الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

الدور التخريبي الإيراني في العراق/ الجزء الخامس 
صناعة واحتضان الميليشيات الطائفية

 

 

شبكة المنصور

علي الكاش / كتب ومفكر عراقي

 

الميليشيا فكرة موجزة

مصطلح ميليشيا من المفاهيم الحديثة فالكتب السماوية المقدسة والأساطير والملاحم وكتب الأولين لم ترد فيها هذه الكلمة وكذلك القواميس العربية القديمة, والكلمة مأخوذة من اللغة اللاتينية

وقد ورد تعريفها في القاموس الفرنسي اللاتيني طبعة 1932بطريقة تحمل عدة أوجه بأنها" خدمة عسكرية- عملية عسكرية- حملة عسكرية- حرب" والمعنى مشتق من كلمة" مقاتل أو محارب" وتباينت بقية التعاريف حول تحديدها, وقد أنصبت معظم التعاريف على أوصافها أكثر من تحديد مفهومها الاصطلاحي, وغالبا ما يتخذ التعريف مفهوما عامة ذو طابع شمولي, ومن أبرز التعاريف ما جاء في الموسوعة الحرة( ويكيبيديا) حيث عرفته بأنه تنظيم شبه عسكري يتكون عادة من مواطنين متطوعين. وتشكل عادة الميليشيات في مناطق التوتر أو في إطار الحروب الأهلية, وتتخذ عدة أطر منها, قوات تابعة للجيش النظامي, أو كمنظمات مسلحة تابعة لأحزاب أو حركات سياسية, أو كقوات دفاعية تشكل من طرف سلطات أو مواطني منطقة سكنية أو جغرافية محدودة. وعرفت في الموسوعة العربية بأنها"اصطلاح يطلق على الجنود منظمة التدريب التي ليست الجندية مهنتها ولا مستديمة الوجود". كانت الجيوش عند بعض الشعوب القديمة تتكون من متطوعين أي أنفار يستدعون لحمل السلاح مدة الحرب ثم يعودون إلى مهنهم الأصلية. وكانت قوى المليشيا عند قدماء اليونان والرومان على جانب كبير من الدربة" وفي الانسكلوبيديا البريطانية عرفت الميليشيا" بأنها منظمة عسكرية تتألف من مدنيين تلفوا تدريبا عسكريا محدودا ويكونوا على أهبة الاستعداد في حالات الطوارئ, وعادة ما يوجهون لحماية الأمن الداخلي" وترجع وجودها إلى ما قبل سنة(336 ق.م)منذ كانت مقدونيا تحت حكم الملك فيليب الثاني. وجاء في الانسكلوبيديا الأمريكية بأنها" جيوش ذات صبغة شعبية متلقية لتدريبات عسكرية أولية وتستدعى للأغراض الدفاعية" معزية ارتباطها بالمستعمرات البريطانية السابقة. وتناولت التعريف معاهدة جنيف الثالثة بشأن أسرى الحرب لعام 1949بشكل مقتضب فأفراد" المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة، الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلاً، على أن تتوفر الشروط التالية في هذه المليشيات أو الوحدات المتطوعة، بما فيها حركات المقاومة المنظمة المذكورة:-

1- أن يقودها شخص مسئول عن مرؤوسيه.

2- أن تكون لها شارة مميزة محددة يمكن تمييزها من بعد.

3- أن تحمل الأسلحة علنا.

4- أن تلتزم في عملياتها بقوانين الحرب وعاداتها.

