الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

البعث الذي لم تفهمه كما ينبغي ...!
الحلقة الخامسة والأخيرة
الأحزاب الشيوعية العربية
الحزب الشيوعي العراقي ـ نموذجا
نشأة مشبوهة وتاريخ اسود

 

 

 

شبكة المنصور

المحامي هاشم العبيدي / السويد

 

اقتبست هذه العبارة ( نشاة مشبوهه وتاريخ اسود) التي هي عنوان يحمله كتاب سوري باربعة اجزاء صدر في دمشق في اواخر الثمانينيات من القرن العشرين (القرن الماضي) ، كعنوان للحقلة الخامسة للاسباب التي سنبينها فيمايلي:ـ

جاءت قراءة ( الرعيل الاول) للشيوعية وبالتالي نظرتهم السلبية اليها من خلال مواقف الاحزاب الشيوعية العربية المعادية فعلا لتطلعات وطموحات جماهير امتنا العربية فكانت هذه الاحزاب رديفة تماما للشعوبية والقوى الاستعمارية الغربية بحيث يمكن معها القول بانها كانت احزاب بافكار وافدة وبذور غريبة عن هذه الارض وهذه الامة بمواقفها المعادية والتي منها مايلي: ـ

1ـ النفي المطلق وانكار وجود الامة العربية وتجاهل التاريخ والتراث العربيين، اذ ترى الماركسية ضمن مفهوم فلسفتها في المادية التاريخية بشان المسالة القومية بان (وجود الامم ليس بظاهرة خالدة ، فمع انتصار الشيوعية في العالم اجمع ونشوء نظام عالمي موحد للاقتصاد الشيوعي فان الضرورة الاقتصادية لبقاء الامم سوف تزول وتزداد امكانية تجمع الناس المنتمين الى قوميات شتى وتنشأ الحاجة الملحة الى لغة عالمية واحدة ويتعاظم التاثير المتبادل بين مختلف الثقافات وتتكون السمات الشيوعية العامة للامم المختلفة وتنعدم تدريجيا الفوارق بين الامم وتقوم انسانية واحدة لاقومية على هذا الكوكب الجميل تجمعها لغة واحدة وثقافة غنية متنوعة واحدة تتمثل فيها كل التقاليد الرائعة...) !.

فازاء طوباوية هذا المفهوم الماركسي بخصوص نشوء الامم والشعوب والقوميات وبالرغم من الالتزام الايدلوجي بهذا المفهوم رسميا كما يبدو ظاهريا فان الشيوعيين الروس يعتزون ويهتمون باللغة والثقافة والتراث والتاريخ الروسي الا ان الاحزاب الشيوعية العربية تهمل هذا الجانب بالنسبة للامة العربية وحقها في تقرير مصيرها في دولتها العربية الواحدة وتنكر اهمية وضرورة الوحدة العربية بل انها وقفت وتقف ضدها وتؤكد عدم جدواها استنادا الى بعض الاراء الشيوعية الخاطئة التي ترى انه ليست هناك امة عربية واحدة وانما هناك شعوب ناطقة بالعربية او انها في مرحلة النشوء اوفي طور التكوين فانها بنفس الوقت تدعو وتطالب و تركز وتهتم بحماية حقوق ولغة وثقافة الاقليات القومية والدينية الموجودة في اقطار الوطن العربي...!!!

2 ـ موقف الحزب الشيوعي العراقي المؤيد للاحتلال البريطاني للعراق على اثر ثورة مايس عام / 1941 القومية التحررية وفي اثناء الحرب العالمية الثانية والذي عبر عنه (يوسف سلمان يوسف ـ فهد )السكرتير العام لحزب الشيوعي العراقي انذاك في تقريره المقدم الى اللجنة المركزية للحزب في اجتماعها المنعقد في 17/مايس / 1942 حيث اعتبر فيه جيش الاحتلال البريطاني للعراق في بمثابة جيش تحرير ودعى فيه الى مساندة هذا الجيش المحتل بدلا من الدعوة الى مقاومته والذي جاء فيه ( نظرا لان أي اذى يصيب أي جزء من الجبهة الديمقراطية العالمية الموحدة لابد من ان يؤثر على الاتحاد السوفيتي ، فان حزبنا ينظر الى الجيش البريطاني الذي يحارب النازية الان كجيش تحرير وبكلمات اخرى فان دعمنا للجبهة الديمقراطية العالمية الموحدة يعني ان نكون الى جانب الانكليز ... ولذلك فان علينا ان نساعد الجيش البريطاني في العراق بكل طريقة ممكنة ونسهل خصوصا نقل المواد العسكرية بواسطة السكك الحديد وان نراقب المتاجرين والمخربين ونحترس من حوادث مماثلة لما حصل مؤخرا من نسف لقطار الحلة ...). ولكن (يوسف سلمان يوسف ـ فهد / فريدريك) يدرك جيدا مدى حجم العداء وعمق الكراهية اللذين يكنهما شعب العراق للمستعمرين الانكليز وتصديه لهم لذا نجده يرواغ في تبرير مثل هذا الموقف( المخزي ـ المشين) المؤيد والداعم لقوات الاحتلال البريطاني الغازيه للعراق عام 1941 ويستدرك هذا الامر المرفوض شعبيا بالقول( ...ولكن وقوفنا الى جانب الانكليز بهذه الطريقة لا يعني ... ان تكون اعمالنا موجهة من قبلهم او ان تكون نتيجة لتدخلهم ، ان اعمال حزبنا تنبع ـ بالطبع ـ من سياسة مستقلة ...سياسة مبنية على مصالح الشعوب المحاربة للفاشية ـ ومصالح بلدنا وشعبنا وطبقتنا العاملة...)

ولا ادري كيف تحولت ( الحرب العالمية الثانية) من حرب التناقضات الرأسمالية... حرب الامبرياليين الاوباش ...حرب الكواسر والضواري والوحوش ...كما كانت تصفها الادبيات الشيوعية وانقلبت فجأة من طبيعتها العدوانية الامبريالية الى حرب تحرير وانقلبت الجيوش الاستعمارية الفرنسية والبريطانية والامريكية الى جيوش تحرير...

ولا ادري اين تكمن مصالح بلدنا وشعبنا وطبقتنا العاملة من هذا الموقف اللاوطني ( الخياني) الذي كان يقفه ( فهد/ فريدريك) وحزبه المؤيد لبقاء ومساندة ودعم الجيوش الاستعمارية الغازية والمحتلة للعراق عام 1941.

وهل كان الانكليز وعملائهم الخونة من الذين اشتهروا بولائهم لبريطانيا من امثال نوري السعيد وصالح جبر وغيرهما ومن هم على شاكلتهما يريدون اكثر من هذا الموقف؟

وبالمقابل فان الموقف الوطني تجلى في جلسة مجلس الدفاع الاعلى المنعقد في 13 / شباط / عام 1940 لوزارة الدفاع حينما اقترح نوري السعيد ، ارسال فرقتين عراقيتين لمعونة الحلفاء في البلقان، فقال له الفريق الركن(حسين فوزي) رئيس اركان الجيش ( تقترحون ياباشا ارسال فرقتين من الجيش العراقي الى البلقان؟ فلو مرت الفرقتان بحلب واستوقف الحلبي الجندي العراقي يسأله ( خيو فين راحين ؟ فيجيبه العراقي : الى البلقان نحارب الالمان ، فماذا تنتظر من الحلبي الا ان يقول : الله ... الله وهذه سورية ... وهذه فلسطين).

حقا كان على العراق ـ اذا كان لديه فضل قوة ـ ان يحرر فلسطين من الانكليز وسورية من الفرنسين قبل ان يرسل جنديا واحدا الى جبهات الحرب التي لا يعنيه من امرها شيء تماما.

لذا فليس امرا مستغربا او بجديد ان يحذو الان ( حميد مجيد موسى البياتي) السكرتير العام الحالي للحزب الشيوعي العراقي وفي هذه المرحلة الراهنة بالذات حذو زعيمه ( يوسف سلمان يوسف ـ فهد / فريدريك) في تأييد الاحتلال الامريكي الغاشم للعراق ، اذ اعتبر هو الاخر قوات الاحتلال الامريكي الغازيه للعراق عام /2003 بمثابة ( جيش تحرير) وموقفه هذا ينسجم ويتطابق تماما مع موقف (رفيقه الاول ) في تأييد الاحتلال البريطاني للعراق عام 1941 ودعوته الى مساندة ومساعدة القوات البريطانية الغازية!!!

