بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

الانحدار السريع نحو الهاوية

 

 

 

 

شبكة المنصور

عراق المطيري

 

لقد مرت خمس سنوات على عمر الهجمة الوحشية التترية الامريكية على العراق والتي كان من بين أهم نتائجها محاولات عزل القطر عن امتداده الطبيعي مع الأمة العربية وإلغاء دوره كمركز ثقل بالغ الأهمية في حفظ التوازن الدولي لهذه المنطقة الحيوية جدا من العالم لما لها من أهمية إستراتيجية جغرافية وعلى صعيد الثروات وخصوصا النفطية التي تؤثر وبشكل كبير على الاقتصاد العالمي, وهي إذ بالغت باستعمالها المفرط للقوة العسكرية بعد حشد العديد من دول العالم وباستخدام أساليب الترغيب والترهيب لتحقيق أهدافها وامتناع الأخرى بل معارضتها الشديدة ولو أنها لم ترقى الى مستوى المجابهة العسكري فإنها وخلال الخمس سنوات الماضية حثت خطاها مسرعة نحو هاويتها من خلال فشلها الذريع في تحجيم دور المقاومة العراقية المجاهدة والخسائر المادية والبشرية التي طالتها وشوهت صورتها لا في الأوساط العربية الشعبية بل في مختلف المحافل الدولية الساعية الى توطيد السلام العالمي وحرية الشعوب بل وحتى في الولايات المتحدة الامريكية نفسها حيث يبدو الخلاف واضحا بين دافعي الضرائب وممولي العدوان يصطف معهم الكتل الشعبية الممولة البشرية للحرب والتي خسرت أيضا تمويل الادارة للمشاريع الخدمية من جهة وبين صانعي القرار السياسي والعسكري يتخندق معهم اللوبي الصهيوني الأكثر انتفاعا من الحرب والعدوان على العراق .

وضمن منطق الربح والخسارة الذي تتعامل به الإدارات الامريكية المتعاقبة بعيدا عن حسابات الأرقام فإنها كانت تعد لان يكون القرن الحادي والعشرون قرنا أمريكيا كاملا كما أكد ذلك جورج بوش الأب خصوصا بعد التراجع الكبير الذي شهده المعسكر الشرقي الشيوعي , فقد خططت امريكا لهذه الحرب لديمومة دورها القيادي العالمي متناسية دور ومصالح الدول الأوربية التي رفضت الاشتراك في العدوان على العراق أما للفكر التحرري السائد فيها او لقوانينها الداخلية التي تمنع اشتراكها في العدوان او لتقاطع مصالحها مع الأهداف الامريكية , ومع ارتفاع التكلفة المادية والبشرية للحرب في العراق والتي أدت الى شبه شلل وتدهور اقتصادها وحتى قوتها العسكرية الضاربة والحاجة لتغطية نفقاتها حسب اعترافات القادة العسكريين الأمريكان أنفسهم وهذا ما شجع دول إقليمية في المنطقة الى تطوير أسلحتها مثل الفرس في إيران , وقد آلت النتائج الى تفوق اقتصاد عالمي جديد مثل الاتحاد الأوربي الذي بدأ يتماسك أكثر ويشهد اتساعا في عدد الدول التي انضمت إليه ناهيك عن الاقتصاد الصيني والياباني وهذه كلها تستطيع التأثير في الاقتصاد الامريكي دون اللجوء الى القوة العسكرية خصوصا بعد الانسحابات المتكررة لحلفائها بالعدوان ابتداءا من بريطانيا مما دفعها الى قبول الشراكة الفارسية في السيطرة على العراق بدلالة الحماية التي وفرتها القوات الجوية والبرية الامريكية لمحمود احمدي نجاد في بغداد مطلع شهر آذار الجاري .

