الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

اتركوا أمر فلسطين للفلسطينيين .. لماذا ؟

 

 

 

شبكة المنصور

كاظم عبد الحسين عباس / اكاديمي عراقي – بغداد

 

لست ممن يتطفلون على استحقاقات الناس ولست ممن يرى الاشياء من منظور واحد ولست ممن يزايدون على الآخرين. نعم قضية فلسطين هي قضية الفلسطينيين أولا", ولكنها ليست قضية الفلسطينيين أخيرا". وسأضع بعض ماييسره الله لي في أسباب تلبس هذه القناعة لي مذ وعيت وأنا طالب في الدراسة المتوسطة وحتى اللحظة. وعلى قارئي الكريم أن يدرك سلفا" انني أضع أفكاري وملاحظاتي كمواطن عراقي عربي لا حول له ولا قوة غير استخدام هامش الحرية المتاح على الشبكة العنكبوتية، مع ايمان لا ينقطع بطاقات الأمة العربية المجيدة.

لا أظن ان ثمة قضية شغلت العالم من أقصاه الى أقصاه كما فلسطين وقضيتها، ولا أعتقد بوجود كم من الكتب والشعر والمقالات والمؤتمرات التي شهدها العالم كما القضية الفلسطينية. وهذه أول علامة فارقة على ان قضية فلسطين ليست للفلسطينيين وحدهم بل انها قضية ذات أبعاد وتداخلات عالمية الى جانب تداخلاتها الأقليمية والعربية.

سبب تناولي لهذه الموضوعة هو قرائتي لمقالات على الانترنيت لبعض رواد العصر الامريكي الجديد, عصر ما بعد احتلال العراق, ومواقف لعدد من سياسي الاحتلال وأحزاب الاحتلال المختلفة. وهي مقالات وأفكار وآراء تمثل في حقيقتها صورة العراق الجديد الذي أنجبته امريكا على انه لما يزل في حاضنة الخدج وفيه من العاهات والاعاقات الولادية ما ينبأ عن قرب احتضاره ان شاء الله. فلماذا كل هذه العجلة على تبني فكرة وموقف هو النقيض التام لموقف العراق وقيادته ما قبل الاحتلال؟ لماذا يلهث رموز حكم الاحتلال واحزابه الطائفية العميلة لاعلان موقف من قضية فلسطين يتعارض تماما" مع موقف الشعب العراقي بكل طوائفه وأقلياته، وملخصه اسناد حق الفلسطينيين في تحرير بلادهم من الاغتصاب الصهيوني؟

الجواب بسيط للغاية وهو ان هؤلاء الساسة الأقزام يريدون بهذا الموقف المعادي أو المائع على الأقل كسب ود ورضا سيدهم الامريكي لا اكثر ولا اقل. أما لمَ التعجل في الاعلان عن هذا الموقف والعراق الجديد لم يخرج بعد من حاضنة الخدج فأنا اعتقد انه جزء من استراتيجية الصدمة والذهول التي تحاول الطرق على الساخن للدخول في عمليات الترويض وغسل الدماغ العراقي المؤيد لحق التحرير والعودة والساند له بلا قيود أو شروط أو حدود.

على أية حال, هذه استنتاجات ومداخل أولية أردت الدخول منها الى مطالعة بسيطة ومباشرة لأطروحة (دع تحرير فلسطين لأهل فلسطين)، والتي تبناها رجال العملية السياسية الجديدة في العراق على اختلاف هوياتهم السياسية في داخل وخارج العراق.

منطق القوة يمكنه أن يسلب الانسان حياته وأملاكه وأوطانه. نعم, تلكم حقيقة لا جدال فيها. لكن ليس بوسع القوة الغاشمة أن تسلب الانسان ارادته حتى لو كانت ارادة واهنة ضعيفة لا حول لها ولا قوة لكنها تمثل شرف الانسان ووجوده ولا يتنازل عنها، لا امريكي ولا عربي، ممن يؤمنون بمعايير حق الذات البشرية بامتلاك ناصية قرارات الذات على أقل وأوهن تقدير. لكن ما يحصل الآن في مشهد السياسة العربية وحال الأمة يجعلنا نقف مندهشين أمام تراجع اعتبارات وقيم الذات والاعتداد المطلوب بالنفس الذي لا يمكن لانسان سوي ان يتنازل عنه، الاّ اذا تحول الى كائن ذليل، والعياذ بالله. أنا أعرف ان البعض يرفض أن يتحول في هذا الزمن الأغبر الى ثائر ولا أن يمسك بندقية ويقاتل بل ولا حتى ان يتمسك بأبسط حق شخصي، هو الاعلان عن الرفض بأية صيغة علنية لما يسلبه حق وجوده الشرعي السماوي والوضعي. لكن ما لا أفهمه قطعا" أن لا يسكت الانسان على الأقل ويخفي في داخله حقه بدل أن يصرح ببذاءات لا تليق بوجوده الانساني. أنا أحاول أن أصل الى موقف يعاونني في حماية الذات الخائفة:

