الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

كذب في بغداد وصدق في بروكسل

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

يقال إن عمر الكذب قصير وهذه حقيقة لا يمكن إغفالها, ونضيف لها إن عمر الكذب السياسي قصير جدا, وربما أن عمره لا يتجاوز في كل الأحوال الشهور الأولى من ولادته, وهناك الكثير من الأمثلة التي تصلح بأن يستشهد بها في العصر ألاحتلالي للعراق, فالاحتلال بحد ذاته قام على حزمة من الأكاذيب بدأت بأكذوبة أسلحة الدمار الشامل وعلاقة النظام السابق بالإرهاب وبالأخص مع أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة إضافة إلى أكذوبة القوى الخلاقة والتي تبين إنها هدامة وليس لها علاقة بالخلق والأخلاق, إضافة إلى ديمقراطية الدماء وحرية الوباء وحقوق الإنسان الذي تحولت مع الإنسان نفسه إلى أشلاء متطايرة في الهواء.

ولكن هناك من الأكاذيب التي ربما تكون من نتاج الفوضى الخلاقة لا تعمر سوى أسابيع فقط, وهي حالات تدل على عمق الحماقة وسعة الجهل وتنوع الغباء, لقد صبت كل التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء نوري المالكي ووزيرا الدفاع والداخلية والناطقين وما أكثرهم. بأن هدف صولة الغربان كان الغرض منها ملاحقة الميليشيات المسعورة والعصابات الإجرامية ومافيا النفط والمتشددين وغيرها من التسميات, وخرج عرابو الائتلاف العراقي المفتت ومنهم عمار طعمه ليؤكدوا بأنه ليس هناك علاقة بين الانتخابات المحلية المزمع إجرائها لاحقا والصولة المالكية, ورغم أن هذه السلعة التي روجت لها هذه الجهات تالفة ولا يمكن تسويقها إلا بين عناصر ومؤيدي الصولة أنفسهم, لكن بعض الأبواق الإعلامية التابعة للاحتلال والحكومة العراقية والأقلام المأجورة دافعت عن الصولة أما لكون هذه الأقلام نذرت مدادها لخدمة الاحتلال والحكومة, أو بسبب افتقارها للمعلومات الصحيحة وانسياقها وراء الدعايات أو لهشاشة أفكار وتحليلات أصحابها.

وكي لا يعاب علينا عدم وجود توثيقا في ما نكتب, سنستعرض بعض تصريحات المالكي في لقائه مع شبكة( CNN ) الأمريكية, فقد ذكر بأن الغرض من صولته" استهداف مجاميع خارجة على القانون وهي متعلقة بالمواني ومتعلقة ببعض عمليات التهريب والقتل، وقد تفهم كروكرهذا الموضوع" . وفي مكان آخر يقول "البصرة كانت ساقطة تماما بيد المليشيات، والآن عادت وبإمكانكم أن تذهبوا إلى البصرة، لتروا كيف يعيش الناس الآن فرحين ومستبشرين، الموانئ كانت ساقطة بيد عصابات التهريب والسلب والنهب، الآن عادت البصرة إلى حيويتها ، والآن ولأول مرة العراقيون يقفون بقوة ، حينما رأوا أن الدولة وقفت بحزم في مواجهة هذه العصابة ، يقفون إلى جنب الدولة". ويمكن الرجوع إلى بقية تصريحات المالكي وعلي الدباغ ونواب الائتلاف التي تصب في هذا الرافد, وكلها تؤكد بأنه ليس هناك أية علاقة بين الصولة والانتخابات!

ولكن كما يبدو أن أجواء بروكسل تختلف عن أجواء بغداد! وربما خرج المالكي من فلكه الدعائي هذه المرة, أو لجهلة بأن العولمة التي يرفع لوائها أسياده الأمريكان جعلت العالم مثل قرية صغيرة بحكم ثورة المعلومات والاتصالات, وان ما يصرح به في بروكسل سيصل فورا إلى بغداد! أو ربما أنطلق من رؤية خاصة وهي أن الشعب العراقي ربما يغفر له كذبه على عكس الغرب! أو وهذه قمة الرذالة بأنه يحترم الشعوب الأوربية أكثر من الشعب الذي صبغ أصبعه باللون البنفسجي لينتخبه وينتخب شلة من العملاء ليستعبدوه!
سر الملكي في بغداد كشفه في بروكسل وبعد أسبوعين من صولته, فقد أعترف لشبكة( CNN ) بأن مواجهة المسلحين في الجنوب أو بغداد أو الموصل, بهدف ضمان عدم قدرة الميليشيات التدخل في الانتخابات القادمة! ولن يكون هناك تلاعب بالنتائج؟

