الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

من عجائب زمن السقوط !

 

 

شبكة المنصور

كاظم عبد الحسين عباس  /  اكاديمي عراقي – بغداد

 

بعد (تحرير العراق) وتسليمه الى (اهله الحقيقيين)، على يد المحسنة العظيمة أمريكا ومعها تحالف كبير المعلن منه اكثر من ثلاثين دولة, تم اطلاق قرابة ثلاثين قناة تلفازية محلية وفضائية (عذرا" قد يكون العدد اكبر من هذا) عراقية بأموال دافع الضريبة الامريكي البار جزاه الله خيرا" وعوضه جنات الخلد. واطلقت عشرات الصحف والمجلات في أضخم نتاج اعلامي يشهده تاريخ العراق في زمن السقوط واطلقت قناة الحرة والحرة عراق وراديو سوا لاسناد اعلامي ضروري وجندت عشرات من القنوات الفضائية العربية او العروبية حد النخاع ووسائل اعلام اخرى لدول التحالف العلنية والسرية لتسويق بضاعة دولة المنطقة الخضراء و(سيادتها المطلقة) على مقدرات البلد والقاء الاضواء الكاشفة والمبهرة على الدور الخلاق والانساني الذي تقوم به قوات التحرير الصديقة الامريكية والبريطانية ومن معها في تعمير العراق وتحويلة الى (زهرة الشرق)، تماما كما حولت من قبل المانيا الى زهرة اوربا وتوضيح مسارات الديمقراطية في جسد العراق الجديد وهي تسري في ثنايا البلد كما الاكسير او كما نسغ الحياة .

هذا العمل الاعلامي الجبار ومعه جيوش عديدها في اقل تقدير ربع مليون جندي تتواجد على الارض ومعها شركات الحماية الامنية ومخابرات ثلاثين دولة على الاقل مسندة بقواعد في الخليج العربي وتركيا واساطيل بكل مكونات الترسانة الامريكية, وهي تعمل اربعة اضعاف ساعات اليوم المعروفه من قبل بدء الغزو الى يومنا هذا أي لاكثر من خمس سنوات, يرافق ذلك جهد جبار للخارجية الامريكية وخاصة بعد تسلم عمتنا العزيزة الشيخة المبجلة كونداليزا التي استوطنت منطقتنا مضحية بخصوصيات حياتها بكل تفاصيلها المعلنة وغير المعلنة .... مع هذا الفعل الجبار عسكريا" واعلاميا" وسياسيا" ودبلوماسيا" نسمع هذه الايام عن جهد دؤوب لامريكا ترافقه (ضغوط) ضخمة على اقطار الخليج والاردن ومصر وهي دول شارك حكامها بشكل علني وسافر في دخول العراق الى زمن السقوط التحريري, هدف هذه الضغوط والجهود المباركة هو دفع هذه الدول لاقامة علاقات دبلوماسية مع حكومة زمن السقوط ؟؟!!. ياألطـاف الله !!

العراق بلد من بين أغنى دول العالم. غنيّ في زراعته وتجارته وصناعته وثرواته المعدنية بما فيها معادن اليورانيوم في سفوح جبال كردستان العراق وغني بثروته النفطية المنتج منها وما هو مضموم كاحتياطي هائل. والعراق غنيّ بثروته البشرية ايضا". مثل هذا الغنى يدفع كل دول العالم أن تندفع مع لعاب يسيل، وبرغبات جامحة ليكون لديها تواجد دبلوماسي في العراق لان في ذلك مصالح ضخمة تتحقق لها ولشعوبها. فالعراق ليس بلدا" يستجدي العلاقات بل بالعكس فان قوة اقتصاده من خلال ما اشرنا له اعلاه تجعل دول العالم هي التي تستجدي او في اقل تقدير تطمح في اقامة صلات دبلوماسية معه مع ما ينبثق عنها من تعامل اقتصادي مختلف الاوجه. فلماذا تستجدي الشيخة كونداليزا علاقات وسفراء عرب ممن كان لهم يد طويلة في احتلال العراق عونا" لامريكا؟ أنا شخصيا" أجد ان الامر في غاية الغرابة بل انه واحد من اعاجيب زمن السقوط .

هل تخاف اقطار الخليج ومصر والاردن على سفراءها من طاحونة الموت المتحركة في العراق من يوم التحرير الديمقراطي الى اليوم؟ أنا لا اظن ذلك. ان دعم اميركا ودولة السقوط في المنطقة الخضراء من قبل هذه الاقطار (الشقيقة)، اهم بكثير من حياة بعض من الدبلوماسيين الذين تعج بهم وزارات خارجية هذه الاقطار ولا نظن ان بضعة عشرات او حتى مئات من العرب الدبلوماسيين اثمن واغلى من دعم الجهد الامريكي المبارك الذي حرر العراق وحوله الى اعظم بلد في المنطقه. ما هو سبب احجام هذه الدول ومعهم طبعا" امين عام جامعة الدول الغَرَبية (بفتح الغين والراء فضلا) عن فتح سفارات اذن؟

لعل الجواب الحقيقي يكمن في ان الاقطار الشقيقة في الخليج ومعها الاردن ومصر تنتظر قرارا" من المقاومة العراقية البطلة لان العرب ادركوا ان العراق لم يسقط وان جيش العراق وشعب العراق سيطرد الغزاة وعملاءهم وعندها ستكون هذه الاقطار في محنة حقيقة امام شعب العراق وشعب الامة في هذه الاقطار. ربما والاّ فلماذا؟

أوَ ليس العجب بعينه ان تكون الشيخة كونداليزا أحرص على عروبة العراق وعلى ابقاءه او اعادته الى حضن الامة العربية من حكومة مصر العروبة وبقية الاقطار اياها؟ لن نعلق على هذا السؤال بل اننا نرى ان الاجابة والتعليق علية لن تكون شافية الاّ اذا رأيناها على لافتات يحملها ملايين العرب في هذه الاقطار لكي نصدق اننا لم نفقد اصلنا، وما ذلك على الله بعزيز.

