الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

إذا بُليتم .....!

 

 

شبكة المنصور

كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي

 

ساسة ما بعد (السقوط) هُم نتاج إتجاهات سياسية متناقضة لا يجمع بينها سوى جامع واحد، وواحد لا غير وهو الرغبة في تولي السلطة بأي ثمن. هذه ليست نظرية بل كانت نظرية ثم قدم لها رجال ما بعد السقوط ألف دليل ودليل. هم يدّعون الوطنية والاسلامية وال(مذهبية) والقومية أحيانا في زمن صار أرخص شئ فيه هو الادعاء ولكن ويقينا" فان باستثناء عدد من العراقيين ممن ارتبط مصيرهم أو مصالحهم مع رجال السقوط فان السواد الاعظم من شعبنا قد عرف اللعبة كاملة من غير رتوش.

رجال السقوط طائفيون, نعم سياسيا" هم طائفيون الى حد النخاع, لكنهم ليسوا من أهل مذهب اسلامي على الاطلاق. طائفيون بمعنى انهم يحملون فكرا" تجزيئيا" للعراق ومفتتا لشعبه وهم اعداء تقليديون لأي فكر قومي يضع مصلحة الوطن فوق كل الميول والاتجاهات. هم طائفيون لأن الطائفية سياج يتكئون عليه لتحقيق مآربهم ومصالحهم الجامحة في الثروة والسلطة المحققة للثروة. انها الستار (الشفاف) الذي يغطي حقيقة النوايا الممتدة كعنق الزرافة نحو أهداف أبعد ما تكون عن الوطنية ومصلحة الأمتين. أهداف تخدم الجهات الدولية التي باعوا بضاعتهم عليها لكي تقدم لهم خدماتها المعروفة وبضاعتهم تتراوح بين عمامة لا تنتسب الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا الى حفنة من تراب داسته أقدام آل بيته الاطهار سلام الله عليهم أجمعين بل هي محض رداء يخفي خلفه جسدا" انسانيا" هو مثل كل اجساد الجوقة الاخرى التي ارتأت ان تضع العمامة وطريقها جانبا" لتعانق أهل الاقداح الباذخة والنسوان الشقراء وعناوين التمدن والتحضر. وعلى ما نظن ان التوزيع بين الفريقين لم يتم بطريقة عشوائية الى جانب انه قد حصل نضح جداري بين الفئتين فغادر البعض خانة العمامة مثلما غادر آخرون خانة الكؤوس في عمليات تجانس وتوازن احكمتها نوازع مخابرات الدول المانحة وتوجهاتها المبنية على مصالح بلدانها.

ليس المجلس الأعلى شيعيا" ولا الدعوة ولا الفضيلة ولا بقية المسميات المناظرة وقد صارت معروفة للجميع ولا داعي لتكرارها. انهم جميعا" قد اختفوا وراء المذهب ليشكلوا بالخداع والزيف والرياء قاعدة يستندون اليها في تنفيذ البرنامج الفارسي الذي جبل على التمدد على حساب العراق والأمة العربية وبه ومعه ينفذون رغبات شخصية سادية في التسلط ونزوات حكم مستعدة لافناء شعب كامل والغناء فوق مقبرته الجماعية. لدينا ملايين الأدلة التي تثبت ان من لبسوا ثوب الشيعة كرداء سياسي هم عبيد لايران ولنزواتهم وتطوروا بعد وخلال زمن السقوط ليصيروا عبيدا" لامريكا لانها صارت بعد الاحتلال هي واهبة السلطة وكراسي الحكم.

