بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

محرقة غزة للتسويق والترويج

 

 

 

 

 شبكة المنصور

 سامي الأخرس

 

ليس من عادتي أن أكتب مرتين في يوم واحد ، ولكن حجم الاستفزاز الذي شعرت به لم يترك لي هامش أن أفضل صامتا على هذه المعركة التي لا يمكن أن تُشبه سوي " بسوق المحرقة" التي فعلا تستغل للتسويق والترويج كلا لبضاعته الحزبية في الوقت الذي يستمر به العدو بشن غاراته وارتكاب مذابحه ومحرقته الفعلية على الأرض ، ويترك لهم التسوق والترويج عبر الفضائيات ، ولسان حالة يقول لهم استمروا بغبائكمم فلا تستحقوا أكثر من هذا . ومن ثم لا نجد سوي ان نبكي أين العرب ؟ وأين الأمة العربية ؟ هذه الأمة التي تسمع لما يقوله ساستنا فلا تعرف أين تقف وأين تتجه في حفلة التخوين والاتهامات المتبادلة ..الخ

استمتعت للمؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الاعلام الفلسطيني رياض المالكي ، فتوقعت ما حدث فعلا بداية الحفلة التي لم تتأخر بل كانت أسرع مما تصورت وتوقعت وسارعت الجزيرة الفضائية ممارسة حرفيتها المهنية الصحفية قبل أن يجف الدم ، وبدأت بقيادة زمام المعركة التي استمرت لعدة ساعات ووجهت مساراتها بدقة وحرفية تحسد عليها ، فما إن إنتهي المالكي من مؤتمره حتي بحثت عن منصور رضوان وآتت به من تحت الأرض والذي بدوره لم يقصر أو يدخر جهدا في دفاعه ، والانتقال من الدفاع إلي الهجوم ، وكان علي النافذة الأخري جبريل الرجوب ينتظر عبر الأثير ليأخذ حصته في حفلة الردح المتكاملة ، ولم يشفع الاتهام والرد علي الاتهام بل سارع مسؤول المكتب السياسي لحركة حماس من دمشق بعقد مؤتمر صحفي مادته الرد علي الجميع داخليا وخارجيا ، فخرجنا كما دخلنا .

ثلاثة ايام والمحرقة مشتعلة تحت أقدام أهل غزة ، وللعلم وحتى يعرف المواطن العربي من هم سكان غزة وأهلها فهم مزيج من الشعب الفلسطيني منهم اللاجئ من ترك الديار ومنهم المواطن الذي بقي في غزة ، والتجمع الاجتماعي الأهم هو الاسرة الفلسطينية التي تدك بمدافع الدبابات وصواريخ الطائرات التي تسقط في وسط الأسرة التي تجد بها الحمساوي والفتحاوي وابن الجهاد وابن الشعبية مشتركين طبق واحد ، ولقمة واحدة ، ولم أشاهد أو أسمع من قال أن الصاروخ ميز بين أخ فتحاوي وآخر حمساوي والعكس صحيح ، ولم يقال أن لابرعي قتل في سريره لانه حمساوي أو فتحاوي لأنه لم يبلغ العام بعد ، فالتمييز لا يتم سوي من ابطال المؤتمرات الفضائية الذين لم يجدوا في المحرقة سوي الردود على بعضهم البعض ، مولد وصاحبه غايب ، ولكن هذه المرة صاحبه حاضر وهو قادتنا حفظهم اللله ورعاهم ، الذين ختمت بهم الجزيرة حفلة توزيع الهدايا عبر الناطق باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ، أنور رجا الذي أخرج كل ما في جعبته من خبرات سياسية وخطابية واعلاميه ، فتناثرت ثورته الخطابية وأصابت الكل بلا رحمة .

الضحية هو المواطن الفلسطيني الذي أصبح لا يميز من هو عدوه الحقيقي ، فهل يقاتل العدو الصهيوني الذي لم يعرف سواه عدوا سوي في العام 2007 ، أم يقاتل الرئيس ابو مازن الذي لقب برئيس المنطقة الخضراء حسب منصور رضوان ، أم يقاتل حركة حماس الانقلابية حسب تصريحات المالكي ، أم يقاتل الزعماء العرب حسب تصريحات أنور رجا ، من نقاتل ؟ ومن هو عدونا؟

وينطبق على المواطن العربي ما ينطبق على المواطن العربي الذي اصبح عاجزا عن التمييز من هو العدو الحقيقي ، واين يصطف هل يصطف مع الشعب الفلسطيني الذي يقتل ويحرق ، أم مع تصنيفات فصائله وقواه المقاتلة ، وقادته؟

حالة معقدة التي ندور في فلكها ، عنوانها مراهقة وطنية بشخوص فرضت علينا كقادة كلا يتباري بالحديث باسم الشعب الفلسطيني ، وينصب نفسه وليا ووصيا على الشعب الفلسطيني الذي اصبح يطحن تحت محرقة العدو الصهيوني ومحرقة الفضائيات وأثيرها الاعلامي.

وسأقتبس كلمات من أنور رجا الذي كان غاضبا وخشيت عليه من حجم الغضب الذي كان واضحا عليه ومن حديثه متسائلا عن الذين يطالبون بالوحدة الوطنية مستهجنا ذلك وكأنهم كفروا ، واقترفوا جريمة نكراء ، وأسأله ماذا تريد أيها الصنديد ؟ هل تريد أن ندير معركتنا عبر المنابر الفضائية والتخوين ؟ وهل نرد علي محرقة غزة بالاتهامات ، ونترك الضفة تبتلع من الاستيطان والحصار كذلك لاشباع رغباتكم الفلسفية الخطابية الكريمة.

كفوا حناجركم عن هذا الشعب فلم تستطيعوا قيادة قطيع معيز وأنتم بهذه الحالة ، فكيف لكم أن تقودوا شعب عظيم مثل الشعب الفلسطيني؟ فأنتم جميعا لا تختلفوا عن قادة العرب تشبعونا لطما ببعضكم ، ولا تختلفوا عن قادة العراق الذين يجدوا بدم العراقيين سبيلا للوصول للسلطة ، فمن شابه أخاه ما ظلم .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاثنين  /  25  صفر 1429 هـ   ***   الموافق  03 / أذار / 2008 م