الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

لقاء العار الطالباراكي
زعماء سياسيون أم زعماء مافيا ؟

 

 

شبكة المنصور

علي الكاش / كاتب ومفكر عراقي

 

لم تعد العلاقة بين الحزبيين الكرديين الخائنين الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يحمل كلمة الوطنية تجنيا وظلما ورفيقه في مسيرة العمالة والخيانة والنذالة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يحمل زورا وبهتانا كلمة الديمقراطية مع الكيان الصهيوني علاقة غامضة, فالجميع يعلم أن الإسرائيليين يصولون ويجولون في الإقليم المسخ في حين أنه يمثل أرض حرام للعراقيين من العرب فحين يدخل العراقي من غير الأكراد إليه سيحتاج إلى ضامن كردي وشروط وضوابط عديدة ما أنزل الله بها من سلطان وقد أعفي منها الأجانب ويخضع لها أبن البلد ولا عجب؟ ومن المعروف أن العلاقات الشاذة بينهما ترجع إلى عام 1931أي قبل تأسيس الكيان الصهيوني حيث دشنها الإسرائيلي(روفين شيلوا) بتدريب عناصر البيشمركة واستمر الحال لغاية الستينيات من القرن الماضي حيث شهدت العلاقات تطورا كبيرا بين الشيطانين الكردي الأكبر مصطفى البرزاني و الإسرائيلي شمعون بيريز الذي كان يشغل منصب نائب وزير الدفاع آنذاك من خلال ممثل البرزاني كمران بدرخان, وتوجت العلاقات بتقديم وزير إسرائيلي مستشفى ميداني كهدية للأكراد اعتزازا منه بدورهم بأعمال الشغب والتمرد ضد الحكومة المركزية, سيما بعد مساعدتهم في عملية تهريب الطيار العراقي (منير روفا) بطائرته الميغ إلى إسرائيل. واعترف عدد من القادة الأكراد بأن المستشفى كانت مجرد تمويه فهي حقيقتها مركز لتمرير المعلومات الإستخبارية عن الجيش العراقي للكيان الصهيوني.

واستمر العد التصاعدي في العلاقات ليبلغ أشده بعد منتصف الستينيات عندما زار مصطفى البرزاني تل ابيب وقدم هدية بنفسه لموشي ديان وزير الدفاع في حينها وكانت يديه لم تجف بعد من دماء العرب في حرب 1967, وحصل على مدافع مورتار ليمطر بها معامل تكرير النفط في كركوك أو ما يسمونه(عاصمة كردستان) وهي مفارقة غريبة أن يقصف كركوك طالما أن أكثرية شعبها من الأكراد كما يزعمون؟ وكانت خاتمة العلاقة بين مصطفى البرزاني والكيان الصهيوني تلقيه العلاج في إسرائيل قبل أن يحتضنه إبليس ليصطحبه إلى جهنم وبئس المصير. كما ساهم الموساد بتأسيس جهاز المخابرات(البارستن) الذي يشرف عليه سليل الخيانة مسعود البرزاني. وقد أورث البرزاني ابنه مسعود هذه التركة من العلاقات الشاذة ليكمل المشوار! وكانت مرحلة حرب الخليج الثانية تمثل ذروة التعاون حيث قدم الكيان الصهيوني الدعم السياسية والاقتصادي والعسكري والأمني للأكراد وحثهم على تشكيل كيان مستقل. وقد أعترف النائب محمود عثمان بأن " الإسرائيليين طلبوا منا معلومات عن الجيش العراقي, كما أنهم يزودونا بمعلومات عن تحركاته" حيث كان العدو بالنسبة للإسرائيليين والأكراد واحد يتمثل بالجيش العراقي الباسل. وكانت مناطق الحظر الجوي في شمال العراق وجنوبه بوصاية إسرائيلية للقوات الأمريكية قد ساعدت في تنفيذ الكثير من المخططات المشبوهة بين الكيانين المسمومين. وخلال الغزو الأمريكي الأخير كشفت أوراق اللعب كاملة على الطاولة فقد كان الأكراد خير نصير لقوات الغزو في شن عدوانها بالتعاون مع الأمريكان والكيان الصهيوني كما اعترف الطالباني والبرزاني ومن لف لفهما, وقد أعترف توماس فريدمان بأن الغزو الأمريكي للعراق جاء كثمرة لجهود اللوبي الإسرائيلي, كما أن الدستور الهجين صاغه اليهودي نوح فيلدمان وفق رؤية الاحزاب الكردية والشيعية العميلة, وما زالت الأذرع الإسرائيلية تمتد من مواقعها الثابتة في إقليم كردستان لتعبث ببقية محافظات العراق, وقد كشفت صحيفة الجمهورية التركية بأن الموساد" يشتري الأراضي العراقية في كركوك والموصل واربيل وبقية المحافظات الوسطى وأنه خصص ما يزيد عن(300) مليون دولار لهذا الغرض.