وفي دراسة قام بها مركز "التقدّم الأمريكي", و هو كما يعرّف عن نفسه مركز أبحاث مستقل و معهد ثقافي غير حزبي يكرّس أعماله لدعم فكرة أمريكا القويّة, العادلة و الحرّة التي تؤمّن الفرصة للجميع, بنشر تقرير بعنوان: إنفاق بوش الدفاعي في غير محلّه حيث طلبت إدارة بوش مبلغا إضافيا قدره 145 مليار دولار للعام المالي 2008 . و إذا ما أخذنا بعين الاعتبار زيادة عدد القوات الامريكية في العراق و أفغانستان ومتابعة العمليات الجارية واستبدال و تصليح المعدات التالفة على الجبهتين, فهذا يعني إن إدارة بوش الصغير بصدد طلب دعم إضافي طارئ واعتمادا على المقاييس الحالية, فمن الممكن أن تبلغ الزيادة على هذه المعادلة حوالي 55 مليار دولار أو أكثر, و هو ما من شأنه أن يرفع التكلفة العامة للعدوان الهمجي على العراق الى ما مقدراه 633 مليار دولار على الأقل عام 2008واذا ما أضفنا الى هذه المبالغ الخسائر الغير مباشرة للرعاية الصحية الطويل الأجل و الفرص الاقتصادية الضائعة لعشرات الآلاف من الغزاة الجرحى فانّه من الواضح إن العراق قد أصبح يعني "خطأ استراتيجيا بتريليون دولار" دون أفق واضح لإنهاء الوضع,والأسوء من هذا إن قرار غزو العراق في العام 2003 قد حوّل نقل القدرات العسكرية و التمويل المالي من الاعتداءات في أفغانستان و هو المكان الذي انطلقت منه عمليات 11 أيلول / سبتمبر فعليا, الى العراق!! فأمريكا تنفق اليوم مقابل كل دولار في أفغانستان خمس إضعافه في العراق أي خمس دولارات, على الرغم من حقيقة إن أسامة بن لادن و الظواهري لا يزالان في مكان آمن على طول الحدود الأفغانية- الباكستانية.

إن الإنفاق في العراق الآن يساوي ضعف التمويل المخصص للأمن القومي, الدبلوماسية, و المساعدات الدولية مجتمعة, كما تتضاءل الآمال حاليا بتحويل هذه المخصصات - التي يتم إنفاقها في العراق و التي تجاوزت الآن مقدار 8.4 مليار دولار شهريا- الى قطاعات أخرى خاصّة بالولايات المتّحدة كزيادة القدرات الاستخباراتية وتامين الحدود بشكل أفضل وحماية المنشآت الحساسة, و التحضير لنظام إنذار و استجابة للكوارث فعّال و ليس كما حصل في إعصار كاترينا , ناهيك عن الإهمال الحاصل في مجال التعليم والصحة والخدمات البلدية , كما إن الجهد الكبير المبذول في العراق يعمل على تشتيت قدرة الولايات المتّحدة في مكافحة الأوبئة المعدية في حين تدعو الادارة الامريكية دائما الى زيادة حجم المخصصات المتعلقة بالشؤون الخارجية, نجد إن المخصصات لم تتجاوز الـ 486 مليون دولار للتبادل الإعلامي و الثقافي وبينما تعدّ حرب الأفكار عنصرا حيويا ومهما إلا إن الإنفاق ضئيل جدا في هذا الإطار و يقوم البنتاكون لوحده بصرف أكثر من هذا كل يومين في غزو العراق ,كما إن الحقير بوش الابن لا يزال يتّبع إستراتيجية فاشلة يأمل خاسئا في الوصول إلى نتائج ايجابية بينما يتم إهمال أبعاد أخرى من الأمن القومي الامريكي وعلى الرغم من التغيير الذي حصل مرات عديدة في الخطابات و التكتيكات إلا إن سياسية بوش الأرعن في الموازنة المعدّة للعام 2008 لا تزال تصب في دعم الإستراتيجية الفاشلة في العراق .

تأسيسا على كل ما تقدم فان هذا المعتوه بوش قد دق المسامير الأخيرة ليس في نعش إدارته وحزبه الجمهوري بل انه هيأ الى الهاوية السحيقة التي راهن على غيرها يصطحب مشاريع خسته بفعل التلاحم الرائع لأبطال الجهاد والتحرير حيث الإباء والشموخ العربي العراقي المعروف رغم انهار الدم التي سالت تروي ارض العراق الطاهرة لتعبد طريق تحرير فلسطين السليبة .

Iraq_almutery@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

                                              الاحد /  16  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  23 / أذار / 2008 م