بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

الأخ الكريم ابن بغداد ... انه خيط واهن بين الحق وبين الباطل سيدي والكلام موجه لكل رجال عصر النهضه الذي دمره الاحتلال

 

 

 

 

شبكة المنصور

كاظم عبد الحسين عباس  / اكاديمي عراقي _ بغداد

 

بدءا" أنا مواطن بلا مواقع ولا عناوين لا قبلا" ولا بعدا"، ويشهد الله اني لم أستلم من دولتنا الوطنية لا مال ولا بيوت ولا سيارات وحين حصل الاحتلال كنت أسكن في بيت مؤجَر، ولم اقابل الشهيد صدام حسين رحمه الله طيلة حياتي , لكنني أعتبر أي عراقي كان يعمل في الدولة الوطنية التي أسقطها الاحتلال وأعوانه وخاصة ضباط الجيش الكبار والقيادات الحزبية والادارية يتطاول أو ينتقد بأي طريقة كانت وقحة أم مهذبة قيادة الشهيد صدام حسين أو القرارات التي اتخذها ورفاقه في ادارة الدولة والمحن والأزمات خطا" احمرا"، هو تماما" مثل الخط الاحمر الذي يفصل بين الوطنية والعمالة أو وهن الوطنية. وحيث اني قد تعرفت على صورة السيد الفريق الركن رعد الحمداني من خلال شاشات التلفزة الفضائية وقفزت معدتي الى حنجرتي في اللقاء الاول الذي تابعته متوقعا"، انني سأسمع صنديدا" من صناديد العراق حتى خاب ظني وهوت كل معنوياتي وأنا أفاجأ بالسيد الفريق وهو يتكلم عن الخطأ الستراتيجي الذي وقع فيه صدام حسين رحمه الله في (غزو الكويت)!!.

انا من بين العراقيين الداعين الى المرونة والاعتدال ومن المؤمنين قطعا" بتعدد الرأي وحرية التعبير كونها من سمات عصرنا الحديث ومن عناصر البناء الشخصي التي يجب ان نهيء كلنا أسسها وحيثياتها, كما اؤمن قطعا" بحق النقد كمظهر من مظاهر الحرية الانسانية والديمقراطية. وحيث ان رسالة السيد الفريق الى جنابكم قد استخدمت مفردة (الرفاق)، فانني والله قد زدت غيظا" وحنقا" عليه وعليك انت الداعي الى احتواءه كفارس من فرسان العراق!! لسبب بسيط جدا" جدا" وهو ان الذي يتحدث بلغة الرفقة عليه حتما ان يتمسك بعروتها الأولى ألا وهي التزام مبدأ نقد ما هو بحاجة الى نقد من أمور خطيرة كالتي يناقشها السيد الفريق في لقاءاته بالفضائيات داخل المؤسسة النضالية التي ينتمي اليها وهي الحزب قبل أن يصير وجها" فضائيا" مألوفا" على حساب أبسط مباديء ولاءه لحزبه ودولته التي كان قائدا" وفارسا" من فرسانها.

ما أقوله ليس موجها" ضد السيد الفريق بل هو مباديء عامة علينا جميعا" ان نتذاكر عليها لكي لا يقال عنا انا كنا منافقين ومخادعين وجبناء في الانتماء اليها عندما كانت دولتنا حية ترزق وان الخروج على هذه القاعدة هو اسناد ودعم مفضوح لزعم الاعداء باننا كنا في الحزب وفي خط الدولة خوفا" من قيادتها (والعياذ بالله)، بل هو في الواقع تأكيد لهذا السوط الذي أدمى ظهورنا بيد عبد العزيز الحكيم والجلبي والمالكي وعلاوي والهاشمي وسواهم من الذين وفروا الارضية المناسبة التي احرقت عليها دبابات السيد الفريق من قبل اميركا وحلفاءها وتذبح جنده وحراسه وهم ينسحبون من الكويت كما يحصل وحصل في مئات المعارك التي وقعت في التاريخ القديم والحديث وفقدت فيها عناصر ومقومات التوازن الميداني فانكفأ احد الجيوش المتقاتلة ومعه ألف مبرر ومبرر لعملية الانقضاض الاولى (تحرير الكويت)، وكذلك لعملية الانسحاب لاحقا. وأسال هنا بود مطلق: هل كنا سنسمع ذات النقد الموجع لواقعة الكويت من الأخ الفريق لو كتب لتحرير الكويت أن ياخذ كامل مداه وينتصر فيه العراق محققا" غايات وأهداف الدخول التي كان السيد الفريق يثقف العراقيين عليها ويحشد جهدهم وطاقاتهم للفوز الناجز فيها؟

