الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

صرخة من وراء القضبان لنوصلها معاً بثقة وأمان

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

من المرشح أن يدخل العراق في منافسة جديدة تمكنه من تحقيق مرتبة عليا في حقل جديد من حقول المصائب والكوارث البشرية, فبعد فوزه السابق في المرتبة الأولى بتقديم أكثر من مليون شهيد خلال فترة قياسية لم تتجاوز سنوات الاحتلال الخمسة, وترقيه لأكثر دولة في مجال الفساد الإداري والمالي, وأكبر دولة في تعدد الميليشيات, واكبر دولة في مستوى البطالة, وفي عدد الأرامل وعدد الأيتام, وفي عدد فرق الموت, وفي عدد المسئولين من المتجنسين بجنسيات أجنبية, وفي تسرب الطلاب من المدارس, وفي عدد المختطفين على أيدي الاحتلال وأجهزة الشرطة العراقية والحرس الوطني والميليشيات المفترسة, واكبر دولة في عدد اللاجئين داخل العراق وخارجه, وأكثر دولة في تنوع جوازات السفر(5) حالياً نافذة, وأردأ جيش في العالم, وأول دولة بعد إيران في عدد المعممين من المسئولين والنواب, والأولى في تصدير الإرهاب, واكبر دولة في تهريب النفط, وافشل دولة في العالم مع الشقيقة الصومال, فأنها مرشحة حالياً لتكون أول دولة في عدد السجون والمساجين, وتحت هذه اليافطة هناك عناوين فرعية يحتل العراق فيها أسبقية عن غيره فالعراق الديمقراطي الجديد يضم(36) سجنا معروفا ومسجلا لدى المنظمات الدولية, وحوالي (1000) سجن من النوع ألشبحي, فلكل وزارة سجون خاصة بها موزعة في محافظات العراق, ولكل حزب سياسي من الاحزاب الحاكمة سجن خاص به, ولكل ميليشيا سجون خاصة موزعة في العراق, ولكل وحدة من وحدات الاحتلال الأمريكية وحلفائها سجون خاصة بها, وفي شمال العرق سجون خاصة بالحزبين الكرديين موزعة في المحافظات الشمالية ومقرات الحزبين في المحافظات الوسطى, ومن ابرز السجون الأمريكية المعلن عنها والتي لا يسمح لأي منظمة دولية أن تزورها, ولا يسمح أيضا للحكومة العراقية ذات السيادة الكاملة كما تدعي أن تختلس النظر إلى داخلها! هي سجن كروبر, وبوكا, والمطار,قاعدة بلد, قاعدة الناصرية, وعين الأسد, وبادوش, وسوسة, وزرباطية, وقاعدة الإمام علي,وقاعدة الكوت, وسجن الاسكندرية وسجن الرستمية وفي كل معسكر أمريكي يوجد سجن!

تتحدث السيدة سحر الياسري ممثلة الاتحاد الأسري والسجناء السياسيين العراقيين بأن سجن أبو غريب على ما فيه من أهوال وفضائح يندي لها جبين الإنسانية ويخجل منها عتاة المجرمين وليس الشرفاء فحسب فأنه يعتبر" أرحم من بقية السجون", وتضم هذه السجون ما يقارب(400) ألف عراقي من الجنسين وبمختلف الأعمار, وتتحدث لغة الأرقام بأن من بينهم(6500) طفل و(10) آلاف إمرة, وتذكر المحامية بأن 95% منهن تعرضن إلى الاغتصاب!

في السجون الأمريكية - وهي سجون تشبه إلى حد ما معتقل غوانتنامو في الجزيرة الكوبية ولكنها ليست مؤجرة من الحكومة العراقية, كما عليه في غوانتنامو, حيث أجرت أمريكا الجزيرة من كوبا- يوجد في هذه السجون(150) ألف سجين عراقي أي حوالي ثلث مجموع السجناء العراقيين ومنهم أسرى حرب وقعوا بيديها خلال معارك الغزو عام 2003, ويفترض أن يتم التعامل معهم كأسرى حرب ويخضعوا إلى اتفاقيات جنيف الخاصة بالأسرى! لكن الغطرسة الأمريكية وعنجهية الاحتلال ترفض أن تتعامل معهم على هذا الأساس بالرغم من مضي خمس سنوات على أسرهم, كما إنها ترفض أن تعترف بأسماء المعتقلين وترفض زيارتهم من قبل المنظمات الإنسانية, وبالرغم من المحاولات التي بذلتها منظمة الصليب الأحمر ومنظمة العفو الدولية بهذا الصدد لكنها كانت محاولات فاشلة إزاء إصرار قوات الاحتلال على منع الزيارات! وحتى قانون العفو العام الذي أطلقته حكومة الاحتلال والذي شمل إطلاق عدد من السجناء فأن هذا القانون ليس له سلطة على سجون الاحتلال وإنما يخص سجون وزارة العدل فقط مستثنية منه السجون في إقليم كردستان حيث رفض البرزاني تنفيذه أسوة بقوات الاحتلال متذرعا بموافقة البرلمان الكردي عليه وكأنما النواب الأكراد الذين وافقوا عليه هم من خارج إقليمه!

