بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

المواجهة التأريخية بين العراق والولايات المتحدة
المحطة الخامسة : حرب الكذب والحقد والانتقام

الحلقة الخامسة

 

 

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

20 آذار 2008

كان عنوان المحطة الاولى هو خيوط المؤامرة التي بدات منذ العهد الاستعماري البريطاني القديم للعراق مرورا بافرازات حرب حزيران عام 1967 وكيف جعلت  ثورة 17 تموز 1968 شكل التآمر يتطور وتتنوع أساليبه التي امتدت لتصل الى غزو واحتلال العراق الغير شرعي والغير قانوني في آذار 2003. 

المحطة الثانية كانت بعنوان العدوان الثلاثيني وتجلي النصر العراقي ..وكيف كانت هجمة الاعداء الموغلة بالحقد والأذى..وبرغم ذلك على العراقيون ان يتذكروا وعليهم ان يفخروا ولاينسوا صمودهم وانتصاراتهم في هذه المواجهة التاريخية..عندما تصدت مقاتلاتنا وصقور الجو الابطال للموجات الكبيرة من الطائرات الامريكية المتطورة وكيف دارت معارك الاشتباكات الجوية على حدود وسماء العراق..وكيف اسقط الصقور العراقيون المئات من هذه الطائرات قبل وصولها الى اهدافها .. وكيف نفذ سلاح الصواريخ ارض-أرض  ضربات الحق والدمار في عمق اسرائيل وتل ابيب وعلى قطعات وتجمعات ومراكز قيادة ومعسكرات العدو الامريكي في عمق الاراضي الكويتية والسعودية.. ولنذكر معركة الخفجي..وابداع وبطولة رجال الدفاع الجوي الابطال و بطولات قواتنا المدرعة والمشاة والقوات الخاصة والمدفعية في الجيش العراقي والحرس الجمهوري والحرس الخاص وقواتنا البحرية الشجاعة.. وعلينا ان لا ننسى كيف التحم الشعب مع القيادة وساندها ودعمها في هذا الظرف الصعب عندما انتصرنا على الفتنة.. واعدنا بناء العراق. 

والمحطة الثالثة كانت عن تطور المواجهة التي بدأت سياسية  مستمرة وديناميكية وتحولت من غير مباشرة الى عسكرية مباشرة لتتخذ بعدها صفة مواجهة العصر التأريخية والكونية. 

وتناولت المحطة الرابعة التحضير لبناء المقاومة الوطنية العراقية قبل الحرب  حيث تدارست القيادة في العراق خيارات المواجهة العسكرية والمنازلة المرتقبة.. وفي كل سيناريو كان هنالك دوما تفهم لدى قيادة الحزب والثورة والقيادة السياسية العراقية لضرورة الاسراع بالمباشرة والشروع ببناء المقاومة الوطنية العراقية التي يقودها حزب البعث العربي الاشتراكي..وهكذا بدات الخطوات الاولى لتشكيل نواة المقاومة العراقية من خلال تامين كل متطلباتها.. وجرى التأكيد خلال كل الفترات اللاحقة على الالتزام بثوابت اساسية ومهمة أهمها ان انطلاق وبقاء استمرارية المقاومة الوطنية العراقية مرهون ببقاء المحتل الغير شرعي وطالما كان هناك احتلال وبأي صيغة وعلى أي جزء من ارض العراق وبغض النظر عن القرارات الأممية اللاحقة للاحتلال..وان هدف المقاومة الوطنية العراقية الاساسي هو تحرير العراق.