نعم من حق (الفارس) العراقي رعد الحمداني ان يكتب وينتقد ويوثق لكن ليس ضد قيادته الشهيدة التي وثقت به دهرا" ومنحته شرف التباهي بالمشاركة في حرب تشرين، لان تلك المشاركة لم تكن قرارا" فرديا" له يفتخر به بل هو قرار القيادة وكان هو جنديا"، نال شرف المشاركة والتنفيذ ولم تكن أنواطه وأوسمته وبطولاته التي نشهد بها كلنا الاّ نتاج تنفيذه قرار القيادة في رد العدوان الفارسي وحماية جناح الأمة الشرقي من غزو الجراد الخميني وان القيادة التاريخية هي التي وفرت له سبل النصر التاريخي الذي يسجله ويتباهى به لجيشنا العظيم، ولم يكن كل ما يتفاخر به ويحوله الى كتب تنشر الاّ ( نتيجة) كان هو بكل محبتنا طرفا" في الوصول اليها لكن تلك النتيجة ما كان لها ان تحصل لولا قرار مَن صار ينتقدهم علنا" في الفضائيات ويعتبر ان ما اقدموا عليه من توجه لاعادة حق العراق التاريخي في الكويت وفي الانقضاض على اعشاش الزنابير والافاعي التي آوتها وغذتها حكومة الكويت بانتظار لحظة تحركها مع جيوش اميركا لاحتلال العراق خطأ" استراتيجيا".

الرفيق الفريق رعد كان عليه ان لا يفقد اسلامه بالكفر قبل الموت بدقائق وهذا ما فعله بالضبط وهو شخص لا يقيّم على الاسس الوطنية فحسب، بل معها والى جانبها اسس الانتماء الفكري والعقائدي للحزب الذي كان احد اعضاءه .

واذا كان السيد الفريق بكل ما حمله من مكرمات الشهيد السعيد صدام حسين رحمه الله وما جناه من مهنة شريفة راتبها مجزي جدا" وما معه من بيت وسيارة (ولا اريد ان ازيد على ذلك) لم يكن كافيا له ليُعينه سنتين او ثلاث بعد احتلال بلده وقبل ان تمتد له يد عا ئلة عراقية كريمة، فماذا يفعل الملايين من رفاقه من الذين كانوا يعملون بالفلاحة أو عمال بناء وانشاءات أو موظفين صغار ومعلمين ومدرسين وأساتذة وضباط جيش وشرطة وأمن ومخابرات وغيرهم ممن لم يكن لديهم عند وقوع الاحتلال ما يمكنهم من شراء كيس طحين يعيلون به اطفالهم؟ ألا ترى معي سيدي ابن بغداد الجريحة اننا هكذا نسوّغ الردة؟

أنا متيقن من ان عبد العزيز الحكيم وحاشيته وعلاوي واشباهه بل وحتى الجلبي يتحدثون على انهم وطنيون وانهم ضد الاحتلال ... والحديث في عصر الامركة صار مجانيا" بلا ضوابط. وان يتحدث السيد الفريق في مقاطع من حديثه احيانا" ضد الاحتلال ليس بالضرورة كفيل بوضعه في الخانة التي يريدها له الاخ ابن بغداد وان أوجه المقارنة قائمة حتما" بين وطنية الاشخاص اعلاه التي يعلنون عنها وشعبنا كله بملايينه الثلاثين يعرف انهم عملاء حتى النخاع لامريكا ولاطراف أخرى. والآن أسال الاخ ابن بغداد ... لماذا لم يكتب احدا" كلمة سوء واحدة ضد الفريق سيف الدين الراوي؟

من ينتقد قرارات صدام حسين الشهيد ونحن تحت حراب المحتل ورفاقنا يقاتلون وهم جياع واطفالهم بالعراء لا يوضع في خانة الوطنية التي تتسع لموضوعة الرأي والرأي الآخر، إذ لا رأي ورأي آخر في أمر الوطنية ولا رأي ورأى آخر ضمن مؤسسة حزبية صارمة، بل حديدية الالتزام والتمسك بثوابت العمل النضالي الذي يقتضي فيما يقتضي ان تتم المراجعات داخل أطر البناء التنظيمي الداخلي وفي المؤتمرات الشرعية والاّ فانها ردة وخروج عن بيت العمل المنظم. ومن ينتقد ورفاقه الغيارى وضباط الجيش يقارعون المحتل واعوانه وكلهم مطاردون من فرق الموت الفارسية والامريكية وبوسع اي منهم ان يغادر العراق ويجد عائلة عراقية كريمة كعائلة الكعود تحتضنه وتعاونه الاّ انه ما غادر ولن يغادر حتى ينال احدى الحسنيين. ولماذا يحافظ عميد عائلة الكعود الاخ الدكتور سطام بعد خروجه من المعتقل على صورة الفارس العراقي العربي الوطني المسلم فلا يسيء لابي الشهيدين ولا للحزب بنقد بناء او هدام رغم ان ما سمعت عن الرجل انه لم يكن بعثيا وان كان بعثيا فلم يكن عضو قيادة من تسلسلات القيادات الحزبية. ان رفاق العقيدة من مدنيين وعسكريين يقاتلون الاحتلال وأعوانه دونما توقف وكلهم مطلوبون لفرق الموت ولكنهم لم يغادروا المقاومة والرفض للاحتلال وحتى من غادر منهم ساحة الجهاد في الداخل مرغما لظروف خاصة الاّ انه لم يغادر خانة الولاء المطلق ولم يتحول الى وجه فضائي في فضائيات تريد من روادها ان يشتموا صدام حسين وعصره والاّ فانها لن تلتقيهم فتضيع عليهم فرص النجومية. لا وألف لا لمن يبحث عن فرص التفاوض منفردا" خارج اطار خطط المقاومة.