وبعد الحرب العدوانية البريطانية على العراق واحتلاله عام 1941 واخماد ثورة مايس القومية التحررية ، اسند الى صالح جبر منصب وزير الداخلية خلال الاعوان (1941 ـ 1943) فاندفع بشراسة في اضطهاد ( القوميين ، انصار ومؤيدي الثورة) وشدد في الاجراءات القمعية ضدهم فقام وباوامر مباشرة من اسياده المحتلين الانكليز بالتنكيل بالقوميين واعتقل اعداد كبيرة من المواطنين العراقيين وبضمنهم بعض (اولاد وعوائل واقارب الشهداء ابطال ثورة مايس القومية التحررية) كــ ( المرحوم نزار ـ ابن الشهيد البطل العقيد الركن ـ صلاح الدين الصباغ والذي كان طالبا في الكلية العسكرية واسقطت عنه الجنسية العراقية والمرحومة ـ مديحة السلمان ـ زوجة الشهيد البطل العقيد الركن الطيار ـ محمود السلمان) وكذلك ملاحقة اللاجئين العرب المقيمين في العراق كما يجرى الان من قبل الصفوين عملاء امريكا وايران، وكان في مقدمتهم البطل الفلسطيني المعروف المجاهد الشهيد ـ عبد القادر الحسيني ـ ووضعهم في معتقلات اعدت خصيصا لهم كمعتقلي العمارة والفاو ، فاشتد حماس الشيوعيين العراقيين في تلك الفترة لمتابعة وتعقب وملاحقة ـ القوميين ـ الذين كان الشيوعيين يسمونهم بـ ( النازيين) والذين كانوا هم في ـ الحقيقة والواقع ـ قوميون مخلصون لامتهم العربية و معادون للاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية وكانوا يعملون من اجل انهاء النفوذ البريطاني في العراق سياسيا وعسكريا واقتصاديا ويسعون من اجل تحقيق ـ الوحدة العربية ، فكان الحزب الشيوعي العراقي ـ يتولى من خلال منتسبيه جمع المعلومات عن هؤلاء القوميون واعداد قوائم باسمائهم فيقوم ( يوسف سلمان يوسف / فهد ) ـ السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي ـ بتسليمها الى اخيه ( داود سلمان) ليوصلها الى زوج اختهما المدعو ( الياس حداد ) الذي كان يعمل كـ ( جاسوس ) في دائرة الاستخبارات البريطانية في البصرة التي كانت تمارس نشاطها تحت غطاء ( دائرة العلاقات العامة ) والتي كانت تقوم بدورها بتحويل تلك التقارير التي كانت تتضمن الاسماء والمعلومات عن القوميين الى مديرية التحقيات الجنائية التابعة لوزارة الداخلية في بغداد التي كانت تتولى اعتقال من يرد اسمه والمعلومات عنه في تلك القوائم والجدير بالذكر ان (اليا س حداد) زوج شقيقة ( يوسف سلمان يوسف ـ فهد ) كان قد اعتقل من قبل مديرية شرطة لواء البصرة ـ قسم التحريات ـ بتاريخ 25 / 4/ 1941 بتهمة التجسس لحساب ادراة الاستخبارات العسكرية البريطانية لقيامه بتتبع تحركات الجيش العراقي واستعداداته وجاهزيته في الايام الاولى لثورة مايس عام 1941 ...!!! كتاب ( للتاريخ لسان / ص57 للقيادي الشيوعي السابق ـ مالك سيف) وكتاب ( صفحات من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق / ص28 ـ صلاح الخرسان).

3 ـ موقف الحزب الشيوعي السوري من الاحتلال الفرنسي لسوريا ـ في الوقت الذي كانت فيه الاقطار العربية ترزح وتئن تحت وطأة الاحتلال الاجنبي ( جيوش الحلفاء) وكان الاتجاه العام لحركة الجماهير العربية ضد هذا الاحتلال الاجنبي من خلال المطالبة بتشديد النضال لانهائه والتخلص منه بما فيه الاحتلال الفرنسي لسوريا التي كانت الحركة الوطنية فيها تسعى لتحقيق الاستقلال التام والناجز ، كان الشيوعيون السوريون يمجدون بالتحالف الغربي مع الاتحاد السوفيتي وبعد الهجوم الالماني عليه في 22/حزيران ـ يونيو / 1942 ويضعون التناقض العالمي بين ( الحلفاء والمحور ) محل التناقض الاساس بين مصلحة الجماهير العربية وبين قوات الاحتلال الاستعمارية وكانوا يرفعون في المظاهرات الشعبية صور( ديغول) ممثل الامبريالية الفرنسية الى جانب صور(ستالين) وينطبق هذا الامر ايضا على مواقف الاحزاب الشيوعية في المغرب العربي التي كانت ترى في تحرير فرنسا من الاحتلال الالماني تحريرا لاقطار المغرب العربي وقد تقاعست هذه الاحزاب عن اداء واجبها الوطني المطلوب في مقاومة قوات الاحتلال الاجنبية ( الاحتلال الفرنسي) اثناء حروب التحرير الوطنية في هذه الاقطار وبذلك تلاشى دورها نهائيا في الحياة السياسية العامة .

4 ـ مواقف الشيوعيين من قضيتي فلسطين والوحدة العربية والتي تتعاكس اجمالا وبالضد من مصالح وطموحات واماني امتنا العربية وكما يلي:ـ

أ ـ الموقف من القضية الفلسطينية ، انحسم هذا الموقف نهائيا لصالح قرار تقسيم فلسطين الذي اصدرته الامم المتحدة في 29/ تشرين الاول ـ اكتوبر / 1947 والذي ساهم الاتحاد السوفيتي في اصداره وكان ثاني دولة بعد الولايات المتحدة الامريكية تعترف بعد عشرة دقائق من اعتراف الاولى انشاء الكيان الصهيوني ، ثم مطالبة الشيوعيين وفقا للموقف السوفيتي المبتذل بتحويل ( الهدنة المؤقتة) الى ( صلح دائم) وبضرورة الاقرار والاعتراف والصلح مع العدو الصهيوني الغاصب للارض العربية وبالضد من ارادة الجماهير العربية ومصالحها العليا وخلافا للموقف الشعبي العربي الرافض للمشروع الصهيوني كليا وبرمته ولايختلف موقف الشيوعيين الفلسطينين عن موقف الاحزاب الشيوعية العربية بهذا الخصوص وليس غريبا او من قبيل الصدفة ان ينغمر شيوعيون وماركسيون سابقون في الاندفاع بقوة للدعوة الى التطبيع مع الكيان الصهيوني وحضور الندوات والحوارات والمؤتمرات التي تعقد لهذا الغرض كندوة ـ كوبنهاكن ـ مثلا.

ان اسقاط شعار او مفهوم تحرير كامل التراب الفلسطيني من البحر الى النهر قد جرى فعلا في اطار الاحزاب الشيوعية العربية تبعا للموقف السوفيتي ثم تبنته لاحقا القوى اليمينية في حركة التحرر العربية كالجناح الذي كان يقوده ياسر عرفات من حركة فتح في منظمة التحرير الوطنية الفسلسطينة.

فالحزب الشيوعي العراق الذي كان اكثر الاحزاب الشيوعية العربية عطفا وتأيدا ولهفة وتبنيا للاهداف الصهيونية في فلسطين بتاثير العناصر اليهودية الصهيونية التي كانت مهيمنة على مركز القرار والمفاصل الاساسية للحزب ليس فقط في دفع الامور الى تأييد قرار التقسيم فحسب بل ايضا الى تبني مواقف كانت اكثر تهالكا الى حد الترويج للافكار المفاهيم والدعوات والشعارات الصهيونية الصارخة التي لازالت اثارها باقية لحد الان في مجمل ثقافة اغلب منتسبيه.

ب ـ الموقف من الوحدة العربية باقتراح او دعوة من اللجنة التنفيذية للاممية الشيوعية ( الكومنترن) ، عقد في موسكو في خريف عام 1935 مؤتمر لدراسة ومناقشة موضوع ( التقارب والتعاون بين الاقطار العربية ) حضره مندوبون من الاحزاب الشيوعية العربية وبضمنهم ( يوسف سلمان يوسف/ فهد / فريدريك) السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي انذاك و ( حاييم اورباخ ) زعيم الشيوعي اليهودي ( الاسرائيلي ) لاحقا ـ وأوصى المندوبون المشاركون في المؤتمر او با لاحرى اتخذوا قرارا برفض شعار ( الوحدة العربية) واعتماد شعار( الاتحاد العربي) الذي اصبح بمرور الايام شعارا منسيا ومهملا بل وميتا.

كان مقعد ( خالد بكداش ) زعيم الحزب الشيوعي السوري والنائب في البرلمان السوري هو المقعد الوحيد الذي بقي خاليا حين التصويت على مشروع الوحدة بين مصر وسوريا التي شكلت الجمهورية العربية المتحدة في22/ شباط عام 1958 .

وعلى اثر ثورة 14 / تموز /1958 استخدم الحزب الشيوعي العراقي شعار ( الاتحاد العربي) في محاولة تكتيكية مرحلية منه للوقوف ضد هدف ( الوحدة) بانضمام عراق الثورة الى الجمهورية العربية المتحدة الذي نادت به القوى القومية وفي مقدمتها حزب البعث العربي الاشتراكي وكان هدف ( الوحدة) يومها قاب قوسين او ادنى كما اعرب الصحفي المصري المعروف ـ مصطفى امين ـ الذي كان يشغل رئاسة تحرير ( اخبار اليوم) القاهرية لوكالة انباء الشرق الاوسط في 21/ اذار ـ مارس /1959 بانه ( لو جرى استفتاء حر بالعراق ايام تموز عام 1958 لصوت 99% من العراقيين الى جانب الوحدة الكاملة ) كتاب ـ العراق في عهد قاسم ـ ج2 ـ اراء وخواطر ـ 1958 ـ 1988 ـ جرجيس فتح الله).

وكان شعار ( الاتحاد العربي ) الذي رفعه الحزب الشيوعي العراقي آنذاك وضمن ( اتحاد فدرالي وصداقة سوفيتية) كان يعني بالضرورة رفض فكرة الوحدة العربية شأنه في ذلك شأن شعار ( الوحدة المدروسة) المؤجلة لصالح تكريس الاقليمية والابقاء على التجزئة القومية .

ولقد قيل لـ (حسين الرضي ـ سلام عادل) في احد اجتماعات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ( انت ضد الوحدة العربية ... لانك ايراني) ، ص 94 من كتاب ( الماركسية السوفيتية والقضايا العربية ـ الياس مرقس ـ دار الحقيقة للطباعة والنشر بيروت ـ تموز ـ يوليو 1973 ).