حرب الكذب والحقد والانتقام 

بعد ثماني سنوات طوال في حرب شرسة وشاملة لصد الهجمة الحاقدة الصفراء القادمة من قم وطهران واستمرار البعض من خونة الامة بالضغط على العراق ومحاولة كسر ارادته مستخدمين سلاح النفط الذي طالما استخدمه العراق كسلاح بيد الامة لمواجهة اعدائها حيث أدى ذلك الى قيام الولايات المتحدة بالظهور بشكل مباشر في المواجهة لتقوم بعدوانها الثلاثيني الغادر والمدمر على العراق..وبعد حرب امريكية شاملة لم تترك شيء متحرك وساكن على ارض العراق لم تستهدفه والتي أعقبها حصار ظالم وجائر استمر ثلاثة عشر عاما والعراق يواجه أعتى طاغوت متجبر هدفه تدمير العراق وتحجيم دوره العربي والاقليمي والعالمي ..استمرت الولايات المتحدة في مخططها الرامي لاسقاط النظام العراقي الوطني بعد سنوات طويلة من الانهاك والتدمير والحصار وشراء ذمم الكثيرين من قادة وامراء النفط العرب ومن دول العالم اللاهثة وراء الدولار الامريكي والذين خضعوا بخنوع وذل للمخطط الامريكي ظنا منهم ان ذلك سينجيهم من لعنة التأريخ ومن انقلاب حليفهم المعتدي عليهم. 

وخلافا للرأي العام الامريكي والبريطاني والعالمي والارادة الدولية وكل الدول المحبة للسلم العالمي والحريصة على مستقبل اجيالها فقد أصر الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش الصغير وحليفه التابع الذليل توني بلير رئيس الوزراء البريطاني على المضي في مشروعهم الذي يقضي بغزو واحتلال العراق واسقاط النظام الوطني فيه وخاصة بعد النجاح النسبي الذي حققته الولايات المتحدة في افغانستان وفقا للظروف الدولية التي رافقت أحداث 11 أيلول وتعاطف الكثير من دول العالم مع مبررات الامريكان في خطتها القاضية بالقضاء على نظام طلبان الارهابي الذي ( خططت له الولايات المتحدة واسرائيل ) ليكون هو المسؤول مع تنظيم القاعدة عن هذه العملية التي هزت المجتمع الدولي وضربت امريكا في عمق دارها لاول مرة في التاريخ ..وما تخيلته من توفر الدعم والاسناد العالمي لها لتلعب دور ( المنقذ والمصلح) والناشر للامن والاستقرار في العالم..حيث شكلا أئتلافا (دوليا) كانت نسبة مشاركةالولايات المتحدة فيه 83% وبريطانيا 15% وبقية الدول كلها 2%. 

انها الحرب الامريكية على العراق ..ولاعلاقة لما يعرف باسم التحالف فيها.. 

حرب جرى الاعداد والتخطيط لها سنوات طوال وبدات فعلا منذ خروج العراق منتصرا في يوم الايام 8/8/1988 وبصفحات متعددة ..حرب أهم ما ميزها التضليل والكذب والخداع والحقد والانتقام والتغير السريع في المبررات والدوافع والاسباب .. 

حيث بدات في الادعاء بان العراق لا يطبق قرارات الامم المتحدة المتعلقة بالسماح للجان التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل بمزاولة أعمالها ..في حين ان الولايات المتحدة وضعت وأقرت جدول العمليات العسكرية بينما كانت فرق التفتيش تقوم بمهامها في ارض العراق.. 

ثم بادعاء ان النظام العراقي لازال يطور أسلحة تدمير شامل ولا يتعاون في تطبيق قرار الامم المتحدة رقم 19 والخاص باعطاء بيانات كاملة عن ( ترسانته من أسلحة الدمار الشامل )..في حين لم يتم العثور على أي شيء لحد الآن من هذه الاسلحة!.. 

ومن ثم ان النظام العراقي له علاقات مع تنظيم القاعدة والذي ثبت أيضا بطلانه .. 

وتطور التبرير ليصل الى الارادة الامريكية بنشر الديمقراطية في المنطقة ..ثم الترويج لفكرة مضحكة وهي ان ( العالم أكثر امنا بعد صدام حسين!)..ويجوز ان القصد هو ان اسرائيل اليوم اكثر امنا بعد صدام حسين..وهذا هو دائما منطق وفهم الكافر والجاهل ..انه يتصور دائما ان قضية الامة تنحصر في شخص واحد فقط  وليس به كرمز..كما حدث في كل تاريخنا ..وهم دائما غير قادرين على التمييز بين الرمز والشخص..   

