الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

بمناسبة مرور ثمانين عاما على الاحتلال الفارسي للأحواز العربية
الثورة المنسية في الاحواز تخترق جدار الصمت الدولي والاقليمي

 

 

شبكة المنصور

محسن خليل

 

على مدى أكثر من ثمانية عقود ،خاض الشعب الاحوازي نضالا باسلا ومميزاً ضد الاحتلال والهيمنة الايرانية ، سجل خلالها مآثر بطولية واستبسالا صلباً وصمودا نادرا وهو يواجه آلة القمع الشاهنشاهية ثم آلة قمع ملالي قم وطهران . وقدم آلاف الشهداء والمعتقلين وعانى من شتى ضروب التمييز العنصري والاذلال وقهر ارادة المقاومة لديه . وفي فترات صعود الثورة الشعبية الاحوازية سيق آلآف الشباب الى حتفهم في ساحات اعدام ( كرنفالبة ) ما تزال تنظمها حتى هذه اللحظة أجهزة القمع في الساحات العامة للمدن الرئيسية بالاحواز وفي داخل احيائها السكنية وعلى مرأى من ذوي الشهداء ، في محاولة منها ، لترويع المواطنين ومنعهم من الانخراط في مجرى الثورة الشعبية الاحوازية . وأذا كان شعب الاحواز قد سلك في العقود الاولى من الاحتلال سبيل المقاومة السياسية وتنظيم الاحتجاجات والتظاهرات والاعتصامات ، فأنه وجد ان هذه الاساليب النضالية تزيد المحتل الايراني غطرسة وأستهتاراً وتجاهلا لمطالب الاحوازيين المشروعة في التمتع بحقهم في تقرير المصير ونيل أستقلالهم الوطني ،بل انها زادته امعانا في القتل الكيفي واعتقال الالأف عشوائيا ، وأخضاع المعتقلين الى صنوف من التعذيب لا تنافسها الا أساليب الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وأمريكا في أبي غريب .

واليوم ( 20 نيسان / أبريل ) تحل الذكرى الثالثة والثمانون للأحتلال الفارسي للأحواز ، الذي وقع بفعل تآمر بريطانيا مع شاه ايران الاب عام 1925 ، حيث أنتزعت الاحواز من جسدها العربي وسلبت هويتها ، وقضي على كيانها السياسي المستقل .كانت الاحواز امارة عربية يحكمها الشيخ خزعل ، وبمؤآمرة دنيئة وخبيثة بريطانية أيرانية أعتقل الشيخ خزعل واغتيل بأسلوب غادر ،والحقت الاحواز بأيران في أطار مخطط بريطانيا لتفتيت الوطن العربي ، ووضع ثروة العرب النفطية المكتشفة حديثاً تحت تصرف أيران وبريطانيا ..

ومنذ ذلك التاريخ اعتمدت سلطات الاحتلال الفارسي سياسة منهجية لتفريس أقليم عربستان وطمس هويته العربية ، وتهميش وجوده ودوره .. وكانت أبرز سياساتها منع استخدام اللغة العربية في التداول العام وأحلال الفارسية بدلها ، ومحاولة صهر العرب وتذويب هويتهم في الكيان الفارسي .. أهملت المنطقة من تنفيذ أية مشاريع تنموية على مدى عقود طويلة مع ان الثروة النفطية هي ملك شعب الاحواز وتنبع من ارضه ، ولا تزال الامية تنتشر بين العربستانيين بنسبة تزيد على 80% ، ويعاني سكان الاقليم من الفقر والبطالة بسبب ندرة الاستثمار والمشاريع التنموية بأستثناء تلك المشاريع التي تخدم الاقتصاد الايراني في الموانيء ومناطق انتاج البترول والتي يستفيد منها غير العرب الذين يستقدمون من مختلف المناطق الفارسية ليحلوا محل العرب .

كما عمدت سلطات الاحتلال الى تغيير البنية السكانية للأقليم لتحويل العرب فيه الى أقلية ، وتهجيرهم بالقسر وبفرض البطالة والتجويع عليهم في أرضهم ،او عن طريق تنفيذ مشاريع زراعية واروائية كبرى في مراكز الكثافة السكانية من اقليم الاحواز ، وبحجة هذه المشاريع يتم أجلاء السكان من هذه المناطق ويتم نقلهم خارج الأقليم .... وكما يفعل الاستيطان الصهيوني في فلسطين ، تقدم السلطات الايرانية المغريات المادية والتسهيلات لمن يوافق من الاحوازيين على مغادرة الاقليم والاستقرار في خارجه .. الافقار والتجهيل والاستيطان الفارسي ومحاربة اللغة العربية وفرض التعليم بالفارسية على العرب رغم محدودية الذين تتاح لهم فرص التعليم ، هي أعمدة سياسة أيران لألغاء هوية الاحواز العربية وتشتيت شعبها في أنحاء ايران ..

