بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

رسالة الجهاد في تحدي العدوان

 

 

 

 

شبكة المنصور

عراق المطيري

 

مع انقضاء السنة الخامسة فقد افرز الغزو الامريكي لبلادنا مجموعة من الأحداث والمواقف التي تجعلنا بحاجة ماسة للبحث فيها وإعادة تقييمها ودراسة أوضاع امتنا العربية في الفترة الحالية التي تمر بها حيث أصبحت الآن المعركة مصيرية ويجب إن تكون حاسمة , أما إن نكون ونفرض وجودنا كأمة ذات حضارة وتاريخ وتراث فاعل في الحياة الإنسانية ونساهم في تطور وتطوير البشرية من خلال مقومات وجودنا , وإما إن نخضع لإرادة المحتل ليس في قطرنا العراق فحسب بل في امتنا العربية جميعها على امتداد وطنها من الخليج العربي الى المحيط الأطلسي , أما إن ننتصر كأمة تحمل رسالة الإسلام السماوية التي ندرك بعمق كل معانيها ومبادئها وأهدافها , وأما إن نذوب ونتلاشى بين القوميات والاديان الأخرى , أما إن نقاوم هجمة وحشية تستهدف كل قيمنا وننتصر او ننتهي الى الأبد فيخلد التاريخ عارا أبديا يتناقله أبنائنا وأحفادنا فنكون امة بناها أجدادنا وكرمها الله إنها خير امة أخرجت الى الناس ونحن أجيال هذا العصر طمرناها تحت أنقاض تهديم الغرب لحضارتنا .

ومع فشل وانهيار كل الحجج والذرائع الكاذبة التي قدمها العدو ليبرر اعتدائه وحسب اعترافات قادته الذين تساقطوا تباعا , ففي حقيقة الأمر إن الغزو الامريكي لقطرنا قد افرز عدد من المعسكرات تتقارب في بعض الأحيان وتتباعد في أخرى ولكن في العموم يمكن تمييز معسكرين اثنين تندرج معظم باقي المعسكرات ضمنها حسب معتقداتنا القومية الفكرية وموروثنا العقائدي هما معسكر الجهاد الذي يمثل معسكر الخير الذي نتبناه ونلتزم بتأدية فروضه واستحقاقاته كاملة كأمة عربية يساندها ويدعمها المسلمين والخيرين في كل أنحاء الارض على اختلاف الأديان والقوميات , والمسكر الثاني الذي تتزعمه امريكا ضمن سياسة القطب الواحد المنفرد والمهيمن على صناعة القرار العالمي ومن تحالف معها وينضوي تحت لوائها من ارتضى لنفسه الخنوع والذل لشتى الأسباب , ففي الفترة المنصرمة من عمر الاحتلال وقف معنا في محنتنا الكثير من الخيرين من مفكرين ومناضلين من شتى بلدان العالم مدفوعين بنظرات وتحليلات ومفاهيم وقيم , تقترب بدرجات متباينة من إدراك طبيعة جهادنا كأفراد يمثلون أنفسهم وكجماعات تمثل منظمات إنسانية او فكرية او مهنية , في نفس الوقت الذي ابتعد فيه عنا الكثير من العرب في أقطار مختلفة تدفعهم مواقف تعكس أزمة الانحطاط الفكري الذي انحدرت إليه امتنا العربية بتأثير الضغوط التي مارستها قوى المعسكر المعادي والهزة العنيفة التي نتجت عن العدوان ليس على العراق فحسب بل وعلى جميع الأقطار العربية إضافة الى ما يحملون مسبقا من موروث خبيث معادي للفكر القومي العربي .

إن هول العدوان وعنفه وخروجه عن السياقات الإنسانية كان حافزا استفز البعيدون غير المعنيون إلا بالقدر المنطقي للإنسانية فاقتربوا منا حتى أصبحوا معنيين فوقفوا ضد العدوان أمثال وزير العدل الامريكي الأسبق رمزي كلارك ورهط غير قليل من العرب وغير العرب جازفوا بحياتهم ضد بلدانهم او سياسات حكوماتهم في مختلف المحافل الدولية أثمرت جهودهم عن نتائج غيرت سياسات بلدانهم وحتى في الساحة الامريكية نفسها يقف الشعب ضد سياسات إدارة الحكومة رغم الحملة الإعلامية المظللة الكبيرة التي روجت للعدوان فسقطت الكثير من الحكومات والأحزاب التي شاركت في العدوان وأخرها ما لحق بالحزب الجمهوري الحاكم في الانتخابات البرلمانية والنتائج الأولية للانتخابات الرئاسية تشير بوضوح الى فوز الديمقراطيين الذين عارضوا الحرب على العراق وآخرها انطلاق أكثر من ستمائة تظاهرة في مختلف الولايات الامريكية في الذكرى الخامسة لبدء العدوان تطالب بالانسحاب الفوري من العراق وإنهاء الحرب رغم ما يبذله بوش من جهود لتحسين صورة امريكا في العالم , بينما نجد إن قريبون منا كان للشعب العراقي دورا في دعم وجودهم وتقويته لفترة طويلة من الزمن أصبحت أراضيهم قاعدة انطلاق لتحطيم العراق وبعده القومي العربي , ففي الوقت الذي ترفض فيه تركيا استخدام مطاراتها " رغم أنها عضو في حلف شمال الأطلسي " كقواعد حربية ضد العراق تفتح حكومات دول الخليج العربي والأردن ومصر كل إمكاناتها وأراضيها على مصراعيها بل وتشارك فعليا في العدوان وما رافق ذلك من تدمير للبنى التحتية ومقومات الاقتصاد العراقي .

