بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

الخارجية العراقية والدبلوماســــــــية

 

 

 

 

شبكة المنصور

عثمان باشا / السويد

 

الدبلوماسية هي علم العلاقات القائمة بين الدول والتي تنشأء عن مصالحها المتبادلة وعن مبادئ قانون الدولي. وهي معرفة القواعد والتقاليد التي تنشأء نتيجة الاتفاقيات الدولية أو الثنائية، كما وتعني إدارة المفاوضات والازمات الرسمية بإستخدام الذكاء والكياسة.

وبهذا المعنى، الدبلوماسية هي عمل وفن وسياسة تستخدمها الدولة في سياساتها الخارجية في تعاملها مع الدول والاشخاص والمنظمات الدولية ضمن النظام الدولي. وتدير الدولة علاقاتها بواسطة السفراء والممثلين الدائمين من ذوي الخبرة والكفاءة والدراسة الواسعة بالشؤون القانونية والعلاقات الدولية.

ويجيد السفير إسلوب الحديث ويختار الالفاظ بدقة ويحسن الأداء في التعبير ويزن كلامهُ بحكمة ولا ينفعل في حوارهٍِ مع الخصوم.

كيف يتم اختيار الدبلوماسي :

من الواضح أن نجاح السياسة الخارجية لحكومةٍ ما يتوقف على صفات دبلوماسييها وسلوكهم، لأنهم ممثلي الدولة وواجهتها أمام العالم الخارجي. ومن المسلم بهٍ ان التمثيل الدبلوماسي ظاهرة حضارية بين الدول المترابطة بعلاقات سياسية وإجتماعية وإقتصادية.

وعليهِ، يجب أن يكون الدبلوماسي على مستوى عالي من دماثة الخلق، وسلامة الذوق، وآداب اللياقة، وصفات أخرى كثيرة.... وبناءاً على ذلك، تتخذ قواعد وإجراءات صارمة معقدة لإختيار الدبلوماسي. وتختلف هذه الاجراءات بإختلاف الدول، وهناك نقاط مشتركة بين الدول لإختيار الدبلوماسي منها في أي بلد كان بأن تعرض الدرجة الشاغرة في السلك الدبلوماسي ويتقدمون اليها المئات، تجري تصفيتهم نتيجة الاختبارات التحريرية والشفوية واختبار اللياقة والبروتوكول والسلوك، وصولاً الى الشخص أو الصفوه المطلوبة من بين المؤهلين.

في عهد الرومان كان يختار السفير مثلاَ ممن هو متبحر في فلسفة افلاطون وله سرعة البديهية ويجد الحلول الناضجة لمشاكل معقدة، وله إلمام بالرياضيات وعلم الفلك، ويتكلم عدة لغات ومن عائلة ثرية لاغبار على سجلها وعاش وتربى في بيئةٍ نقية.

في بريطانيا وفرنسا المتقدم للترشيح عليهِ إجتياز إختبارات تحريرية وشفوية في اللغات وفي علوم التاريخ والفلسفة، وأن يكون من العوائل المعروفة والعريقة الاصل، وأن يكون حاصلاَ على درجة جامعية بدرجة الشرف، وعندما يصل الى معهد الخدمة الخارجية فهو مهيئ لمعترك الحياة الدبلوماسية.


صفات الدبلوماسي :

الصدق.. الإخلاص.. النزاهة..

التواضع... ولكن ليسَ على حساب الكبرياء

القدرة على الثبات أمام المغريات
أن يكون موزوناً ولديهِ قوة الذاكرة وحسن إختيار الالفاظ
أن يتميز بأرقى الصفات الاخلاقية، بعيداً عن أي شيئ يسيئ الى سمعتهِ وسمعة بلاده، وسمعة عائلتهِ،
ان يحافظ على أسرار الدولة ولا يستخدم الحصانة الدبلوماسية بما يسيئ الى حكومته والدولة المعتمدة لديها، و..

أن يحترم الحقيبة الدبلوماسية، ولا يستخدمها إلا لأغراض رسمية، وفق ماهو مرسوم في الاتفاقيات الدولية والثنائية.

بما أن مقرات البعثة ارقى مكان يجب عدم استخدامها بطريقة تتنافى مع وظائف البعئة المثبتة في الاتفاقيات..

كما لا يجوز للدبلوماسي ان يمارس في الدولة المعتمد لديها أي نشاط مهني أو تجاري لمصلحتهِ الشخصية.

والبعثة الدبلوماسية عيون وآذان الدولة لدى الدولة المعتمدة لديها، لحماية مصالحها، ومصالح الرعايا في الخارج.

فالسلك الدبلوماسي حساس والدبلوماسية ليست ثوباً تصلح لكل الاحجام، فهي ظاهرة حضارية بين الدول التي ترتبط مع بعضها بعلاقات مختلفة.

إن العلاقات الخارجية تقوم بالاساس على عاتق السفراء والممثلين بإشراف الوزارة وعلى السفير الإلمام الكامل بكل قواعد الدبلوماسية بالاضافة الى ذلك دراسة كل أوجه الحياة في الدولة المعتمدة لديها ومراجعة وتدقيق كل التطورات بين حكومتهِ والحكومة المعتمدة لديها بموضوعية بما يخدم تنسيق السياسات، وتمتين الروابط وفق القواعد المعمول بها دولياً أو وفق الإتفاقيات المبرمة .


