بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

ديمقراطية الصحافة في العراق المحتل

 

 

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

لم يجف بعد تراب شهيد الصحافة, نقيب الصحفيين العراقيين المرحوم شهاب التميمي الذي نال وسام الشهادة برقم (271) حتى أطل آكلي لحوم رجال الصحافة ببراثنهم الدموية علينا بقائمة جديدة تتضمن تصفية مجموعة من كبار كتابنا الأشاوس الذي يخدمون العراق بأقلامهم الحرة ممن أداروا وجهوهم الغاضبة للرئيس بوش وبصقوا على دولاراته الخضراء مؤكدين له بأن هناك حواجز كونكيريتية وأسلاك شائكة وحقول ألغام تحول بينهم وبين إغراءاته,وان الأقلام الوطنية لا تعرض في سوق النخاسة للبيع أو الأجرة, وأن كان هناك نفر ضال باع قلمه فأنه في الحقيقة قد باع نفسه قبل أن يبيع قلمه.

في قيمهم ومبادئهم التي تغذوا عليها كما يتغذى النحل من الزهور, يعتبرون القلم شرف وهوية ومواطنة وكرامة وسيادة واستقلال, قبل أن يكون مهنة أو هواية أو مصدر للرزق.

في عرفهم القلم سلاح مقدس لا يختلف في قوته ووقعه عن البندقية, و مداده الأيمان بعدالة القضية, درعهم الفولاذي في ساحة الوغى هو المواطنة الصميمية الذي لا تخرقه كل الأسلحة بما فيها أسلحة الدمار الشامل.

القلم يستمد مكانته وصفته من مكانة صاحبه فأن كان سيدا أصبح سيدا, وإن كان عبدا أصبح القلم عبدا كذلك.

القلم أسد في عرين من يمتلكه ولا يهاب القرود التي تتلاعب على أغصان الأشجار إنها تسليه بحركاتها الساخرة وسذاجتها وهي لا تجسر على التقرب منه فالأسد أسد والقرد قرد وشتان بين الاثنين.

بعد أن فشلت وسائل الترغيب لاستمالة هذه الأقلام الشريفة و عجز عن إسكاتها أو تحييدها, لثباتها على القيم والمبادئ التي تربت عليها, أرعب هذا الموقف خفافيش الظلام الذين فتقوا عبقريتهم بإتباع وسائل الترهيب, منطلقين في دعواهم الباطلة والساذجة بأن هذا الأسلوب من شانه أن يرعبهم و يبعدهم عن جادة الصواب, دون أن يدور في خلدهم بأن هذه النخبة قد نذرت نفوسها قبل أقلامها في سبيل الوطن وإعلاء شانه, وان طريق الحقيقة هو الطريق الوحيد الذي يسلكونه مهما بلغت الصعاب و اشتدت المشاق.

إن هذه القائمة العرجاء التي صدرت بحق (49) كوكبة من كتابنا من ضمنهم ثلاثة سيدات جاءت لتكشف زيف الجلباب الديمقراطي الذي تتخفى فيه الحكومة والأحزاب الدائرة في فلكها, فحرية الصحافة التي تتشدق بها الحكومة إنما هي الصحافة الموالية لها, وحرية الكلمة إنما تقصد بها الكلمة الزائفة التي تدمغ الحق بالباطل فتزهقه.

في هذه الوقت العصيب الذي يشتد فيه الخناق على أصحاب الأقلام الشريفة لا يسعنا سوى أن نضم صوتنا إلى صوت منظمة الدفاع عن الصحفيين العراقيين ونطالب كافة المنظمات المحلية والإقليمية والدولية بأن ترفع عقيرتها للمطالبة بحماية الصحفيين العراقيين داخل العراق وخارجة والضغط على الحكومة العراقية لسن قانون يؤمن الحماية للصحفيين, بدلا من تخصيص مقبرة يدفنوا بها كما قرر محافظ النجف الذي أفتتح بازار القتل بقراره المجحف!

ونقول لهذه الكوكبة البطلة بأن هذه القائمة إن كانت هي تهديدا من وجهة نظر العملاء فأنها نياشين بطولة من وجهة نظرنا, لأنها الدليل الساطع على نجاحكم في مهمتكم الشاقة ودليل ساطع بأن كلماتكم أدت غرضها ووصلت أسماع الغيارى والشرفاء وأصبحت مصدر خطر على أسماع العملاء والثقلاء.. فطوبى لكم ولا فوض فوكم ولله دركم من صناديد ألهموا الوطنيين حماسا واندفاعا بكتاباتهم الحرة, والتي كانت بحق اسواطا ملتهبة على ظهور الطغاة والعملاء. أنكم بحق الرقم الصعب في المعادلة السياسية ومن هنا يحاولون استهدافكم.

نبتهل إلى المولى الحافظ بأن يقوي عزيمتكم و يشد أزركم ويعلي كلمتكم ويثبتكم على قول الحق و أن يحميكم من كل الشرور ويقص أجنحة خفافيش الظلام قبل أن تصلكم بغدرها.. انه السميع المجيب.

دعوة إلى جميع كتابنا الأفاضل بضم صوتهم إلى صوت منظمة الدفاع عن الصحفيين العراقيين في الدفاع عن زملائهم ممن وردت أسمائهم في القائمة واستنكار هذه الأساليب غير الأخلاقية في التعامل مع رجال السلطة الرابعة.

 

 

 

 

شبكة المنصور

                                              الاحد /  16  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  23 / أذار / 2008 م