الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

الجلوس في المكان الصحيح ..

 

 

 

 

شبكة المنصور

صلاح أحـمـد

 

ما هو الفرق بين الجلوس إلى العدو أو الجلوس معه وبين الجلوس في مواجهته ؟. أن المشترك بين ما تقدم هو كلمة الجلوس ، وهي ستبقى كلمة مجردة من المعاني والدلالات طالما بقيت معزولة عن ما قبلها أو بعدها من الكلمات ،ولذلك سيكون من الصعب أطلاق أوصافا إيجابية أو سلبية على حالة الجلوس هذه ما لم تتوضح ملامح كل من (إلى ومع أو في مواجهة ) . وأعتقد أن الأمر سهلا ولن يكون عصيا على فهم وقدرة تمييز أصحاب القلوب السليمة والعقول النيرة والضمائر الحية ، كما أعتقد أنه سيكون ملتبسا (جهلا أو عمدا) عند آخرين من الذين يخضعون باستمرار إلى ضغط التقلب في  المعايير تبعا لحالة التقلب في الأمزجة والأهواء المموهة بالأغطية المبدئية والقيمية..

قبل أيام وتحديدا في مساء يوم الثلاثاء الموافق 24/3/2008 ، أتحفنا الأستاذ صلاح المختار بواحدة من روائعه الجهادية عندما أستضيف في برنامج الاتجاه المعاكس لمواجهة مدير التواصل الإقليمي في وزارة الخارجية الأمريكية . و لا نريد هنا الحديث عن مجريات ما اشتملت عليه حلقة البرنامج ولا عن دور الأستاذ صلاح المختار الذي تألق وأجاد وأستحق ثناء كل الشرفاء في العراق ووطننا العربي الكبير وهذا عهدهم به دائما ، ولكن أجدني أريد الحديث عن ميادين التقابلات الجهادية ، وكلنا يعلم أن لا أحد منا (مهما عمل ) يستطيع أن يرتفع مقدار أنملة عن حافة قدم أبسط حامل للسلاح من المجاهدين المقاومين للاحتلال وعملاؤه داخل ساحة العراق، وهم من يمثلون ويتصدرون المستوى المتقدم لحالة التقابل العسكري الذي نعول عليه ومعنا كل الشرفاء في أنجاز وحسم مهمة التحرير ومن بعدها مهام التطهير في المرحلة اللاحقة و التي لن تكون أقل شراسة وأهمية  . ولكننا جميعا نعلم أيضا أن ثمة ميادين تقابل جهادية أخرى تتكامل في منطلقاتها وأهدافها وأدواتها مع جهد وفعل ميدان التقابل العسكري . ولعل من أهم هذه الميادين الأخرى هو الأعلام المقروء والمرئي والمسموع ، وطبعا وسائل المقروء والمسموع مفهومة ومعروفة ، ولكن يبقى المرئي منها يأخذ أبعادا وأطرا مختلفة تبعا للفرص والظروف الذي تحيط به ، فالفضائيات تشكل أحدى أهم الساحات للنشاط الإعلامي المرئي المقاوم وكذلك الحال بالنسبة إلى الندوات والمؤتمرات التي لا يخالج الشك منطلقات أقامتها أو تنظيمها،  ولا تدور حولها الشبهات أو تداخلها الأغراض المريضة التي يمكن أن تلحق إساءة أو تسبب ضرر بمشروع المقاومة والتحرير. وهذا الموضوع الأخير هو ما يجب أن نقف عنده قليلا ليكون مواصلة السير بعده في ذات المسار الجهادي والنضالي أمرا منزها من التحريف في الفهم والمقاصد لكل من يريد أن يضع بصمة مخلصة في الجهد الوطني المقاوم. وعليه نود توضيح بعض الملاحظات وفقا لما يلي :

