الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

البعث الذي لم تفهمه كما ينبغي ...!
الحلقة الرابعة

 

 

شبكة المنصور

المحامي هاشم العبيدي / السويد

 

ماذا جرى في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم ثورة تموز عام 1958

بناء على طلب السفير البريطاني في بغداد (مايكل رايت) الذي انتقل واقام في الجناح (222) من فندق بغداد على اثر الحريق الذي شب في السفارة البريطانية في بغداد صبيحة يوم ثورة 14/تموز 1958، ثم اتصل من هناك بوزارة الدفاع طالبا مقابلة ( قيادة الثورة ) فتم تحديد الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الثورة موعدا له وكلف الرائد الركن دريد الدملوجي بمرافقته من الفندق الى الوزارة وكان ( سام فول) سكرتير السفارة بصجبة السفير البريطاني في بغداد والذي استقبلته  (قيادة الثورة ) ممثلة بـ (الزعيم الركن عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة والعقيد الركن عبد السلام عارف نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية ونائب القائد العام للقوات المسلحة ) وبحضور الرائد خليل ابراهيم حسين معاون مدير الاستخبارات العسكرية الذي تولى تدوين محضر اللقاء.

في بداية اللقاء تم الترحيب بالسفير البريطاني على سبيل المجاملة وابلغ بتشديد الحراسة وتامين الحماية للسفارة مع ابداء الاسف والاعتذار ا عما وقع صباح يوم الثورة امام مبنى السفارة وقدم السفير البريطاني في بغداد كما هي العادة احتجاجا رسميا باسم حكومته لما وصفه بحادث الاعتداء على سفارته الا انه عاد وبنفس اللحظة فغير لهجته بخبث فشكر قيادة الجيش (قيادة الثورة ) على تامين الحماية اللازمة ولم يسال السفير البريطاني عن الشخص البريطاني الذي قتل خطأ صباح ذلك اليوم امام سفارته بل كان سؤاله الاول حول الوحدة مع عبد الناصر ثم تابع قائلا دون ان ينتظر الجواب ان بريطانيا تعارض وحدة العراق الجمهورية فاذا وصلت يد عبد الناصر الى ابار نفط العراق فانه سيكون لبريطانيا موقف اخر وان على( البترول) ان يسيل كالمعتاد ( خليل ابراهيم حسين ،موسوعة ثورة 14 تموز/ الجزء الاول ص64) !!!

وفي اليوم الثاني 15تموزـ يوليو/ 1958 ابرق السفير البريطاني ببغداد الى وزارة الخارجية البريطانية في لندن بتفاصيل تلك المقابلة ومادار فيها مؤكدا انه ابلغ رسالة بريطانيا الى قيادة الجيش (قيادة الثورة ) ووصف السفير المقابلة بانها كانت ودية وبين انه سيبدي انطباعاته في رسالة لاحقة...

في مؤتمره الصحفي الاول الذي عقده بعد مرور اكثر من اسبوع على نجاح الثورة في مقره بوزارة الدفاع تجاهل (عبد الكريم قاسم) الاشادة بالدور الريادي البارز للرئيس الراحل (جمال عبد الناصر) في قيادة النضال التحرري للامة العربية وان كان قد ثمن موقفه المشرف من تاييد واسناد ودعم ثورة العراق ، واكد
ضمان استمرار تدفق النفط كالمعتاد دون اية عوائق كما اكد احترام العراق لتعهداته والتزاماته الدولية ، وفي اثناء المؤتمر الصحفي سأل احد الصحفيين الحاضرين عن موقف الثورة من القضية الفلسطينية فنظر اليه (عبد الكريم قاسم ) دون ان ينبس بنت شفه ملتفتا في نفس اللحظة نحو (محمد صديق شنشل) وزير الارشاد (الاعلام) في حكومة الثورة الذي كان حاضرا المؤتمر الصحفي الى جانب (عبد الكريم قاسم)رئيس الوزراء الذي تردد دون ان ينطق باية اجابة لربما انه لم يرد ان يسجل على نفسه ومنذ اللحظات الاولى على مايبدو موقفا من هذه القضية الحساسة لا يرضى به الغرب ، الامر الذي ادركه (محمد صديق شنشل) وذلك بالتهرب غير المبرر من الاجابة الصريحة المباشرة باسلوب ينم عن التردد ذاته فبادربدوره مجيبا الصحفي السائل وباللهجة العامية العراقية بقوله (يابة هسة هاي وكتها)...