إن العدوان الامريكي ليس على العراق فقط بل وعلى الأمة العربية من أقصاها الى أقصاها وعلى الإسلام وعلى قيمه السماوية لذلك فقد حفز لدى العراقيين بشكل خاص والعرب والمسلمين بشكل عام روح الجهاد كقانون عام في حياة الأمة العربية امة الجهاد , هذه الروح التي كان فعلها امتدادا لمعارك نشر رسالتها السماوية الى عصرنا الحديث , فروح الجهاد هي ما حرك العرب في تحرير كل أقطارها سواء في المشرق العربي او مغربه لتقدم ملايين الشهداء تستمد إلهامها من تراثها المليء بروح الجهاد وتجديد الصلة الحية به بمسـتوى رائع جديد في العمل الوطني والقومي .

لقد مهد العدوان الغربي المتمثل بالتحالف الامريكي – الصهيوني الذي يندرج تحت جناحه العديد من دول العالم التي تحمل فكر التحدي الصليبي للأمة العربية والإسلامية في العديد من الميادين فبالإضافة الى المشكلة المركزية في فلسطين يأتي العدوان على العراق وأفغانستان والصومال والحالة الشاذة في لبنان وغيرها الى تعالي الأصوات النكرة التي ارتدت لباس الإسلام فتدعو الى المهادنة والاستسلام وتشويه الفكر الجهادي وربطه بالإرهاب والعنف ومن ثم الوصول الى نبذه لتشكل ردة في منتهى الخطورة على تاريخ امتنا.

لقد طرحت الكثير من المسميات في تاريخ الكفاح العربي المعاصر وخاصة بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين للدلالة على الحاجة الى المستوى الجهادي المتميز الذي يتطلع إليه شعبنا العربي وكل الأمة الإسلامية في مواجهة عدو شرس ومتمرس يتفنن باختيار الأساليب للانقضاض علينا تقوده دوافع الكراهية لكل شعوب الارض والطمع للسيطرة على اقتصاد شعوبها ونهب خيراتها وتسخيرها لصالحه , ولأول مرة في التاريخ المعاصر تتحقق على صعيد الواقع الوطني والقومي والإسلامي حالة جهادية تقترب خلالها الأمة من حقيقتها ومبادئها وطموحها النهضوي ورسالتها فتشكل تلاحم قل له مثيل في تبني قضايا الأمة على إنها وحدة واحدة غير قابلة للتجزئة , وقد أصبح هذا المستوى من الفعل الجهادي الجسور دليلا يدفع الى انهيار معسكر الأعداء كهجوم مرتد , في الوقت الذي يحتوي على منعطف حاسم بالنسبة للأمة العربية والمصير القومي الإنساني المرتكز الى روح العروبة والإسلام برزت فيه حالة من التلاحم الجهادي عز نظيره في وقت يعاني فيه واقع الأمة والعالم من تراجعات وانهيارات قاتلة خطيرة في البنى الفكرية والسياسية ومن الظواهر المهددة لمستقبل الحضارة الإنسانية وأخطرها التواطؤ الدولي لتصفية القضايا العربية واستمرار العدوان .

تحية إجلال وإكبار الى كل المجاهدين الذين استحضروا كل قيم البطولة والرجولة العربية والإسلامية في كل ارض العروبة الطاهرة يصنعون بدمائهم الزكية الحياة والتاريخ العظيم لامتهم وجعلوا العدو يتخبط منهارا تحت ضرباتهم الجبارة متسلحين بالإيمان بالله وحب الوطن وان هو إلا صبر ساعة من نهار حتى يولي حقيرا مذموما يتبعه أذنابه العملاء .

 

Iraq_almutery@yahoo.com

 

 

 

شبكة المنصور

                                         الخميس  /  13  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  20 / أذار / 2008 م