بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

الرد علي مذبحة غزة

 

 

 شبكة المنصور

 سامي الأخرس

 

دائماً وكعادتنا نحتاج لمذبحة أو مآساة حتى نتذكر إننا أمام عدو لا يتورع عن قتلنا والتمتع بدماءنا وهي تنزف ، وجثامين أبنائنا وشعبنا الممزقة ، وبيوتنا المدمرة ، وزرعنا المقتلع ، هذا هو عدونا ، وهذا هو ما يصبو إليه ويريده لنا منذ أن جثم على أرضنا ، وصدورنا ، واستولي على بحرنا ، وأرضنا ، وسمائنا، وإرادتنا.

غزة تعيش أجواء المذبحة ، الشهداء يتساقطون ، والجرحي ينزفون ، والثكالي تودع أبناءها بالدموع والآلام ، والرجال تترقب القادم ، ومعشر الكتاب وجدوا بالمذبحة فرصة لاستعراض العضلات الثورية ، وشحذ الهمم وكلاً نهض من قمقمه ، وأخرج رأسه من خندقه الحزبي ليتذكر إننا تحت رحمة عدو لا زال يمارس كل فنون الهمجية ضد شعب محاصر فقير ، يفترسه الألم ، مشتت ، ممزق الأرض والأوصال والوجدان.

قبل عدة أيام تناولت مقال بعنوان " أيها الفلسطيني الغبي" نلت ما نلت منه من قذف واتهامات ، ولعنات ، وهناك من فرد عضلاته الوطنية ، وتمترس خلف قلبه الأعمى الذي لا يري سوي لغة المثقف السيئ المترجز الذي لا يعنيه من قاموس الألم والثورة والمقاومة سوي التلاعب بالألفاظ ، وهناك من حذفوا المقال من صحفهم وآخرون من رفضوا نشره ، يخدعون أنفسهم ، ويعبرون عن غرورهم الثقافي المتبرجز ، والسبب أن المقال تناول الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني وذكر هؤلاء أننا لازلنا تحت احتلال ، أخذتهم العزة ونسوا الكرامة.

ارتكب العدو مذبحته بغزة وكان من بين الشهداء نجل القيادي في حماس محمود الزهار "حسام" وسقط مع من سقطوا من شهدائنا العظماء ، فسارع القادة لتقديم واجب العزاء للقيادي محمود الزهار سواء الرئيس محمود عباس ، أو رئيس الوزراء ، أو أعضاء المجلس التشريعي وقادة فتح ، وهنا بيت القصيد ، هل أدرك هؤلاء جميعا أن هذا العدو هو عدونا جميعاً ؟ وأن من قتل الياسين هو من قتل عرفات ؟ وإنهم جميعا سواسية أمام المخراز الصهيوني وأله موته الهمجية ؟ ربما كلمات العزاء بمنظور البعض بسيطة وتأتي من باب المجاملات الاجتماعية ، ولكنها من منظورنا فهي أكبر من كل الكلمات ، فهي الرسالة التي نرد أن تصل لهؤلاء في غزة ورام الله ، الرسالة التي غضوا النظر عنها ومارسوا القتل والموت ، والاعتقال ، والحظر وكل معاني الجريمة وأركانها ضد شبابنا وشعبنا ، فسلاحنا ليست صواريخنا ، و بنادقنا ، سلاحنا وحدتنا ، وردنا علي هذا العدو وحدتنا ، وحماية شعبنا بهذه الوحدة ، والحفاظ علي قضيتنا التي داستها أقدام العسكر المتناحر علي الغنائم المسمومة .

إن ما شهدته غزة من اعتقالات وقتل ومداهمات وكذلك رام الله هو الدافع لهذا العدو أن يمارس هوايته بنا وبشعبنا وبقضيتنا من قتل ، وممارسات همجية بربرية ، مستغلا سذاجه هؤلاء الذين يبحثوا عن سلطان في أرض مسلوبة ، وسماء محتله ، وبحر مستباح .

فلو علم "حسام" وأدرك أن دماءه الزكية ستكون قربان إلتقاء ووحده لهب إلي الشهادة منذ أن بدأت البندقية تقول كلمتها بين الأشقاء ، ولتضرع لله أن يكون فداءً لهذه الوحدة ، وقدم روحه محفوفة بعطر فلسطين هدية لأهلها وقادتها وأحزابها .

نعم استشهد "حسام" وذهب لحيث شاء وأختار درب العظماء ، ولكنه لا زال يترقب لحظة الزفاف الحقيقية ، يترقب ماذا سيفعل قادة شعبه ؟ من حملوا الأمانة بأعناقهم ، ومن سيُسألون عنها أمام الله وشعبهم ، ومن سيدون التاريخ عنهم شهادته .

إذ وحدتكم دماء "حسام" ألا توحدكم دماء شعب يُقتل يومياً ، ويذبح ، ويحاصر ويشتت؟!

ورغم ذلك لا زال فينا من يسترزق من دمائنا ، ويحمل توافه الفكر والعقل والأفكار ، أولئك من وجدوا بفتنة فلسطين سوقا لترويج خزعبلاتهم ، وأرضا يصدرون بها أزماتهم النفسية ، ليدسوا السم لأبنائنا علي صفحات الصحف والمجلات ، فتارة يتحفونا باسم الإسلام ، وأخري باسم المقاومة ، وينوعوا لنا من أمراضهم النفسية ما يأمروا به من أسياد المال ، فمنهم من صنفنا ، ومنهم من منحنا شهادة البراءة والطهارة ، وآخرون من وزع علينا لقب شريف ، وعميل ، واستحضر من جعبته الخاوية كل المصطلحات التي لُقن بها .

ولهؤلاء كلمة واحدة " فلسطين باقية ، بوحدتها ، بأهلها ، بأمتها ، أما أنتم ذاهبون ، تلعنكم كل الكلمات والحروف ، ذاهبون ومصيركم الجحيم ، سمومكم سترتد إلي أعناقكم ، فان أردتم الاسترزاق فأذهبوا بعيدا سماؤُنا لن تدوم لكروشكم ، وأرضنا لن تكون مستنقع لخيباتكم وأزماتكم "

فلتوحدنا دماء الشهداء ... ولتوحدنا مذابح الاحتلال ... ولا عزاء للتعساء

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة / 10 محـــــرم 1429 هـ الموافق  18 / كانون الثاني / 2008 م