في جحيم السجون الأمريكية خطباء جوامع تم اغتصبهم لأنهم نددوا بالاحتلال, وأبرياء اعتقلوا بسبب وشايات شخصية, ونساء اعتقلن واغتصبن لأن أزواجهن أو أبنائهن أو إخوانهن من رجال المقاومة الباسلة, وأطفال على نفس الشاكلة تم الاعتداء على شرفهم بوحشية, وكهول اعتقلوا بسبب تهم ووشايات أو لأن قوات الاحتلال عجزت عن اعتقال أبنائهم, وعدد كبير من المرضى والمعوقين الذين بحاجة إلى رعاية خاصة, المشكلة إن هؤلاء المعتقلين لا يعرفون مصير عوائلهم, ولا عوائلهم تعرف مصيرهم فالاحتلال منع كل وسائل الاتصال بهم.

هؤلاء المعتقلين يتعرضون إلى أبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ومنهم من توفي أثناء التعذيب ولم يبلغ ذويه ولم تصدر بحقهم شهادات وفاة, واختفيت جثثهم ودفنت في أماكن مجهولة, وربما ستلحق بالمقابر الجماعية التي ألصقت زورا وبهتانا بالنظام الوطني السابق! ومنهم من أصيب بعاهة مستديمة بسبب التعذيب كالعمى والطرش والخرس والعوق وتحتفظ بهم قوات الاحتلال خشية تراكم الفضائح التي تحاصرها من كل صوب!

جميع المعتقلين في السجون الأمريكية لم تصدر مذكرات توقيف بحقهم ومنعوا من الاتصال بالمحامين ولا احد يتابع قضاياهم, وهي حالة تتعارض مع كافة القوانين الدولية والقيم السماوية والمبادئ الإنسانية, فحتى عتاة الجرمين الدوليين يعرفون تهمهم وعقوبتهم ويسمح له بالحصول على محامي ويحظون بالرعاية الطبية, فما بالك بمعتقلين أبرياء تحجب عنهم جميع الحقوق المتعارف عليها!

إن المعتقل بين أربعة جدران لا يمكن أن يوصل صوته إلى الضمير الإنساني في ظل التعذيب والمهانة والإذلال التي يتعرض لها يوميا, ولا يمكن أن يوصل أنينه وآلامه وشجونه إلى خارج الأسوار, ولكنه يرنو بعينين إلى من هم خارجها كي يوصلوا عذاباته ومظلوميته وليساهم كل منهم بتسليط الضوء على هذه المعاناة البشرية, ويكسر الطوق الحديدي الذي فرضه الاحتلال عليهم بلا حق أو عدل!

إننا نطالب الأمم المتحدة ولجانها وبالأخص لجنة حقوق الإنسان ومنظمة الصليب الأحمر, وكذلك ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية وكل المنظمات الدولية المعنية بحقوق السجناء بان تتدخل في هذا الموضوع وتضغط على إدارة الاحتلال لإطلاق سراح المعتقلين.

ونطلب من المنظمات والاتحادات الوطنية في العراق بتحديد يوم يسمى( يوم التضامن مع المعتقل العراقي) ونطالب المنابر الوطنية بفتح زوايا وسجلات لجمع تواقيع أسماء المنددين والمناهضين لسجون الاحتلال الأمريكي والمطالبين بإطلاق سراح المعتقلين, ونهيب بالرسامين والنحاتين العراقيين والكتاب من أدباء وشعراء وقاصين أن يرفدوا بأعمالهم هذه القضية الانسانية ويجسدوا معاناة إخوانهم وأخواتهم رهن الاعتقال, وان يضغط الجميع على حكومة الذل لتبسط نفوذها على سجون الاحتلال وتجعلها تحت سلطة وزارة العدل العراقية! وان تسمح قوات الاحتلال بفتح سجونها أمام المنظمات الدولية لتطلع على أحوال المعتقلين العراقيين.

إن الغطرسة والعنجهية والاستخفاف بمصير البشر من ديدن الإدارة الأمريكية وفي كل حروبها السابقة فقد منعتها هذه الصفات القبيحة من الاعتراف بالخطأ الجسيم تجاه المعتقلين فلا هي اعترفت بالخطأ ولا تراجعت عنه فتحول الخطأ إلى خطيئة, وتحولت الخطيئة إلى جريمة والجريمة إلى إبادة جماعية!

لنضم جميعا صوتنا مع أصوات إخواننا وأخواتنا في سجون الاحتلال ومن المؤكد أن الصرخة ستكون أقوى وأشد وستقتلع كالإعصار جدران هذه السجون وسيصل صداها إلى الضمير الإنساني وتوقظه من سباته العميق, صرخة المظلوم تشق أعنان السماء فتدمع لها ويتحول غضبها إلى ريح زمهرير تعصف بكل القيود والأصفاد التي جلبها المحتل معه, وترفع الغطاء عن حقيقة الديمقراطية والحرية والشعارات الزائفة وتعريها من ورقة التوت الأخيرة.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الخميس /  18  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  24 /  نيســـــــان / 2008 م