لم يجري سابقا ولا اليوم ( الحديث ) عن النفط وأهميته في المنطقة وفي العراق!..والذي يشكل اكبر احتياطي نفطي في العالم كدافع لشن الحرب .. 

ولا عن التهديد  القومي والاقليمي الذي يمثله ( الرئيس العراقي والبعث والعراق ) وطبيعة شعبه وتنامي قوته وقدراته وتراكم خبرته وتطور صناعته ونموجيشه وحداثة تسليحه.. والذي قد يسبب مشاكل كبيرة للحلفاء والاصدقاء خاصة وان النظام العراقي كان اول من دك العمق الاسرائيلي  بالصواريخ مخترقا حلقات الحماية الصاروخية المضادة  للصواريخ وانظمة الدفاع الجوي الامريكية والاسرائيلية ومحطما اسطورة الامن السرائيلي الذي لايقهر.. 

ولم يتناول احد (عقدة العراق التأريخية ) في اساطيرهم!.. 

ولم يتم التطرق الى نهم الشركات الامريكية والبريطانية للدخول الى المنطقة لسرقة ثروات الشعب واحكام السيطرة الاقتصادية على كل دول المنطقة وتطويق دول العالم المنافسة الاخرى.. 

كما لم يتم الربط بين استثمار (النصر في افغانستان ) لديمومة زخم الدعم الشعبي الامريكي للحزب الجمهوري والذي يمهد لتطبيق ما ورد في المذكرة المشهورة التي اعدها الصقور كل من ديك تشيني – دونالد رامسفيلد- و بول وولفويتس والتي حملت عنوان "اعادة بناء القدرات الدفاعية للولايات المتحدة"  والتي  كتبت عام 2000 والتي تمهد لدور استراتيجي أكثر فاعلية للولايات المتحدة في الشرق الاوسط.. 

كما لم يتناول  الحديث عن الحقد الشخصي لبوش على شخص الرئيس الشهيد صدام حسين وحب الشعب له والتفافه حول قيادته.. 

لم يتم تبرير العدوان بهذه الاسباب الحقيقية بل جرى خلق مبررات واهية استهانة بعقول شعوبهم وبارادة وعقل العرب.. 

لم يعد هناك أهمية للمبررات أو للشرعية !..والقانون الدولي!..وعلى الرغم من ان الحملة العسكرية كانت مخالفة للبند الرابع من المادة الثانية للقوانين الدولية و التي تنص على انه "لا يحق لدولة عضو في الامم المتحدة من تهديد او استعمال القوة ضد دولة ذات سيادة لاغراض غير اغراض الدفاع عن النفس".. وهذا ما ذكره السكرتير العام للامم المتحدة كوفي عنان الذي صرح بعد الاحتلال مباشرة  ان "الغزو كان منافيا لدستور الأمم المتحدة ".. وكان هذا مطابقا لرأي السكرتير السابق للامم المتحدة بطرس بطرس غالي..وماقاله   وزير العدل البريطاني عندما أصدر مذكرة في 28 نيسان 2005 نصت على ان "اي حملة عسكرية هدفها تغيير نظام سياسي هو عمل غير مشروع"..ورغم كل ذلك فالاعداء مصممون على احتلال العراق تحت خيمة كبيرة من الذل والخنوع والسكوت والجبن العربي ..وتآمر البعض منهم على قضية العراق شعبا وارضا وتاريخ.. 

وأخذت الولايات المتحدة وبريطانيا يحيكان المؤامرة خيطا خيطا.. 

وعندما اصدر مجلس الامن القرار رقم 1441 عام 2002 الذي دعى إلى عودة لجان التفتيش عن الأسلحة إلى العراق ضمن الامريكان فيه فقرة ( وفي حالة رفض العراق التعاون مع هذه اللجان فانها ستتحمل "عواقب وخيمة" ) . لم تذكر كلمة استعمال القوة في القرار رقم 1441 وعندما وافق عليه مجلس الامن بالإجماع لم يكن في تصور الدول المصوتة ان العواقب الوخيمة كانت محاولة دبلوماسية من الولايات المتحدة لتشريع الحملة العسكرية.. 