غير أن المقاومة العربية الاحوازية احبطت اهداف هذا المشروع وتمكنت من التشبث بالارض والانغراس فيها رغم القهر والاضطهاد والتجويع والبطالة والتمييز العنصري .. ومن المفارقات ان شعب الاحواز كان له دور ريادي ومميز في المشاركة بالثورة ضد الشاه ، ومن أقليم الاحواز انطلقت اكبر الحشود الشعبية الاحتجاجية والتظاهرات والعمليات المسلحة ضد اجهزة الشاه القمعية ، ونجحت الحركة الشعبية الاحوازية في شل الانتاج والتصدير في قطاع النفط عماد الاقتصاد الايراني ،وفي أستنزاف نظام الشاه مما مهد لأنتشار الثورة بين شعوب ايران وفي الاقاليم الايرانية الاخرى .. لقد أستبشر الاحوازيون خيرا بنجاح الثورة وأعتقدوا ان شعاراتها الاسلامية والتحررية ستنصفهم وتعترف لهم بأستقلالهم او على الاقل تمنحهم الحكم الذاتي ، وتتخلى عن سياسة التمييز العنصرية التي كان الشاه يمارسها ، فأذا بهم يصطدمون بنظام أكثر عنصرية من نظام الشاه وأشد حقدا على العروبة والهوية العربية ، ومن المفارقات ان الدستور الايراني الذي سمح بأستخدام اللغة العربية بأعتبارها لغة القرآن الكريم ،جند كل ما لديه من وسائل وأنظمة وأجراءآت قسرية لمنع الاحوازيين من أستخدام لغتهم العربية في المدارس أو في اطلاق الاسماء العربية على المدن والاماكن وعلى مواليدهم . اليس غريبا أن يحارب نظام الجمهورية الاسلامية حق العرب في اطلاق أسماء عربية على مواليدهم وهو الذي يقدم نفسه ممثلا للأسلام والمسلمين ؟؟ على الاحوازي العربي ان يتنازل عن حقه في أختيار اسم عربي لمولوده ، والذين أصروا على تسمية أبنائهم بأسماء عربية واضحة تعرضوا للأعتقال وبعضهم واجه عقوبة الاعدام لهذا السبب فقط ، وفي الحالات التي يتم التساهل فيها باطلاق اسم عربي على مولود أحوازي تتدخل السلطات الايرانية المختصة لأدخال تعديل او أضافة على الاسم العربي لكي يفقده بناءه العربي ويصبح امتدادا للتسميات الفارسية كحذف ( أل) التعريف من الاسم أو اسم العشيرة أو اضافة بعض الحروف والكلمات الفارسية على الاسم لأفقاده هويته العربية .

ولم ينل شعب الاحواز حقه المشروع من التنمية بعد قيام الجمهورية الاسلامية ، وأنما استمرت سياسة التهميش والافقار والقمع مما اجبر الاحوازيين على القيام بالثورات والانتفاضات الشعبية التي قمعت بوحشية وقسوة وأعدم آلآف المناضلين منهم دون محاكمات ودون ان يتاح لهم حق الاستعانة بمحامين أو أستئناف الاحكام الجائرة التي تصدر ضدهم ..اكثر من سبع انتفاضات وآخرها انتفاضة 2005 قام بها شعب الاحواز قمعت بوحشية في ظل تعتيم عالمي وصمت عربي على ما تقوم به أيران من جرائم بحق الاحوازيين..

رغم القمع ، والتعتيم والصمت والتجاهل يواصل شعب الاحواز مقاومته للأحتلال الفارسي لبلاده ، وقد مزج منذ سنوات بين النضال السياسي والنضال المسلح ، واليوم تتطور الثورة المسلحة والنضال السياسي لشعب الاحواز ،وأصبح من المستحيل على ملالي قم خنق صوت الثورة الاحوازية وتصفية مقاومة شعبها للأحتلال .. أن ثلاثة وثمانين عاما من النضال مدة طويلة في تاريخ نضال وحروب التحرير، انما هناك حالات مماثلة أستمر فيها الاحتلال فترات اطول سواء في دول من العالم أو حتى في أقطار من الوطن العربي كما في الجزائر وجنوب اليمن على عهد الاحتلال البريطاني ..