ويلاحظ من هذه التعريفات أن هناك تخبط واضح في تحديد المفهوم وربما يرجع هذا إلى تنوع واختلاف التنظيمات الميليشياوية وكذلك طبيعة مقاتليها وتوجهاتها وإغراضها وعلاقتها بالسلطة المركزية كواجهة تدعم سياستها أو تعارضها. ولو أجرينا مقارنة بسيطة بين الجيش الشعبي الذي شكل في العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية باعتباره ظهيرا قويا للجيش العراقي الباسل, والسد الأمين للجبهة الداخلية فقد تولى مهمة حفظ الأمن الداخلي إضافة إلى مساهمته الفعلية في رفد جبهات القتال وقارناه مع الميليشيات الحالية الموجودة على الساحة العراقية لأدركنا بسهولة حجم الفرق. بالرغم من أن هذه المقارنة تعتبر ظالمة كمن يقارن نهر عذب ببركة مياه آسنة, لكنه الغرض هو التوضيح ليس إلا!

الفرق بين القوات النظامية والميليشيا

1-  الجيش النظامي يتصف بالديمومة من حيث النشاط في حين تتصف الميليشيا بالحالة المؤقتة وغالبا ما ينتهي نشاطها بانتهاء مهمتها.

2-  الجيش يضم عناصر متجانسة من ناحية الرتب العسكرية والهيكل التنظيمي الهرمي علاوة والاحتراف القتالي, في حين تفتقر الميليشيا إلى هذا التنظيم المعقد فهي تنظيم شبه عسكري, كما إن عناصرها ذات تدريب أولي وباستثناء تلك المرتبطة بالحكومة المركزية فأن بقية الميليشيات تضم عناصر غير متجانسة.

3-  غالبا ما تتميز الميليشيا بزي شبيه إلى حد ما بالزى العسكري, في حين إن الجيش يتميز بلباسه العسكري والذي يتوافق مع صنوفه الحربية وشاراته الخاصة.

4-  الجيش يضم عسكريين حرفيين ومتخصصين بالصنوف القتالية والإدارية في حين تضم الميليشيا عناصر مدنية أو جنود سابقين, وليس لها تنظيم إدارة وميرة كالجيش إذ انه لا يستند إلى الخبرة والديمومة.

5-    الجيش يعتمد فئات عمرية محددة بالنسبة للجنود في حين لا تضم الميليشيات عناصر متجانسة من ناحية العمر.

6-  غالبا ما تفتقر الميليشيا إلى الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والصنوف الساندة باستثناء تلك التي تحارب مع الحكومة أو ضد الاحتلال الأجنبي, وذلك لمحدودية مهماتهم.

7-    تفتقر الميليشيات إلى الخطط الحربية العلمية والتكتيك القتالي لافتقار عناصرها للعلوم العسكرية وفن إدارة الحرب.

8-  لا تتمتع الميليشيا بالضبط الصارم والأخلاق العسكرية التي تعتبر من أهم صفات الجيوش المتقدمة باستثناء تلك التي تحارب الاحتلال أو تخضع إلى مشيئة الحكومة المركزية, كما إنها تفتقر إلى القوانين العسكرية الرادعة عند مخالفة التوجيهات القيادية.

9-  قد تكون العناصر القيادية للميليشيات من المدنيين أو رجال الدين والسياسة ولا يشترط أن يكونوا قادة عسكريين كما في الجيش.

كما أن هناك فروق أخرى عديدة كافتقار عناصرها للعقد مع الجهة التي تستخدمه والهدف من نشأتها, ومن الملاحظ أنها قد تضطلع بمهام متباينة كتحرير البلاد من الاحتلال أو مؤازرة الحكومة في حالات الطوارئ أو العكس بأن تقف ضد الحكومة أو تعاضد الاحتلال أو لغرض التصفيات العرقية والأثينية.