وقد اعلنت كل من روسيا والصين وفرنسا  ان القرار 1441 لا يعطي الصلاحية باستعمال القوة ضد العراق الا ان الولايات المتحدة  كانت مصمة على استهداف العراق عسكريا بغض النظر عن رأي الأمم المتحدة على الرغم من ان بريطانيا حاولت جاهدة الحصول على قرار دولي صريح وبدون غموض يشرع استخدام القوة على عكس الأدارة الأمريكية التي بدت قبل ايام من بدأ الحملة غير مبالية كثيرا بالحصول على إجماع دولي ويرجع هذا إلى الأختلاف الشاسع في وجهتي نظر الشارع البريطاني و الأمريكي تجاه الحرب فعلى عكس الشارع الأمريكي الذي كان اغلبه لايمانع العمل العسكري في حين كان توني بلير يواجه  معارضة شديدة من الشارع البريطاني وحتى في صفوف حزبه حزب العمال. 

 واستنادا لدستورالولايات المتحدة فان الرئيس لا يمتلك صلاحية اعلان الحرب وان هذه الأمر هو من صلاحيات الكونغرس الأمريكي ولكن حسب قانون صلاحيات الحرب الأمريكي لعام 1973 يمكنه ارسال الجيوش الى دولة أجنبية لمدة 60 الى 90 يوما دون الرجوع الى الكونغرس ..وقد حصل بوش بعد ذلك على هذه الموافقة رغم الخلافات واعتراضات العديد من الديمقراطيين. 

وتلاشت كل آمال العالم المتحضر والعاقل والحكيم بعد ان ظهر بوش ليطلب شرطا تعجيزيا متهكما وغير مقبول عندما طلب بشكل مسرحي مفتعل كعادته من القائد المجاهد صدام حسين رئيس جمهورية العراق بالتنحي هو ونجليه عدي وقصي من الحكم ومغادرة العراق خلال مدة 48 ساعة وبخلافه سيشن حربه على العراق .. 

وقبل ان تنتهي مهلة (لعبة  الانذار الامريكي ) اعلن بوش بنفسه : ( انه سيشن الحرب حتى وان تخلى صدام حسين وولديه عن السلطة وغادرا العراق!) ..  

ويذكر العالم ماحدث في تموز 2004 وفي سابقة هي نادرة الحدوث وهي قيام  رئيس امريكي سابق بانتقاد رئيس امريكي حالي..عندما قال بل كلنتون  في مقابلة له نشرت  في مجلة تايمز Time Magazine انه " كان من الأفضل التريث في بدء الحملة العسكرية لحين اكمال فريق هانز بليكس لمهامه في العراق".. ولكن جورج بوش الصغير سارع بالرد عليه في 2 آب 2004 بقوله :  " حتى لو كنت اعرف قبل الحرب ما اعرفه الآن من عدم وجود اسلحة محظورة في العراق فاني كنت ساقوم بدخول العراق"!........... 

لم يتحمل المجرم المهووس بوش الصغير (شرف الأنذار العسكري ) لو صح التعبير الذي اعطاه هو نفسه  والذي حدد مدته ب 48 ساعة .. 

بل قام وبعد انقضاء 90 دقيقة من ( مخادعة لعبة الانذار المهلة ) هذه  وفي الساعة الثانية والنصف صباحا بتوقيت كرينيتش من يوم 20 آذار 2003  باصدار اوامره لقيام  الطائرات القاذفة البعيدة وصواريخ كروز بتنفيذ "ضربة الفرصة" بضرب بغداد معلنة بداية الحرب العدوانية عليه!.ومعلنا بداية حرب الكذب والدجل والتلفيق والتزوير والحقد في الخطة والتبرير والمهلة والتنفيذ .. 

