بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

هل حقا لا يعلم "هيكل" ؟

 

 

 

 

  شبكة المنصور

 طالب المذخور /  كاتب من الأحواز

 

محمد حسنين هيكل يُعتبر بحق ثروة عربية، ولا أظن أن أحدا يغبنه حقه وقيمته السياسية والصحفية. إلا أن الرجل وبأفضل تقدير لايعلم بعض الحقائق أو هكذا يسوّغ لي أعتزازي وتقديري له أن أقول بأنه لا يعلم، رغم أن تبريري هذا غير منطقي بالنسبة لكل من يعرف هيكل ويقرأ لهيكل، خصوصاً وهو ليس ببعيد عن حقيقة ما تسمّى بالدولة الإيرانية سواء في زمن الملكية أو في زمن حكومة العمائم. فهو أجرى لقاء مع شاه إيران في عام 1975م ومن ثم بعد ذلك قابل الخميني وتحدث معه وأصدر كتابه الشهير (مدافع آيات الله).

ومن خلال البرنامج الخاص التي تبثه قناة الجزيرة للسيد هيكل والذي يتابعه بحسب تقديري الملايين من المشاهدين بمن فيهم رؤساء الدول، تطرّق هيكل لمسألة نراها من وجهة النظر الاحوازية العربية أمراً خطيراً للغاية.

ويعرف هيكل القضية الأحوازية حق المعرفة ويعلم أن إيران احتلت هذه الدولة العربية منذ عام 1925م، وقد التقى السيد هيكل زعماء جبهة تحرير عربستان في عام 1967 وعام 1968م على التوالي خلال مؤتمر المحامين العرب، واللذان عقدا في مصر أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وحينها كان السيد هيكل وزير للإعلام في مصر وهو يتحلى بذاكرة ربما فريدة من نوعها.

والسيد هيكل يعلم أيضا أن جمال عبد الناصر أعاد للأحواز حقها الطبيعي على العرب حينما وضع خارطتها الجغرافية ضمن خارطة الوطن العربي.

الغريب أن السيد هيكل أستهجن، ولكن بصيغة الرجل المهذب، حينما ذكر أسم مسؤول عربي قال مصرحا أن امريكا أعطتنا(تطمينات) قبل مؤتمر انابوليس، ولكنه،أي السيد هيكل،قال بنبرة من يريد تأكيد صحة نظريته: "إن الخميني أعطاه (تطمينات) حول نيته جعل اللغة العربية هي اللغة الثانية في البلاد"، بينما يحرم الأحوازيين من مدرسة عربية واحدة ليومنا هذا، ومن الواضح أن هذا تناقض كبير جدا في تفسير مفهوم (التطيمنات الايرانية) وبين (التطمينات الأمريكية). فمن جهة تعتبر(التطمينات) هي حرام من وجهة نظر السيد هيكل، ومن جهة أخرى فهي حلال من جهته ايضا.

كما أعتقد ان من حقنا أن نسأل السيد هيكل، هل أن إيران أعطته (تطمينات) بأن لا مشروع توسعي لديها في المنطقة العربية وأن سلاحها النووي موجه بشكل خاص وعام ضد إسرائيل فقط ، وإن ما تقوم به في العراق هو لمصلحة الامن القومي العربي؟.

ثم يا سيد هيكل، هل يُعقل أن يتحدث إنسان عن مصادرة حق شعب في الحياة وهو شعب عربي يرزح تحت نير الإحتلال الفارسي؟.

قال السيد هيكل أنه مع حق تقرير المصير في السودان وانه قسّم السودان إلى أربعة مناطق جغرافية وسياسية مختلفة عن بعضها البعض، ولكن الغريب في الأمر بأنه لا يعترف بحق تقرير المصير لشعوب غير الفارسية والتي يحتل الفرس أراضيهم منذ عقود ومن ضمنهم أخوة عرب أحوازيين لهيكل في قطر الأحواز المحتل!!.

الغريب في الامر عندما تتحول نظرية الامن القومي العربي إلى نظرية تبديد الامن القومي العربي،هذا إذا اعتبرنا أن الإنسان العربي هو أساس لهذه النظرية، وهو كذلك،وإلا كيف تستقيم هذه النظرية فيما إذا تنازلنا طوعاً عن أراضينا وشعوبنا العربية للأجنبي الغازي.