ألا تعتقد اخي الكريم ان كل مناضل ووطني عراقي شريف يحتفظ في داخله المؤمن المحتسب بملاحظات نقدية لمسيرة ثلاثين عاما" اخفقت في موقع وابدعت في مئات المواقع الاّ انه يكظم غيظه ونقده لحين ساعة يصير النقد فيها مشروعا" زمانيا" ومكانيا" و منطلقا" لبناء وانطلاقة جديدة لعراق كما نريد ونتمنى؟

ان جل ما نخشاه وحذرنا منه نحن ابناء تجربة الحكم الوطني العملاقه ونحن نقاسي وطأة اللهاث الذي سببه الاحتلال وافرازاته علينا هو ان نسقط في مطب أراده لنا اعداءنا ورسموه بدقة وعناية ألا وهو ان من لا ينتقد النظام السابق فهو صدامي وتكفيري وارهابي ومتخلف ينتمي الى عصر قوم لوط ويُسحق بحراب الاحتلال ومكائن الاعلام الحكيمي والدعوجي ودهاء منظري قنوات الفضاء الحرة عراق والفرات وبلادي والعراقية والعالم والانوار ..الخ أو ان يجد لنفسه كرسيا" يواجه الانوار الساطعة ويتمنطق علينا نحن المهمشين والمجتثيين واعداء المذهب ورواد الدكتاتورية واعداء التحرير الامريكي والديمقراطية الجلبية. ان الانتماء الى دين لا ينتهي حين الانتقال الى بلد فيه دين آخر والانتماء الى عقيدة لا يتوقف عندما يكتب لهذه العقيدة ان تخسر جزءا" من الارض التي نمت وترعرعت بين طيات تربتها الطاهرة. بل ان مجرد المرونة في هذا وسواه من علامات الانتماء هو تخاذل وردة قد يقبلها الشعب من واحد كان محشورا" بين الحشد الخير ولكن ليس من قائد عسكري كبير مثل الاخ الحمداني.

نقطة اخرى مضيئة في سجل الانتماء الى الوطن والمباديء هي تلك التي سجلها ويسجلها اسرى الحزب والدولة في معتقلات الاحتلال الرهيبة. وجدير وحري بنا ان نضعها امام اعيننا وامام اعين القادة الاحرار (خارج المعتقلات). فهل لنا ان نقبل ان يتخاذل الرفيق علي حسن المجيد ويجد لنفسه لغة غير لغة الانتماء الى البعث والعراق وعهد صدام ؟ ومثله البطل سلطان هاشم وحسين التكريتي وعبد الغني عبد الغفور وكل الاسود الاسرى، وهل نسمح لآذاننا ان تسمع من هؤلاء الغيارى كلمة تُدين (الغزو العراقي للكويت) أو (اعتداء صدام حسين وجيشه على الجارة ايران) واجرام العراقيين النجباء بحق (غوغاء واوغاد الشعبانية)؟ ماذا كان سيكون موقفنا لو تخاذل الشيخ العملاق طارق عزيز تحت وطأة سياط العهر والجبن وشهد زورا" ضد رفيقه صدام؟ أو ان يزل لسان سيف الدين المشهداني وهو يشهد امام المحكمة المهزلة لا سمح الله أو ان ينبطح محمد زمام أو غيرهم من رفاق العراق وصدام ودولة البعث المجيدة وهم تحت اهوال التعذيب والضغط الامريكي المجرم.؟ ولماذا لا يقوم هؤلاء القادة المحنكين في السياسة بمحاولة التقرب من المحتل للتفاوض معه (حول حقوق العراق المعروفة)، وان يجدوا لانفسهم الف مسوغ ومبرر لذلك؟ أوَ ليس الاجدر بقادة جيشنا العظيم ممن ركنوا الى استراحة ازلية او وجدوا لانفسهم كرسيا" في تشكيلات جيش قوات بدر والبيشمركة ان يثوّروا في داخلهم نخوتهم الوطنية ويلتحقوا برفاقهم المجاهدين من اجل تحرير العراق وفي مقدمة هؤلاء الرفيق الفريق رعد الحمداني ؟