عندما كان بسمارك بصدد انجاز تحقيق الوحدة الالمانية فقد سئل ماركس عن رأيه في ذلك فاجاب ان (بسمارك) ينجز جزء من عملنا فقيل له كيف ذلك ، فقال انه يحقق وحدة الامة الالمانية وبالتالي يحقق وحدة الطبقة العاملة الالمانية؟

ويتخذ الموقف الشيوعي عموما من ( الوحدة العربية) شكلا متأرجحا دائما بين التأييد اللفظي الخجول والتردد الذي ينحسم في الغالب وفي النهاية بالرفض التام والمطلق لصالح الدعوات الاقليمية لحماية وبقاء واقع التجزئة القومية وتكريس والحفاظ على ـ الكيانات القطرية ـ التي رسمت حدودها انامل ضباط اتفاقية ( سايكس ـ بيكو ) السيئة الصيت والتي كانت حدودا هندسية ومصطنعة اوادارية تحت الحكم العثماني ، وتحت ذرائع كاذبة وحجج واهية للخصائص القطرية الذاتي الناجمة حسب الادعاء من اختلاف الظروف السياسية وتباين الاحوال الاجتماعية وتفاوت الاوضاع الاقتصادية وتحت ستار ضمان و قناع الدفاع عن حقوق الاقليات القومية والدينية اللغوية منها والثقافية، اذ ان هذه الاحزاب الشيوعية العربية قد نشأت وظهرت بتأثيرات خارجية وضرورات أملتها مصالح ـ الحركة الشيوعية الدولية ـ التي هي بطبيعتها حركة ذات اهداف وتأثيرات دولية بعيدة عن معاناتنا الذاتية وخارج نطاق دائرة اهتماماتنا وطموحاتنا الوطنية والقومية الخاصة بنا كأمة عربية واحدة سواء من الناحية السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية او الثقافية...ألخ

اذ ولدت هذه الاحزاب ولادة قيصرية عسيرة ... اذ ان هذه الاحزاب قد ( نشأت اول مانشأت على يد افراد من الاقليات القومية والعنصرية او الطائفية ) من الاعاجم كاليهود والفرنسين والاسبان والطليان واليونانيين والفرس( وفي اوساط هذه الاقليات فقد اثر هذا العامل في تركيب الاحزاب الشيوعية المحلية وقياداتها ، فحال دون تحقيق الاندماج الضروري بين الحركة الوطنية والثورة الاجتماعية ، وبين العقيدة القومية والعقيدة الاشتراكية العلمية...) من ( تاريخ الاحزاب الشيوعية في الوطن العربي م ص21 و 58 و59) د. الياس مرقص و ( مجلة شؤون عربية ـ الوحدة العربية / العدد/ 43 ـ ايلول / سبتمبر/ 1985 ـ مقالة ذوقان قرقوط (ظاهرة التجزئة في الوطن العربي / ص24 ـ 25 و(كتاب ـ للتاريخ لسان ـ الحزب الشيوعي العراقي ـ حزب الاقليات /ص/ 115 ـ 122) القيادي الشيوعي السابق ـ مالك سيف).

سلكت الاحزاب الشيوعية العربية مسلك الاتجاه الاقليمي الشعوبي من قضية الوحدة العربية وخصوصا معاداة قيادة الزعيم الراحل ( جمال عبد الناصر ) والابتهاج وتأييد الانقلاب الانفصالي الرجعي العميل الذي وقع في سوريا في 28 ايلول عام 1961 بتخطيط امريكي وتمويل سعودي وتغطية اردنية باعتراف الملك ( سعود ) بعد خلعه.

فاذا كانت مصادر الفكر والثقافة والمعرفة والتربية السياسية لدينا تنبع كما يزعم السيد المرادي من جذور وتاثيرات ( ماسونية) التي انتجت مايسميها بـ ( الفاشية الدموية) عام 1963 ، فهل يدلنا السيد المرادي الى مصادر ذلك الفكر وتلك الثقافة والمعرفة والتربية السياسية التي انتجت مثل هذه ( الهجمة البربرية) التي اغرقت العراق عام 1959 بالدماء والاحزان والدموع والتي تمثلت في تلك المذابح التترية البشعة والمجازر المغولية المروعة التي ارتكبتها مفارز المقاومة الشعبية الشيوعية في العراق من خلال اعدامات ( المحاكم البرولتيارية) والجرائم الاانسانية اثناء (حمايتها ) لنظام (عبد الكريم قاسم ) وتحت شعارات وسط هتافات دموية هستيرية التي كانت تطلقها حناجر منتسبي منظمات الحزب الشيوعي العراقي كمجموعات ( انصار السلام مطلقي الحمامات البيضاء الى السماء ودعاة الديمقراطية والحريات ولجان صيانة الجمهورية وفتيات ونساء رابطة الدفاع عن حقوق المرأة واتحادات النقابات العمالية والمهنية والجمعيات الفلاحية والشبيبة الديمقراطية والطلاب في اثناء المسيرات والتظاهرات والاحتفالات والفعاليات التي كانت تنظمها او تقيمها منظمات الحزب الشيوعي العراقي في تلك الفترة التي سميت بـ " المد الاحمر " والتي اتخذت او جعلت من الاعدام مطلبا والموت عنوانا والقتل راية والسحل شعارا والحبال انشودة والتي كانت تدعو وتحث وتحرض وتشجع وتطالب " الزعيم الاوحد ـ عبد الكريم قاسم " بضرورة الاسراع بانزال عقوبة الموت والاعدام عقابا ضد من كانوا يصفونهم بـ " اعداء الثورة من القوميين الخونة والعملاء المتامرين على الجمهورية والزعيم" من خلال تلك الهتافات الدموية "اعدم...اعدم ...اعدم...جيش وشعب يحميك من كل خائن" و" اعدم ...اعدم ...لاتكول(تقول) ماعندي وكت (وقت) اعدمهم الليلة (هذه الليلة)" و " ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة".و " يامناضلي الموصل ياشرفاء ... زين سويتوا هالعملاء " و " يامقاومة الموصل يامناضلين ... زين سحلتوا هالمتامرين"

ان هذه الجرائم التي تمثلت تمثلت في اعدامات (الدملماجة) واعمال القتل والسحل لاعداد كبيرة من المواطنين الأبرياء والتمثيل بجثثهم بتعليقها على اعمدة النور ( الكهرباء ) والتي ارتكبتها مفارز المقاومة الشعبية في الموصل بالتنسيق والتعاون مع العصابات البرزانية ـ التي نزلت من مناطقها في الجبال بشمال العراق وادخلت الى المدينة بايعازمن ( الملا مصطفى البرزاني) امتثالا منه لاوامر ( عبد الكريم قاسم ) في استباحة ( مدينة الموصل) انتقاما منها على اثر فشل ثورة الشهيد العقيد الركن ـ عبد الوهاب الشواف ـ والتي استمرت اسبوعا في الثلث الاول من شهر اذار ـ مارس عام 1959 ثم مجازر ( مدينة كركوك) التي استبيحت هي الاخرى لمدة اربعة ايام في اواسط تموز ـ يوليو من العام نفسه والتي نظمتها واشرفت عليها لا بل ارتكبتها اعضاء لجنة محلية كركوك للحزب الشيوعي العراقي بالتنسيق والتعاون مع منظمة الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) في كركوك والتي نفذتها مفارز ـ المقاومة الشعبية ـ فيها والتي كانت اغلبية عناصرها من الاكراد الشيوعيين...!!!

تم تنفيذ هذه الفضائع اللاانسانية البشعة ( مذابحة الموصل) و (مجزرةكركوك) وسط اجراءات حظرالتجول من قبل عناصر ـ المقاومة الشعبية ـ التي استطاع الحزب الشيوعي العراقي النفاذ اليها والسيطرة عليها بواسطة الضباط الشيوعيين سيطرة تامة مطلقة وسخرها لتنفيذ مأربها في تصفية من اعتبرهم معادين له ويالتالي فانها اصبحت بمثابة ذراعه العسكري ، لذا فقد جرى حلها رسميا في تموز عام 1959 ، أي بعد سنة من تشكيلها وعلى اثر شجب واستنكار ( عبد الكريم قاسم) وادنته الصريحة لاعمال الشيوعيين الذين وصفهم بـ ( الفوضويين) وبان هولكو والمغول عند احتلالهم بغداد والصهاينة في مجزرة (دير ياسين) لم يرتكبوا مثل هذه الفضائع ( خطاب عبد الكريم قاسم عند افتتاحه كنيسة ماريوسف ببغداد يوم 19/تموز/1959 ومؤتمره الصحفي الذي عقده يوم 29/تموز1959).

هذا وكانت مفارز الاعدام والقتل والسحل المشكلة من رمز المقاومة الشعبية المكلفة بتنفيذ ( مذابح الموصل ) و ( مجازركركوك) وقد زودت في تلك المدينتن المنكوبتين قوائم بالاسماء المطلوب تصفيتهم معدة مسبقا ومؤشرا عليها ازاء اسم كل ضحية ، عنوان سكنه ومحل اقامته ، اذ كان يتم انتزاعه من داره وهو بملابسه الراحة او النوم في احيان كثيرة وسط ذهول وبكاء وتوسلات افراد عوائلهم من النساء كالزوجات والبنات والامهات والاباء المسنين وامام عيون وفزع اطفالهم الصغار، حيث كان يتم ربط الضحية سواء من يديه او رجليه كيفما جرى بحبل بمؤخرة سيارة اعدت لااستخدامها لهذا الغرض ، فيصار الى سحل الضحية وهو( حي) بحركة السيارة وسط صراخ الضحية بالقول (خاطر الله) وجواب القتلة السفاحين باستهزاء ( الله في اجازة) والتي تطوف بالضحية وبهم شوارع المدينة وتحت ضرباتهم له بالرغم من الانيين والالام بالهروات والسلاسل المعدنية حتى كان يلفظ انفاسه في النهاية فيتولى اعضاء المفرزة ربط وتعليق جثته او مابقى منها على احد اعمدة النور ( الكهرباء ) وسط تلك الهتافات الدموية وبالاخص ذلك الهتاف الدموي ( ماكو مؤامرة تصير والاحبال موجودة) واعمال النهب والسلب وسرقة اموال وممتلكات الضحايا وغيرهم من المواطنين اصحاب المحلات في المدينة واحراق السيارات او تدميرها من قبل هؤلاء المجرميين...