فالسيد هيكل يعلم بإحتلال الاحواز كما يعلم بإحتلال لواء الإسكندرونة،ومع ذلك فهو يشرعن الإحتلال للاجنبي بحجة أحتلال آخر وهو أحتلال فلسطين،وهذه ظاهرة موغلة في الخطورة في فهم نظرية الامن القومي العربي،فيما إذا اتفقنا أن عملية الإحتلال ترتكز اساساً على الممارسة العنصرية وثقافة تاريخية أستبدادية ومشروع يهدد أمن الامة بأكملها،الأمر الذي يجعلنا نستنتج بأن السيد هيكل،إما أنه لا يعير إهتماما لحدود الأمن القومي الفارسي،أو انه لا يضع في حساباته الإستراتيجية الأمن القومي الفارسي المتصادم المهدد المتوسع على حساب الأمن القومي العربي؟

وإلا فان طرح السيد هيكل قد يتضمن إيضا وضع إسرائيل من ضمن حزام الامن القومي العربي مع باكستان والتي لانعترض عليها،وإيران وتركيا !!!. فما عدى باكستان فبقية الدول تحتل أراضي وشعوب عربية،وما يُفرض حول إيران وتركيا ينعكس على أسرائيل أيضا.

فإذا كانت، وهي كذلك، أمريكا وإسرائيل تهددان الأمن القومي العربي، فتركيا فيها أكبر قاعدة (أنجرليك)الأمريكية على حدودنا،وليس صحيحاً بأي المعايير،الإستراتيجية والتكتيكية، أن نبني أمننا القومي العربي على أساس أنظمة تحكم دول، فهي قابلة للتغيير في أي وقت، بل أن نظرية الامن القومي تبنى على أساس طبائع الشعوب،فاحتلال الأحواز العربية لم يتغير بتغير النظام في إيران لأنه،أي الإحتلال،وببساطة كان نتيجة طبيعة شعب فارسي عدواني وعنصري وتوسعي تجاه الآخرين وليس طبيعة نظام محدد لهذه الدولة.

فنتذكر مقولة هنري كيسنجر حينما قال بما معناه (أن العرب أعداء لنا، ولكن الفرس سيعودون كما كانوا أصدقاء لنا).. هذا رجل يعرف تماماً كيف تصاغ نظرية الامن القومي والستراتيجية.

والفرس كونهم يحتلون أجزاءً من الوطن العربي،منها:الأحواز ـ الجزر الإماراتية الثلاث ـ العراق، فهم لايختلفون عن إسرائيل أو تركيا بشيء من ناحية الجوهر والممارسة، فجرائم الفرس البشعة لاتقل عن بشاعة الجرائم التي ترتكبها إسرائيل الصهيونية بحق أهلنا الفلسطينيين، ولكن جرائم إسرائيل تتم تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي وجرائم الفرس تتم في دهاليز المعتقلات وبعيدا عن أعين الإعلام.

وليس هناك في الدنيا إحتلال محمود وإحتلال مذموم،وليس له ألوان تميزه عن بعضه إلا في الممارسة حيث يتسابق المحتلون في إجتهاداتهم بكيفية القمع الوحشي والتقتيل والتهجير القسري وغيرها من الجرائم.

وأرى أن السيد هيكل ينظر إلى المشهد العربي من زاوية واحدة وهي الخطر الأسرائيلي والامريكي ويقيس على هذا الأساس ـ وهذه للأسف الشديد أصبحت عقدة الفكر العربي ويبدو إننا غير قادرون على كيفية مواجهتها إلا بالهروب منهاـ،ولكن هذه الزاوية لاتعطينا مشهداً كاملاً بل جزء من مشهد غير متكامل.

فلدينا نحن الاحوازيين الحق في نقطتين هامتين للغاية تتعلقان بالامن القومي العربي ، وهما:

الأول ... لا أمن قومي عربي بدون تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة، ولا فرق بين فلسطين والاحواز وغيرها من الأراضي العربية المحتلة.

الثاني ... إذا أراد العرب أن يعرفوا حقيقة الفرس ومشروعهم وحدود أمنهم القومي الفارسي، فعليهم بجهينة الأحوازي فلديه الخبر اليقين .

ومن المؤسف جدا ان تنبري قناة كقناة الجزيرة لتلميع صورة إيران وتتغاضى عن إحتلالها للأحواز،فنحن نخشى يوما أن تتحول القناة إلى تلميع صورة إسرائيل أيضا.

فيا أيها السيد المبجل "هيكل" أن هناك جرحاً نازفاً في خاصرة أمتك العربية فإن لم تستطع معالجة الجرح النازف،فبأقل تقدير حاول أن توقف النزيف،فالدم عربيٌ في فلسطين والاحواز.

ولكِ الله يا أمة العرب.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  /  05  صفر 1429 هـ الموافق  12 / شبـــاط / 2008 م