وقد أزكمت هذه العلاقة الكريهة أنوفنا وهي أشبه برائحة عرق أبط شحاذ في يوم حر شديد. ولكن انحصرت عفونتها بادئ ذي بدء على الإقليم وقادته من الخونة والعملاء ولم تتعداه, وسبق أن خرجت تصريحات عديدة من أمعاء الطالباني والبرزاني بأنه ليس لديهما مشكلة مع الكيان الصهيوني ومن هذا المنطلق فأنهما استعانا بالعديد من الشركات الإسرائيلية لبناء المطارات والعديد من المؤسسات في كردستان تحت أغطية وجنسيات مختلفة رغم معرفة الجميع بحقيقتها. واستعانا بالموساد لتدريب البيشمركة على العمليات الخاصة وهي العمليات الإجرامية التي مارستها ضد أبناء الشعب العراقي في محافظات الموصل والتأميم وديالى وبغداد, في حين أنها وقفت مشلولة أمام الأجتياحات التركية المتكررة للإقليم, وعاجزة عن إيقاف القصف المدفعي الإيراني لقرى السليمانية.

ولكن يوم بعد آخر بدأ ضباب هذه العلاقات ينزاح لتظهر الحقيقة كاملة على تعاون غير محدود بين الطرفين لم يقتصر على إيذاء العراق فحسب بل تجاوزه إلى المنطقة, سيما بعد أن كشفت مصادر إستخبارية إسرائيلية لشبكة(آرتز شيفا) العبرية بأن قوات البيشمركة ساعدت الطيران الإسرائيلي في تنفيذ غارته اللئيمة على موقع في منطقة دير الزور في شهر أيلول من العام الماضي, فقد تحدثت المصادر الإستخبارية بأن وحدة إستخبارية إسرائيلية تسللت قرب الحدود العراقية السورية لتضع علامات مميزة قرب الموقع السوري لتمكين الطائرات من شن العدوان ليلا, وأنه الغارة تمت بالتعاون مع وحدات من ميليشيا البيشمركة الكردية العراقية, حيث تمركزت معها لمساعدتها وتزويدها بمعلومات عن جغرافية المنطقة وتأمين حمايتها.
ليس من جديد في العلاقات الكردية الإسرائيلية فهي علاقات تأريخية متواصلة لم تنقطع منذ أكثر من سبعين عاما بل أنها تشهد تطورا ملحوظا ما بين عقد والذي يليه, ولكن لم نكن نتوقع أن تصل الصفاقة والاستهتار بمشاعر الشعب العراقي إلى هذا المستوى المنحط, فعندما يتصرف القادة الأكراد كأكراد فقط متوغلين في الخيانة والعمالة والذل فأنه ليس بأمر جديد عليهم أو علينا فسجلهم التاريخي كتب بقلم من فحم الكوك الأسود وهو سجل ملطخ بالعار بكل ما للكلمة من معنى, وهذه حقيقتهم ولا جدال حولها! و أن يتصرف الطالباني كزعيم كردي فهذا شانه وبئس الشأن! ولكن ليس من حقه أن يتصرف تصرفا بهذا المستوى الضحل باعتباره رئيس للعراق عندما يتصافح ويتسامر مع وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود بارك على هامش زيارته لأثينا لحضور مؤتمر الاشتراكية الدولية, ويتباحث معه في مسالة تطوير العلاقات الثنائية ويستجديه على مساهمة الشركات الإسرائيلية في إعادة الأعمار في العراق, بعد أن ساهمت القوات الإسرائيلية بتدمير مؤسساته وهياكله الارتكازية بالتحالف مع القوات الأمريكية!