وبايعاز شخصي من (عبد الكريم قاسم ) فقد ابرقت وزارة الدفاع في تلك الايام بتعليمات خاصة مشددة الى الملحقية العسكرية في السفارة العراقية بلندن بضرورة عقد مؤتمرات وندوات خاصة لشرح طبيعة وابعاد الثورة من خلال التركيز على مايلي : ـ

1 ـ الطابع المحلي الداخلي للثورة.
2 ـ التزام العراق التزاماته الدولية وتعهداته النفطية.

وبالفعل

فقد ظهر العقيد (عبد القادر فائق) معاون الملحق العسكري العراقي انذاك في لندن في عدة ندوات عبر التلفزيون البريطاني اكد لمحاوريه من خلالها هاتين النقطتين وفقا للتعليمات التي تلقاها من مرجعه الرسمي ...

هذا وقد تمكن (جون ولديمر غالمن) السفير الامريكي في بغداد انذاك من مقابلة (عبد الكريم قاسم )وذلك خلال الايام الاولى للثورة الذي اكد له كما يقول السفير الامريكي ببغداد في تقريره المرسل الى وزارة الخارجية الامريكية (ان العراق لا يفكر في الانضمام للجمهورية العربية المتحدة وانه يفضل والكلام عن لسان قاسم ان يحتفظ العراق بدور مستقل في المنطقة) ويضيف السفير الامريكي ببغداد في تقريره ايضا (ان عبد الكريم قاسم قال له بلهجته ذات معنى انه ليست علينا وصاية من احد خارج العراق ) وبعد ان تكررت لقاءاته مع (عبد الكريم قاسم) فقد كتب السفير الامريكي في بغداد بتقريره في 1-8-1958تضمن انطباعاته واستنتاجاته بقوله (انني اجد في عبد الكريم قاسم منافسا لناصر اكثر مما ارى فيه صديقا له) ...

بتاريخ 1/ اب ـ اغسطس /1958 حطت في مطار بغداد الدولي طائرة اقلت ((روبرت مورفي))مساعد وزير الخارجية الامريكي لشؤون الشرق الاوسط الذي استفسر فور مقابلته مع (عبد الكريم قاسم ) عن مدى استعداد العراق

فيما يلي:

1 ـ الوقوع تحت النفوذ السوفيتي او الدوران في فلكه.
2 ـ الارتماء في احضان عبد الناصر من خلال الوحدة كما فعلت سورية.
3ـ حترام العراق التزاماته الدولية .

فاجابه (عبد الكريم قاسم) بكل وضوح وصراحة بالنفي القاطع فيما يتعلق بالسؤالين الاول والثاني وبالايجاب الحاسم فيما يخص السؤال الثالث والاخير ابرق الموفد الاميركي (روبرت مورفي)فورا ومن خلال السفارة  الامريكية في بغداد الى (جون فوستر دالس)وزير الخارجية الامريكي انذاك بمضون هذه المقابلة والتاكيدات التي قطعها (عبد الكريم قاسم) امامه بهذا الشان ... ثم كتب (روبرت مورفي) لاحقا يقول ( ان قاسم اكد لي وانا اصدقه ، بانه لم يجازف بالقيام بالثورة في سبيل او من اجل ان يسلم العراق للاتحاد السوفيتي ثم اضاف بانه لم يجازف مع رفاقه لجعل العراق ولاية مصرية وقد اعطاني قاسم انطباعا كرجل داهية يريد ان يلعب على الحبلين بين موسكو والقاهرة...) واضاف (روبرت مورفي) عن لسان عبد الكريم قاسم ) حينما ساله عن النفط فاجابه قائلا ()

العراق سيحترم التزاماته الدولية السابقة وانه بصدد زيادة كمية الانتاج من النفط بنسبة 50 % على الاقل ...