وبعد هذا .... وبعد ان أبهرنا منظر بعض القادة العرب وهم يلهثون بكروشهم العالية لكي يلحقوا بركب عمتنا الرشيقة كونداليزا وفيهم من سقط عقاله وفيهم من رفع ذيل ثوبه طلبا" لخفة في الحركة ومنعا" لعرقلة غير مسوغة ولا مرغوبة تعيق تواجده الى جنب الحبيبة السمراء، أبهرنا موضوع آخر جادت به عبقرية امريكا المحررة الشفافة على لسان الشيخة المبجلة وهي تريد ان تستحث العروبة في ضمائر العرب لكي يؤدوا واجبهم في تحجيم الوجود والدور الايراني في العراق وموازنته من خلال فتح السفارات. بعد خمس عجاف سالت فيها أنهار الدم العراقي وتحول العراق الى شبح بلد على يد اميركا وحلفاءها نسمع هذا الهراء ويعلن في محطاتنا الداخلية والفضائية ويحلل في صحفنا ويبجل في قصائد واناشيد واغان !

لن نقول ان ايران قد كانت طرفا" اساسيا" في احتلال العراق وولادة زمن السقوط لكي لا يزعل علينا اخوة من اركان المؤتمر القومي العربي بل سنقول ما لا يُزعل وليس فيه هامش للجدل والرأي الآخر: ايران دخلت العراق بعد ايام قلائل من الغزو بجيوش جرارة من فرس وعراقيين متفرسنين بصيغة فيلق بدر مع اسلحته الخفيفة والثقيلة وعديده المقدّر بقرابة 200000 جندي وقيادته السياسية وهي المجلس، وحزب الدعوة الفارسية، ومعه ما لايقل عن 7000 من ميليشيا الدعوة، وحزب الله، وثار الله، وحركة سيد الشهداء، ومنظمة العمل الاسلامي، وميليشيا الجلبي، التي سبقتهم مع جيوش الغزو، ومعهم تشكيلات ساندة في الداخل من المعممين، وحزب الفضيلة، وعصابات مقتده. كل هؤلاء, من كان منهم ينتظر على الحدود حتى اذنت له اميركا بدخول العراق ومن كان منهم في الداخل مع الامريكان يقتل ويدمر ويسرق ويوظب الارض للعبة الفوضى الخلاقة، كلهم تعرفهم اميركا هم ايران بالجنسية او الهوى قد دخلت العراق لتستقر في الركن المخصص لها من اركان دولة السقوط، واميركا تعرف تفصيليا" بكل ما فعلته ايران في العراق من نهاية شهر نيسان 2003 والى هذه اللحظة من اجراءات على الارض من خلال عناصرها وفيالقها التي ذكرناها اعلاه والمدعومة بجهد مخاراتي من اطلاعات ودوائر الاستخبارات الاخرى الايرانية لتثبيت وجودها الاحتلالي من شمال بغداد حتى حدود السعودية والكويت .

كل العراقيين بدون استثناء وكل مخابرات العالم الموجودة على ارض العراق يعرفون ان ايران إن لم تكن شريكا" في الغزو فانها شريك في الاحتلال وكل ما فرخته مخاضات الاحتلال من دستور وانتخابات ومحاكم واعتقالات واعدامات وتصفيات وتهجير لملايين العراقيين والحبل مازال على الجرار ... ومع كل هذا تتذاكى علينا الشيخة السمراء كونداليزا لتطلب من العرب فتح سفاراتهم لموازنة الحضور الفارسي في العراق بعد السقوط! .

قال العرب ان شر البلية ما يضحك .. ويقينا" ان نظير هذا القول ومرادفه .. ان شر العجائب والبلايا ما يبكي ايضا" .

لماذا تتخبط امريكا بعد خمس سنوات من التحرير (وانتهاء العمليات العسكرية)، وتسلط ضغوطا" على حلفاءها ليوازنوا دور دولة دخلت العراق محتلة مع اميركا وببركاتها وبموافقتها .. انه امر عجب على الاقل لعقلي انا الفقير الى الله.

ومن يريد منكم مخلصا" ان يعرف مبررات هذه الاعاجيب فليسأل المقاومة العراقية فعند اهل العراق النجباء .. الخبر اليقين. لكن بالله عليكم انبئوني عن أية سيادة يتكلم رموز السقوط وعن أية حكومة ودولة تتحدث أميركا المحتلة، والى متى سيظل العرب ورجال زمن السقوط يمعنون بتخريب العراق ؟.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                             الاربعاء /  17  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  23 /  نيســـــــان / 2008 م