كما جرى على سبيل المثال مع الشهيدة( حفصة العمري) التي قتلت وسحلت ومثلت بجثتها وعلقت على احد اعمدة الكهرباء اثناء مذبحة ( مدينة الموصل) والشقيقين الشهيدين المقدم الطبيب احسان خيرالله والرائد عطا خيرالله اثناء مجزرة كركوك والشقيقين الشهيدين ( كمال وعبد الامير الطويل في مدينة بغداد ( الكاظمية) والشهيد المقدم جلال احمد ـ امر كتيبة المدفعية في معسكر محمد القاسم من تشكيلات قيادة الفرقة الاولى الذي كان قد احيل على التقاعد بتهمة تاييد او تعاطفه مع ثورة الشهيد عبد الوهاب الشواف والذي قتل وسحلت جثته ومثلت بها وعلقت على اعمدة الكهرباء من قبل عدد من الجنود الشيوعيين وبتحريض احد العرفاء .

وهل يستطيع السيد المرادي اخبارنا عن المصادر الفكر التي انتجت مثل تلك القسوة الرهيبة التي مورست ضد الضباط القوميين المعتقلين على اثر فشل ثورة الشهيد الشواف في اذار ـ مارس عام 1959لانتزاع الاعترافات منهم او لاجبارهم على التوقيع على افادات كاذبة لادانتهم معددة سلفا ومن قبل الضباط الشيوعيين الاوباش الذين كانوا يتولون التحقيقات معهم بحضور واشراف قياديين شيوعيين اثناء عمليات التعذيب الوحشية لاولئك الضباط القوميين المتهمين والمحالين الى اللجنة التحقيقية العسكرية الخاصة المكلفة بالتحقيق معهم والتي كانت تضم العقيد جلال بالطة والعقيد طه البامرني والعقيد حسن عبود والعقيد الركن هاشم عبد الجبار الذي لقب بـ ( كاسترو جلولاء) والذي كان اكثراعضاء اللجنة التحقيقية حقدا واشدهم قسوة وابرزهم تفننا في عمليات تعذيب الضباط القوميين المعتقلين وبمشاركة ضباط حراسة معتقل كتيبة دبابات الرشيد ، وكان هذا الاخير يردد ويقول ان ( عبد الكريم قاسم) كان يستقبله دائما في تلك الفترة و ينتظره في مقره بوزارة الدفاع في كل ليلة حتى تنتهي اعمال التحقيقات اليومية لينقل اليه تفاصيل تلك التحقيقات ونتائجها ولتلقي توصياته بشأنها والجدير بالذكر ان ولدة العقيد الركن ( هاشم عبد الجبار ) كانت قد ارضعت ( عبد الكريم قاسم ) حينما كان طفلا رضيعا.

وهل يخبرنا السيد المرادي عن ضرورات واسباب تلك المهازل التي كان تجري من قبل هتافة الحزب الشيوعي العراقي الذين كانوا يكلفون دائما بالحضور والهتاف في اثناء ( محاكمات المهداوي ) وسط الصراخ والزعيق والصخب والهتافات الهستيرية ( باسمك ياشعب...يحكم المهداوي) و ( على عناد صوت العرب ...يحكم المهداوي ) و ( عاش قصاب الخونة ...فاضل المهداوي ) و ( عاش الزعيم الي ايد المهداوي ) مع القاء الاشعار والاهازيج والهوسات فيقوم احدهم قائلا ( ماذا تريدون فيجيبوه الاخرون (اعدام الخونة) وكذلك تلك الخطب الرنانة وتلك التعليقات الاستفزازية السمجة ذات الطابع التهريجي ( ناصر الاستعمار ) و ( جمال عفلق الحوراني ) و ( ومن صاخ حقير الى مشير فطير ) و ( والنفط في كيب والبلح في كيب تاني ) و ( القومية العربية المزيفة) و التي كانت تلقى اعجابا واستحسانا وتشجيعا من قبل قيادة الحزب الشيوعي العراقي والتي كان يطلقها العقيد ( فاضل عباس المهداوي ) رئيس المحكمة العسكرية العليا الخاصة ( محكمة الشعب ) بالاشتراك مع العقيد الركن ( ماجد محمد امين ) رئيس هيئة الادعاء العسكري العام للسخرية والاستهزاء والاستهانة بالمتهمين المحالين الى (المحكمة ) ومحاولة النيل من كرامتهم الشخصية بكيل السباب الرخيص وتوجيه الشتائم اليهم وكانت المحكمة منبرا لشتم حركة القومية العربية ومحاولة تسفيه الفكر القومي العربي والتنكر للوحدة العربية وتوجيه السباب والشتائم لقيادة الجمهورية العربية المتحدة ...الخ وما كان يكلف به دائما المحامي ( جميل دنو ) للقيام بدور محامي الدفاع عن المتهمين والذي لم يكن في الحقيقة سوى تمثيلة حيث لم يكن المذكور خلالها يتولى المذكور خلالها مهمة الدفاع عن موكليه المتهمين بل كان يتبارى ويتسابق مع ممثل الادعاء العام لاثبات وتاكيد الاتهامات الموجه ضد المتهمين بدلا من القيام محاولة القيام بنفيها وتفنيدها ،كما يقتضي واجبه كمحامي الدفاع ، اذ شكلت جملة هذه التصرفات انتهاكا صارخا لروح ومبادئ العدالة واساءة بالغة الى سمعة ونزاهة القضاء وتجاوزا فظا لحرمة القانون والقضاء معا واعتداء صريحا على حقوق المتهمين المصانة قانونا أي كان خطورة التهم الموجهة اليهم وخرقا واضحا لحقوق الانسان ، ومما يلفت النظر ان محاضر الجلسات ( محاكمة المهداوي) التي طبعت كمجموعة انيقة وبمجلدات ضخمة ضمن (21) جزء تمت اصدارها كمؤلف رسمي في عهد ( عبد الكريم قاسم) لا يصار الاستشهاد بها ابدا او الاستناد اليها كمعين او كمصادر للمقالات والكتابات والمؤلفات التي تناولت تلك المرحلة العصيبة لانها بالتاكيد وبلا ادنى شك لاتسعف اولئك الذين يحاولون تبيض صفحة ( عبد الكريم قاسم) وعهده الاسود.

ثم هل يخبرنا السيد المرادي عن المصادر التي تدعو وتشجع وتبيح العدوان على الاخرين من خلال تلك الاعمال الاستفزازية والاعتداءت اليومية المتكررة التي كانت تشكل مناظر مألوفة في تلك الفترة العصيبة والتي كانت تقوم بها عناصر المقاومة الشعبية على التجمعات والفعاليات والاحتفالات التي كانت تقيمها القوى القومية في معظم مناطق العراق وخاصة في العاصمة (بغداد) مع اطلاق الهتافات الاستفزازية اثناء المسيرات والتظاهرات التي كانت ينظمها الحزب الشيوعي العراقي ومن هذه الاعتداءت والاستفزازات على سبيل المثال مايلي:ـ

1 ـ الاعتداء بالضرب على المشاركين من حاملي اللافتات القومية وشعارات الوحدة وتمزيقها في التظاهرة الكبرى التي جرت يوم 5/ اب ـ اغطس /1958 امام مبنى وزارة الدفاع ببغداد ابتهاجا وتأييدا لثورة 14 تموز...

2 ـ الهجوم الذي تعرضت اليه الاحياء القومية في بغداد ( الاعظمية ، الوزيرية ، الكرخ ، الجعيفر ) وسط الهتاف الاستفزازي ( خمسة بالشهر ...ماتوا البعثية) الذي اطلق في تلك التظاهرة التي سيرها الحزب الشيوعي العراقي تاييدا واسنادا لـ ( عبد الكريم قاسم) على اثر البيان الرسمي المذاع من الاذاعة يوم 5/11/1958 باعتقال العقيد الركن ( عبد السلام عارف) فور عودته من المانية الاتحادية(بون) بتهمة التامر على "الجمهورية والزعيم"...

3 ـ الهجوم الذي تعرض البه المشاركون في الاحتفال الجماهيري الذي دعي الى اقامته ـ البعث والقوى القومية الاخرى ـ بمناسبة ذكرى 6/ كانون الثاني / 1959 والذي حضرته جماهير غفيرة احتشدت في منطقة الاعظمية ببغداد والتي عبرت عن مشاعرها ودعمها وتأييدها للقوى القومية التي منعت من المشاركة في المسيرة التي نظمتها سلطة ( عبد الكريم قاسم) بالتعاون والتنسيق مع الحزب الشيوعي العراقي ، حيث ارسلت مفارز من الانضباط العسكري لتفريق الجماهير المحتشدة التي رفضت ذلك واشتبكت مع عناصر وافراد تلك المفارز التي بادرت باطلاق النار باتجاه تلك الجماهير التي اتجهت نحو جامع ( ابي حنيفة) واعتصمت فيه واعتقلت تلك المفارز عددا من الشباب القومي الذين ارسلوا الى المعتقلات والسجون الامر الذي اثار استياء وسخط وغضب الضباط القوميين.

4 ـ الاعتداء الذي تعرض اليه الجماهير المشاركة والتي دعتها ـ القوى القوميية ـ للاحتفال بمناسبة ذكرى وثبة كانون وذلك في يوم 27/ كانون ثاني /1959 التي بدأت مسيرتها من منطقة الاعظمية باتجاه ملعب الكشافة رغم حرص المشرفين على تنظيم المسيرة بضرورة التقيد بالتعليمات التي تقضي عدم رفع او التلويح بالشعارات القومية ( الوحدوية) التي قد يفسره الطرف الاخر بانها بمثابة استفزاز له في حالة رفعها والتي من شأنها ان تتخذ حجة او ذريعة على انها خروج او تجاوزات من قبل القوى القومية على اتفاق احزاب جبهة الاتحاد الوطني التي كانت على وشك الانهيار في تلك الايام اذا ، حيث رفع انصار ـ الحزب الشيوعي العراقي ـ الشعار الاستفزازي المعروف والذي اطلق اثناء هذا التجمع الجماهيري ( جيم ...جيم...جبهة ...جبهة وطنية ...بيها عرب واكراد ...مابيها بعثية) و ( جيم ...جيم ...جبهة وطنية ...بيها عرب واكراد ...مابيها قومية) ، الامر الذي ادى في النتيجة الى وقوع مصادمات وحدوث اشتباكات بين الطرفين...