وقبل مغادرته العراق بيوم واحد اي تحديدا في 5 /اب ـ اغسطس 1958 عقد الموفد الامريكي (روبرت مورفي) مؤتمرا صحفيا في بغداد ذكر فيه قائلا (لقد احدثت ثورة العراق صدمة لدى الغرب ، اما بالنسبة لزيارته هذه فقد حصل لدي انطباع اخر ان العراق جاد في موقفه السائر على مبدا الحياد مع الحفاظ على استقلاله الوطني).

وبتاريخ 1 / 8 / 1958 أي نفس يوم وصول الموفد الامريكي (مورفي)الى بغداد فقد اعترفت بريطانيا بحكومة (الثورة)ثم حذت حذوها الحكومة الامريكية التي اعترفت هي الاخرى بدورها بالوضع الجديد في العراق حيث بلغ عدد الدول التي اعترفت ب(الجمهورية العراقية) لغاية يوم 18-8-1958 حوالى (58)دولة كانت اولها وفي مقدمتها الجمهورية العربية المتحدة التي وضعت فورا ومنذ الساعات الاولى لنجاح الثورة جميع امكاناتها تحت تصرف (قيادة الثورة) في بغداد ازاء التهديدات الخارجية التي كانت قد تدخل حيز التنفيذ ضد عراق الثورة اذ اعتبرت كل اعتداء يقع على العراق هو اعتداء عليها سيتم الرد عليه مباشرة دون تردد ...

ويبدو ان رسالة الغرب (بريطانيا والولايات المتحدة ) التحذيرية وخاصة في شقها الاساس المتعلق بمعارضة الوحدة العربية بانضمام العراق الى الجمهورية العربية المتحدة قد وجدت هوىفي نفس ( عبد الكريم قاسم) وتجاوبا تاماوميلا شديدا وتقبلا كبيرا لديه والتي تضمنت المرتكزات الاساسية الاستراتيجية للامبريالية العالمية في المنطقة العربية والتي تتخلص فيما يلي: ـ

1ـ منع وعرقلة قيام اي وحدة بين الاقطار العربية وخاصة الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة بقيادة (عبد الناصر) في تلك المرحلة التي يعتبرها الغرب خطا احمرا.

2 ـ استمرار سيطرة الغرب سيطرة مطلقة تامة دون أي منازع من اية قوة اخرى على مصادر الطاقة (منابع النفط) في المنطقة العربية واستمرار تدفقه بشكل طبيعي وضبط كميات استخراجه او انتاجه والتحكم باسعاره وبالصورة التي يقررها او بالشروط التي يضعها الغرب او يراها ضرورية .

3 ـ ضرورة احترام العراق لتعهداته الدولية وخاصة التزاماته السياسية في اشارة ضمنية الى ضرورة احترام الضمانات الغربية تجاه (الكيان الصهيوني) والتي يزعم الغرب طابعها الدولي وفق مفهومه الخاص وهي الضمانات المتعلقة بالتزام الغرب بحماية امن وضمان مستقبل هذا الكيان الغاصب وجودا وبقاء واستمرارا دون اي مساس فعلي او تهديد حقيقي او حتى مجرد محاولة تحقيق توازن استراتيجي مع العدو الصهيوني التي يراها الغرب اخلالا بالتفوق