مخاطر الميليشيات

قد يتضاءل خطر الميليشيات أن تفككت بانتهاء الحالة التي أوجدتها, ولكن الخطر يتعاظم بوجودها مع انتهاء الظروف التي استوجبت تشكيلها, سيما إنها تمتلك السلاح والخبرة القتالية التي تتراكم وفق فعالياتها ونشاطاتها والفترة الزمنية التي عملت بها, فإذا كان الغرض منها التحرر من الاحتلال الأجنبي وتم إنهائه فأنها تفقد بذلك مسوغات وجودها, وبالتالي يمكن أن تتحول إلى واجهة حزبية أو دينية أو سياسية لتحقيق مأرب قادتها أو مصالحهم الحزبية, كما انه في ظل وجود سلطة مركزية فأن الميليشيات قد تتحول إلى ظاهرة قائمة بحد ذاتها وتسلب من الدولة هيبتها واحترامها من قبل مواطنيها فالسلاح كما تفرض كل دساتير الدول وقوانينها ينحصر في قبضة الحكومة والأجهزة المرتبطة بها باستثناء أسلحة الحماية الشخصية والتي تخضع بدورها إلى قوانين محلية وتقتضي حصول مسبق بإجازة حمل السلاح وشروط الأهلية العقلية والصحية وغيرها من الضوابط. وقد تتعاظم المصائب في حال وجود عدة ميليشيات في البلد وفي ظل حكومة جديدة أو ضعيفة وفي حال تناحر هذه الميليشيات لسبب أو آخر فمن المؤكد أن الأمن الوطني سيتعرض إلى كارثة من الصعب تحديد تداعياتها وجسامتها. من المعروف أن الدول التي تستقر ظروفها السياسية والأمنية تعتبر وجود الميليشيا يشكل بحد ذاته ثغرة في أمنها الداخلي سيما إذا لم تأخذ بنظر الاعتبار ترويض عناصرها وتوجيههم توجيها صحيحا يتناسب مع رؤية الحكومة المستقبلية, كأن تفتح لهم دورات تدريبية لتأهيلهم والاستفادة منه في جوانب غير عسكرية, وإبعادهم إلى حد ما عن التوجه العسكري فكما يقول المثل لا تضع الجرباء قرب صحيحة خوفا على الصحيحة من الجرب. كما أن قيادات الميليشيات غالبا ما يحاولوا أن يحظوا بمزايا نفعية بعد انتهاء مهمتهم القتالية وأن حبهم للقيادة والنفوذ والسيطرة قد يدفعهم لإثارة الفوضى أو العصيان والتمرد على السلطة المركزية سيما أنهم مازالوا يمتلكوا التأثير الروحي والفكري على أتباعهم.