وبالرغم من معرفتنا عمق الصداقة التأريخية بين قادة الحزبين الكرديين وقادة الكيان الصهيوني فليس من حق الطالباني أن ينقل تحياته كرئيس للعراق يمثل الشعب العراقي برمته إلى نظيره الإسرائيلي شمعون بيريز الذي وصفه"الصديق الحميم" ويوجه دعوات لزيارة العراق لقادة هذا الكيان اللعين, كان بإمكانه أن يتصرف كزعيم كردي يمثل حزبه فقط و شريحة من الأكراد وليس جميع الأكراد أيضا فمعظم الأكراد العراقيين يرفضون هذه الطغمة المتسلطة على رقابهم وينتظرون ساعة الخلاص منهم.

إما محاولة الترقيع التي قام به مكتب الطالباني بادعائه إن اللقاء تم بمبادرة من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتقديم باراك لمصافحة الطالباني وانه استجاب لها باعتباره أمين عام الاتحاد الوطني ونائب رئيس الاشتراكية الدولية وليس بصفته رئيس جمهورية العراق! فالأمر يدعو للسخرية فالرقعة اصغر بكثير من شق الطالباني الكبير! فمثل هذه البروتوكولات لا تتم بمثل هذه الطريقة الساذجة ولا يمكن أن تكون وليدة لحظتها وإنما جرت العادة أن يسبقها تنسيق وموافقات ورضا بين الطرفين قبل المضي بها, والعراقيون أذكى من أن يمرر عليهم مثل هذه الإرهاصات والأطروحات الفنطازية!

أما اعتبار اللقاء كما زعم مكتبه بأنه" سلوكا اجتماعيا حضاريا " فأنه أمر يدعو للدهشة حيث لا توجد علاقات دبلوماسية ولا علاقات بأي نوع آخر بين البلدين بل هناك تاريخ من الحروب والاعتداءات الإسرائيلية على العراق, كما أن التبرير الذي ورد في الفقرة التي تلته بأن" اللقاء لا ينطوي على أي معنى أو تداعيات أخرى" فانه يثير الدهشة ! فأن كان بلا معنى فلماذا إذن جرى اللقاء أصلا وما فائدة هذا الغزل السياسي الخطير؟

أما التداعيات فأن مكتب الطالباني لا يحددها ولا يتحملها الطالباني فقط لأنها ببساطة جرحت مشاعر العراقيين وسحقت كرامتهم! أما الفقرة اللاحقة فأنها تستدعي شق الزيق كما يقول المثل العراقي" إن اللقاء لا يؤثر على موقف الحكومة العراقية الداعم للشعب الفلسطيني" ! ولا نعرف عن أي دعم يتحدث مكتب الطالباني للفلسطينيين وهو غارق في المستنقع الإسرائيلي؟ كأنه يجهل بأن أية خطوة ايجابية تجاه إسرائيل تعتبر خطوة سلبية تجاه القضية الفلسطينية! ونسأل مكتبه الذي يحاول يائسا أن يبرر زلات وعثرات الطالباني المستمرة! أليس من الأجدى بكم أن توجهوا أنظاركم إلى الأقرب وأن ترحموا فلسطينيو العراق الذي قتلوا وشردوا من قبل القوات الحكومية والميليشيات المسعورة الدائرة في فلكها قبل أن توجهوا أنظاركم إلى الفلسطينيين في القدس وقطاع عزة وغيرها؟ فما زالت الحدود العراقية تعج بمخيمات للفلسطينيين الذين هربوا من جحيم المدن ليتلقوا جحيم الصحراء! وقد ذهبت استغاثات القادة لفلسطينيين للطالباني لإنقاذهم أدراج الرياح. كان الطالباني خلالها كمن يستمع إلى أغنية صاخبة بالهيدفون في مجلس فاتحة. ثم ليجود علينا مكتب الطالباني بمعلومات عن الدعم الذي قدمته حكومة العراق إلى القضية الفلسطينية والفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها من الغزو لحد هذه اللحظة باستثناء المداهمات المستمرة على التجمعات الفلسطينية الآمنة في العراق وعمليات القتل والخطف والتهجير ألقسري وملاحقتهم حتى في خيامهم البائسة على الحدود.

لم يكن اللقاء الطالباني – الباراكي سوى تأكيد لحقيقة هذه الحفنة من العملاء الذين نصبتهم إدارة الاحتلال لتدمير العراق وسحق هويته الوطنية وسلخه من عروبته! لكن لا غرابة فالعمالة ديدنهم! وهل يستقيم الظل؟ هيهات أن يستقيم.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء /  28  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   02  /  تمــوز / 2008 م