حرب كانت أول صفات بداياتها ..انها بلا شرف عسكري وقتالي وأن قائدها عديم الاحترام للعهد الذي قطعه لنفسه ولو أنه ليس ذو قيمة .. 

حرب غير شرعية وغير مسوغة قانونا ..حرب راهنت فيها الادارة الامريكية الطائشة بكل سمعة امريكا وتأريخها عندما أنزلت جنودها الى مستنقع مجهول لا اول له ولا آخر.. 

في الساعات الاولى من فجر هذا اليوم  عام 2003 قامت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا بشن حرب الحقد والانتقام والتضليل والظلم ضد العراق ..البلد العضو في الامم المتحدة بدون تفويض وبدون حجة قانونية بل بالاستناد الى حجج واهية ومبررات سيضل الشعب الامريكي والبريطاني يلفهم العار من جراء تصديقهم لها..

وكانت الضربات الجوية والصاروخية التي لاتميز بين الاهداف العسكرية والاقتصادية والمجمعات السكانية تنهال على بغداد وبمعل وصل الى غارة كل 60 ثانية بل ان بعض الايام وصلت عدد الغارات فيها الى غارة كل 35 ثانية متتالية في الليل والنهار حسبما اعترف به مراسلوا القنوات الاخبارية الامريكية ..لم تكن هذه الغارات المكثفة تستهدف مؤسسات وقواعد ومعسكرات وتجمعات عسكرية فقط  بل كانت حمم الحقد التأريخي تنهال على المجمعات السكنية والاسواق والمستودعات والطرق والمستشفيات ومحطات توليد الكهرباء والماء والمجاري والاتصالات والجامعات والمدارس والبيوت الآمنة ..

ولقد ألقي من القنابل والصواريخ في الأيام الاولى للعدوان ما يزيد عن عشرة اضعاف ما استخدم في العدوان الثلاثيني عام 1991 ..اضافة الى استخدام الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في هذه الحرب الانتقامية أسلحة تقليدية غاية في التطور وخطرة وصفها الخبراء بالاسلحة اللاانسانية ولاسيما أنها استخدمت ضد المدنيين وضد الأهداف المدنية وتسببت في تدمير البنية الأساسية للعراق من محطات الكهرباء والمياه ومراكز الاتصالات المدنية والمصانع والمعامل ومستودعات المواد الاساسية والتموينية والمجمعات السكنية وخلافا لكل القوانين الدولية والانسانية ومنها الاسلحة الحارقة Incendiary Weapons واسلحة ذخائر التشضي والتي استخدمتها القوات المعتدية خلافا لما ورد في شرط مارتن Martine Clause والوارد في مقدمة اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1902 وفي اللائحة 23 فقرة 5 من لوائح لاهاي وفي مقدمة اعلان سان بطرسبيرك وما ورد في نص معايير التحريم الواردة في مؤتمر لوسرن لتجريم الأسلحة التقليدية التي تسبب آلاماً لا مبرر لها والذي عقد في مدينة لوسرن بالاتحاد السويسري عام 1973.

وكذلك استخدام القنابل الثقيلة التي وصل وزن البعض منها  أكثر من عشرة أطنان وذات قوة تدميرية هائلة والتي قامت الطائرات القاذفة بقذفها على الأهداف المدنية بغرض تدميرها تدميراً شاملاً بمن فيها من السكان المدنيين استنادا الى شعارهم الذي اعتمد في هذه الحرب الترويعية خلافا لما ورد في إعلان سان بطرسبورج لعام 1868 بشأن حظر استعمال بعض القذائف في وقت الحرب والذي نص على منع استخدام أية قذيفة يزيد وزنها عن 400 جرام تكون إما متفجرة أو مشحونة بمواد قابلة للانفجار أو للاشتعال ..وكذلك  استخدامها  القنابل العنقودية الذكية ذات الأثر غير المميز بين العسكريين والمدنيين والتي استخدمت على نطاق واسع لضرب جميع الاهداف و الأسلحة والقنابل والشظايا الحارقة و أسلحة التشظي المضادة للأفراد و الأسلحة الموقوتة والأسلحة الغادرة مثل الأقلام التي كانت تقذفها الطائرات الأمريكية والبريطانية على تجمعات المدنيين والتي تنفجر بمجرد لمسها من قبل الاطفال والناس و المقذوفات والقنابل الموجهة بالليزر .اضافة الى القنابل الفوسفورية والصوتية والكهرومغنطيسية والنابالم والقنابل الذكية ..