الاستراتيجي للعدو الصهيوني على العرب متجمعين ... وبالمقابل فأن تلميحات (عبد الكريم قاسم) للسفيرين البريطاني والامريكي في بغداد لدى مقابلته لهما كل على انفراد خلال الايام الاولى لنجاح الثورة وما ادلى بها من تصريحات في مؤتمره الصحفي الاول وتاكيداته القاطعة والصريحة في محادثاته مع الموفد الامريكي (روبرت مورفي) اثناء زيارة هذا الاخير الى العراق والتصريح الذي ادلى الناطق الرسمي الحكومي باسم الجمهورية العراقية حول التزام العراق بتعهداته الدولية السابقة السياسية والاقتصادية واقامته علاقاته الخارجية مع الدول عامة والعربية والاسلامية خاصة وفقا لميثاق الامم المتحدة اضافة الى البيان الرسمي الحكومي الخاص بضمان استمرار تدفق النفط كالمعتاد تلك الفترة قد طمأنت الغرب المفزوع على مصالحه غير المشروعة المهددة ازاء احتمالات تطور الاحداث وافاقها المستقبلية باتجاه تحقيق الوحدة العربية بانضمام العراق الى الجمهورية العربية المتحدة التي يعتبره الغرب خطا احمرا لا ينبغي تجاوزه او تحقيقه باي حال الاحوال ولكن الامور قد سارت ومع الاسف بالاتجاه المضاد الخاطئ الامرالذي أزال نهائيا في تلك الفترة مخاوف وقلق الغرب المفزوع على مصالحه غير المشروعة...

ولكن (عبد الكريم قاسم ) قد استغل موقعه الرسمي كـ (رئيس الوزراء)بعد نجاح الثورة فاستفرد واستحوذ على السلطة كاملة بعزله العقيد الركن (عبد السلام عارف )من مناصبه حيث سار في نهج اقليمي انعزالي مضاد ومعاد لاية توجهات وحدوية رغما وبالضد من ارداة اكثرية الضباط الاحرار التي كانت تعبيرا صادقا عن ارادة اغلبية شعب العراق وخلافا لما كان متفقا عليه في اجتماعات اللجنة العليا لحركة الضباط الاحرارقبل الثورة بانضمام العراق الى الجمهورية العربية المتحدة بعد نجاح الثورة دافعا الامور الى ما الت اليها في النهاية من خلال افتعال الازمات فالنزاع والتصادم والصراع مع الجمهورية العربية المتحدة التي كانت تنتهج سياسة عربية تحررية مستقلة من خلال الدفاع عن المصالح العربية ومعاداة السياسيات الاستعمارية الغربية والعمل على التصدي لمخططاتها ومشاريعها العدوانية وتصفيتها ومساندة حركات التحرر الوطنية العربية والافريقية والاسيوية...

وهكذا وبتأثير الغرب وتأييده له فقد وقف (عبد الكريم قاسم) باصرار وبشراسة ضد (الوحدة) برفضه انضمام العراق الى الجمهورية العربية المتحدة واندفع بشكل غريب في معاداة نهجها القومي التحررى...

لم يكن الخلاف فالنزاع الذي اخذ منحى دمويا في العراق بين الشيوعيين وحلفائهم والقوميين ( بعثيين وناصريين) نزاعا حول الاشتراكية وتفسيراتها اوتطبيقاتها المختلفة ولاحول الحريات ومضامينها السياسية والاقتصادية والاجتماعية العامة منها والخاصة ، وانما كان النزاع ينصب ويتركز اساسا حول اهمية وضرورة (الوحدة العربية) وحتميتها كهدف استراتيجي لابد منه ...

وقد لعبت الدبلوماسية البريطانية باساليبها الخبيثة ودسائسها القذرة دورا خطيرا في استغلال النزعة المعادية للعروبة والوحدة العربية لدى (عبد الكريم قاسم) وبإثارة مخاوفه الشخصية على فقدان موقعه في حالة قيام الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة وبتشجيعه ودفعه للسير في الاتجاه المضاد الخاطئ بتاثيرات ونصائح السفير البريطاني ( مايكل رايت) ومن بعده خلفه هفمري تريلفيان) من خلال ترتيب وصياغة برقيات رمزية مزورة) و كاذبة وكأنها برقيات رسمية صحيحة صادرة ومرسلة من سفارة الجمهورية العربية المتحدة في بغداد الى وزارة الخارجية في القاهرة تتحدث عن تدابير واجرات موهومة ستتخذ من قبل العقيد الركن ( عبد السلام عارف ) وانصاره بهدف السيطرة وازاحة( الزعيم الركن عبد الكريم قاسم) من موقعه الرسمي كرئيس للوزراء فيما لو عارض ( الوحدة) ، باعلان انضمام العراق الفوري الى الجمهورية العربية المتحدة حسب زعم السفارة البريطانية في بغداد التي كانت تدعي