لقد قدموا أنفسهم للعراقيين البسطاء من أبناء المذهب الجعفري على انهم ائتلاف (شيعي) واصطفوا تحت خيمة المرجعية والحوزة الايرانيتين في أضخم مسرحية انتخابات مفبركة في التاريخ الحديث حيث حصلت الانتخابات تحت خيمة وحراب الاحتلال المجرم ووفقا" لقوانين وتعليمات انتخابية باركها المحتل ان لم نقل انه هو الذي وضعها وذلك لتحقيق أحد أهداف المحتل القذرة وهي تحييد قلب العراق وجنوبه عن عملية رفض الاحتلال وتحجيم بندقية التحرير فيه تأسيسا" على أرضية المنهج الطائفي الشعوبي التي ارتكزت على ما اصطلح عليه بمظلومية الشيعة والتي كانت وما زالت أكبر خنجر سام طعنت به خاصرة العراق شعبا" ووطنا" من ام قصر حتى دهوك. وبعد مضي اقل من سنتين طفت حقائق الادعاءات الزائفة فتحولت ساحة مظلومية الشيعة الى مسرح مفتوح للقتل والتدمير من قبل الحكومة (الشيعية) في مشهد مأساوي ومقزز حيث قرر المجلس والدعوة الانقضاض على حليفهم وشريكهم العقائدي وهو ما يسمى بالتيار الصدري الذي حقق لهم الاغلبية المزورة في الانتخابات المزورة تلبية لرغبات اميركا وتنفيذا" لمخططاتها المرحلية فبدأت عمليات ابادة الشريك (الشيعي) تحت شعارات رخيصة بل مجانية اطلقوها نيابة عن اميركا وهي ان الصدرية وجيشها المهدوي هي مليشيا عاقة ومخربة ومهربة وفوضوية وخارجه على القانون ومخلة بهيبة دولة المالكي الخضراء والأكيد انهم لا ينطلقون من فراغ مطلق في اتهاماتهم تلك فلقد تمكنوا بذكاء ودهاء فارسي من زج التيار في أكبر عملية تصفية جسدية لاعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي وعناصر وكوادر الدولة من عمال البلدية وصولا" الى المدراء العامين فيها والضباط والطيارين واجهزة الأمن الوطنية وتمكنوا من وضع التيار الصدري في واجهة الفعل الطائفي الاجرامي الذي ذبح مئات الآلاف من العراقيين على الهوية الطائفية المقيتة والتي أخذت كامل أبعادها الاجرامية بعد أن نفذت جريمة تفجير مرقد الأمامين المقدسين في سامراء في أبشع جريمة ارتكبت ضد مقدسات العراقيين جميعا" بهدف اجرامي واضح هو تأجيج ردود الفعل غير المنضبطة لتنفيذ المجازر الطائفية، وتسويغ برامج التهجير الأثني وبلقنة بغداد وتنفيذ خطة كسر أسوار بغداد سيئة الصيت التي جندت لها امكانيات مخابراتية واستخبارية ضخمة ومتعددة الاهداف وتحت ستار مفضوح هو الادعاء بان المقاومة تخطط لاسقاط بغداد من خلال دائرة الاسوار هذه. ولا ندري ان كان التاريخ (الشيعي) سيلتقط كلمة أو عبارة مناسبة لمذابح البصره وميسان وذي قار والكوت وبابل وكربلاء والقادسية وواسط ومدينة الثورة في زمن حكم ولاية علي والقائد (الجعفري). يقينا" انه سيجد لها مسمى مناسب لان منظرّي الحوزة والمرجعية مكلفين دائما" بواجب اطلاق التسميات مثلما هم معنييون برسم سياسة عدم استقرار العراق واضعافه لكي يظل تحت يد قادة الشيعة الامميين في بلاد الفرس. هذه هي النتيجة الحتمية للقاءات التصاهر النفعي الرخيصة وهي لقاءات لا تمتْ، لا الى دين ولا الى مذهب بصلة ... وها هي تمزق أوصال التيار الصدري لكي تقلص حلقة توزيع السلطات والغنائم المتحققة على مذبح العراق وشعبه المظلوم.

لو كانوا طائفيين بالمعنى المذهبي لما ذبحوا بعضهم بعضا" بعد ان ركبوا على اكتاف بعضهم، لان أهل المذهب الواحد والطائفة الواحدة في كل الاديان ومنها اليهودية والمسيحية بل ان اهل الدين الواحد عادة يحافظون على بعضهم البعض ويحمون مصالح بعضهم البعض بل ويقاتلون من يرونه مهددا" لهذه المصالح ونموذج التصاهر المسيحي اليهودي لحماية الكيان الصهيوني ماثل لكل ذي بصر وبصيرة. اذن هم لا مسلمين ولا أهل مذاهب بل هم عبيد واسرى. عبيد لنزوات التسلط والجاه والثروات حتى لو كانت تحت ظلال بساطيل اليهود والنصارى, واسرى لاتفاقات أبرموها مع المحتل لكي يعطيهم الكراسي ويطلق يدهم في الفساد والافساد ضمن المساحات التي لا تضر بالمحتل بل تقدم له خدمات محسوبة ومضافة.

