الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

صلاح المختار : المقاومة العراقية احدثت انقلابا عالميا لصالح حركات التحرر

 

 

شبكة المنصور

 

 

فيما يلي نص كلمة الرفيق صلاح المختار ، التي كان يجب ان يلقيها شخصيا  في محافظة اربد ( في الاردن ) لكن السلطات الاردنية منعته من الدخول ، رغم انه حصل على موافقة وزير الداخلية الاردنية على دخول الاردن ، واعيد من المطار ، ولكن الهيئة المنظمة للاحتفال بذكرى غزو العراق ، وهي مجمع النقابات ، اصرت على ان يلقيها عبر الهاتف وتم ذلك .

نص الكلمة

أيها الحفل الكريم

احييكم باسم شعب العراق ومقاومته الوطنية المسلحة ، التي انفردت بتمريغ انف امريكا في اوحال الهزيمة ، في عصر انتصارات امريكا على القوى العظمى والكبرى ، فنالت شرف وصف انها القابلة التي ستولد فجر تحرير اراضينا المحتلة في فلسطين والاحواز والجزر  العربية ، عقب تحرير العراق بعون الله .

احييكم باسم دماء مليون ونصف المليون شهيد عراقي اغتالتهم فرق الموت الامريكية – الايرانية - الاسرائيلية ، والتي مازالت ارواحهم تحوّم حولنا مطالبة بالثأر لها ولكرامة وطن اهين  ودمر وشعب شرد منه ستة ملايين من ديارهم .

أحييكم باسم فجر الانتصار على الغزو والذي بدأت خيوط أشعاعه تغمر قلوبنا قبل عيوننا .

ايها الحفل الكريم

اسمحوا لي في مداخلتي هذه ان اذكركم بحقيقة وبتفسيرهذه الحقيقة . انتم تعلمون بان حرب العصابات ، او حرب الشعب ، التي تلجأ اليها طلائع الشعوب عند غزو بلدانها ، مصممة  لتحييد التفوق المادي الشامل للعدو على حركات التحرر ، عن طريق منعه من استخدام هذا التفوق ضد كتل سكانية ، او عسكرية ظاهرة على الارض ، لاجل القضاء على رد فعل الشعب المشروع ضد الغزو وهو المقاومة المسلحة .

ولتحقيق هذا الهدف تقوم ستراتيجية حرب الشعب على الحاق اكبر الخسائر البشرية بقوات الاحتلال بدون اعطاء الفرصة للعدو ان يقتل عددا كبيرا من المقاومين . كما ان حرب الشعب تقوم على التدرج في التوسع ، فهي تبدأ بهجمات صغيرة يقوم بها افراد بين 3 – 10 لكنها ، بمرور الوقت ، تزداد مع توسع الدعم الجماهيري للمقاومة وكسب مقاتلين جدد واعدادهم لخوض حرب التحرير . لذلك فان القانون الاول الذي يتحكم في كل مقاومة عرفت في التاريخ هو قانون التوسع التدريجي للعمل المسلح والانتقال من العمليات البسيطة الى العمليات الكبيرة والمعقدة .

في الثورة العراقية المسلحة تعطل هذا القانون ، فلقد بدأت المقاومة بمعارك ضخمة اشترك فيها المئات من المقاومين مقابل الالاف من قوات الاحتلال ، ابتداء من ام قصر الباسلة وانتهاء باحتلال بغداد ، والتي شهدت وقوع اربعة معارك ضخمة فيها يوم اسقاط تمثال الشهيد صدام حسين . ان كل المراقبين والخبراء في العالم يتسائلون : كيف نجحت المقاومة العراقية في اختراق اول قانون يتحكم بحرب العصابات ؟ ان الجواب واضح ومعروف ، وهو ان المقاومة العراقية المسلحة هي ، اولا واخيرا ، مقاومة دولة وطنية اعدت حكومتها كل الشعب لحرب الشعب ولخوض معارك تحرير من قبل الجيش وكافة ابناء الشعب ، وتلك ظاهرة فريدة في تاريخ العالم . لذلك اسمحو لي ان اوضح هذه النقطة المهمة .

