الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

كلمة حزب البعث العربي الاشتراكي في تونس

معركتنا مع الاستعمار قديمة متجددة
والمقاومة الموحدة هي الضمانة الأقوى للتحرر والوحدة

 

 

شبكة المنصور

 

 

إن كان هناك من ذكرى فهي التذكير بأن لا بديل عن وحدة الجهاد لطرد الاحتلال واجتثاث مرتكزاته وإفرازاته. وإن كان هناك ما يستحق الاحتفاء به فهو انبعاث العراق المقاوم من تحت أنقاض الدمار التي أحدثها الغزاة والمتعاونين معهم وأرادوها عقابا شاملا لشعب العراق وفتكا وحشيا بعوامل وحدته وقوته فلم يبقوا للحياة سببا ولا مرفقا. وما لم يدركه المعتدون المجرمون أن إرادة الشعوب الراسخة جذورها في التاريخ والأرض والقائم إيمانها على الحرية والعدل والتوحيد لا تكسر إرادتها مهما كانت وحشية العدوان والغدر بل قد تجد في ذلك الدافع الأقوى لاستعادة الوعي وقوة الإيمان وتفعيل الإرادة للرد على المصائب. ها هي المقاومة العراقية الباسلة بجميع فصائلها للسنة الخامسة على التوالي وبكل صبر وثبات تقود معركة الأمة على أعدائها مجتمعين. وهي بكل المقاييس معركة أصيلة بقدر أصالة الأمة العربية وعراقتها وإنسانيتها: أصيلة في أسلوبها، في مقوماتها وفي أهدافها وآفاقها. وفوق ذلك فهي بكل المقاييس المعركة الحاسمة التي ستضع الأمة والإنسانية على طريق النصر والأعداء على طريق الهزيمة المذلة.

لقد اقتضت الضرورة المباشرة في قضم الأصابع والأطراف لكشف المستور من تراكمات الاستعمار وامتداداته وتغلغله حتى العظم وإزالة الغشاوة عن العيون. وفي المقابل لم يعد الاعتماد على الأذناب مجديا لتطويق قلعة الصمود والحرّية والثورة فكان لابد من المغامرة بالرأس للانقضاض على ثورة العروبة في العراق. فليس مجانيا أن يجتمع كل الغرب الإمبريالي المتصهين وأذنابه ورقيقه من التابعين الأذلاء والطامعين بالحسنة وفيالق الغدر الأسود بقيادة زعيمة الشر الإمبريالي على العراق. وليس مجانيا كذلك أن يعلن العراق المجد والشموخ والكرامة بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي وبقيادة البطل المجاهد والشهيد صدام حسين المجيد المواجهة الشاملة من حيث العناوين والرموز ومن حيث المضامين والغايات الإنسانية. لذلك نقول لغربان الشؤم وخفافيش الظلام أنه يحق لنا نعتها بأم المعارك لأنها معركة تحرر وكرامة تقتضي التحدي والبناء الثوري المستمر لأن مطامع أعداء الأمة كثيرة وعدوانهم لا حدود له لا في الزمان ولا في المكان ولم يكن ذلك غير تعبير عن خوف من انبعاث الأمة وامتلاك اقتدارها على قطع الطريق أمام الغزاة والساعين إلى سلب إرادتها ونهب خيراتها.

فعلى غرار عاصفة الصحراء فإن الصدمة والترويع ليست إلا عنوانا كبيرا للتغطية على حجم الفزع الإمبريالي الصهيوني ومدى خوفه على مصالحه ورجع الصدى لحقده وعنصريته ووحشيته. وفي المقابل فإن معركة الحواسم هي سليلة أم المعارك واستكمال لمسيرة الثورة العربية في مواجهة المشاريع الاستعمارية من سايكس/بيكو ووعد بلفور واحتلال فلسطين وتجزئة الأمة واستغلال ثرواتها وتبديد طاقاتها. ففي معركة الدفاع عن مصالح الأمة وحقها في التحرر والنهضة وفي الهجوم المضاد على دعاوي الاستعمار وأباطيله وزيف النظام الدولي وشعاراته وظلم وانحياز مؤسساته ومنظماته التي لازال يتعلل ويحتمي بها الخانعون المهزومون من الأنظمة والقوى الرجعية العميلة التي لا تقدر على النجاح إلا بحضور سيدها وراعيها وهي أيضا التجسيد الميداني الحي لهزيمة الغرب في العراق.