أين موقف خارجيتنا مما ذكر:

لقد كثر اللغط والحديث عن الخارجية العراقية وأصبحت دبلوماسيتها هدفاً للكتاب والصحافة الالكترونية.

لقد زادت الاقاويل وطارت الأخبار، وتناقلت الشائعات حول سلوكية وتصرفات السفراء والممثلين وأعضاء البعثات... وبما أن الجالية العراقية كبرت وتضخمت وانتشرت في أنحاء العالم ولديها مشاكل عدة، فهي تراقب بقلق بالغ مايكتب عن الدبلوماسية العراقية ومايجري في السفارات والممثليات وخاصة ما يتعلق بمصالح ومشاكل الجالية في تسهيل شؤونها ومساعدة محتاجيها وحل مشاكلها.

ان المواطن يجد نفسه غريباَ عن سفارتهِ لصعوبة المراجعة وعدم الاهتمام بشؤونه ابتداءاَ من استقبال الذي لا يليق بكرامتهَ. وقد لا يحصل على الوثيقة التي قد جاء من اجلها.

كادر السفارات العراقية في كل الدول تقريباَ لها صفات مشتركة من أللاوعي وعدم الاحترام بمهنة الدبلوماسية التي هي مهنة حساسة في حياة الشعوب والدول، وأسباب ذلك يعود الى عدة عوامل منها:

1- الاختيار ليس على اساس تكافؤ الفرص
2- المحاصصة القاتلة للقابليات والامكانيات الوطنية تلعب الدور الرئيسي في هبوط وانحطاط العمل الوظيفي.
3- في إطار المحاصصة المقيتة تفضل بعض العوائل على بعضها البعض .

ذلك لأن رئيس الحزب أو رئيس الاتحاد أو الأئتلاف هو الذي يختار المرشحين ضمن حصته دون رعاية لأدنى قواعد العمل الوظيفي المعمول بها في السلك الدبلوماسي وليس هناك اي اعتبار للشروط المنصوص عليها في قانون الخدمة الخارجية رقم (122). فالتعيين حسب المحسوبية والمنسوبية وإرادة الاطراف في العملية السياسية، وتجد ان المادة الثالثة من قانون الخدمة الخارجية بكل فقراتها غير مطبقة لا في التعيين ولا في التثبيت ولا في الترفيع والنقل والايفاد.. فكل العملية مزاجية غير خاضعة - كما قلنا- للضوابط إلا بشكل صوري، فالمقابلة شكليه.

الدورة أو الامتحان بالواسطة والمرشح مهما كانت قابلياته متدنية لابد من نجاحهِ لأنه يمثل هذا الطرف المتنفذ أو ذاك.

وأما اللجان والهيئات المشكلة في الخارجية لغرض التدقيق والمراجعة، والفحص لاقيمة لها لأن آرائها ومقترحاتها ليست محل للإعتبار، وهم يعرفون ذلك، ولهذا السبب تجد اهتماماتهم هامشية بكل ما يتعلق بالعمل الوظيفي ولا يمتثل للأوامر الصادرة اليهِ. فعلى سبيل المثال الذي تنتهي مدته في العمل في الخارج ويصدر اليه الامر بالعودة الى ديوان الوزارة، يطلب اللجوء السياسي!!!! أليسَ هذا مضحكاً ؟؟ وهكذا الذي يوفد للخارج ويجد المجال مفتوحا للجوء فلا يعود وهولاء اكثرهم من ابناء وموالي الطبقة الحاكمة.

وأحكام قانون الانضباط في الخدمة الخارجية مركونة، ذلك لأن أمانة العمل الوظيفي أو خيانة الامانة أو الذمة المالية لا يحسب لها الحساب، فالعقاب والثواب عند الجهة التي رشحته من غير مؤهلات أو إستحقاق. إذاَ المهم إرضاء الحهة التي ينتمي اليها وبهذا يسند ظهره ولا يحتاج بعد ذلك الى القوانين والانظمة وشروط العمل، فلا يهم اللياقة البدنية والذهنية، ولا قيمة للبروتوكول أو الكياسة أو الظهور بمظهر رجل الدولة والمجتمع.

وهذا الذي اثارَ حفيظة الكتاب وتناولوا في مقالاتهم على مدى السنوات الماضية سؤ الإدارة والاداء وانحطاط المستوى، واعتبروا الخارجية وكر الكسل والدس والدجل، ووصفوا الوكلاء والسفراء بأنهم أو اكثرهم رسل الخراب والدمار يفضلون مصالحهم الشخصية ومصلحة الجهة التي ينتمون اليها فوق أية مصلحة أخرى.

وهكذا ظهرت طبقة دبلوماسية غير مؤهلة للعمل في الخارجية، في الوقت الذي كان ولا يزال لدى العراق كفاءات لا تعد ولا تحصى من رجال مشهود لهم بالاستقامة، والكفاءة، والاخلاص ... وصدق من قال الدولة بقيادتها والسيف بحامله والسفينة بربانها.

 

 

 

 

شبكة المنصور

                                           السبت  /  15  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  22 / أذار / 2008 م