( انتفاضة ! ) الأمس .. وعصيان اليوم

 

 

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

لقد جعلتني جملة أحد الاخوان الذين يرسلون لي رسائل باستمرار ..وفي معرض تناوله لموضوع الاشتباكات التي تجري اليوم بين القوات الحكومية وجيش المهدي في البصرة وبغداد ومحافظات العراق الاخرى في الجنوب والفرات الاوسط ..اتوقف..وانتبه ..وافكر..حينما قال : 

( ترى لماذا كان الكثير من هؤلاء الغاضبين من هذه الحملة  يفرحون عندما كانت القوات الامريكية والقوات الحكومية وباشراف نفس المالكي  تشن مثل هذه الهجمات وأعنف منها على سامراء والفلوجة وديالى والموصل؟؟؟).. 

على الرغم من الاسباب والمبررات والنتائج التي يطمح لها المتخاصمون  في هذه الاشتباكات الدموية..وكيف ان المالكي شن عملية ( صولة الفرسان !).. فقد (بارك !)  الرئيس الامريكي جورج بوش جهود الحكومة العراقية التي جاءت بانتخابات ( حرة وشفافة !) وشارك فيها أكثر من ثلاثة ارباع الشعب في هجومها المسلح و(تصديها بقوة ) (للعناصر المسلحة المجرمة ) التي تقف بالضد من سياسة الدولة !!.. 

وقال الرئيس الامريكي : (ان اجراءات الحكومة العراقية هذه ماهي الا دليل أكيد على ( النصر الستراتيجي !) الذي حققناه بجعل حكومة بغداد قادرة على التحرك بدون مساعدة الامريكان !).. 

واستفز بوش المالكي بقوله : ( ان هذه المواجهات هي امتحان لقدرة المالكي على مجابهة جيش المهدي !) .. 

وهذا ما (نفش ) ريش المالكي والبولاني والعبيدي بحيث أصدر المالكي امرا بان كل من يخالف أوامره يعتبر ( هدفا متحركا يجب استهدافه!)..وبموجب هذا الامر ستطلق القوات الحكومية النار على أي ربة بيت أو رجل بسيط يخرج الى الشارع للبحث عن طعام لاطفاله!!..  

اذا قيام الحكومة باتخاذ اجراءات رادعة ضد الخارجين عن القانون أمر مشروع بنظر الولايات المتحدة وكل الائتلاف الموحد عدا الصدريين وبمباركة الحوزة وايران والامريكان والبريطانيين .. 

وان حمل السلاح ضد الدولة يحاسب عليه القانون.. 

واستهداف قوات الشرطة والامن والجيش ومسؤولي المحافظات جريمة ويجب مواجهتها بالحديد والنار كما يفعل المالكي وقوات الداخلية والجيش .. 

وفوق ذلك وفي تطور جديد للتعبير عن التأييد الامريكي قامت الطائرات الامريكية والبريطانية بقصف هؤلاء ( الخارجون عن القانون!) .. 

وان رئيس الوزراء ووزيري الدفاع والداخلية يديرون العمليات ميدانيا في البصرة.. 

والسؤال الذي نطرحه :   

اذا هي ليست انتفاضة شعبية آذارية؟..وليست ارادة (شيعية !) ضد ( الديكتاتورية السنية في بغداد!)..كما كانت بالأمس !.. 

ومايجري اليوم ليس ثورة المستضعفين والمحرومين والمهمشين والمظلومين ضد ( الطغيان والظلم والعنف في القصور الرئاسية في بغداد!) .. 

 والا لكان من المحرم التصدي لها ! كما فعل (النظام السابق ) ..وكان المفروض عام 1991 عندما اندلعت نفس الاحداث ان لايذهب احد لمحاربة ( الخارجين على القانون) .. وان لا يحاسب النظام السابق قتلة المحافظين ومدراء الدوائر وموظفي الدولة والضباط ومسؤولي الاجهزة الامنية وأكثر من مائتي ألف جندي بسيط متعب منسحب من جبهة القتال مع الامريكان  في محافظات الجنوب والفرات الاوسط في حينها! .. 

والا سياتي يوم تاتي فيه الولايات المتحدة من وراء المحيطات لتغتال الشرعية العراقية وتدمر الدولة وتنصب السراق والمزورين والخونة الذين اشتغلوا ثلاثين عاما في مهمة تزويد الامريكان والبريطانيين والايرانيين بتقارير مفصلة عن كل منشاة عراقية ومصنع وجامعة ومدينة ودخلوا مع بداية العدوان ليلقوا بالاقراص الدالة للطائرات الامريكية التي كانت تقصف أهدافا مدنية يرسمونها لهم.. 

كان على المسؤولين العراقيين الوطنيين وقواتنا البطلة ( ان لاتقاتل!وان لاتواجه!) فيلق بدر الذي اندس بين الناس وقام بهذه الجرائم..لانه سياتي يوم يحاكم فيه هذه الفيلق كل وطني تصدى للخونة!!

نعم جاء هذا اليوم ... 