ورغم حجم الأذى والتدمير المنهجي الحاقد الذي يتحمله العراق العظيم فإن العنوان الرئيسي لهذه المعركة هو إنصاف البعث العربي الاشتراكي الذي سيحسب له السبق التاريخي في توريط كل أعداء الأمة المعيقين لنهضتها تباعا في مستنقع الانهيار والعار. فبالاعتماد على منهجه العلمي في التحليل والاستشراف أمكن له الوقوف على العلل والأمراض وعلى طبيعة التحديات وعلى عمق التناقضات الجوهرية بين قوى النهوض التي تضع الأمة في المسار الصحيح للتاريخ وبين القوى الرجعية المعادية لتطلعات الشعوب وللقيم الإنسانية النبيلة. وفي سياق التزامه المبدئي الصريح بقضايا الأمة، نجح حزب البعث العربي الاشتراكي وقيادته التاريخية في ما حققه من انجازات ثورية ضخمة وفي رسم معالم الإشعاع الثوري والحضاري وفي معركة التحدي الكبير، معركة البناء والجهاد، وفي مواجهة المؤامرات والدسائس وأخيرا في جر الأفعى الإمبريالية إلى ساحة المواجهة المعلنة والمكشوفة.

إن المسيرة النضالية الطويلة والمريرة التي خاضتها الأمة العربية في مواجهة قوى البغي والاستعمار والاستكبار العالمي، تمنح المقاومة العراقية الباسلة الاستحقاق التاريخي المشرف والمكانة الطلائعية وتؤهلها اليوم بقيادة حزب الثورة العربية لاستكمال حلقات الصراع وخوض معركة الجهاد المقدس وفتح كل صفحات الحساب المؤسس والمحدد لمستقبل الأمة والإنسانية.

إنه الحساب مع كل مخلفات وأثار الاستعمار ووهن المرتبطين به والمحتمين بالتجزئة والتشرذم. فهي معركة الإرادة الوطنية على الروح الطائفية والنزعة العرقية البغيضة، وهي معركة التحرر الوطني والقومي الشامل في مواجهة الإمبريالية والصهيونية وقوى الردة والرجعية القطرية، وهي حرب الفقراء على قوى الاحتكار والنهب والتبديد المنهجي لطاقات الأمة، وهي معركة النهوض القومي في مواجهة قوى الشد للحضيض، وهي كذلك معركة الحضارة والإنسانية في مواجهة التوحش والبربرية. وهي باختصار رسالة الأمة العربية التي تصوغها المقاومة العراقية المسلحة بدمها والفعل الجهادي المؤسس والباني للنموذج الوطني والقومي الحضاري والإنساني الأصيل.

و في نفس هذا السياق الممانع والمقاوم والجهادي، نعلن بكل وضوح لهؤلاء الذين أخضعوا عقولهم للقياسات المادية والحسابات المصلحية الانتهازية واستهواهم التغول الاستعماري الإمبريالي أن كل من يضع يده في يد أعداء الأمة فهو عدوها وعدو الإنسانية الأول مهما كانت ذرائعه ومبرراته. وأن الوضع المأزوم والمآزق الخانقة التي تردت فيها حكومة وقوى المنطقة الخضراء المستقوية بالاحتلال ليست إلا المقدمة للهزيمة الماحقة التي ستحيق في يوم قريب بكل الخونة والعملاء المتباكين على الديمقراطية وحقوق الإنسان على طريقة رعاة البقر. وإلى هؤلاء الذين أوعزت الانتهازية قلوبهم بالحقد إلى الحد الذي أعمى بصيرتهم نكرر القول أن النصر في مثل هذه المعارك الكبرى المفتوحة على كل الواجهات لم ولن يكون إلا للموقف الوطني والقومي والإنساني النبيل في مواجهة الفعل العدواني الشرير. وكم من فئة قليلة شعارها وحاديها الحق غلبت فئة كثيرة باغية أغوتها حسابات القوة المادية. وعلى هذا المنوال يقف رجال المقاومة العراقية شامخين شموخ المؤمنين برسالتهم التاريخية والإنسانية والأوفياء بانتمائهم إلى عروبتهم ووطنيتهم الخالصة. يجاهدون بكل نخوة وعزة لطرد الاحتلال وتحرير وطنهم واستعادة سيادته ووحدته فيزدادون رفعة ويزداد الخونة خزيا ومذلة وينال الاحتلال شر ما فعل وأضمر ليحصد لعنة التاريخ والشعوب ومرارة الهزيمة. فحيا الله فصائل المقاومة وكلل جهاد المقاومين بالنصر المبين ووفق الله شيخ المجاهدين وقائد الجهاد والتحرير عزة إبراهيم الدوري وخيب الله مسعى العملاء والمتآمرين والحاقدين الصفويين.

 

كلمة البعث، تونس في 20 مارس/ آذار 2008

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                              الاحد  /  13  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  20 /  نيســـــــان / 2008 م