ان المشهد في وسط وجنوب العراق قد أفرز حقائق ساطعة كسطوع الشمس وهي ان الدعوة وبدر المجلس قد هدروا دم اهلنا الشيعة لا لشئ بل لتكريس سيطرتهم وتطلعا" للحظة يكونوا فيها شركاء في مقاطعات وفدراليات الوسط والجنوب قبل ان تأتي لحظة الحسم التي ستقررها اميركا وايران واسرائيل في من يبقى ومن يرحل في خارطة السياسة التي ستنتج ولا نتردد بان نقولها من الآن ان الخاسر الأكبر سيكون هو المالكي وحزب دعوته باجنحته المختلفة لأن عمامة الحكيم سوداء وبضع العمائم في الدعوة ان وجدت فانها لا تصل الى حجم ولا الى لون عمامة الرجل الذي يحمل التأييد الايراني المطلق ومعه التأييد الامريكي الذي سيصل قريبا" الى حد الاطلاق وفقا لحيثيات ووقائع ما عادت خافية على أحد. واغلب الظن ايضا" ان الدعاة البررة لن يحاربوا كما حارب أهل الصدرية ليس لانهم لا يريدون الدفاع عن وجودهم ومصالحهم بل لانهم لايقوون على مقارعة بدر المجلس بثقلية الايراني والامريكي وجل ما سيفعله مَن ينجو منهم من سهام بدر المجلس هو العودة الى حيث أتو يندبون من جديد مظلومية سيجدون لها مسمى". ولنا شاهد آخر لم يأخذ مداه الاعلامي والتحليلي رغم كبر المعاني المترتبة عليه ألا وهو مذبحة حزب الله وثار الله ورموزهم التي جاءت تحت اغطية صولة الغربان دون ان تثار حولها ضجة كبيرة حيث الناس منشغلون بتغطية انوفهم وافواههم خوفا" من غبار اجواء الصولة ورائحة الموت المنبعث منها ومعها، ومبهورون ايضا" باغلاق مكاتب الشهيد قدس سره واعتقال مسؤوليها في عملية انقلاب مدبرة اطاحت بالسادة الصدريين أولهم وثانيهم وثالثهم بعد ان انتفت الحاجة الى مظلوميتهم وفكرهم الخلاق في مسيرة الرياء والزيف الماكر.

أما اصحاب الكوؤس المترعة وشقراوات احياء مدينة الضباب وسواها من مدن الليل المبهرة واصحاب الشاليهات وسفن الانتاج المتنقل المطعمة بروائح الملاهي البحرية التي سمعنا وقرأنا عنها وكان من بين ثمارها ان جعلت من ساسة السقوط شباب متالق دائم يزهو بفحولة يراد لها ان تعوض فحولة آلاف من شبابنا الذين ذبحتهم آلة الاحتلال والطائفية العفنة لكي يظل الجلبي وعلاوي ومن لف لفهم يعيشون حياة العهر ويلوثون تأريخنا بانخاب عطر فرنسي فاسد ومثبت شعر لا اقوى على تسميته. هؤلاء ومعهم شعوبوا العصر المعتدلون الذين كانوا اكثر حكمة على الاقل في حماية الدم الكردي في عملية سياسية أحكمها سادتهم واولياء نعمتهم الامريكان حيث فازوا بمفاضلة ومقارنة الحكمة والحلم على حلفاءهم غير المؤمنين بمظلومية الشيعة ممن ظلموا الشيعة كما لم يحصل من قبل في كل تاريخ العراق. هؤلاء هم الذين اعطتهم اميركا كل شئ ليصيروا رموزا" للسقوط والفساد والافساد والتدمير، وبرك الدم ليعلنوا عن ولادة ديمقراطية لم نرَ منها سوى ديمقراطية الموت والاجتثاث والاقصاء.

اذن ان الامر لاعلاقة له بطائفة او مذهب بل هو زمن السقوط وان على ابناء شعبنا ان ينتفضوا ضد طائفية سياسية معممة او غير معممة وضد الاحتلال قبل ان تتجذر خناجر الغدر في بلد عشقناه ومنحناه الدم والعرق كيما يظل عزيزا" مهاب الجانب ويقينا" ان الانتفاضة مرتبطة تصاعديا" مع عمق ادراك زيف العمامة ورياءها ونفعيتها وانانيتها وبتوضيح لا لبس فيه بانقطاع صلتها ببني هاشم مربط التقديس العراقي للعمامة والمؤكد ان هذا يحصل يوميا" وغفلة الزمن التي كبلت ايدينا قد أفلتْ وتضائل بريقها بعون الله.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                              الاحد  /  13  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  20 /  نيســـــــان / 2008 م