انها تقوم بالتقاط تلك البرقيات وفك رموزها السرية وايصالها بوسائلها الخاصة ( تسريبها ) حينا اوعن طريق ابلاغها احيانا كثيرة الى ( عبد الكريم قاسم) شخصيا من قبل السفير البريطاني في بغداد انذاك الذي كان الوحيد من بين السفراء الاجانب المعتمدين لدى العراق بامكانه مقابلة ( الزعيم) متى شاء وفي أي وقت اراد دون الحصول على موعد مسبق وعلى انفراد دائما في مقر وزارة الدفاع ودون حضور وزير الخارجية لمثل هذه المقابلات كما تقضي الاصول والاعراف الدبلوماسية!!!

والى مثل هذا الدور البريطاني الخطير وتاثيراته في سياسة العراق العربية في عهد ( عبد الكريم قاسم) وخاصة تجاه الجمهورية العربية المتحدة فقد اشار ( حنا بطاطو) في ثلاثيته  ( العراق)ـ الكتاب الثالث ـ ص177 ، عندما تحدث عن النزاع الدموي بين الشيوعيين والقوميين ، حيث ذهب الى القول (..واما النزاع الاكثر خطورة بكثير والاكثر واقعية الذي جرى على ارض العراق بين الشيوعيين والقوميين العرب ،

ولقد كان هذا النزاع حقيقة مركزية في التاريخ العربي المعاصر ، كما كان ماساويا حقا وحاسما الى حد كبير ...ووسع الخلافات بين العراق والجمهورية العربية المتحدة وبالغ فيها وضبط ـ بعزله الفعلي ـ بنتائجه الشعب العراقي عن التيار العروبي الرئيسي ـ زخم التوجه نحو الوحدة وقوى قوى الانفصال داخل الجمهورية العربية المتحدة واسهم في النهاية في الانفصال الفعلي,

الذي تم في العام 1961 وكذلك فقد ادى هذا النزاع الى الاساءة الى الاحزاب الشيوعية العربية في خارج العراق ، وخنقهم

سياسيا في معظم الحالات وانهى دورهم بالمعنى العملي ـ وربما الى الابد...

واكثر من هذا فان النزاع عمل بوضوح الى جانب المصالح التي عارضها الطرفان، اذ سهل كثيرا من مهمة الدبلوماسية الامبريالية البريطانية التي خشيت انعكاس مضامين ( امة عربية موحدة) على المصالح النفطية فسعت منذ الجديد والقوة العربية الرئيسة في الشرق الادنى...) الاشهر الاولى للثورة الى ايجاد صدع بين العراق وفي السياق يورد ( الرائد الركن ـ العميد الركن لاحقا جاسم كاظم العزاوي) سكرتير ( عبد الكريم قاسم) خلال الفترة من 28/تموز/1958 ولغاية 7/شباط/ 1963

وعن لسان ( هاشم جواد ) وزير الخارجية في عهد ( عبد الكريم قاسم) للفترة من 7/شباط /1959 ولغاية 7/شباط 1963 ان (سياسة عبد الكريم قاسم الخارجية كانت تصب في خدمة المخططات والاهداف الاستعمارية الغربية ولم تكن تخدم قضايا الامة العربية...).