 

انتم تعلمون ان خميني فرض حربا مشبوهة على العراق ، ونظرا للحجم الكبير  للتحديات التي فرضتها تلك الحرب فقد جرى حشد الطاقات الوطنية العراقية كلها من اجل الصمود والانتصار في نهاية تلك الحرب . ومن بين اهم مظاهر الحشد تعزيز قدرات الجيش الشعبي ، وكان سندا للجيش النظامي ويتكون من مدنيين ، عن طريق زيادة عدد افراده من جهة ، وترقية فنون قتاله من جهة ثانية . لقد اصبح الجيش الشعبي عبارة عن كتل جماهيرية مدنية لكنها تتقن فن القتال واستخدام الاسلحة المتوسطة والخفيفة .ولعب هذا الجيش دورا فاعلا في اسناد القوات المسلحة العراقية في دفاعها عن استقلال العراق وعروبته .

تلك كانت الخطوة الاولى ، المدروسة بدقة ، لتجاوز حالة انفراد القوات المسلحة النظامية بالدفاع العسكري عن العراق ، وانخراط مئات الالاف من المدنيين في العمليات العسكرية بعد  تدريبهم عسكريا . لقد ولدت ظاهرة الشعب المسلح والمقاتل في العراق اثناء الحرب مع ايران .

وجاءت الخطوة المهمة والاساسية الثانية عند الاعداد للعدوان الثلاثيني وتنفيذه في عام 1991 ، حينما انشأ تحالف دولي ضد العراق ضم اكثر من ثلاثين دولة ، وهو تحالف اكبر من  قوات الحلفاء التي حاربت المانيا في الحرب العالمية الثانية ، فلقد تم توسيع الجيش الشعبي عدديا ، وحسنت خبرته العسكرية ، بتدريبه على حروب المدن والعصابات ، لتوقع حصول احتلال للعراق كليا او جزئيا . وبعد فشل العدوان الثلاثيني في اسقاط النظام الوطني ، وكنتيجة لالحاق خسائر هائلة بالقوات المسلحة العراقية ، وضعت خطة لتعزيز القدرات الدفاعية العراقية عبر انشاء تنظيمات مسلحة اكثر اتقانا لحرب العصابات والمدن  ، فاقيم تنظيم ( فدائيوا صدام ) ، وبعد ذلك اقيم ( جيش القدس ) والذي ضم حوالي ستة ملايين عراقي دربوا جميعا على العصابات .

وهكذا ولد في العراق جيش شعبي ضخم مدرب وصل عدده الى حوالي ثمانية ملايين  عراقي ، دربوا تدريبا يتراوح بين البسيط والممتاز على مواجهة الغزاة ، وكانت ابرز قوة في هذا الجيش الشعبي هي ( فدائيو صدام ) و( جيش القدس ) . ان هذه الحقيقة الميدانية تعني امرا جوهريا وخطيرا جدا وهو ان العراق قد امتلك طاقة بشرية قتالية لا تقهر على مستوى مواصلة الحرب ، فمهما فعل المحتل لن يستطيع ابادة ثمانية ملايين مدرب مدني ، واذا ابتعد سبعة ملايين منهم عن ساحة الحرب افتراضا ، بقي لدينا مليون مقاتل شرس يخوضون حرب عصابات مدمرة للاحتلال .

الان يدرك الجميع ان كافة الفصائل المقاومة في العراق ، وبغض النظر عن هويتها  الايديولوجية ، نشأت في احضان هذه القوات الشعبية المسلحة . ويجب ان نذكّر هنا بان النظام الوطني لم يكتفي بتحويل هذه الكتل المدنية الى مقاتلين اشداء بل هو ايضا وزع عليهم الاسلحة الخفيفة والمتوسطة ، وتلك خطوة تعزز القدرة القتالية لدى جيش الثمانية ملايين مدني .

يضاف الى ذلك ان جيش العراق النظامي ، المتميز بانه واحد من اقدر جيوش العالم ومن اكبرها عددا نتيجة اتقانه  كافة انواع الحروب ، مثل الحروب الليلية وحروب الجبال والسهول  والاهوار ، وحروب الصيف والشتاء وحروب العصابات ...الخ ، قد اصبح عبارة مصدر غني وعالي التخصص لتزويد كافة الفصائل المقاومة بالخبرة العسكرية الفنية والقدرات القتالية الفذة . وهذا ما نلاحظه بعد الغزو حيث ان عمليات المقاومة العراقية بكافة فصائلها ، تعتمد على خبرة الجيش الوطني وكوادره .

ومن الحقائق التي قد لا يعرفها البعض حقيقة ان الرئيس الشهيد صدام حسين قد أمر قبل عامين من الغزو بتحويل اجزاء من القوات المسلحة النظامية الى قوات مقاومة شعبية  استعدادا لغزو محتمل ، فدربت هذه الاجزاء على حروب عصابات المدن ، وكيفية مقاومة غزاة احتلوا  مدنا عراقية .