الدور الإيراني في احتضان الميليشيات


من المعروف أن اخطر الميليشيات هي تلك التي ولدت في رحم دولة أخرى وهي تحمل الخصائص الجينية لتلك الدولة وتعمل على تنفيذ أجندتها على حساب الهوية والمصالح الوطنية, وتبقى صفاتها الوراثية متأصلة في بنيتها, ويوم بعد آخر تتضح صورتها لتتطابق مع مواصفات من ولدتها! لذلك فأن الدور المشبوه الذي تمارسه تلك الميليشيات يجعل الناس ينظرون إليها بهالة من الشك والريبة والتوجس والحذر ولنا أن نتصور كيف سيكون الموقف عندما تكون قد تغذت من صرة دولة أو جهاز مخابرات معادي للدولة الأم! ومن ابرز الميليشيات التي ولدت في الرحم الإيراني فيلق بدر وهو الذراع العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وتشكل عام 1982وتقدر قوته ما بين 12-15 ألف مقاتل معظمهم من الجنود الهاربين أو الأسرى خلال الحرب العراقية الإيرانية ممن أعلنوا التوبة من النظام السابق, ويروج زعيم التنظيم الجنرال في الجيش الإيراني هادي العامري بأنهم استقوا فكرة تشكيله من فتوى صريحة من المرجع محمد باقر الصدر, وهذه أكذوبة حيث لا يوجد ما يثبتها في حين يوجد ما يدحضها, فالصدر لم يرد عبر كتاباته أي شيء يتعلق بالتنظير الحزبي أو تأسيس هذه الأحزاب وقواتها العسكرية. ويليها ميليشيا حزب الدعوة الإسلامية وهي ميليشيا محدودة العدد لا تزيد عن (2000) مقاتل ومعروفة باستخدامها العنف من خلال التفجيرات كتفجير وزارة التخطيط العراقية وحادثة المستنصرية وتفجير السفارة العراقية في بيروت والاغتيالات السياسية. وتليها ميليشيا جيش المهدي وتشكلت عام 2003 أثر اغتيال محمد باقر الحكيم ولا يعرف بالضبط عدد عناصرها وذلك لانطواء فرق الموت والعصابات الإجرامية تحت جناحيها إضافة إلى عدم وجود سلطة مركزية على هرم القيادة التنظيمية ويقدر البعض عددها ما بين(10-15) ألف عنصر ومن ابرز عناصرها الملقب أبو درع وهو مطلوب من قبل قوات الاحتلال والحكومة العراقية. ويدعي قادة جيش المهدي ومعظمهم من المعممين بأنه " جيش عقائدي وضع في خدمة الحوزة الشريفة والمرجعية" بالرغم من حقيقة أن أول معاركه كانت عام 2004 في النجف والتي خرج فيها السيستاني إلى لندن ليفسح المجال لضرب جيش المهدي. وعادة يرتدي عناصر الجيش الملابس السوداء وقد طلب الصدر بعد تفجيرات سامراء أن يخلعوا هذه الملابس ليبرئ جيشه من جرائمه. يضاف إلى ذلك ميليشيا المؤتمر الوطني بقيادة احمد الجلبي وهي من أخطر الميليشيات التي لعبت دورا خطيرا في بداية الغزو فرضت سيطرتها على جميع مؤسسات الدولة من وزارات وشركات وبنوك, ونهبت معظم المصارف ومؤسسات الدولة وأحرقت العديد منها, ويقدر عدد عناصرها(5000) وهي تستخدم أكثر من (400) عجلة نهبتها من مؤسسات الدولة وتتحمل مسئولية حادثة (جسر الأئمة ) التي أودت بحياة أكثر من ألف مدني من الزوار الأبرياء وتصفية رموز حزب البعث وضباط الأجهزة الأمنية. وقد عثرت قوات الاحتلال بعد مداهمة مقر الجلبي على وثائق تؤكد دعمه من قبل إيران وان إعادة بناء البيت الشيعي التي تبناها الجلبي كانت من بنات أفكار إيران, وهناك ميليشيا حزب الفضيلة وهي تفرض سيطرتها على وزارة النفط والمؤسسات النفطية ومتخصصة بتهريب النفط العراقي من البصرة إلى إيران.