5 ـ الاعتداء الوحشي بالضرب بالايدي والهروات والعصي والقناني الزجاجية والطابوق والحجر على منتسبي سفارة الجمهورية العربية المتحدة في بغداد ودبلوماسيها المعتمدين ومدعويها اثناء الاحتفال الذي اقامته السفارة لمناسبة الذكرى السنوية الاولى لوحدة مصر وسورية وميلاد الجمهورية العربية المتحدة اضافة الحشود القومية التي حضرت للمشاركة ابتهاجا لهذه المناسبة مساء يوم 22 / شباط ـ فبراير / 1959 وسط شعارات مبتذلة اطلقها الشيوعيون ( شيلوا سفارتكم ...مانريد وحدتكم) و ( جمهوريتك ياكريم ...مستحيل تصير اقليم) و ( جمهوريتك يازعيم ...مستحيل تصير اقليم ) و ( لا وحدة ولا اتحاد ...نبقى جمورية عرب واكراد) و( عاشت الجمهورية العراقية الخالدة) و ( فلتسقط القومية العربية المزيفة) و( سنمضي ...سنمضي الى مانريد ونسحل جمال واحمد سعيد) و ( سنمضي ...سنمضي الى بور سعيد ...ونسحل جمال واحمد سعيد) ، وتسلق بعض الغوغاء سياج وجدران بناية السفارة واخذوا بقذفونها بالحجارة والطابوق مما ادى إلى جرح العقيد عبد المجيد فريد ـ الملحق العسكري ومعاونه المقدم طلعت صدقي دون ان تحرك القوة المكلفة بحماية السفارة ساكنا بالرغم من حضور اللواء الركن ( احمد صالح العبدي ) رئيس اركان الجيش والحاكم العسكري العام والعميد الركن ناظم الطبقجلي قائد الفرقة الثانية الذي كن موجودا في بغداد والعقيد رفعت الحاج سري مدير الاستخبارات العسكرية والرائد الركن صبحي عبد الحميد من القيادة العامة للقووات المسلحة وعدد اخر من كبار الضباط المدعوين ...

وهل يدلنا السيد المرادي الى تلك المصادر التي كانت تبيح توجيه الشتائم القبيحة وكيل السباب الرخيص اتجاه قيادة (الجمهورية العربية المتحدة) والزعيم الراحل( جمال عبد الناصر) الذي كان له الدور الريادي البارز في النضال القومي التحرري للامة العربية والموقف المشرف في تأييد واسناد ودعم ثورة 14 تموز، وتحريض السوقة والرعاع والغوغاء من قبل منظمات الحزب الشيوعي العراقي للقيام بالاعتداء بالضرب على موطنيها بموفديها من الاطباء والمهندسين والاساتذة والمدرسين وغيرهم المعارة خدماتهم رسميا الى العراق وتولي كوادر الحزب الشيوعي العراقي ومن خلال صحافته بشن الحملات الاعلامية (الاذاعية والصحفية) عليها وتنظيم المسيرات والتظاهرات المعادية امام سفارتها ببغداد ومحاصرتها والاعتداء على مواظفيها الدبلوماسين العاملين فيها والخارجين والداخلين اليها خلافا للاصول والاعراف الدبلوماسية وتزيين الدواب ( الحمير والبغال) والكلاب السائبة بالشرائط الملونة وحسب الوان علم ( الجمهورية العربية المتحدة) وتعليق صور قيادتها وربطها برقاب تلك الحيوانات بصورة غير لائقة وغير مقبولة وبشكل مخزي ومزري واطلاقها في الشوارع العامة او وضعها امام المسيرات والتظاهرات التي كانت تنظمها او تشرف عليها منظمات الحزب المذكور سواء في مناطق العاصمة (بغداد) او في بقية المحافظات الاخرى ، الامر الذي كان يثير اشمئزاز الناس وسخطهم على مثل تلك الاعمال والتصرفات اللاأخلاقية الخالية من الذوق والتي كانت اقرب الى الكرنفالات التهريجية واعمال السيرك منها الى المسيرات السياسية التي كان يجري من خلالها اطلاق الشعارت المعادية والهتافات الاستفزازية تجاه القوى القومية ...

وهل يخبرنا السيد المرادي عن المصادر التي ادخلت البذاءة في الادب السياسي العراقي بصيفة غير مقبولة وغير مألوفة قبلا وبهذه الدرجة من السقوط وهذا الشكل من الانحدار بحيث كانت اقوال واشعار ( الملا عبود الكرخي ) في (مجرشته) ووخزات دبابيس ( نوري ثابت) في جريدته ( حبزبوز) تمثل دعابات خفيفة ازاء مثل تلك المفردات والهتافات المبتذلة الخالية من الذوق التي كانت تطلقها عناصر الحزب الشيوعي العراقي في المسيرات والتظاهرات التي كانت تسيرها والتي منها :ـ

(وحدة مايغلبها غلاب ...عربانه يجرها جلاب "كلاب") و ( وحدة مايعلبها غلاب ...عربانه متروسة جلاب ) و ( وحدة مايغلبها غلاب ...جمال جراب ابن جراب ) و( العن "ابوجمال " بويه...لا بو وحدته ...بوية) و ( القومية مايدرون ...جمال عنده ذيل وكرون "قرون") و( البعثين مايدرون جمال عنده سبع كرون "قرون") و ( هوب ...هوب ...عفلق ...كدامك الطسه...جمال وقع بالخره ماحدسمع حسه) و( لاوحدة ولا اتحاد ...ولا وجه جمال الكواد) وكذلك الترويج لمفردات سياسية جديدة ظهرت للتداول لاول مرة في الشارع السياسي في تاريخ العراق الحديث ، بحيث كانت مثل تلك المفردات ( قومي متامر، بعثي خائن ،عفلقي ، ناصري عميل ) تطلق جزافا على القوى القومية في محاولة لتعبئة الجماهير واستعدائها ضد هذه القوى وذلك من خلال العمل على تقسيم الشارع السياسي الوطني باطلاق صفات "الوطنية، الديمقراطية ، التقدمية" على الشيوعيين وصفات ( والعمالة والتامر والرجعية ) على القوى القومية التي كان الحزب الشيوعي العراقي متحالفا معها حتى الامس القريب في( جبهة الاتحاد الوطني) وظهور تهم جديدة جاهزة ومتداولة مثل ( سب الزعيم والجمهورية) و ( متامر على الجمهورية والزعيم)...

وقد اشتدت حملات الارهاب والقمع والتنكيل ضد القوى القومية على اثر وبعد فشل ثورة الشهيد العقيد الركن ( عبد الوهاب الشواف) في الموصل في اذار ـ مارس /1959 ضمن عمليات الهجوم والمداهمة اليومية التي كانت تقوم بها مفارز وزمر المقاومة الشعبية المدججة في بالاسلحة ( الرشاشات والمسدسات ) على الاحياء السكنية وبيوت الموطنين من ذوي الاتجاه القومي واشاعة اجواء الرعب والفزع والخوف بين العوائل الساكنة في تلك الاحياء والبيوت من النساء والاطفال والشيوخ بحجة البحث والتفتيش عن الاسلحة المخبأة حسب زعمها والتي يمكن استخدامها في تنفيذ المؤامرات ( الموهومة) التي قد تحاك ضد ( الزعيم والجمهورية) او تحت ذريعة التحري للقبض على الاشخاص المطلوبين الواردة أسماؤهم في القوائم لديها من المتهمين بالاشتراك بمثل تلك المؤامرات وبالتالي خلق حالة من التوتر والقلق والريبة تجاه العوائل المعروفة بميولها القومية او المواطنين الرافضين للشيوعية واعمال وتصرفات الشيوعين حتى بلغت الامور في بعض الحالات حدا لايطاق من خلال التشكيك واتهام كبار المسؤولين البارزين ايا كانت صفاتهم او مناصبهم التي كانوا يشغلونها كبعض الوزراء وكبار قادة وضباط القوات المسلحة بالتامر وبالتالي العمل على تفتيش سياراتهم الرسمية اثناء مرورها من نقاط السيطرة والتفتيش التي اقامتها مفارز المقاومة الشعبية في جميع مناطق العاصمة(بغداد) ومختلف انحاء العراق ، كمحاولة تفتيش سيارة الفريق الركن ( محمد نجيب الربيعي ) رئيس مجلس السيادة الذي كان بمارس مهام ( رئيس الدولة ) ، وسيارة اللواء الركن ( احمد صالح العبدي ) رئيس اركان الجيش والحاكم العسكري العام وسيارة العقيد الركن ( عبد الوهاب الشواف) امر اللواء الخامس/ فق2 وسيارة العقيد ( عبد المجيد جليل) مدير الامن العام وعدد من كبار ضباط القوات المسلحة رغم تعريفهم لانفسهم وهوياتهم الشخصية ومناصبهم الرسمية اثناء مرورهم بسياراتهم من نقاط السيطرة والتفتيش ومن دون أي جدوى لاقناع تلك المفارز التي كانت تصر على اجراء عمليات التفتيش لهم بقصد استفزازهم من جهة وخلق انطباع او شعور لديهم بان الاوضاع قد اصبحت علنا تحت السيطرة الفعلية للمقاومة الشعبية حتى في الشوارع العامة من جهة اخرى فقد وصلت الامور في تلك الى درجة تم معها حجز واعتقال شاعر العراق المعروف المرحوم (بدر شاكر السياب) ...