واخيرا وليس اخرا يجب ان نذكّر بحقيقتين : الحقيقة الاولى هي ان انشاء التصنيع  العسكري لم يكن الغرض منه صنع السلاح فقط ، بل الاهم كان اعداده لكوادر فنية تستطيع المبادرة لتصنيع وصنع وتصليح اسلحة ومتفجرات اثناء الغزو ، من اجل تجنب مواجهة شحة الاسلحة . وهذه الحقيقة تفسر سر حصول عمليات نوعية للمقاومة العراقية في مجال تدمير اقوى الدبابات في العالم ، وهي ابرامز 2 الامريكية ، بناسفات مصنعة محليا مع ان القاذفات العالمية المتطورة لا تستطيع ابدا احداث الخراب الشامل بالدبابات كما تفعل الناسفات العراقية . وخدم التصنيع العسكري ايضا في تعطيل كافة القدرات التكنولوجية التي استخدمتها امريكا لمنع المقاومة من شن عملياتها من خلال اختراع وسائل عراقية تعطل التكنولوجيا الامريكية .

اما الحقيقة الثانية التي يجب ان لا تنسى ابدا فهي ان القيادة الوطنية العراقية قد أنشأت مخازن سرية في كافة انحاء العراق لاخفاء ملايين قطع السلاح وعتادها كي تستخدم بعد الغزو ، وهي اسلحة متنوعة ، ولذلك فان المقاومة العراقية اعتمدت على هذا الخزين الضخم  ولم تضطر للانتظار للحصول على السلاح من الخارج وبدأت حرب التحرير حالما احتلت بغداد .

أيها الحفل الكريم

لقد اضطررت لشرح هذه الحقائق المعروفة للكثيرين كي نفهم لم نجحت المقاومة  العراقية في الانطلاق بصيغة ثورة شعبية شاملة مسلحة غطت كل العراق ، وتجنبت الطريق الكلاسيكي لحروب العصابات ، وهو طريق البدء من البسيط والقليل ثم التوسع التدريجي . ان اعداد ثمانية ملايين عراقي للحرب وتعلمهم فنونها ، خصوصا فنون مواصلة حرب الشعب ، واقتران ذلك بتغيير في بعض اجزاء القوات المسلحة النظامية ، وباعداد التصنيع العسكري وانشاء مخازن اسلحة ضخمة جدا ، كل تلك الخطوات كانت ضمانات ومقدمات ضرورية لقيام مقاومة مسلحة فورا تتميز بالقدرة والاقتدار العسكري والفني ، والاعداد الايديولوجي الوطني . لذلك كانت المقاومة العراقية ، وبحق وفخر كاملين ، هي اول مقاومة في التاريخ تكسر حاجز  او قانون التدرج وتشعل ثورة مسلحة متكاملة من حيث الاتساع الجغرافي والشمول السكاني والخبرة الميدانية ، وتضع اقوى دولة استعمارية في التاريخ ، وهي الولايات المتحدة الامريكية امام ( اكبر كارثة في التاريخ الامريكي ) ، كما قال جيمي كارتر الرئيس الامريكي الاسبق ومادلين اولبرايت وزيرة خارجية امريكا الاسبق وقادة عسكريون امريكيون .

أيها الحفل الكريم

ولئن كانت هذه هي خلفيات تشكيل المقاومة العراقية المسلحة نوعيا وطريقة اعدادها العسكري والايديولوجي ، فان نجاحاتها كانت حتمية ، فهي مقاومة اعتمدت المعايير الوطنية والقومية والدينية ، في تأسيسها وفي تحديد وسائلها ، وهي مقاومة تشكل ، عدديا ، ظاهرة فريدة في التاريخ الانساني ، لهذا وجدناها تكتسح القوات الامريكية وتعيد تثقيف العالم ، كل العالم ، وفقا للحقائق التي نتجت عن معارك تحرير العراق ، واهمها اسقاط هيبة امريكا وصورتها النمطية ( كقوة لاتقهر ) واجبارها على ايقاف عنصر التعاقب في تنفيذ المخطط الامريكي الاقليمي الاصلي ، وهو غزو سوريا واسقاط الانظمة في مصر والسعودية واجراء تغييرات شاملة في كافة الاقطار العربية لصالح اسرائيل والمصالح الامريكية ، لان تورطها في الفخ العراقي القاتل جعلها عاجزة عن تنفيذ الخطوات الاخرى المذكورة .