1-  أن بعض المؤتمرات أو الندوات تعقد وتنظم من قبل أطراف غير حكومية عربية أو أجنبية ،وهي تبحث في مسائل ذات صلة بأوضاع العراق المتردية التي خلفها ويخلفها الاحتلال وعملاؤه ،وهذا ما حصل لأكثر من مرة منذ احتلال العراق عام 2003 ، وحدث أن حضر مثل هذه المؤتمرات والندوات شخصيات وطنية تنتمي عقلا وقلبا ومنهجا وممارسة إلى المقاومة العراقية الوطنية ، كما حضرها عدد غير قليل من العملاء وآخرين من أصحاب فكرة مسك العصا من الوسط. حالة هذه المؤتمرات بالنسبة لكل من يرتبط بالمقاومة لم ولن تكون حوارية كما يحلو للبعض وصفها بقصد التشويه والتضليل ، لأن الحوار ببساطة ممكن أن يتحقق بين أطراف مختلفة في وجهات نظرها وليس بين أطراف متصارعة متناقضة في فكرها ومنهجها وأهدافها كما هو الحال بين طرفي الصراع في العراق (المقاومة الوطنية وكل من ينتظم في خندقها من جهة والاحتلال وعملاؤه من جهة أخرى ) ، وعليه فأن حضور مثل هكذا مؤتمرات وبالصفة الشخصية لا يمكن أن تؤخذ على أنها مناسبة للحوار مع العملاء كما يتم تصويرها من قبل البعض، بل هي ساحة لمواجهة جهادية ضدهم تتصارع فيها أرادة الحق لتمحق الباطل وأهله ، وبعض الكلام في الحق عندما يوجه في الصميم يكون فعله كفعل الرصاص في صدور الأعداء، فلا ينبغي أن نبخس الوطنيين جهدهم في ظل صلاح النوايا والدوافع. خصوصا وأن هذا المؤتمرات لم تعقد بدعوة من العملاء أو من أجلهم ، ولم يكن ليغيب عن أحد أن هذا المؤتمرات كان فرصة لتبصير المؤسسات البحثية وخصوصا الأمريكية منها والعاملة في مجال تهيئة البيانات لمصادر صنع القرار الأمريكي بحقيقة الواقع العراقي وفعل وثقل القوى الوطنية الحية الفاعلة فيه .

2-  أن القوى الوطنية بأجنحتها العسكرية والسياسية وفي مقدمتها البعث العظيم تخوض منازلة كبيرة وواسعة ومعقدة وتحتمل من الاجتهاد الشيء الكثير طالما كان الاجتهاد لا يخل بالثوابت الوطنية والقومية والإسلامية .. وكلنا يعي المعاني العظيمة التي أنطوى عليها حديث سيدنا النبي عليه أفضل الصلاة والسلام عندما قال ما معناه " من أجتهد فأصاب فله أجران ومن أجتهد وأخطأ فله أجر واحد "...وينبغي لنا أن نتساءل.. لماذا كان الأجر جزاء من أجتهد في حال الخطأ والصواب ؟ والجواب عند كل ذي لب..هو أن الأصل في الاجتهاد ليس ما يتحقق عنه من نتائج وحسب بل وما ينطلق فيه من نوايا وأهداف .وعلى هذا يجب أن نتحرر من بعض نزعات التخوين وأن لا نركن إلى إطلاق الأحكام غير الدقيقة وغير الموضوعية بحق من حضر بعض هذه المؤتمرات إلا بعد أن يجرى تقييم دقيق وصادق وموضوعي للدوافع و لما تحقق من نتائج يمكن أن تقع في صالح العمل المقاوم في العراق ...ولا ينبغي لنا أن نقع أسرى التأثير الذي يصدر على خلفية رد فعل أو استجابة لأراء يطلقها هذا أو ذاك ممن يقتضي الاستماع إليهم تمحيصا لنواياهم ، فكم من يريد أن يفتن هذا الحزب بأعضائه ويدفعهم للتقاطع بغية استهلاك جهدهم وطاقتهم وتحريف وجهتهم عن الهدف المركزي وهو  تحرير العراق .أن تداعيات ومخاطر كبيرة قد تخلفها حالة عدم الدقة في التعاطي مع مواضيع من هذا النوع ،كما أن وحدة وتماسك الحزب والحفاظ على أعضائه يجب أن تسمو فوق أهواء البعض أو أمزجتهم .

3-  أن الحكم والفيصل في تقييم المواقف ينبغي أن يستند إلى الثوابت ومستوى الحرص في تنفيذ منهج التعبير عنها ، وينبغي أن نفرق دائما بين من يجلس مع العدو وبين من يجلس في مواجهته ،وعلينا أن ننتصر للبعث والعراق والأمة لا أن نصاب بالحول ونركن وننتصر لأراء من يريد أن يزرع فينا عوامل التشرذم والفرقة .

 

 

 

 

شبكة المنصور

                                           الاربعاء  /  26  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  02 / نيســـــــان / 2008 م