات المحتلة من ان العامرية اصبحت تحت السيطرة وان الامن استتب فيها وساهم في هذه النغمة النشاز مايسمى نفسه ناطق باسم عملية فرض القانون حيث قال بان العامرية تم تحريرها من ايدي الارهابيين والتكفيريين !!!! .

فماذا حدث بعد ذلك ؟

يسمع المواطن بين فترة واخرى بان عمليات قتل تجري هنا وهناك داخل العامرية حيث قتل المدعو اكرم الطيار رئيس المجلس البلدي وابنه وقبلها قتل عدد من افراد ( الصحوة ) مع عمليات تجري بسرقة دور المواطنين يقوم بها في وضح النهار مهاجمون مجهولون حيث يداهمون الدور نهارا ويسرقون الاموال والمصوغات الذهبية كل ذلك يجري والمواطنون يمنون انفسهم بان ذلك جرى بصورة فردية .

لكن المفاجئة حصلت قبل يومين عندما افاقت منطقة العامرية على اخبار يتداولها الناس بان عمليات قتل واختطاف لعدد كبير من المواطنين جرت وفي وقت واحد وقد قتل المواطن عامر جلوي ( لديه ورشة لعمل المفاتيح ) وقتل المواطن الشاب سيف العزاوي وقتل المواطن حارث وقتل الملازم انس خالد الجبوري وقتل الشيخ نصر المفرجي احد المقربين من ابو العبد وغيرهم تجاوز عددهم اكثر من ثمانية في يوم وليلة جرى كل ذلك بوجود المئات من عناصر ( الثوار ) ومثلهم من الحرس الوثني يسندهم عناصر من شرطة العامرية والقوات الامريكية ادى ذلك الوضع الى تازيم الموقف مجددا في العامرية واكد للناس بان الامان الكاذب قد انهار وتسائل الناس ان اولئك الذين اشرنا اليهم هم من يمسكون زمام الامور فيها وهم متواجدون في كل زقاق وشارع ومنافذ الدخول والخروج مغلقة بالكونكريت .

اذن من قتل هؤلاء ومن خطفهم هنا يبقى التساؤل مشروعا والامور تبقى مشرعة لكل احتمال الى ان ياتي اليوم الذي سيكشف فيه من قام بتلك الجرائم بحق اهل العامرية هذه المنطقة التي نكبت مرتين مرة في ملجاها وهذه المرة في الاحتلال المجرم .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس  /  28  صفر 1429 هـ   ***   الموافق  06 / أذار / 2008 م