ومثل استخدام الولايات المتحدة وبريطانيا المفرط للقوة التدميرية خرقا واضحا لما ورد في اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر الموقعة في جنيف في 10 أكتوبر 1980 وما ورد في البروتوكول الخاص بشأن الشظايا التي لا يمكن الكشف عنها (البروتوكول الأول) من نفس الاتفاقية والذي ينص على حظر استعمال أي سلاح يكون أثره الرئيسي إحداث جراح في جسم الإنسان بشظايا لا يمكن الكشف عنها بالأشعة السينية.وكذلك الخرق الواضح لما ورد في البروتوكول المتعلق بحظر أو تقييد استعمال الألغام والأشراك الخداعية والأنماط الأخرى (البروتوكول الثاني) الموقع في جنيف ، 3 مايو 1996  والذي يحظر استعمال الألغام الأرضية السطحية والألغام المنبثة عن بعد والألغام المضادة للأفراد والنبائط الأخرى وهى الذخائر المصممة للانفجار بمجرد اللمس والأشراك الخداعية .

وانتهت الصفحة الاولى من هذه المنازلة التأريخية غير المتكافئة باحتلال العراق بعد أن دمرت القوات الغازية كل مقدرات الحياة فيه وجلبت معها على ظهر دباباتها أدلاء الخيانة الذين غالوا في القتل والسلب والتدمير ليتزعموا بعد ان انفض غبارها قيادة ما أسموه (بالعراق الجديد!).

ولقد أبلى العراقيون كما عهدتهم امهاتهم واخواتهم وتأريخهم بلاءا شاب له الزمان عندما واجهوا هذه القوة الغاشمة المغتصبة والحاقدة والمنتقمة وهي في اوج عظمتها وغطرستها وكبريائها وهي تمتلك زمام المبادرة في كل شيء ومسلحة بكل الاسلحة عدا سلاح الحق ومباركة الله والايمان والصبر والتي كانت اسلحة المقاومين العراقيين   ..

أسلحة حديثة ومتطورة وقوة متعصبة  تمتلك السيادة الجوية الكاملة وتسيطر سيطرة مطلقة على كل نظم الاتصالات والقيادة والسيطرة وتستخدم الاسلوب الهمجي المفرط للقوة في تدمير المواقع الخلفية ونقاط الامداد وعوائل المقاتلين لحثهم على مغادرة المدن لاستهدافهم بشكل مباشر واثارة النوازع الاجتماعية والانسانية للتاثير على معنوية المقاتلين الذين كانوا يقاتلون لوحدهم.. بلا اخوة وبلا اولاد عم وبلا اصدقاء واقارب ولاجيران ولا ضمير انساني ..وسط سكوت رسمي عربي مقيد بالاوامر والتعليمات الامريكية ..

كان مسرح العمليات هو كل العراق ..فالطائرات الامريكية تملاء الجو وقبل ان تصل حممها الى الارض تصل أمواج جديدة منها وبشكل متواصل ليل نهار ..والصواريخ الجوالة لا تترك هدفا وبناية الا وتدمرها ..والجيش البريطاني والامريكي يدخل الارض العراقية من حدود الكويت ويلتف حول مدن الجنوب ويتجه نحو بغداد.. والعصابات الكردية مع المارينز الامريكي يحتلون كركوك ويواصلون زحفهم للجنوب.. والطائرات الامريكية اغلقت كل الطرق المؤدية الى بغداد والخارجة منها..

