بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

ما الجديد في غزة؟!

 

 

 شبكة المنصور

 سامي الأخرس

 

للوهلة الأولى وأنا أقرأ ,واستمع,وأشاهد هذه الثورة البطولية,والنخوة الطاغية,والعواطف المصحوبة بالدموع والدعاء,وصرخات عم صداها أرجاء فلسطين والبلاد العربية,وانبرت الأقلام وتلألأت صفحات الصحف ،وازدانت الفضائيات,وخرجت المسيرات,الكل يبكيكِ يا غزة..شعرت وكأني أعيش في كوكب آخر,أو بالأدق أعيش في غزة لوحدي,غزة كانت تنعم بكل مقومات الحياة وفجأة أصبحت قاحلة,محاصرة,تعيش في الظلام,تُرتكب فيها المذابح والمجازر,أهلها طحنهم الجوع والعطش والمرض والوباء.
فجأة وبلا مقدمات نظرت حولي متسائلاً ماذا حدث؟!

مدير عمليات وكالة الغوث الدولية خرج من قمقمه,قادة الفصائل بدأوا بالإستغاثة,فصائلنا المسلحة تهدد بفتح الحدود,شعبنا يخرج بمسيرات شموع,مثقفينا سنوا أقلامهم,فضائياتنا قطعت برامجها وبدأت بالدعاء...ماذا حدث جديد؟؟؟

سؤال سألته لنفسي ولبعض من كتبوا بحزن وشجون عن غزة خلال اليومين السابقين .

ماذا حدث جديد؟؟؟

دائماً وربما لايتفق معي الجميع,ولقناعاتي الراسخة فنحن شعوب وعقول تابعة,ننساق للإعلام,ويتلاعب بنا كل من أراد تحقيق أهداف وأغراض خاصة,يثيرنا,ويحرضنا,ويتلاعب بنا..

أيها السادة الكرام,تأملوا غزة منذ عشرات السنين,وراجعوا تأريخها ومسيرتها او حياتها,وحياة أهلها .

غزة ومنذ الإحتلال تعيش بحالة بؤس وشقاء سواء إقتصادياً او سياسياً او إجتماعياً,غزة تموت يومياً تحت فعل القتل الصهيوني,والحصار الإقتصادي,وتجاهل الآخرين لها سواء ذوي القربى العرب,أو قادتها وفصائلها,غزة التي عاث فيها الفساد,ونهبت خيراتها,غزة التي سجن وعذب أبنائها في سجون الإحتلال,غزة المكتظة بمخيمات اللاجئين.

هي غزة التي عاشت فساد السلطة.وهي غزة التي غرقت بالبطالة,والفقر,والمحسوبية.

هي غزة التي دمرتها الطائرات والدبابات الصهيونية. هي غزة التي حرقتها بنادق المتقاتلين من أهلها. هي غزة التي قصم ظهرها االفلتان الأمني.هي غزة التي صنف أهلها حسب الهوية الحزبية. هي غزة التي لا تجد من يمد لك يد العون سوى إن إنتميت للون من ألوانها.هي غزة التي دمر أبنائها مؤسساتها ومقوماتها.هي غزة التي تم حصارها منذ عامين بلا كهرباء ولاماء ولا دواء.هي غزة التي انفصلت عن الجسد السياسي الفلسطيني بفعل الفتنة.هي غزة التي تستغيث منذ أن أصبح أهلها يدفنون أبنائهم بفعل القتل بكل انواعه.هي غزة التي يموت مرضاها بسبب نقص الدواء والمقومات الصحية.هي غزة التي تعيش في سجن مغلق.

هذه هي غزة.

فماذا حدث جديد؟ لينزل الوحي الرباني على الجميع ؟! يبكي,يستغيث,يولول,يتوجه لله ضارعاً خاشعاً بالفرج,وكأن حصار غزة وقتلها حدث بالأمس.!!!

لا ألوم هذه الحالة او عاصفة التضامن التي هبت فجأءة مع غزة. ولكن, اللوم يأتي من باب استعراض العضلات في الإعلام وكأن غزة الآن تموت.!!!

يبدو فعلاً إننا لن نتغير,وأن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم,وبما أننا نرفض ان نغير أنفسنا,فإن الله لن يغيرنا,وسنبقى أسرى لوسائل الإعلام تقودنا حيثما شاءت وكيفما أرادت.

فغزة دوماً بحاجة لكم,وغزة تموت منذ زمن أيها السادة,بعيداً عن صدى الصوت,بعيداً عن التسيس لبعض الأغراض والأهداف..

فمن منكم عرف غزة سابقاً دون هذه الحالة فليعلمني؟!

ولك الله يـا غزة. ولكم الله يـا أهل غزة..

 

 

 

 

شبكة المنصور

الثلاثاء / 14 محـــــرم 1429 هـ الموافق  22 / كانون الثاني / 2008 م