حيث بلغت هذه الاوضاع ذروتها الامر الذي دفع الحزب الشيوعي العراقي الى تنظيم تظاهرة حاشدة سيرها لمناسبة عيد العمال العالمي في 1/ مايس ـ ايار / 1959 كان يتصدرها معظم قادة الحزب المذكور مطالبا باشراكه في السلطة السياسية رسميا وتخت شعار ( عاش زعيمي عبد الكريمي ... حزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيمي) و( عاش الزعيم عبد الكريم ... حزب الرفاق حزب عظيم) و( عاش زعيمي عبد الكريمي ...اعدام الخونة مطلب عظيمي) و ( عيني كريم للامام ... ديمقراطية وسلام).

وانحدرت الاوضاع السياسية نحو الدموية من جديد على اثر تنفيذ اعدام الضباط القوميين الذين كان اغلبهم من حركة الضباط الاحرار والتي اقدم عليها ( عبد الكريم قاسم) والتي جرت في ثلاث وجبات كانت الاولى في اذار ـ مارس والثانية في اب ـ اغسطس والثالثة في ايلول ـ سبتمبر من العام /1959 واستمر انحدارها نحو الهاوية فاندفعت المظاهرات الصاخبةفي حشود ضخمة انطلقت من منطقة الاعظمية والتقت مع تلك التي قدمت من منطقة الجعيفر في الكرخ وكذلك سائر المناطق الاخرى تطوف شوارع العاصمة ( بغداد) وارتفعت الاصوات المدوية التي طالبت علنا ولاول مرة بالموت لـ ( عبد الكريم قاسم) وسقوطه من خلال ذلك الهتاف الشهير ( ثوري يابغداد ثوري ... خلي قاسم يلحك نوري) و( يابغداد ثوري ثوري خلي قاسم يلحك نوري) .

وبدأت القوى القومية وبضمنها حزب البعث العربي الاشتراكي بالتفكير جديا للتخطيط بتصفية ( عبد الكريم قاسم) ثأرا للشهداء من الضباط القوميين الذين اعدمهم ، وعندما لاحظت قيادة الحزب القطرية ان هناك تلكأ و تباطؤا و ترددا لدى تلك القوى في القيام بمثل هذه العملية ، فقد اتخذت قرارها بتولي الامر بنفسها وتحمل المسؤولية لوحدها ودون ابلاغ او اعلام حتى القيادة القومية للحزب بذلك خشية رفضها مثل تلك العملية التي جرت من خلال محاولة الاغتيال الجريئة التي لم يكتب لها النجاح والتي نفذتها كوكبة من شباب الحزب مساء يوم الاربعاء المصادف 7/ تشرين او ـ اكتوبر / عام 1959 اثناء مرور سيارة ( عبد الكريم قاسم) في منطقة رأس القرية بشارع الرشيد ببغداد اذ تم فتح النار عليها من كلا جانبي الشارع فاصيب اصابات بالغة نقل على اثرها الى مستشفى دار السلام لمعالجته ...

وازدادت حملات الملاحقة شدة وشراسة وتصاعدت اعمال القمع والاعتقال بشكل لم يسبق له مثيل ضد مناضلي الحزب على اثر تلك المحاولة ، فسارعت قيادة الحزب الشيوعي العراقي بالرغم من الجفوة والقطيعة اللتين كانتا تسود علاقتها مع ( عبد الكريم قاسم) بالتقرب والتزلف اليه من خلال تسيرها للمظاهرات الصغيرة التي منعت بسبب حظر التجول الذي فرض على بغداد الى ان قام الحزب المذكور بتنظيم مظاهرة سيرها تأييدا للـ ( الزعيم الامين) لمناسبة شفائه وخروجه من المستشفى فيما سمي بـ ( يوم السلامة والابتهاج) الذي اعتبر عطلة رسمية طيلة العهد القاسمي واطلقت كورس الحزب الشيوعي العراقي ذلك الهتاف المبتذل ( زعيمنا سلامات ...كواويد بعثية).

واكتسب حزب البعث العربي الاشتراكي احترام الشارع السياسي ونال اعجاب قطاعات واسعة من المواطنين وخاصة الشباب منهم اضافة الى شريحة واسعة من الضباط الذين كانوا يتابعون بكل شغف واهتمام محاكمة تلك الكوكبة من شباب البعث المتهمين بمحاولة اغتيال (الزعيم ) والذين كانوا يردون الصاع صاعين لابن خالته ( المهداوي) اثناء المحاكمة بكل جراءة وصلابة ودون خوف او وجل والذين استقبلوا احكام الاعدام التي اصدرتها ( محكمة المهداوي) ضدهم بكل شجاعة وشموخ وايمان كما هو حال مقاتلي الحزب اليوم في مقاومتهم لقوات الاحتلال الامريكي واثناء المحاكمات الصورية التي تجري لهم من قبل الغزاة المحتلين الامريكان وعملائهم.

هل يخبرنا السيد المرادي عن المصادر التي خلقت ظاهرة عبادة الفرد ونشوء الصنمية لاول مرة في تاريخ العراق الحديث من خلال اسباغ هالة من القدسية والافراط في الثناء وتمجيد شخص ( عبد الكريم قاسم) من خلال مفردات والقاب روجت لها صحافة الحزب الشيوعي العراقي في تلك الفترة والتي زادت عن اكثر من (99) لقبا شخصيا مثل ( الزعيم الاوحد) و( الزعيم الامين) و ( الزعيم المغوار) و ( الزعيم البطل) و( الزعيم الملهم) و( الزعيم العبقري) و ( الزعيم المقدام) و( الزعيم الغضنفر) و( الزعيم الديمقراطي) و( بطل الثورة) و( حبيب الملايين) و( حبيب الشعب ) و( ابن الشعب البار) و( الرجل الرجل) و( الرجل الذي لاينام) و( محطم الاغلال والعبودية) و( قاهر الاستعمار) و( ابن العامل والفلاح) و ( مفجر الثورة) و( محرر الشعب العراق)...الخ وذلك لابرازه ووضعه بالضد من شخصية الزعيم الراحل ( جمال عبد الناصر) التي بلورتها الاحداث السياسية وصنعتها المعارك الكبرى وابرزتها التحديات سواء في تحقيق جلاء القوات البريطانية عن ارض مصر وتأميم قناة السويس والبدء بتطبيق قانون الاصلاح الزراعي وتصفية الاقطاع والمباشرة في بناء السد العالي وكسر احتكار الغرب للسلاح ومقاومة النفوذ الاستعماري والعمل على تصفية المصالح غير المشروعة والتصدي للمشاريع والاحلاف العدوانية الاستعمارية والتزامه بالفكر القومي العربي ودعوته الى الوحدة العربية الشاملة بدء بتحقيق وحدة مصر وسورية في دولة واحدة باسم ( الجمهورية العربية المتحدة) والعمل من اجل استعادة وتحرير فلسطين في تلك المرحلة التاريخية الحاسمة من تاريخنا القومي الحديث .

هل يدلنا السيد المرادي الى المصادر التي تدعو وتشجع وتبيح التطاول والاستهتار بالمثل والاستهتار بالقيم والاستهانة بالمشاعر الدينية وتمزيق صفحات القران الكريم ورميها بالارض والسخرية من الايات الكريمة ففي بعض الحالات التي كان الشيوعيون فيها يستهزؤن ( والعياذ بالله) بالايات القرانية حيث اضافوا كلمة ( وخصاويهم) الى اخر الاية الكريمة ( اليوم نختم على افواههم وتكلمنا ايديهم وتشهد ارجلهم ... ) ، مع السخرية من اسماء بعض السور القرانية الكريمة مثل ( سورة النمل ) وتسميتها بـ ( البرغوث) و(سورة البقرة) بـ ( الكركدن) و(سورة الحديد) بـ (التنك)... ثم المجاهرة بالالحاد والتباهي به واشهاره و اعلانه امام الملآ والتطاول على الانبياء والرسل (عليهم الصلاة والسلام) وتسفيه الفكر الديني والاذان والصلاة وترديد المقولة الماركسية البائسة( الدين افيون الشعوب) والقول بمادية الحياة والكون والاستخفاف بعقول علماء الدين والفقهاء وخطباء المساجد والمصلين او الملتزمين بالدين عموما مع العمل على ترويج الافكار الالحادية ونشر وتداول الكتب الالحادية وذلك بوضعها بشكل بارز ويجلب النظرامام واجهات المكتبات الخاصة التي كانت تدار من قبل الشيوعيين او مؤيديهم مثل كتاب ( اين الله) و( الله في قفص الاتهام) و( اوهام الدين) الامر الذي كان يثير استياء الناس وسخطهم بل وغضبهم الشديد لهذا التحدي السافر لمشاعرهم الدينية وقد وصل الامر الى قيام احد مدراء التربية ( المعارف) من الشيوعيين الذين تسنم بعضهم مديريات التربية في بعض المحافظات الى حد التقدم باقتراح الى وزارة التربية بالغاء مادة (الديانة الاسلامية) من المناهج المقررة في المدارس الرسمية.

وبعد اصدار ( عبد الكريم قاسم) لقانون الاحوال الشخصية رقم 118 لسنة 1959 الذي كان قد ساوى بين حصة الذكر والانثى في الارث خلافا لما جاء في الاية الكريمة (وللذكر مثل حظ الانثيين) فقد سيرت رابطة الدفاع عن حقوق المرأة مظاهرة تأييدا لهذا القانون فكانت عذروات وفتيات المقاومة الشعبية تهتف ( رأس الشهر ماكو مهر والقاضي نذبه بالنهر ) وقد الغيت هذه المادة من القانون المذكور بموجب قانون التعديل الاول رقم 11 لسنة 1963 لقانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية بعددها 785 بتاريخ 21/3/1963 .

