الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

شركة استيراد وتصدير الشعوب بإدارة الشريكين أمريكا وإيران

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

من العجائب التي رافقت الاحتلال الأمريكي للعراق والتي ليس لها سابقة في صفحات التأريخ للشعوب المستعمرة بكسر الميم أو المستعمرة بفتح الميم هي عملية مسخ الشعوب وتغييرها, فالاستعمار الفرنسي والبرتغالي والاسباني معروف بقسوته على الشعوب التي استعمرها خلال القرنين الماضيين وقد حاولوا أن يفرضوا لغاتهم وهويتهم وثقافتهم على تلك الشعوب المنكوبة وهذه المشكلة مازالت تعاني من وطأتها الدول الأفريقية ومنها دول المغرب العربي التي استعمرتها فرنسا, ودول أمريكا اللاتينية التي استعمرتها اسبانيا, فقد حاولت الدول الاستعمارية أن تعصف بهوية هذه الشعوب الثقافية ولكنها بالرغم من الجرائم التي ارتكبتها بحقهم فأنها لم تحاول أن تستبدلهم بشعوب أخرى.

والاستعمار الأمريكي بلا شك من ابغض وجوه الاستعمار في جميع مراحل الامبريالية العالمية وأكثرها جرما بحق الإنسانية منذ نشوء الدولة وحتى أفولها بأذن الله كما توقع الكاتب فوكوياما, فمن المجازر الوحشية التي ارتكبت بحق الشعب الأمريكي الأصيل الهنود الحمر إلى مجازر الفصل العنصري ضد الجنس الأسود إلى استخدام القنابل الذرية ضد الشعب الياباني إلى الممارسات الوحشية في فيتنام وكوريا وكمبوديا والصومال ولبنان وفلسطين وأفغانستان والعراق

تاريخ تفوح منه رائحة الدم ودخان الحرائق وركام التدمير, ويتعارض مع كل القيم الإنسانية السماوية والأرضية.

بعد الغزو الأمريكي للعراق تم تدمير كافة البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية للشعب العراقي, ولم يبقى ركن في الدولة العراقية أثناء الحكم الوطني لم تمتد لها أيادي الشيطان الأكبر لتعبث بها, وان تركتها فإنما هي مكرمة منها للشيطان الأصغر ليمارس فيها السحر الأسود ضد الشعب العراقي وللإجهاز على ما تبقى منه. وليست تلك الممارسات غريبة أو جديدة عن الاستعمار, لكن الذي أستجد بغزو العراق ظاهرة غريبة وشاذة هذه المرة وهي ترحيل الشعب العراقي عن وطنه وتوطين أجانب بدلا عنه وهي ظاهرة مدمرة من المؤسف انه لم يلتفت إليها الكثير ويدركوا تداعياتها المستقبلية على العراق.

وأتخذ هذا الاتجاه مسارين أولهما برعاية أمريكية مباشرة عندما تم استصحاب عدد من الأجانب ذوي الأصول غير العراقية وتسليمهم زمام الحكم في العراق وأكثرهم من أصول إيرانية, وتم اعتبارهم كمواطنين عراقيين بحجة أن النظام الوطني السابق أبعدهم لتبعيتهم الايرانيه, والمجموعة الثانية كانت حفنة من العراقيين الذين تجنسوا بجنسيات أجنبية وتركوا العراق منذ عقود وتمت أعادة الحقوق إليهم باعتبارهم مواطنين عراقيين من الدرجة الأولى, رغم أن العديد منهم اسقطوا طوعيا جنسياتهم العراقية, ويحتل هؤلاء معظم الوزارات والبرلمان العراقي والسفارات العراقية في الخارج, لذلك كان أول ما طالبوا به تشريع قانون ازدواج الجنسية واعتبار اللغة الفارسية كلغة رسمية في العراق ومحاولة تضمين هذه الفقرة في الدستور. وهذه حالة فريدة ومبتكرة في التاريخ الاستعماري ليس لها سابقة بمثل هذا الحجم والخطورة.

الموضوع الأخطر تمثل بغض نظر أمريكي مقصود لعملية ترحيل المواطنين العراقيين داخل وخارج العراق وهو أمر يتناغم مع القاعدة الاستعمارية المعروفة فرق تسد, حيث استخدمت وسائل قسرية لإعادة توزيع خارطة السكان وفق القياسات المذهبية والعنصرية, بتهجير السنة من المناطق الشيعية وتهجير الشيعة من المناطق السنية لوضع حجر الأساس لفدرالية عبد العزيز الحكيم واستجابة للرؤية الإيرانية والأمريكية والإسرائيلية لمستقبل العراق ومن ثم المنطقة العربية وإعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط الجديد. وتشير المفوضية العليا للاجئين بأن عدد المهجرين داخل العراق تجاوز(1,9) مليون عراقي!

