الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

عذرا أيها القائد .. فأنت تسكن في دمي

 

 

شبكة المنصور

د. مصطفى توفيق الصباغ
عضو الهيئة التأسيسية للهيئة الوطنية اللبنانية لدعم المقاومة والشعب العراقي

 

ها قد جاء نيسان يسرع الخطى لينقر على شغاف قلوبنا وعلى سواتر ذاكرتنا ليذكرنا بالثامن والعشرين منه...ذلك اليوم الذي يؤرخ لولادة الشهيد القائد صدام حسين ...صدام العز والفخر..صدام الشهيد والشهادة ..

يا نيسان لسنا بحاجة الى التذكر وقد أصبحت كل الشهور لدينا شهر نيسان وكل التواريخ ارتدت ثوب الثامن والعشرين وهي ترفل بكل فرح بهذه الذكرى وهذا الميلاد... وهل نحن يا نسيان بحاجة الى التذكر وصاحب الذكرى يعيش في أعماق قلوبنا ويجري في شرايين حياتنا ...

يا نيسان صاحب الذكرى له أسم يشكل في ضمائرنا نور الحقيقة الساطعة وصولات البطولة والرجولة ....هكذا ونحن نلتفت يمنة ويسرة نرى المساحات الشاسعة التي تشكلت فينا لقائدنا الذي كان مجرد ذكر أسمه لنا فرحا ورؤيته حلما والتقرب منه غايتنا السامية ... نعم أيها الشهيد الحلم تأخذنا في ذكرى مولدك سلسلة من الاحلام الى أمارة الحلم الذي عشقت والتي ابتدأت بترداد أسمك .

يا رفيقي وكيف ننسى والذاكرة مليئة بمباهج الذكريات عنك حيا وشهيدا ...كيف أنسى ونحن في بغداد في احتفالات نيسان عام 1973 ذكرى تأسيس البعث حين كنت "السيد النائب" وكنا نلح بالسؤال على الوفد المرافق اذا ما كنا.. وكم كانت الفرحة تكبر حينما كنت تلقي التحية وتصافح الايدي العربية التي تعانقت مع يدك وكأنها تردد أن هذه الايدي المتشابكة خير تعبير عن نسيج الامة العربية المتماسك من المحيط الى الخليج .

يا رفيقي يا أبا الشهداء كان حلمي حينما ضاقت السبل في وجهي كآلاف من العرب بسبب الظروف المعاشية حيث وجدنا بين أفياء بغداد حضنا دافئا نستظل به لتلقي العلم حيثما لم يكن الكثير الكثير قادرا على إكمال تعليمه في وطنه.

هناك في بغداد حيث لامس شغاف قلبي قمم الحب وأدركت عمق الانتماء القومي للامة....هناك حيث التقيت بآلاف الطلبة العرب من المحيط الى الخليج يتلقون العلم ويتحصنون بالمعرفة تعزيزا للاواصر مع أمتنا المجيدة ...

وكم من مرة تجدد حلمنا في رؤيتك هنا وهناك ودون موعد مسبق ... وكم كنا في أماكن أقامتنا الجامعية ليلا نتوقع أن تأتي للزيارة بشكل مفاجئ لتسألنا عن كل شؤوننا وتطمئن علينا لانك كنت دائما تشعرنا بأنك أب الجميع .. ولم تكن لتطمئن حين تعرف باي نقص يعاني منه أي إنسان .. كنا نراقب زياراتك تلفزيونيا الى المنازل واول ما تدخل الى المطابخ وتتفقد أوعية الطعام لتعرف كيف يعيش المواطنون ... وعندك كان الحل لاي مشكلة او تنفيذ أي طلب لا يتجاوز بضع كلمات على ورقة صغيرة موقعة باسمك لتنفذ بلحظتها. وكم كنا نسمع من العراقيين هذه الكلمات "بكره بيجي صدام حسين ويوفر لنا كل ما نطلبه " نعم لقد كنت عند الجميع لانك كنت صادقا ومؤمنا بشعبك .. وكم كنت جميلا وأنت تجلس على الارض أمام عراقية عجوز تقبل رأسها وتخاطبها كأم وهي ممتلئة بالفرح تزغرد وتهزج بفرحة كفرحة العيد .