وفي مدينة النجف قام الشيوعيون في اثناء المد الاحمر عام 1959 بتحريض الرعاع بضرب المرجع الديني المجتهد ( محسن الطباطبائي الحكيم) بالحجارة ورميه بالبيض والطماطم الامر الذي اضطر معه الى ملازمة داره في تلك الفترة دون الخروج منها الا نادرا وبالتالي قيامه بعد ذلك باصدار فتواه الشهيرة باعتبار الشيوعية كفرا والحادا وتحريم الانتساب اليها .

، قل لي ايها الاخ الدكتور المرادي ... ماذا ابقيتم انتم ... هل نثرتم الورود والازهار والرياحين والفل والياسمين والعطور على الناس خلال فترة المد الاحمر عام 1959 من خلال ثقافة ( الحبال والسحل وتهشيم الرؤس وهرس العظام وتقطيع الاوصال بالهاروات والسلاسل المعدنية والسكاكين) و ( تشديد الحبل على الخناق ) و ( جعل جماجم البعثيين منافض للسكاير) واعتقال العشرات والمئات بل الالوف من ابناء العراق دون أي سبب سوى لميولهم القومية فقط .

ارتكبت هذه المذابح والمجازر الهمجية والجرائم الوحشية والفضائع البشعة تحت سمع وبصر هؤلاء ـ المثقفين ـ دون ان تهتز شعرة منهم او يرتفع صوت واحد فقط ممن كانوا يسمون انفسهم بـ ( المثقفين الديمقراطين التقدميين) لاستنكارها وادانتها ... ارتكبت هذه الاثام والانتهاكات في فترة قصيرة جدا لم تتجاوز التسعة اشهر ولم تكمل ثورة 14تموز عامها الاول وكان الشيوعيون على ضفاف السلطة او حافاتها...فكيف كانت ستؤول الامور او ستصبح الاوضاع فيما لو كانوا قد قفزوا الى السلطة او تمكنوا منها او استولوا عليها بالكامل وبشكل نهائي واستمروا في الحكم من عام 1959 ولغاية 1989 أي نهاية وانهيار الدول المسماة بــ ( منظومة الدول الاشتراكية) التي الغيت بجرة قلم من قبل اخر الرفاق ( غورباتشوف) الذي يظهر بشكل مقرف ومخزي الان في اعلانات ودعاية ( البيبسي كولا) لاتليق به كرئيس دولة متقاعد ، دولة لم يحافظ عليها كالرجال ...دولة كان الغرب الامبريالي يجمع ضدها الحشود ويحسب لها الف حساب ...

فمظان الفكر والثقافة والمعرفة لدينا نحن ايها الاخ الدكتور ... هي من صميم ارضنا العربية ومن دمنا ولحمنا ... هي من صنع عقولنا العربية لا من صنع عقول الغرباء عن واقعنا العربي.

فنحن لانستورد ـ الامل ـ من خارج حدود هذه الامة ... وان كنا نستورد "بعض البضائع واحمر الشفاه ووسائل دفاعاتنا"... نحن لانعتمد "ثقافة الاتجاه الواحد" ولا النظرة احادية الجانب ولانمتلك النظريات الشمولية الجاهزة التي اثبتت تجارب الحياة عقمها وفسادها وبطلانها ولا نتولى الاستنساخات الالية لها ولا القراءة السطحية للماركسية باجزائها الثلاثة المعروفة وترديد مقاطع منها ترديدا ببغائيا ولانعتمدها كأداة وحيدة للتحليل ولانطلع فقط على مطبوعات دار التقدم بموسكو ولانستقي معلوماتنا منها فقط ولانتبع مرجعيات خارجية و فتاوي الرفاق سوسلوف وبونا ماريوف وبريماكوف ولا نصائح الرفاق الخواجات ذوي الاسماء والالقاب والالوان والاصول المستترة والدماء والمشاعر والغايات الصهيونية المعلبة ماركسيا!!!

بل نحن نغور في عمق تاريخنا العربي بماضيه ونعيش حاضر الزمن بادواته التي من خلالها نستشرف المستقبل ثم نحن لا نجعل الغير يحدد لنا من شروطه مانعتبرها قيدا علينا ونمطا لحياتنا وبالضد من مصالحنا...

ثم انسي الاخ الدكتور المرادي ام انه تناسى ...ان الحزب الشيوعي العراقي والشيوعيين العراقين عموما هم اول من اسسوا عام 1959 مدرسة للقمع والارهاب والعنف والتعذيب والموت والقتل والسحل في تاريخ العراق الحديث...هذه المدرسة التي استمدت منهاجها من اصول الثقافة الستالينية وممارستها البشعة.

أبعد هذا كله ، هل يحق لأولئك الذين لهم مثل هذه المواقف المشينة والمعادية وهذا التاريخ الاسود ان يتحدثوا بالوطنية ويتهموا غيرهم بالعمالة.

اما الحديث عن فاشية ودموية اوبربرية بيان رقم (13) لثورة 14 رمضان ـ 8 شباط /1963 كهولوكوست شيوعي وعلى غرار الصهاينة في تزييف الحقائق والمغالاة في تشويه الحقائق والمبالغة في تضخيم الاحداث من خلال محاولة محو والغاء ذاكرة الزمن والناس ، امر لايقوى على الصمود امام تلك الوقائع التاريخية الثابتة والدامغة...

فالبيان رقم (13) يستمد مشروعيته ومبرراته من مدى مشروعية ومبررات بياني قيادة الحزب الشيوعي العراقي اللذين اصدرهما ـ حسين الرضي ( سلام عادل) ـ وذلك في الساعات الاولى من صبيحة يوم الجمعة 14ـ رمضان ـ 8 شباط /1963 أي خلال الفترة ما بين الساعة العاشرة والحادية عشر من صبيحة ذلك اليوم واللذين تضمنا نداءاته الى اعضاء حزبه ومؤازريه لحمل السلاح والنزول الى شوارع بغداد لمقاومة الثورة من خلال الدعوة الى ابادة ( البعثيين وحلفائهم الناصريين) القائمين بالثورة وذلك بـ ( سحقهم بلا شفقة وبدون رحمة) و( سحق المؤامرة الرجعية الامبريالية) والقضاء عليها بـ ( سحق المتامرين عملاء الامبريالية) ودون ان تستهدف ثورة 14 ـ رمضان ـ 8شباط /1963 الشيوعيين اساسا او ان تكون في نيتها التصادم معهم اطلاقا مالم ينزلقواالى مقاومتها برفع السلاح ضدها دفاعا عن نظام ـ عبد الكريم قاسم ـ وكأنه نظام بروليتاري ـ والذي كان يضرب الشيوعيين على اقفيتهم وقد وصفهم بـ ( الفوضويين) نتيجة المذابح والمجازر التي ارتكبت من قبلهم سواء في الموصل او في كركوك في اذار وتموز عام 1959 على التوالي وبما لم يرتكب مثلهما من الفضائع لا هولاكو عند احتلال بغداد ولا الصهاينة في مجزرة ( دير ياسين) بفلسطين كما كان قد وصفهم بـ (العملاء) حسب هامشه المؤرخ في 9/3/1960 المدون والمثبت على الاعتراض المقدم من قبل (زكي خيري) بتاريخ 7/3/1960 نيابة عن قيادة الحزب الشيوعي العراقي انذاك بغية الحصول على اذن او اجازة (ترخيص) لمزاولة النشاط السياسي العلني كما يقتضي ذلك حسب القانون ، الا ان ( عبد الكريم قاسم) لم يمنح الحزب الشيوعي العراقي مثل هذا الترخيص بالرغم من قيام الحزب المذكور بتغير اسمه الى ( حزب اتحاد الشعب) بل اجاز حزب شيوعي صوري شكله بايعاز منه الشيوعي المنشق ( داود الصائغ) الذي اصدر جريدة تنطق بلسانه باسم جريدة ( المبدأ)...

فالحزب الشيوعي العراقي ببيانيه اللذين اصدرتهما قيادته انذاك (حسين الرضي ـ سلام عادل) ، كان قد قرر ومنذ اللحظات الاولى لنجاح الثورة شن الهجوم المسلح بفتح النار عليها دون أي مبرر حقيقي معيدا الى الاذهان صور المذابح والمجازر التي ارتكبها الشيوعيون ابان فترة المد الاحمر المرعبة عام 1959 ، وضاعا بذلك قيادة الثورة رغم عن ارداتها امام خيار صعب لا رجعة فيه ... اما الدفاع عن النفس بالرد السريع الحازم والحاسم دون أي تردد امام مثل هذا الهجوم غير المبرر او الموت والفناء ، وهل يمكن التصدي دفاعا عن النفس بققفازات من حريرامام رافعي السلاح وحملته من المهاجمين البرابرة ألا باستلهام عبارة لينين ـ او مقولته ( لاينبغي التراجع من استخدام البربرية ضد البربرية)...

اما بالنسبة لدعوة السيد المرادي حول مراجعة الذات بقوله ( ...فلانه تاريخ قرن مضى نحن ملزمون الان بمراجعة تبعاته واستخلاص العبر من نتائجه وليس البحث في مفرداته والنتائج محصلة المفردات اصلا...).