وذهب الدكتور ( فاضل حسين) في كتابه (سقوط النظام الملكي في العراق) ، ص105 الى القول اما عن السياسة التي اتبعها عبد الكريم (... قاسم في العراق بعد وصوله الى الحكم فقد كانت في مجملها لاتتناقض مع السياسة البريطانية بل كانت منسجمة معها في بعض الوجوه المهمة مثل تفرقة الصف العربي واضعاف الاتجاه القومي الوحدوي في العراق وهو مايعود بالفائدة على ـ اسرائيل ـ ايضا).

وردا على الخطاب الذي القاه ( عبد الكريم قاسم) مساء يوم 30 / نيسان 1959 بمناسبة عيد العمال العالمي الذي اعلن فيه منع وتحريم مزاولة النشاطات الحزبية داخل القوات المسلحة وكان يعني به منع النشاط الشيوعي وتغلغله في الجيش فقد علق ( حسين احمد الرضي ـ سلام عادل السكرتير الاول للحزب الشيوعي العراقي انذاك بالقول ( ان فكرة عبد الكريم قاسم سيئة عن الاحزاب لانه ليس لديه خبرة عنها واستغل الانكليز هذه الفكرة عن عبد الكريم قاسم ، فاذا حدث اصطدام هولوه عنده وشبكات التجسس عندهم اسعة ومن ضمنهم عناصر معروفة بوجه عام انها عناصر وطنية بينما

ـ من كتاب من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق / ص92 ـ صلاح الخرسان.

واشارعزيز الحاج ـ القيادي الشيوعي السابق ـ في كتابه ( مع الاعوام الطبعة الاولى/1981 ص48 ) الى  مثل هذا الدور بقوله (...ولقد لعبت الدسائس والايادي الاستعمارية والعميلة ادوارا بالغة الخبث والخطورة في تشجيع وتعميق الخلاف بين القوى التقدمية وبين الدولتين المتحررتين العراق والعربية المتحدة ...).

وذكر ـ هاني الفكيكي ، القيادي البعثي السابق ـ في كتابه (اوكار الهزيمة ـ الطبعة الاولى /1993 ص90) الى الدور البريطاني واساليبه قائلا (اعتقد ان السفير البريطاني مايكل رايت لعب انذاك دورا مهما من موقع
مختلف ، فقد قيل انه ابلغ قاسم بعد لقائه الاول به في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم 14 /تموز رغبة بريطانيا في استمرار تدفق النفط واحترام العراق التزاماته محذرا اياه من الوحدة او الاتحاد مع الجمهورية العربية المتحدة ، وبعد اسابيع على هذا اللقاء ،

سربت اجهزة مشبوهه في بغداد وعن طريق الحزب الشيوعي العراقي ، برقية ادعت ان سفارة الجمهورية العربية المتحدة في بغداد ارسلتها بالشيفرة الى القاهرة واستطاعت اجهزتها التقاطها وحل رموزها وتقول البرقية بحسب الرواية، ان عبد السلام عارف سيعمل لا لحاق العراق بالعربية المتحدة والتخلص من قاسم فيما لو عارض الوحدة...) واضاف الفكيكي قائلا ايضا في كتابه المذكور ص118 ( ...ان تقارب الموقفين السوفياتي والبريطاني الداعمين لقاسم المناهظين لعبد الناصر قد اثر على سمعة الحركة الشيوعية العربية واساء اليها).

لقد اسهم ( عبد الكريم قاسم ) اسهاما فعليا وحقيقيا في منع واعاقة قيام( الوحدة) بانضمام العراق الى الجمهورية العربية المتحدة مؤديا بلا شك دور (مافوق العمالة) ومقدما خدمة ثمينة للامبريالية والصهيونية عجز عن ادائها اكثر عملاء الاستعمار اذعانا وايغالا في العمالة.

في تلك المرحلة الحاسمة والخطيرة من تاريخنا القومي المعاصر.

اما بالنسبة لقانون النفط رقم80 لسنة 1961فانه لم يلغ لا في عام 1963 ولافي عام 1968.