يا رفيقي لا زلت أتذكر ذلك المشهد الذي لم يفارق ذاكرتي منذ عام 1981 وأنا أتنقل في الباص " المصلحة" في شارع الرصافي حين رأيت طفلة لم تتجاوز الاربعة أعوام تركت يد أمها وتراجعت خطوات لتضم صورة لك كانت ملصقة على احدى المحال ثم تقبلها، نعم هو هذا أنت يا فرحة الاطفال كنت دأئما أباً للجميع .

يا شهيد الحق كم من مرة كنا نتابع خطواتك وأنت تنتقل من أعالي جبال كردستان في العراق وذلك الشوق الذي كان ابناء الشعب الكردي يعبرون عنه أمامك .. ثم نعود فنراك في الجنوب في البصرة وميسان. أنت كنت أب العرب والكرد والتركمان والاشوريين وغيرهم ... وكم من مرة رأيناك تدخل المراقد المقدسة في النجف وكربلاء تؤدي الزيارة... وكم كنا نعشق يديك المرفوعتين الى السماء الضارعتين بخشوع الى الله بالدعاء والرجاء ومعالم الايمان كانت تطرز وجهك الجميل .

وأثناء الحرب مع إيران كنا نراك هنا وهناك في ساحات القتال وفي الخطوط الامامية وكيف كان الجنود يتسابقون حين يشاهدونك للهتاف والسلام والقسم على تحقيق النصر

ويوم تم أسرك بعد احتلال العراق حاولوا جاهدين أن يشوهوا الحقائق الناصعة عنك .. حاولوا تشويه الصورة الجميلة لك في قلوب الملايين الذين أحبوك وما زالوا حتى بعد استشهادك لكنك كنت دائما الانصع والابهى وحتى أثناء المحاكمات الهزلية كنت أنت الاقوى. كنت تحاكمهم وتحاول أن توقظهم من جهالتهم، وتجد لهم العذر"يا أبت أغفر لهم إنهم لا يعلمون ما يفعلون".

كنت الاقوى وأنت تقارع بالحجة والقانون وأنت تعلم بأنهم سيقتلوك وأنت تعلم أن الحياة هبة من الله وليست منحة من عملاء الشيطان الاذلاء .

يا رفيقي أنت الذي لم تبخل بحبك على كبير أو صغير .. لقد أحببت الجميع بدون تمييز وكما أحببت العراقيين بكل أطيافهم أحببت أبناء أمتك العربية وكنت خير نصير لهم في العراق. وكم كنت أسمع مصريا وهو يقول لعراقي سأشكوك عند صدام حسين. وأنت الذي عززت حب الامة في نفوس العراقيين. وكم كان جميلا أن ينتخي العراقي لأخيه الفلسطيني يقف معه ويواسيه. وكم كنا نحن أبناء لبنان نتباهى بالقول اننا من لبنان ليتعاطف معنا أبناء العراق بالكلام والفعل .. وهؤلاء أخوتك من مصر والمغرب وتونس وغيرهم اولئك الذين منحوا شرف العمل بالعراق لانهم كانوا يجدون الحضن الدافئ للامة ... حتى أبناء فلسطين ماذا حل بأهلها برحيلك لقد أصبحوا أيتاما على موائد اللئام، قتل منهم من قتل وشرد من شرد وهجر من هجر وأنت الذي حتى أثناء اختيار الشهادة والرحيل الى الكون الاسمى كانت فلسطين حاضرة في قلبك وفي ضميرك وعلى ضفاف شفتيك.

يا رفيقي تعلمنا الكثير الكثير من مسيرة حياتك الطويلة بالعطاء القصيرة بالزمن .. تعلمنا ان الامة العظيمة تخوض المعارك العظيمة لتبقى وتنتصر والا صار مصيرها الزوال ... نتذكرك كيف قدت معركة التأميم والحكم الذاتي والاصلاح الزراعي ومحو الامية وغيرها من المعارك ...

يا رفيقي لم يكن كلامك يوما الا بقدر عظمتك. وحين قلت أن " الشهداء أكرم منا جميعا" لم يكن يساورنا الشك بأنك ستقبل أن تنتهي حياتك بالشهادة، ولذا آثرت الاستشهاد، فكنت الرمز "الشهيد وابو الشهداء صدام حسين ".

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                             الاثنين  /  22  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  28 /  نيســـــــان / 2008 م