ومن الميليشيات الكردية الخطيرة تلك المسماة البيشمركة وهي تعني الفدائي أو الذي يضحي بنفسه لهدف ما, وكانت هذه القوات تسمى من قبل الحكومات العراقية العصاة أو المخربين بسبب استهدافهم للجنود العراقيين, تأسست في الستينيات من القرن الماضي من الحزبين الرئيسين الكرديين وتدعي المصادر الكردية بان عددهم(90) ألف في حين تشير مصادر أخرى بأن عددهم لا يتعدى(50) ألف وأن المبالغة بالحجم لغرض استنزاف خزينة وزارة الدفاع وزيادة تخصيصات الإقليم بعد أن اعتبرت الميليشيا قوة ذات طابع رسمي, وفعلا فقد رفعت تخصيصات الإقليم في ميزانية عام 2008 إلى(17) مليار دولار لهذا السبب! ولم يعرف عنهم دور وطني خلال تعرض العراق إلى العدوان الخارجي فخلال الحروب الثلاثة الماضية اصطفت قوات البيشمركة مع أعداء العراق وفتحوا جبهة داخلية, وشنوا عمليات قتالية ضد المناطق الإدارية لقطعات الجيش ولم يتجاسروا على قتال الجيش العراقي وجه لوجه, وإنما اكتفوا بهجمات على ربايا الجيش ( جمع ربيه تشغلها قطعات صغيرة بحدود 6-10- جنود لحماية الطرق الرئيسية) والمناطق الإدارية وقتل الجنود المساكين الذين كانوا يؤدون الخدمة الإلزامية, وكان لهم موقف مخزي في معارك حلبجة حيث عملوا كمرشدين للقوات الإيرانية لفرض طوق على الجيش العراقي لكنهم فشلوا فتبنوا ما يسمى فكرة ضرب حلبجة بالأسلحة الكيماوية وسنأتي على هذا الموضوع في جزء خاص سميناه( حلبجة الهولوكوست الكردي) ودور إيران في هذه المسرحية المفبركة! وتشير شبكة( سي أن أن) الأمريكية بأن قوت البيشمركة" شاركت إلى جانب القوات الأمريكية في العمليات العسكرية خلال عام 2003 وهي تساند القوات الأمريكية" ويدعي القادة الأكراد بأنهم حولوا هذه الميليشيا إلى قوات نظامية ولم يبقى سوى الاسم منها فقط, وهم يتميزون بزي خاص بهم ويشغلون دوائر الشرطة والمرور والجوازات والاسايش(قوات الأمن), وتوجد وزارة خاصة بهم تسمى" وزارة شئون البيشمركة" يرأسها عمر عثمان إبراهيم وهو من جماعة البرزاني؟ ومن المعروف أن الميليشيات الكردية هي الوحيدة التي لم تستهدف كمقرات وعناصر في العمليات الإرهابية  بالرغم من تواجدها في كل أجزاء العراق إلا بشكل محدود للغاية مما يثير موجة من الشكوك حول تورطها بهذه العمليات, وفي الحملة الأخيرة التي استهدفت الموصل تبين إن نائب المحافظ( خسرو كوران) وهو من حزب البرزاني متورط بأعمال تفجير ومنها حادثة الزنجيلي وعمليات اغتيال عديدة استهدفت الأساتذة العراقيين من العرب والأطباء ورجال الدين منهم الشيخ فيضي الفيضي وعدد من البعثيين منهم أمين سر حزب البعث في الموصل سابقا نجم العراقي ونزار يوسف وغيرهم, وعندما طلب المالكي التحقيق بالأمر هرب كوران إلى أربيل! والحقيقة أنه إذا كان لأكراد الحزبين الحق بان يفتخروا بالبيشمركة من الناحية القومية فمن حق العرب أن يحتقروها من الناحية الوطنية بسبب تآزرها الدائم مع أعداء العراق.

ومن الميليشيات الأخرى المؤثرة في الساحة العراقية هي( ميليشيا ثأر الله) وقد أعدم زعيمها يوسف الموسوي بعد انتهاء صولة فرسان المالكي في البصرة بمحاكمة سريعة بناء على طلب من الأمريكان خشية من تدخل إيران في الموضوع والضغط على المالكي, وربما بموافقة إيران للتمويه على دعمه سيما أن الموسوي يعتبر من ابرز أعوانها في الجنوب, وقد عثر في مقر حزبه( حسينية) على أقراص مضغوطة ووثائق تؤكد ضلوع حزبه باغتيال عدد كبير من أساتذة الجامعات والعلماء والأطباء وان التوجيهات يتسلمها من إيران! وفي التقرير الفصلي لهذا العام الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية ورد فيه عدة إشارات عن توغل قوات بدر وميليشيا المهدي في وزارة الداخلية والدفاع والأجهزة الأمنية وبقية مؤسسات الدولة العراقية وهي ترتكب جرائمها تحت الأغطية الرسمية مشكلة أبشع فرق الموت, ويشير التقرير "خلال العام تحدثت العديد من التقارير بان الحكومة أو الأجهزة التابعة لها قد ارتكبت أعمال قتل تعسفي أو غير قانوني وخاصة قوات الأمن وإن جهات مشتركة في الحكومة تمارس بصورة غير شرعية أعمال القتل خارج نطاق القضاء في جميع أنحاء البلاد على نطاق واسع, وأن بعض وحدات الشرطة عملت بمثابة فرق موت". مضيفة بأن "ميليشيا منظمة بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق (isci) وميليشيا جيش المهدي تستخدم نفوذها في قوى الأمن الداخلي لتنفيذ أجندتها الطائفية من خلال فرق الموت هذه" ويتحدث التقرير عن وكيل وزارة الصحة حاكم الزاملي بأنه" كان يشرف على عصابة تضمّ نحو 150 من أفراد الحماية في وزارة الصحّة تمارس أبشع جرائم الاختطاف والقتل الطائفية، تتحرك بكل حرّية في جميع أنحاء العاصمة بغداد بهويّات وزارة الصحّة وسيارات الإسعاف التابعة لها التي كانت تستخدمها في الاختطاف والقتل وتستخدمها أيضاً لنقل الأسلحة".