من رأى منكم منكرا" فليغيره بيده, فان لم يستطع فبلسانه, وان لم يستطع فبقلبه, وذلك أضعف الايمان: صدق رسول الله صلى الله علية وآله وسلم.

فليسكت اذن من لا يستطيع أن يحافظ عبر لسانه على اعتبارات وقيم وشرف وجوده الانساني بدل أن يُسمع الآخرين ما يجعلهم يتيقنون انه فاقد لأبسط اعتبارات احترام الذات.

هل قضية فلسطين للفلسطينيين وحدهم لكي نلغي الفكر القومي العروبي والمواقف الفردية والقطرية العربية وربما حتى الدولية التي تسندها وتقدم قدرا" من العون للفلسطينيين لاسترداد حقهم؟

الجواب البديهي والواضح .. هو ... كلاّ. ان العالم كله متدخل فيها سلبا" وايجابا". ونحن نخاطب أهل نظرية دع فلسطين للفلسطينيين أن يوقفوا التدخل العالمي بالقضية ويوصلوها الى مرحلة ثنائية المواجهة, الصهيونية من جهة والفلسطينيين من جهة، وعندها سنحرم على أنفسنا حق الدعوة العلنية لأبناء الأمة العربية لاسناد الفلسطينيين.

القضية ببساطة ومن لحظة حدوثها ليست ثنائية الأبعاد، ولم تكن المواجهة في يوم ما منذ حدوث نكبة الاغتصاب والى يومنا هذا بين اليهود الصهاينة والفلسطينين فحسب، بل انها لم تكن كذلك بدءا"، لأن من جاءوا لاحتلال وطننا الفلسطيني هم عصابات دُربت في اكثر من بلد وسُلحت في اكثر من بلد واستصدرت حق الاستيطان بقرار من بريطانيا وبدعم من دول اخرى ساندت المغتصبين في تحقيق أكبر فاجعة وأضخم عار لطخ وجه البشرية في تاريخها كله.

وتدخل العرب في مواقع واحداث وحروب، الاّ انهم لم يتمكنوا من تحقيق شيء ايجابي ان لم يجنوا ما هو كارثي، وزاد الطين بله لأسباب كثيرة لسنا بصددها، منها ما هو ذاتي في جوهر الأداء العربي في المواجهة ومنها ما هو مرتبط بقوة الطرف المواجه للعرب وهو الصهيونية والقوى الساندة لها اسنادا" مطلقا" باطلا" على حساب الحق العربي.

كل ما مرت به الأمة العربية من أحداث من يوم النكبة وحتى اليوم, منها ما هو سلبي وأحدث شروخا" في الوضع العربي وهو السائد والأكثر حدوثا" ومنها ما هو ايجابي في اطار النظرة العريضة العامة على أقل تقدير انه أبقى القضية حيّة تتفاعل ولم تتمكن امريكا وكل العالم المتقدم من اقفال قضية الاغتصاب على نهايات تأسيس دولة بني صهيون على عظم ما فعلوه لتحقيق هذا الغرض على جميع الأصعدة العسكرية والاقتصادية والاعلامية وسواها هو قضية فلسطين. وكان ابقاء وهج الحق العربي في فلسطين يخبو دون ان ينطفئ هو المقاومة الشرسة لابناء فلسطين ومن دعمهم من اشقاءهم العرب.