وبفشل امريكا المدوي في العراق انتعشت حركات التحرر والقوى الوطنية في العالم  كله ، فراينا ، بفضل بسالة المقاومة العراقية ، حكومات موالية لامريكا تسقط في امريكا اللاتينية وتصعد قوى مناهضة لامريكا الى السلطة ، ورأينا روسيا نتهض مجددا ، والصين تعزز دورها العالمي ، والامم المتحدة تتجرأ وتقول ( ان غزو العراق غير شرعي لانه لم يتم بقرار دولي ) . وفي الوطن العربي وجدت الجماهير العربية ، التي احبطت معنوياتها لعدة عقود نتيجة هزائم الانظمة العربية ، في المقاومة العراقية الامل الاعظم في بدء معركة تحرير فلسطين انطلاقا من تحرير العراق ، وتعززت الامال بالنصر من موريتانيا في المحيط الاطلسي الى عمان في الخليج العربي .

لقد حصل انقلاب في المعنويات والوعي العربيين لصالح روح المقاومة والانتصار ، وتبرعم الامل مجددا في تحرير الامة العربية وتحقيق وحدتها القومية الشاملة ، حلم اباءنا  وهدف جيلنا ، وتغيرت قواعد الصراع ، فبدلا من اكتفاء العرب بتلقي الضربات والدفاع اصبحوا ، لاول مرة ، يهاجمون امريكا بعد جرها الى الفخ العراقي القاتل .

أيتها الاخوات ، أيها الاخوة

ان ما ذكرناه يشكل الخلفية الطبيعية لما يجري الان ، فمخطط التفتيت الطائفي – العنصري الاسرائيلي ، والذي تبنته امريكا وتنفذه ايران في العراق والوطن العربي ، سقط ،  بفضل وحدة العراقيين وصمود نسيجهم الاجتماعي ، رغم بشاعة الجرائم واساليب الابادة  والتطهير العرقي والطائفي للعراقيين العرب . نعم عليكم ان تتأكدوا الان بان مخطط تقسيم العراق قد فشل نهائيا لسببين : السبب الاول هو ان كل قدرات امريكا ، وخلفها اسرائيل ، وكل قدرات ايران لم تنجح في احداث حرب اهلية طائفية ، والدليل على ذلك هو ان الرد الشعبي العراقي على هذه المؤامرة الثلاثية كان تصعيد المقاومة الوطنية في جنوب العراق وتحول شيعة العراق من موقف الدفاع ضد ايران وامريكا الى موقف الهجوم عليهما ، عبر توسيع نطاق المقاومة المسلحة في الجنوب وشمال العراق . اما السبب الثاني فهو ان نجاحات المقاومة في اسقاط التقسيم والفدرالية وتوسيع نطاق عملياتها لتشمل كل العراق شمالا وحنوبا ، قد اجبر العملاء على الهروب الجماعي ، لذلك لم يعد هناك عميل واحد يقود مجاميع داخل العراق ، واستقروا خارج العراق خصوصا في لندن وطهران . لذلك بقيت الساحة العراقية ملعبا عظيما تعرض فيه بطولات ابناء العراق ، الذين لم يكتفوا بزيادة عدد العمليات لتصبح اكثر من 300 عملية عسكرية في اليوم ، وهو رقم غير مسبوق في كل تاريخ المقاومات في العالم ، بل أيضا لتصل عملياتهم الى المنطقة الكردية العراقية ، من خلال البروز الواضح لفصائل كردية تقاتل الاحتلال وعصابة البارزاني- الطالباني .

ايها الحفل الكريم

انني اؤكد لكم بان النصر الحاسم قد اقترب ، وان الاحتلال المشترك الامريكي – الايراني يحتضر ، وما الصراع الامريكي – ا لايراني الحالي على تقاسم غنائم الحرب الا  مظهر واضح للهزيمة الامريكية – الايرانية في العراق .

-   عاشت المقاومة العراقية المسلحة الممثل الشرعي والوحيد لشعب العراق .

-   عاش شعب العراق الباسل شعب التضحيات الاسطورية .

-  المجد والخلود لشهداء المقاومة المسلحة في العراق وفلسطين ، وفي مقدمتهم مهندس ومفجر المقاومة العراقية وشهيدها الحي صدام حسين .

-   عاشت فلسطين حرة عربية من النهر الى البحر .

-   النصر او النصر ولا شيء غير النصر .

 

13 / 4 / 2008
اربد – المملكة الاردنية الهاشمية

 
Salah_almukhtar@gawab.com

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الجمعة  /  11  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  18 / نيســـــــان / 2008 م