وجنود العراق يقاتلون الدبابات الامريكية بالسلاح الابيض ويعرف المطلعون ماذا حدث في معركة المطار عندما باغتت القوات الامريكية قوة الموقع واحتلت المطار وبدات تغذي رأس الرمح هذا بالمزيد من خيرة قواتها وخاصة قوات النخبة والمارينز ..وعندما استكملت هذه القوة الامريكية الكبيرة والمدربة واتخذت مواقعها صال عليها مقاتلينا الابطال من رجال الحرس الجمهوري والحرس الخاص بقيادة الشهيد الخالد صدام حسين رحمه الله حيث استطاعت قوة الحق هذه من تدمير كل القوة الامريكة وابادتها  بالكامل واستعادة المطار في معركة فريدة في التخطيط والتنفيذ والاداء  ..مما جعل الامريكان يفقدون صوابهم ويعيدون حساباتهم ويتراجعون لمسافة بعيدة ليقوموا بقصف الموقع بالقنابل الفوسفورية والكهرومغناطيسية والصوتية المحرمة دوليا وانسانيا واستشهدت كل القوة العراقية التي حررت المطار وهي تمسك بالارض الى آخر نفس ..

ستبقى معركة مطار صدام اغنية للاجيال ومدعاة فخر للعبقرية العراقية وقدراتها وسيأتي اليوم الذي نفتح فيه صفحات الكتاب الذي يضم دروس تعبئة الشهادة والتضحية والفداء والجود بالنفس وستعرف الاجيال ماهي تضحيات البعث والحرس الجمهوري والحرس الخاص ومناضلي الحزب الذين كانوا يتلون الشهادة ويقسمون بقسم الولاء للوطن  ويودعون بعضهم البعض قبل ان يصولوا ..موجة في أثر موجة ..تماما كما كان أجدادهم من شهداء بدر واحد والخندق ..

وكثيرة هي قصص البطولات في هذه المنازلة ..في معارك ام قصر والنجف وبغداد ..الا ان القوة الغاشمة كسبت جولة منها باحتلال بغداد والعراق وغرها انتصارها الذي افرزته عوامل عدم توازن الكفة القتالية وترك العراق منفردا ووحيدا الا من ايمانه وصلابته وصبره وصموده ومعه ضمائر ومهج المخلصين من امتنا العربية والمناضلين في كل مكان لتتصور انها كسبت الحرب وحققت اهدافها ..

لم تستطيع كل هذه الملايين من اطنان القذائف والصواريخ والقتل والهدم والتدمير وتريليونات الدولارات التي صرفت لتمزيق العراق وشراء الذمم من ان توقف بركان الغضب العراقي وهديره وزلزاله وهو ينطلق مدويا وقويا عبر مقاومة شعبية وطنية اندلعت منذ اليوم الاول لتدنيس العدو لارض العراق لتزداد قوة ومتانة وصلابة حال انتهاء المعارك بعد ان التحق بها فورا ضباط الجيش العراقي الباسل وقوات الحرس الجمهوري والحرس الخاص ومنتسبوا الاجهزة الامنية وكل وطنيوا العراق ومحبيه لتستمر المنازلة وتتطور وتتشعب وتتأصل..

المجد والخلود لشهداء العراق ..الشهداء الذين ضحوا بانفسهم في معارك تميزت بالرجولة والشجاعة والاقدام ..وفي مقدمتهم الشهيد الخالد صدام حسين ..

تحية للجيش والشعب والبعث ..

ويوما بعد يوم نقترب من النصر.. وتستمر فيها بطولاتنا وقصص تضحياتنا ..

يكفينا فخرا اننا في مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات كنا في تماس مع العدو الغاشم المعتدي..في خضم نارها ..وبين صواريخها .. وفي وسط ترابها.. في حين يستحي المحتفلون من حكام العراق اليوم عندما يسألهم الشعب : أين كنتم في تلك الأيام؟..

وأين أصبحوا ..وأين أصبحنا..

العز والنصر لنا ..والخزي والعار لهم ..

ومع كل اشراقة صباح جديد ..نزداد قوة..

ويزداد فيها المحتل واعوانه انحسارا وخيبة..

mah.azam@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

                                         الجمعة  /  14  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  21 / أذار / 2008 م