لقد سقطت حكومات وحصلت ثورات وانقلابات وتغيرت حكومات وانظمة وأُغتيلت شخصيات وأُختطفت سفن وطائرات وتأسست احزاب وهلكت احزاب اخرى واقيمت تحالفات واسقطت اخرى ... لم يبق قاص ولا دان الاّ وأدلى بدلوه في قضية فلسطين ... حتى السينما والتلفزيون وقاعات الرسم ومطابع الكتب.. وبعد كل هذا تتفتق عبقرية أزلام الاحتلال في العراق وأرباب السحت التافه والحرام من عبيد البسطال الامريكي لينفذوا برنامج غسل الدماغ العراقي العروبي المؤمن بقضية فلسطين كمركز ومحور لقضايا الامة العربية، ومن يستكثر علينا وحدة قضايا الامة، فان القضية الفلسطينية ايضا" مركز اهتمام الاقطار العربية على انفراد ولا يمكن لهذه الاقطار ان تعالج أي هم قطري بعيدا" عن تأثير وتفاعل قضية فلسطين. انهم يريدون ترويج العداء لفلسطين وقضيتها طبقا" لمنهج أسيادهم الامريكان. وقد بدأ هذا المنهج بتوجيه أذى للاجئين الفلسطينيين بالعراق لم يوجه لهم مثله من قبل لا في العراق ولا في أي بلد عربي آخر بما فيه الأقطار الخاضعة تماما" لارادة الامريكان. وهذا الأذى معروف بكل تفاصيله من قتل واعتقالات وطرد من البيوت واعتداء على الاعراض بحجة انتماء اللاجئين الفلسطينيين الى حزب البعث العربي الاشتراكي وولاءهم للقيادة العراقية.

نحن يمكن ان نكون مع توجه دع فلسطين للفلسطينيين يقررون ماذا يريدون: التحرير أم الاستسلام ولكن شريطة ان لا يكون من جهة واحدة فقط هي جهة العرب كأقطار او كمنظمات أو أفراد. وننتظر اللحظة التي نسمع فيها أزلام الاستسلام يطالبون اميركا بالتوقف عن دعم الكيان الصهيوني بكل شئ يبقيه ككيان مغتصب لأرضنا العربية ومشرد لشعبنا من عشرات السنين. ننتظر منهم أن تكون لهم ألسن وافواه لنتاكد انهم يجيدون الكلام مع أسيادهم الامريكان والانكليز والاسبان والطليان والالمان، وانهم أهل موقف عام وشامل ومبدئي يصل الى هذه الدول لتوقف دعمها للصهيونية ضد شعب فلسطين وليس للعراقيين والعرب فقط كجزء من مؤامرة اسقاط الصرح الأخير. والاّ فان الدعوة مشبوهة بل انها باطلة وتُعبر عن عمالة وخنوع وارتماء مجاني تحت إرادة الصهيونية العالمية المجرمة.

ان هجومهم الاعلامي على العروبة وفكرها الجهادي وعلى قيادة العراق، لأنها كانت تدعم فلسطين والفلسطينيين كله يصب في خانة العمالة ووضع العراق في خانة الدول المستسلمة وسلب ارادة شعبه في الانتصار الدائم للقضية الفلسطينية العادلة واستكمال لمؤامرات تركيع الامة وشعبها والركون الى الامر الواقع ومعطيات فرض ارادة الصهيونية على شعبنا وامتنا. بل ويؤكد من جديد وبما لا يقبل الجدل والأخذ والرد على ان في مقدمة أهداف الاحتلال الغاشم للعراق، هو تصفية قوة عربية رافضة للاحتلال الصهيوني وتحاربه وتحشد ضده وتؤمن بحتمية زواله ككيان مغتصب. ان الاحتلال الامريكي وعملاءه قد أعلنوا في أشهر الاحتلال الاولى ومارسوا سياسات وتصرفات على الارض تؤكد توجه طمس هوية العراق القومية وتبشع دعمه لأهلنا في فلسطين وتضعه في خانات الخيانة لقضايا الشعب العراقي المحلية وهكذا اشتغلت آلة العدوان الاعلامية وتخرصات عملاءه المفضوحة على ان دعم المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح كان عملا" ارهابيا" !!! وانه قد حصل على حساب حاجات الشعب العراقي الأساسية ومنها الغذاء في مسار دعائي وضيع وبائس.

نحن نقول ... اننا كعرب, كلنا دون استثناء, أبناء دم واحد ودين واحد .. وما يوجع جزءا" من جسد المؤمنين يوجع كامل الأجزاء ونحن نؤمن ونعمل ونتطلع والى يوم الدين أن نحقق سوية أمرين .. تحرير فلسطين ومقدساتها الشريفة وقدسها الحبيب, وتحقيق الوحدة العربية ونؤمن حد انقطاع الأنفاس ان تطلعات الشعوب وآمالها حق والحق لابد ان يتحقق طال الزمن ام قصر ونحن لا نعدم الحيلة لأن الله معنا، ومعنا طاقات أمتنا التي لا تضاهيها طاقة. وبيننا وبين جولة الباطل والظلم محض أيام بأذن الله.

 

Victory.come@yahoo.com

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                         السبت  /  05  جمادي الاول 1429 هـ   ***   الموافق  10  /  أيــــار / 2008 م