ان ظروف وبيئة الثورة التحررية لشعب الاحواز تعد من اصعب الظروف والبيئآت التي عاشتها حروب التحرير في التاريخ المعاصر ،وقد لا يماثلها في جوانب معينة ، الا المقاومة العراقية الباسلة ضد الاحتلال الامريكي ، فكلتاهما ليس لهما ظهير ولا ملاذ آمن تلجآن اليه ، ولا أصدقاء او أشقاء يمدونهما بالعون والدعم والمساندة ، مما اتاح للشاه اولا ثم لنظام الملالي لاحقاً الانفراد بالثورة والتعتيم عليها وأنزال شتى صنوف القسر والقمع بشعبها ومحاولة تدمير بنيته الاجتماعية وزرع الفتن بين أبنائه . ومع ذلك فأن ما حققه نضال الشعب الاحوازي خلال العقود الثمانية الماضية يعد بكل المقاييس كبيرا وهاما وأستراتيجيا ،وأسس لأنطلاقة نوعية في مسار الثورة الاحوازية التحررية ،وأنتشارها بين الاحوازيين أياً كانت تركيبتهم االجتماعية أو توجهاتهم السياسية والايديولوجية .. وأعظم انجاز للثورة الشعبية الاحوازية وجناحها المسلح انها استطاعت ان تحافظ على الوعي القومي العربي لدى الشعب الاحوازي ،وتعمق انتماؤه القومي وأرتباطه بأمته ، وأصراره على تحقيق اهدافه الوطنية والقومية وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وتحقيق أستقلاله الوطني وأنهاء الاحتلال الفارسي لأرضه العربية ..

ألقاء نظرة عاجلة على خارطة أقليم الاحواز تظهر أن شعب الاحواز يمثل الجناح الشرقي العربي للخليج ، وبينما يتشدق نظام الجمهورية الاسلامية بالهوية الفارسية للخليج العربي فأن شعب الاحواز يمتد على طول ضفة الخليج العربي الشرقية من أول مداخلها على شط العرب الى مضيق هرمز ، ولا أحد يعرف على أي اساس يصر ملالي قم وطهران على اطلاق أسم الخليج الفارسي وسكان ضفتي الخليج الشرقية والغربية هم من العرب ..

بمناسبة مرور 38 عاما على الاحتلال الفارسي لأقليم الاحواز ،نحيي شعب الاحواز وفصائله السياسية والمسلحة المقاومة للأحتلال ، وندعو الله أن يحتسب شهداءهم الابرار الذين قدموا اغلى ما عندهم من اجل أن تستمر الثورة وتتواصل المقاومة ، مع الصديقين والابرار في جنات الخلد .. ونتطلع الى القوى والحركات السياسية الوطنية والقومية في عموم الوطن العربي أن تكرس جزءاً من جهودها ونشاطاتها لدعم النضال الاحوازي ، والتعريف بقضيته العادلة وفضح الممارسات العنصرية وسياسات تغيير الهوية والبنية السكانية ، وان تمارس الضغط السياسي والاعلامي على سلطة الملالي لكي توقف مسلسل الاعدامات شبه اليومية بحق شباب الاحواز ، خاصة تلك الاعدامات الوحشية اللانسانية التي حولتها الى احتفالات كرنفالية لأرهاب الشعب الاحوازي ومنعه من مواصلة الثورة .. ان شعباً صمد بوجه سياسة الاقتلاع التي مارسها الاحتلال الفارسي اكثر من ثمانين عاما لا بد ان يتوج نضاله بالنصر المؤزر ، خاصة وانه أستطاع ان يخترق جدار الصمت الدولي والاقليمي بفضل صموده وتضحياته السخية ،ويؤسس لمقاومة شاملة وفي كافة المجالات والميادين السياسية والثقافية والقومية والمسلحة .. وأذا كانت سلطات طهران وقم قد تمتعت بدعم دولي وصمت اقليمي لتكريس احتلالها للأحواز ، فأن قوة الثورة الاحوازية وبسالة رجالها كفيلة بتغيير المعادلة السابقة ، وانهاك سلطة الاحتلال .. وعلى أيران ان تعيد النظر بسياساتها تجاه الامة العربية ، وأن تتخلى عن اطماعها في الارض العربية وفي الاحواز وفي جزر الامارات العربية الثلاث وفي عموم منطقة الخليج والمشرق العربي أذا ارادت ان تعيش بأمن وسلام مع جيرانها العرب وتحترم قواعد حسن الجوار في علاقاتها وسياساتها معهم ..

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                             الاحد  /  13  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  20 /  نيســـــــان / 2008 م