ان هذا القانون البائس الذي يطبل ويزمر له الشيوعيون ولايزال بعضهم حتى الان يتباهي ويبدي عند الحديث عنه في كثير من المغالاة دون أي معنى افراطا في الثناء والاشادة به كـ ( انجاز تاريخي هام ) وكواحد من مزايا حكم (عبد الكريم قاسم)والذي بقي حبرا على الورق دون تنفيذ حتى نهاية حكمه وهو في حقيقته قانون مساوم اصدره (عبد الكريم قاسم) تغطية لعجزه في انتزاع حقوق العراق بزيادة حصته من عوائده النفطية التي رفضتها شركات النفط الاحتكارية الغربية نتيجة فشل المفاوضات ازاء تعنت الشركات ودفعا للاحراج الذي كان يسببه له الموقف الشعبي الضاغط والرأي العام المطالب بضرورة اللجوء الى عملية تاميم النفط انذاك كحق طبيعي لامساومة فيه وكحل جذري لابد منه وكاجراء حاسم لامناص منه وكرد حازم ازاء تعنت تلك الشركات النفطية الاحتكارية فقد اضطر(عبد الكريم قاسم) الى تشريع واصدار مثل هذا القانون الذي جاء قانونا مبتورا ومشوها وممسوخا فوق كونه قانونا مساوما من اساسه وبديلا عن عملية تاميم النفط التي كانت مطلبا شعبيا ملحا في ذلك الوقت .

فقد ابقى هذا القانون هيكل العلاقات النفطية مع الشركات الاحتكارية على وضعه دون اي مساس فعلي بجوهر تلك العلاقات النفطية التي كانت كفتها ترجح دائما لصالح شركات النفط الاحتكارية ومن دون الحصول على ايه مكاسب لزيادة حصة العراق من عوائد ثروته النفطية فالقانون المذكور لم يات بجديد في هذا المجال وانما حصر فقط حقوق الامتياز في الاراضي المستثمرة فعلا والممنوحة للشركات النفطية بموجب اتفاقيات وعقود امتيازات التنقيب عن النفط ، التي كانت قد استولت من جانبها تجاوزا ودون اي مسوغ قانوني على اراض واسعة خلافا للاتفاقيات النفطية المبرمة معها وذلك خلال العهد الملكي ودون ان تتمكن هذه الشركات او ان يكون بمقدورها استغلال تلك الاراضي فعلا لعدم حاجتها اليها سواءفي البحث والتنقيب او في استثمار نفطي جديد للتكاليف والنفقات الباهظة التي تتطلبها عمليات الاستثمار النفطية حيث ابدت هذه الشركات في السابق واثناء المفاوضات مع الحكومات السابقة رغبتها في التخلي عن تلك الاراضي المستولى عليها تجاوزا والتي سكتت عنها تلك الحكومات.

فهذه الاراضي المستولى عليها تجاوزا غير مشمولة اصلا بالاتفاقيات النفطية المبرمة مع تلك الشركات منذ حصولها على امتيازات التنقيب عن النفط في العراق عام 1927 والسنوات الماضية التي تلتها وبالتالي فان الامر لم يكن يتطلب استصدار قانون خاص بس\ان تلك الاراضي المتجاوز عليها من قبل الشركات النفطية الاحتكارية فكان بامكان العراق انذار تلك الشركات بضرورة رفع يدها عن الاراضي المتجاوز عليها والتقيد بحدود احكام الاتفاقيات النفطية المبرمة معها مع مطالبة هذه الشركات بدفع تعويضات مالية عن فترات التجاوز وفب حالة رفضها الانصياع كان بالامكان مقاضاتها وفق البنود المتعلقة حول كيفية حل المنازعات النأشئة عن تطبيق احكام تلك الاتفاقيات النفطيةدون الحاجة الى اللجوء لاصدار مثل هذا القانون الذي يبدو لاشئ امام القرار الثوري الحاسم الذي اقدمت عليه سلطة البعث في العراق هي 1/حزيران/1972 وقبله ذلك القرار التاريخي الذي اتخذه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس في 26/تموز /1956 .

ـ يتبع ـ

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الخميس /  18  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  24 /  نيســـــــان / 2008 م