فان المطالبه بالنقد والنقد الهادف الجريء على مستواه الحزبي والسياسي ، الفردي او الجماعي لايمكن ان يتم او يحقق نتائجه الايجابية الاعبر حوار هادف ضمن رؤية موضوعية واضحة وصريحة وسليمة في رحلة واعية وصادقة ومخلصة نحو مراجعة النفس ونقد الذات بصرامة بالاستفادة من الدروس والعبر المستخلصة من تجارب الماضي المريرة والتخلي من اوهام ذلك الماضي وركامه واخطائه وخطاياه من خلال المبادرة الجادة بالتخلص نهائيا من ادران الستالينية والاقلاع عن عادة المباهاة او التوهم باحتكار امتلاك الحقيقة دون الاخرين والكف عن اصدار وتوزيع صكوك الوطنية وشهادات اثبات البراءة وحسن السلوك وترك عقلية الادعاء باولوية واحقية تمثيل الارادة الشعبية او التعبير التام عنها ومحاولات تصدر العمل السياسي والجماهيري والانصات الى نداء العقل والمنطق والاستماع الى صوت الحق والانصاف وقولة الضمير والوجدان ، بعيدا عن روح المكابرة ونوازع الثار والانتقام والتصيد والانتقائية ومغادرة مواقع التعصب الفئوي وسلوك التزمت الحزبي المقيت ومواقف الانفعال والتشنج بضبط النفس وتفادي الوقوع في خندق العناد والتعنت والترفع عن شتم الاخرين وقذفهم بالسباب واللعان حتى وان كانوا خصوما فعليين او اعداء حقيقين والانتهاء من اطلاق وترديد الاتهامات الباطلة بحقهم جزافا ونبذ رميهم بالافتراءت الكاذبة والابتعاد عن محاولات الاساءة المعتمدة الى الغير تلفيقيا باساليب مباشرة او غير مباشرة وبصورة لاتخدم احدا ولم تخدم ولن تخدم ابدا...

في الحلقة الثانية من مقالته يشير السيد المرادي الى الانشقاق الذي وقع في حينه داخل صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي ورغم اعترافه الصريح بجهله التام باوضاع الحزب الداخلية والعامة ومسيرته النضالية وظروف وتفاصيل واسباب وقوع مثل هذا الانشقاق محاولا حسب زعمه ان يعزيه افتراء ودون اية معرفة او دليل او سند الى سبب وهمي لاوجود له الا في مخيلته .

وهو فوق هذا الادعاء اوالافتراء الذي يغوص في متاهته فانه لايعرف ولا يميز بين مالمقصود من مصطلح (الرعيل الاول) وبين غيره وبذلك يختلط عليه الامر بين هذا وذاك ثم يقع السيد المرادي في جملة من اخطاء ومغالطات تاريخية والتي منها :ـ

1ـ ان حزب العربي الاشتراكي الذي كان يتزعمه ( اكرم الحوارني) كان في سورية وليس في العراق والذي اتحد مع حزب البعث العربي عام 1952 باسم (حزب البعث العربي الاشتراكي).

2ـ ان الانقلاب الذي قاده ( عبد السلام عارف) ضد سلطة حزب البعث والذي سمي في ادبيات الحزب بـ ( الردة التشرينية) كان يوم 18 تشرين ـ نوفمبر عام /1963 وليس في 19/ منه كما ذكره خطأ السيد المرادي.

3ـ ان التنظيم الذي شكله ( علي صالح السعدي) بعد خروجه من الحزب كان باسم( حزب العمال الثوري) وليس ( حزب العمل) والذي تشظى ايضا الى ( المنظمة العمالية الثورية) والذي ذكره خطأ السيد المرادي.

4 ـ ان ( هاني الفكيكي ) و ( حازم جواد) لم يكونا ضمن كتلة واحدة بل كان ( حمدي عبد المجيد) و ( هاني الفكيكي) و ( محسن الشيخ راضي) اضافة الى ( علي صالح السعدي) يشكلون كتلة واحدة وان ( طالب شبيب) و( حازم جواد) وغيرهما كانوا يشكلون كتلة ثانية مقابل الكتلة الاولى .

5ـ ان قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي لم تكن حليفة لا في عام 1963 ولا في عام 1968 مع المرجع الديني المجتهد ( محسن الحكيم) الذي ظهرت صورته الى جانب ( عبد الكريم قاسم) على صفحات الجرائد الرسمية عندما عاده هذا الأخير أيام ماكان رئيسا للوزراء في المستشفى الذي كان يرقد فيه ( الحكيم) للعلاج من مرض كان يعاني منه كما زعم السيد المرادي.

6 ـ ان ( جمال الدين الافغاني ) لم يمت مسموما كما ذكر السيد المرادي بل توفي نتيجة اصابته بمرض (سرطان الفم).

يستغرب المرء كثيرا عن مثل هذا الاسلوب في البحث ولاادري كيف سمح السيد المرادي لنفسه الخوض دون توخي الدقة في مثل هذه الامور او كيف يمكنه التطرق الى موضوع او بحث قضية او تناول مسألة تاريخية لايعرف عنها شيئا اطلاقا وليس لديه اية معلومات بشأنها او معطيات حولها ويجهل تماما ظروفها وحيثياتها وتفاصيلها واسباب وقوعها ودوافع حدوثها سوى اتباع الظن وعلى مايبدو ان ذاكرته لازالت تختزن الشيء الكثير ضد ـ البعث ـ تحديدا.

موقف قيادة ثورة 14 تموز عام 1958 من الماسونية

دخلت الماسونية الى العراق مع قوات الاحتلال البريطانية عام 1917 وقد تم تأسيس اول محفل ماسوني في مدينة البصرة عام 1918على يد الضباط السياسيين والموظفين البريطانيين الذين رافقوا تلك القوات الغازيةعند دخولها العراق وليس كما ذكره( عبد الامير الركابي) مع قيام النظام الملكي عام 1921 في مقالته التي تضمنت معلومات خاطئة بهذا الخصوص والمنشورة في شهر نيسان الماضي ، ثم انتشرت هذه المحافل الماسونية تدريجيا او تباعا في العاصمة( بغداد) وبعض المدن العراقية الاخرىكالحلة وكركوك.

وبعد نجاح ثورة 14 تموز 1958 تم اغلاق جميع المحافل الماسونية في العراق والتي بلغت (10) محافل مع جرد محتوياتها وسجلاتها فاقترح العقيد الركن ( عبد السلام عارف) بصفته وزيرا للداخلية باصدار قرار باعتقال وحجز منتسبي هذه المحافل تمهيدا لاحالتهم الى المحاكم المختصة ولم يحظ الاقتراح بموافقة الزعيم الركن( عبد الكريم قاسم) رئيس الوزراء وحسما للخلاف بين قطبي الثورة حول الموضوع فقد اقترحت مديرية الاستخبارات العسكرية عرض الامر على لجنة قانونية شكلت لهذا الغرض للوقوف على رأيها القانوني التي اوصت بضرورة تشريع قانون لتحريم النشاط الماسوني في العراق فيما اذا ارتأت حكومة الثورة ذلك يمنع بموجبه انشاء المحافل الماسونية ويتضمن عقوبات ضد كل من يخالف ذلك وكانت هذه المحافل الماسونية ذات صلة وثيقة بالصهيونية وعلى غرار ( نادي اخوان الحرية) الماسونية التي تأسست في بغداد بدعم وتشجيع من الجاسوسة البريطانية المعروفة( فريا ستارك) ولكن بقى الامر على حاله بعد اقصاء العقيد الركن ( عبد السلام عارف) من مناصبه الرسمية واستحواذ ( عبد الكريم قاسم) على السلطة و الذي لم يشرع مثل هذا القانون بل وعلى العكس فقد قام باستيزار احد الماسونيين وعين اخر بمنصب قنصل عام في اهم بلد اسيوي كما عين الضابطين الماسونيين الذين ورد اسميهما في قوائم المحافل الماسونية في منصبين هامين ثم اجتمع في مقره بوزارة الدفاع مع بعض افراد الجماعة الماسونية ولمدة ساعتين.


موقف الناصرية من الماسونية

في 8 نيسان عام 1964 اصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية في الجمهورية العربية المتحدة قرارا بحل المحافل الماسونية كافة ومنع نشاطاتها والتي بلغ عددها (27) محفلا وتوزيع موجوداتها من الاموال على لجان معونة الشتاء في مناطق اختصاصها في المحافظات ،مع اغلاق نوادي الروتارية حفاظا على امن وسلامة الدولة كما اكدت حكومة الجمهورية العربية المتحدة في قرار لاحق اصدرته في حزيران من العام نفسه يقض بحل واغلاق المحافل الماسونية ومنع نشاطاتها في جميع انحاء اراضيها.

موقف سلطة البعث في ثورة 8 اذار عام 1963 من الماسونية

نشرت جريدة ـ البعث ـ السورية الصادرة في دمشق بعددها 740 بتاريخ 10 اب ـ اغطس عام / 1965 ، الامرين العرفيين المرقمين 25 و 26 الصادرين عن نائب الحاكم العرفي السوري القاضي بحل والغاء المحفل الماسوني الاكبر السوري والمحافل التابعة له في جميع انحاء القطر العربي السوري ان وجدت وحظر نشاط منتسبيها وختمها بالشمع الاحمر وتصفية موجوداتها من قبل لجان وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على احالة المخالفين للحاكم العسكرية المختصة لمحاكمتهم مع الغاء اندية الروتاري الدولي في دمشق وحلب وحمص وفي جميع انحاء القطر العربي السوري ان وجدت وينطبق عليهم ماينطبق على امثالهم من الامر العرفي رقم 25 في حالة صدور اية مخالفة منهم.
 

موقف سلطة البعث في ثورة 17ـ 30 تموز عام 1968 في العراق

بعد قيام ثورة 17 تموز عام 1968 في العراق بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي فقد اصدر مجلس قيادة الثورة قرارا جاء فيه مايلي : ـ

قرر مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة في 13 / 8/ 1975 اصدار القانون رقم 130 لسنة 1975 التعديل الثالث لقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969.

المادة الاولى : يلغى نص المادة 201 من القانون ويحل محلها مايلي: ـ

المادة 201 ـ يعاقب بالاعدام كل من جند او روج مبادئ صهيونية بما في ذلك الماسونية او انتسب الى أي من مؤسساتها او ساعدها ماديا او ادبيا او عمل باية كيفية كانت لتحقيق اغراضها.

المادة الثانية ـ ينشر القانون في الجريدة الرسمية ويتولى الوزراء تنفيذ احكامه,


احمد حسن البكر
رئيس مجلس قيادة الثورة

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                         السبت  /  05  جمادي الاول 1429 هـ   ***   الموافق  10  /  أيــــار / 2008 م