لسنا بصدد فتح دفاتر قديمة عن الانتخابات السابقة والتي تبين بعد اعترافات عدد من مسئولي المفوضية نفسها بشفافية تزويرها, وشفافية تدخل أطراف سياسية ومنها المجلس الأعلى وحزب الدعوة والتيار الصدري بنتائجها, ونقل صناديق بكل شفافية من الجارة إيران, تتضمن أوراق اقتراع كاملة, وأسدل الستار عن نتائج التحقيق كالعادة! انطلاقا من المثل العراقي" الفات.. مات" فلا نريد أن نلكأ جراح من صبغوا أصابعهم باللون البنفسجي لينتخبوا هكذا حكومات! لنترك الماضي ونتحدث عن المستقبل إذا كان الأمر هكذا! فهل يعني ذلك إن صولة الفرسان ستعمم على كافة محافظات العراق بما فيها المنطقة الشمالية على اعتبار وجود ميليشيا البيشمركة والتي من المؤكد أن تتجاوز تأثيراتها على الانتخابات رقعة المحافظات الثلاث التي تسيطر عليها لتصل إلى الموصل وديالى ناهيك عما تضمره من شر نحو كركوك بعد أن استوطنت حوالي(350) ألف كردي من إيران وتركيا وسوريا!

من جهة ثانية الم يكن الأجدر بالمالكي طالما أن الغرض من صولته ضمان نزاهة الانتخابات القادمة رغم أننا على ثقة بأنه لا انتخابات نزيهة تحت خيمة الاحتلال والنفوذ الإيراني في العراق, ولكن سنسايره قليلا, ألم يكون بوسعه أن يضع ضوابط صارمة حول طريقة الانتخابات بالشكل الذي يحقن دماء العراقيين دون الحاجة إلى صولات؟ أو أن يكلف وزارة العدل بمهمة مراقبة المراكز الانتخابية وأن يقتصر وجود رجال الأمن والشرطة على حراسة المراكز الانتخابية ولا يسمح لهم بدخولها أو التحدث من المواطنين؟

الم يكن من الأجدر بأن يطلب المالكي من الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بأن تتكلف بمراقبة المراكز الانتخابية وبذلك يضمن الشفافية والنزاهة التي يرغب بها كما يدعي؟

وما هو الموقف من ميليشيات بقية الاحزاب كحزب الدعوة والمجلس الأعلى والحزب الإسلامي وعشرات الميليشيات الأخرى المنتشرة في كل أرجاء العراق! هل ضمن المالكي عدم تدخلها في الانتخابات القادمة؟

وإذا جرت الأمور على هذا النحو الدموي قبل عدة أشهر من موعد الانتخابات فكيف سيكون الموقف خلال الأسبوع الأخير لإجرائها؟ وهل سيسبح العراقيون في بركة من الدماء الجديدة؟

هل التحضير للانتخابات يكون بهذه الطريقة الدموية؟ هل هو تحضير أم تدمير؟ وهل يجوز لرئيس الحكومة دستوريا أن يمنع شريحة كبيرة من العراقيين من خوض الانتخابات بسبب رؤيته الحزبية الضيقة؟

إذا كان المالكي يبغي حقاً نزاهة الانتخابات إلا تعتبر صولته بحد ذاتها من شواهد التزوير بضرب قوى كبيرة قررت أن تخوض الانتخابات وفق الدستور؟

لقد أفشل المالكي الانتخابات وهي في طورها الجنيني بصولته الشعواء والهوجاء, فقد زرع بذور فشلها بين طياتها, والنتيجة ستكون انتخابات بقيادة حزب الدعوة والمجلس الأعلى!

ولكن من جهة أخرى فأن الانتخابات القادمة ستضع شعبنا هذه المرة على المحك, فبعد أن كشفت حقيقة الأحزاب الحاكمة وأجنداتها الأجنبية ودرجة عمالتها, فخليق بالعراقيين أن يغسلوا أصابعهم ألف مرة من نجس الحبر البنفسجي الذي لوثوا به أياديهم في الانتخابات السابقة, وأن يفكروا ألف مرة قبل أن يغمسوها مجددا فيمن ينتخبون هذه المرة!

ومن الأولى بأن يسحب رجال الدين أياديهم من الشئون السياسية والدعايات الانتخابية وأن لا يسمحوا بأن يكونوا لعبة بأيادي السياسيين وقوات الاحتلال, فرضوا أم أبوا, لقد كانوا جزءا من مشكلة الانتخابات السابقة وعسى أن يكون ذلك درساً لهم ولغيرهم.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                             الاثنين  /  14  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  21 /  نيســـــــان / 2008 م