كيف لنا ان نبحث اذن عن هامش تسامح مع مَن يعيشون في عمان او دمشق او صنعاء او لندن من رجال النظام السابق وبالذات من اراد لنفسه ان يكون بطلا" في الفضائيات وهدف البطولة ان يعدّل من تصنيفه كصدامي او بعثي تكفيري او خائن المذهب فيكون قادرا" على ايجاد كرسي في مؤتمر او طاولة تفاوض للمساهمة في بناء العراق الجديد, العراق الامريكي الايراني الفارسي الصهيوني.

الكثير منا يجيد الانكليزية واعتقله الامريكان وطرحوا عليه ان يكون جزءا" من المستقبل لكنه رفض ان لا يكون الاّ جزءا" من الماضي او ان يكون جزءا" من العدم. والكثير منا يجيد اللعب بالالفاظ والحذلقة الكلامية... لكن موقف شهيد الامة ورفاقه برزان وطه والبندر قد جدد فينا شموخ الرجولة وكذلك فان بطولة اسرانا التي اعييت العدو المحتل وزبانيته قد منحتنا الاحساس باليقين البعثي البطولي المبدئي الذي لا يتنازل حتى ولو بكلمة.

اريد ان اسمع مثلي مثل ملايين العراقيين موقف الفريق الحمداني من الصابر صابر الدوري ومن الاسد سلطان هاشم ومن اسطورة الصدق العراقية حسين التكريتي وسواهم من الضباط من رفاقه ولماذا لا يخطئون ستراتيجية القيادة في دخول الارض السليبة في كاظمه لكي يخففوا عنهم بعضا" من ضغوط المحكمة المهزلة وهراوات شرطتها الامريكية. بل ومؤكد انهم إن اقتربوا من هذا ولو قليلا فان بريق الكراسي والمواقع يلوح امامهم وان لم يكن هذا فوعود لا حصر لها بالعيش في لاس فيجاس .. وما احلى العيش لعمري في لاس فيجاس.

ليلتحق الرفيق الفريق الحمداني برفيقه شيخ المجاهدين رئيس الجمهورية عزة العرب والامة عزة الدوري وانا واثق بانه قادر على ان يسحب معه العشرات بل المئات من معيته من الضباط الشجعان والمئات من جنود فيلقه السابق ليعضدوا ويقووا جيشا" من جيوش المقاومة. والاّ فاننا سنسمع قريبا" انه يتفاوض في احدى مؤتمرات (المناطحة) ليحصل على مكان في قافلة الذل والسقوط كما سمعنا اليوم عن دعوة الجامعة العربية لجيب(الرفيق) يونس الاحمد للدخول في مفاوضات المناطحة.

تحية عراقية مُحبة وعاشقة للفريق رعد إن التحق بركب الجهاد بعد ان استراح بعض الوقت وتعرف على البعض ممن يعيشون الليالي الحمراء في دمشق ورفضهم بل وانتقدهم ونحن معه في هذا بالمطلق. وندعوه بصدق الرجال ان يترك لقيادة المقاومة البطلة فرصة التصرف في موضوعة خطرة جدا" بل ومهلكة، وهي موضوعة الاقتراب من المحتل في صيغة تفاوض وحين يكون الفريق الحمداني ضمن صفوف المقاومة العراقية الباسلة، أي كان عنوانها ومسماها حينذاك قد تكلفه القيادة بالتفاوض السياسي وحينئذ لينطلق وكلنا يصفق له وتنبض افئدتنا حبا. لكننا لن نرضى ابدا" ان يصف قرارات سيد الشهداء وصفا" لا يليق بها لانها كلها كانت تاريخية ولخدمة العراق والامة حتى لو كان وصفها غير ما هو عليه الان تحت تأثير انقلاب الموازين وسيطرة المحتل المجرم واعوانه الخونة.

تحية مباركة الى يوم الدين الى اسرى البعث الابطال ودعوة صادقة ان يفك الله اسرهم في لحظة نصر يسجلها للمقاومة العراقية الباسلة او في لحظة تنطلق فيها الاقلام والجهود لمن كانوا يجيدون الكتابة عندما كانت الدولة تُكرم من يكتب وانا لست واحدا" منهم .

 

 

 

 

شبكة المنصور

                                           السبت  /  15  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  22 / أذار / 2008 م