ولادة أو رضاعة ميليشيات أخرى   

بالإضافة إلى دعم أحزاب المعارضة فقد استكملت إيران دورها التخريبي من خلال تفقيس الميليشيات الموالية لها  وتدريبها وتمويلها وتسليحها من ثم توجيهها لخدمة أغراضها التخريبية في العراق. ومن غرائب هذه الميليشيات تسمياتها فهي تحمل أسم الله عزً وجل أو أسماء آل البيت رضوان الله عليهم وهم منها براء!

 ومن أبرزها بقيت( بقية) الله ويد الله وحزب الله وثأر الله وميليشيا حزب العمل الإسلامي وميليشيا  حزب الدعوة تنظيم بغداد وكتائب القصاص وهي(تابعة للجان اجتثاث البعث وترتبط بالجلبي مباشرة يرأسها في البصرة رافد المالكي) وميليشيا القصاص العادل وميليشيا تجمع الشبيبة الإسلامية, وميليشيا جمعية مكافحة الإرهاب وميلشيا جماعة الصداقة الأمريكية العراقية, وميليشيا جلال الصغير( جامع براثا) وفيها محكمة خاصة وسجن وعندما تعرضت إلى تفجير عثر على جثث موثوقة الأيدي! وكتائب مالك الأشتر وهي متوغلة بعمق في وزارتي الدفاع والداخلية وساحة عملها الرئيسة محافظة ديالى, ومن ابرز قادتها( قائد الفرقة الخامسة في الجيش العراقي) المتهم بقتل(3000) شخص وقد صدرت مذكرة لتوقيفه لكن المالكي جمدها لغاية في نفس يعقوب! وميليشيا منظمة العمل الإسلامي وميليشيا حركة سيد الشهداء, وميليشيا(15 رمضان) ويتزعمها حمزة البطاط وميليشيا غسل العار وميليشيا منظمة الطليعة الإسلامية ويرأسها جبار الموسوي وميليشيا الفتح  وميليشيا أشبال الصدر وكتائب ثأر الحسين وميليشيا حسن الساري وكتائب الدماء الزكية وميليشيا الكوثر ويقودها حاجي منصور حقي وهو جنرال في فيلق القدس وجيش المختار وجيش العمل الإسلامي ( ثلاث ميليشيات منصهرة مع بعضها)، وميليشيا حركة جند الإمام( أبو زيد) وميليشيا أنصار ومنظمة أنصار الإسلام (بعد أن تسربت تقارير تشير إلى دعمها من قبل إيران) وميليشيا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يرأسها ناظم الساري, وكانت خاتمة هذه الميليشيات تلك التي ابتدعها المنظر الطبطبائي عبد العزيز الحكيم الأصفهاني والتي أطلق عليها تسمية "اللجان الشعبية" وذلك للمحافظة على" الانجازات والمكاسب التي تحققت لأبناء الشعب العراقي" وربما يقصد بالمنجزات من وجهة نظر إيران والمتمثلة بتهجير (4) مليون عراقي داخل وخارج الوطن وقتل أكثر من مليون عراقي وسرقة أكثر من(18) مليار دولار, وأفول السيادة وضياع هيبة الدولة الذي هو احد أطرافها وانتشار فرق الموت والعصابات الإجرامية وبناء جيش وشرطة من قطاع الطرق والعبث بمقدرات العراق الاقتصادية وإيقاظ الفتنة الطائفية وقتل أكثر من(5500) عالم وأكاديمي عراقي ووجود(4) مليون يتيم وأرملة وانتشار المخدرات والايدز وضياع الأمن والاستقرار وغيرها من المنجزات الكبيرة التي حققتها حكومة المنطقة الخضراء، وقامت اللجان الشعبية( من قوات بدر وبعض المتطوعين) باستعراض عضلاتها بمسيرة راكبة والغريب إنهم استعرضوا بزي مدني موحد وعصابات موحدة للرأس مباشرة بعد إعلان الحكيم عنها, كأنما الأمر مبيت له, وحصر الحكيم مهمتهم ب" سحق الإرهابيين والموالين للرئيس العراقي الذين يقودون تمردا للعرب السنة ضد الحكومة التي يقودها الشيعة", وطالب الحكيم الحكومة بتشكيل لجان شعبية إقليمية بدلا من الدعوة إلى تطوير الجيش وتأهيله! ولكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن فقد تشكلت بدلا عنها ما يسمى بالصحوات التي أرقت الحكيم والمالكي سيما إنها انحصرت على الطائفة السنية فأزداد الطين بله.