ولكن الغريب انه جاء أيضا  يوم قام نفس هذا الفيلق ونفس الذين شكلوا محكمة ادانة الشرفاء والوطنيين واصحاب النخوة الذين تصدوا للقتلة والخونة ..ليقوموا انفسهم بالتصدي والقتل والمواجهة لنفس الحركة الغوغائية !!..أو لنفس ( الجماعات القاتلة واللصوص !) حسب تسميتهم اليوم .. 

ولكن السخرية في هذا الموضوع وفي هذا الحدث وفي هذا التوقيت .. 

ان هذه العمليات المسلحة التي تقوم بها ( العصابات المجرمة ) اليوم يجب مواجهتها واخمادها وتدميرها بالقوة العراقية والقوة الامريكية ..ولان الولايات المتحدة تؤيد ذلك فهذا يعني ان ( كل العالم ! ) يؤيد الحكومة العراقية ..بينما في عام 1991 كانت ( ثورة شعبية!)..ولأن الولايات المتحدة هي (صديقة) للثورات الوطنية فهي تؤيد تللك ( الانتفاضة!) 

وان وجود ( القيادات العراقية ) في البصرة اليوم مشروع..بينما عام 1991 محرم وممنوع!.. 

وان الذي تؤيده الولايات المتحدة وايران بالامس واليوم مشروع ..وما لاتؤيده بالامس واليوم مرفوض ويحاسب عليه القانون !.. 

والامريكان يسمون قيام المالكي باستخدام السلاح بعنف ضد الشعب العراقي وقطع الماء والكهرباء والماء والخدمات عن الاحياء التي تطلق رصاصة واحدة ( نصرا ستراتيجيا!).. 

والايرانيون يؤيدون ذلك ..والمرجعية ساكتة او مغيبة! ..ولم يظهر لحد الآن أصوات كل من الطالباني والبرزاني وموفق الربيعي واحمد الجلبي ( الانتهازية التي تنتظر النتائج)!!.. 

ونعود الى ما بدأنا به.. 

نحن ندين ونستنكر بشدة قتل المدنيين والاطفال والنساء والشيوخ في أي مكان في العراق بالامس واليوم ..وغدا..ومستعدون لأي شيء يبعد الأذى عن أهلنا في البصرة والناصرية والديوانية وكل مدن ومحافظات العراق التي تتحمل نتائج هذه الحملة  ونحن سنقوم بتلبية حاجياتهم من الطعام والى الدم.. 

ونحن مع كل جهة تعمل من أجل العراق ..من يكون مع العراق ..نحن معه ..وان يخاف او يتهيب أن يكون معنا .. 

ولكننا نذكر.. 

 بان الفلوجة وسامراء ومدن ديالى والموصل وكركوك وغيرها من مدن العراق واجهت أقسى من هذه الهجمات وأعنف وأكثر تدميرا ..وكانوا نفس القتلة ونفس القوة الامريكية الغاشمة ..وتحت مبررات مشابهة .. 

ويذكر مقاتلي الفلوجة البطلة كيف كنا ننقل الخبز(فقط !)  سرا الى الاهالي من بغداد ..الذين كانوا لا يستطيعون ان يخبزوا الطحين وليس لديهم ماء او غاز او كهرباء! ..وكيف ان القوات الامريكية وحلفائهم من فيلق بدر والبيشمركة كانوا لايفرقون في القتل بين الطفل الرضيع والمراة الحامل والشيخ الكبير وبين المقاوم المقاتل.. 

الا يذكر الابطال في الفلوجة أين دفنا الشهداء؟..وكيف دفناهم تحت القصف الشديد وتحت ظروف القتال والجوع والعطش وعدم النوم ..اتذكرون كم ألف من هؤلاء الشهداء قضوا كانوا من النساء والاطفال؟.. 

وفي سامراء ..أتذكرون كيف عزلوها وجعلوا النهر وسيلة الدخول والخروج ..وكيف كان النهر مقبرة أكرمت آلاف الشهداء الذين كانت القوات الامريكية واللاعراقية قد أغرقت قواربهم وقتلتهم بالقصف المدفعي وبطائرات الاباتشي .. 

وفي ديالى والموصل ومدن العراق الاخرى..حدث الكثير من ذلك .. 

وكان الجميع يتفرج ويؤيد ويهتف ويزايد ..لم يجتمع مجلس النواب لمعالجة الموضوع!..ولم تهتز ( شوارب محمود المشهداني !) .. 

المهم .. 

كان المحتل الامريكي ومغاوير الداخلية والجيش الوثني والربيعي والعامري والصغير والجلبي وغيرهم من القتلة والحاقدين والمنتقمين يعرفون جيدا ان تلك الحملات كانت تستهدف المقاومة الوطنية العراقية وضميرها النابض والحي حزب البعث العربي الاشتراكي .. 

وهم على قناعة مؤكدة من ان هؤلاء المقاتلين والمقاومين لن يستسلموا ابدا ولن يسلموا اسلحتهم فهم يقفون طوابير بانتظار الشهادة .. 

أما الأخرين فعليهم قبل كل شيء ( وننصحهم بذلك للتأريخ ).. أن لا يبيعوا اسلحتهم اليوم.. 

 كما باعوها بالامس!..

 

mah.azam@yahoo.com

 

 

 

شبكة المنصور

                                           السبت  /  22  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  29 / أذار / 2008 م