وبالرغم من وعي الشعب العراقي لخطورة هذا الوضع والذي تجلى بصورة رائعة في عدم استجابة العشائر العراقية في الجنوب لمنطق الفدرالية المزعوم وتمرد العديد من القوى ضد منطق التقسيم وخلق كانتونات هشة لا تخدم سوى أعداء العراق, لكن الوضع ما يزال ينذر بالخطر, فلم تتخذ الحكومة العراقية خطوات جادة لمعالجة هذا الخلل بل العكس هو صحيح فأن عدم اكتراثها بالموضوع يعني رغبتها باستمرار بقاء الوضع كما هو عليه أو دعمه لأنه يخدم رؤية الأحزاب العميلة الممثلة في الحكومة والبرلمان, من ثم يصب في خدمة الفدرالية الطائفية ومصالح الأجندات الخارجية.

الموضوع الأكثر خطورة هي عملية ترحيل العراقيين من وطنهم وتوطين أجانب بدلا عنهم, حيث تشير المفوضية العليا للاجئين بأن عدد العراقيين المرحلين إلى دول الجوار وبقية دول العالم يزيد عن (2) مليون عراقي, أكثر من (1,2) مليون في سوريا وما يقارب(750) ألف في الأردن و(120) ألف في مصر و(100) ألف في إيران و(50) ألف في لبنان وحوالي (200) ألف موزعين على بقية دول العالم .

ومن المؤسف إن حكومة الذل لم تتخذ خطوات جادة لإعادة العراقيين إلى وطنهم ما عدا حملة إعلامية صغيرة استمرت حوالي الشهر بعد أن أشاعت الحكومة تحسن الوضع الأمني وعاد البعض من سوريا والأردن ليفاجئوا بالمعارك الضارية بين القوات الحكومية وجيش المهدي ويكشفوا خدعة الحكومة واستغفالها لهم, وكان عدد منهم ما يزال يأمل بالعودة إلى دياره بعد أن وجدوا بأنها مغتصبة من قبل الغير, أو مسلوبة من محتوياتها, وهذه ظاهرة لم يشهدها التأريخ الاستعماري للشعوب! ولم تتمكن الحكومة الهزيلة من إعادة الحق لأصحابه ونزع البيوت من براثن مغتصبيها, ورغم أدعائها بمنح قروض لدعم هؤلاء المساكين فإنها التفت كالأفعى عليها بوضع شروط قاسية وتعجيزية, كما لم تتمكن من أعادة السنة إلى مناطقهم الشيعية أو الشيعة إلى مناطقهم السنية, لتكشف حقيقة إن هذه الحكومة ليست سوى عجوز حمقاء تستند على عكاز أمريكي بقبضة إيرانية وتمشي في أرض وعرة, ولكن سقوطها الحتمي أكيد بعون الله وهمة المجاهدين من أبنائه الغيارى.

الشعب العراقي المرحل قسريا يئن في غربته الموحشة والعراق يئن من بعد أبنائه عنه ويئن أكثر من توطين أجانب غرباء بدلا عنهم, فبعد الانتخابات المزيفة السابقة قام الأكراد بجلب ما يقارب(500) ألف كردي من دول الجوار ووزعوهم على المحافظات الشمالية وخصوصا كركوك بهدف تحقيق أغلبية عند الاستفتاء المزعوم والذي ولد ميتا والحمد لله, ومازالت هذه الفئة الهجينة تستوطن شمال العراق وتشكل ضغطا على أرضنا الحبيبة. وبنفس الوقت دفعت إيران ما يزيد عن(750) ألف إيراني إلى جنوب العراق ووسطه بحجة أنهم طردوا من قبل النظام الوطني السابق, بالرغم من الجميع يعرف بأن المبعدين من التبعية الإيرانية لم يتجاوزا عشر هذا الرقم, فمازالت الأرقام تتزايد يوم بعد آخر كما كشفت المصادر الحكومية نفسها عبر تصريحات محافظ كربلاء وبعض المسئولين في وزارة الداخلية, وكانت الخطة الإيرانية مستكملة شروط تنفيذها وأعدت بطريقة محبكة من خلال تدمير وحرق وثائق الجنسية و دوائر التجنيد وتمكنت الأحزاب الموالية لها من إصدار هويات وشهادات جنسية جديدة لهؤلاء الوافدين الجدد, وأن عمليات استبدال جوازات السفر وشهادات الجنسية الجديدة ليست سواء فبركة الغرض منها اكتساب هؤلاء الوافدين جنسيات عراقية.

إن عملية تصدير واستيراد الشعوب وترحيل الشعب العراقي وتوطين الغرباء بدلا عنه يعتبر ماركة تجارية مميزة تتم بإدارة أمريكية إيرانية مشتركة وتحت رعاية إسرائيلية كفوءة ويمكن مفاتحة الشركة ( شركة استيراد وتصدير الشعوب) عبر وكلائها الموزعين في جنوب ووسط العراق حصرا( المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة) ووكلائها في الشمال حصرا ( الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) ولمزيد من المعلومات يمكن الاتصال بالموزعين في مجلس النواب العراقي من أتباع الاحزاب المذكورة والتبعية فقط.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                              الاحد  /  21  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  27 /  نيســـــــان / 2008 م