 

موقف الحكومة العراقية من الميليشيات

 

تعاني الحكومة العراقية من معضلتين في هذا الموضوع الأول يتعلق بمفهوم الميليشيا والثاني في عملية فرز الميليشيات والتعامل معها, فبالرغم من أدعاء جميع رؤساء حكومات الاحتلال بضرورة إنهاء الميليشيات لكنه لم تجر مثل هذه العملية باستثناء الصراع مع التيار الصدري عام 2004 وحزب الفضيلة عام 2005 وصولة الفرسان على التيار الصدري عام 2008 ولم يكن الغرض من هذه الصولات تفكيكها بقدر ما كان يمثل صراعات مصالح حزبية, فمع التيار الصدري كانت معارك النجف تتعلق بالسيطرة على موارد الحوزة لتي تقدر بحوالي(60) مليار دينار عراقي سنويا, ومع حزب الفضيلة كانت حول الهيمنة على موارد النفط والأخيرة مع التيار الصدري بشأن التخوف من هيمنة الصدريين المؤكدة على انتخابات مجالس المحافظات. والحقيقة أن الحكومة عاجزة عن تنفيذ وعدها بحل الميليشيات, وهذا ما تؤكده المصادر الأمريكية الرسمية نفسها فقد أشار لذلك كبير مستشاري البيت الأبيض" ليس لدى المالكي أية مصداقية ولا رؤية واضحة تجاه الميليشيات، بل هو متورط وهو أسير للميليشيات وفرق الموت، فلا يمكن أن يعمل على محاربتها"! كما أن تداعي الأوضاع الأمنية يعتبر من أهم العوامل التي استدعت بقائها وهذا ما أكده نائب رئيس الوزراء برهم صالح بقوله" من أسباب وجودها هو الانفلات الأمني, فكل جماعة تريد أن يكون لها ذراع مسلح تدافع به عن نفسها أو تهدد به" ومن الطبيعي أن يستثني صالح البيشمركة من هذه الميليشيات! وهو يعتقد أن القضية " لا تتم عبر قرارات سياسية وحكومية" من ثم يفسر الماء بعد الجهد بالماء بقوله" التعامل معها يتطلب جهدا استثنائيا وإرادة سياسية واضحة من قبل القيادات السياسية والحكومية"!

صرح الجنرال أبو زيد في تموز عام 2003 بأنه سيتم تشكيل ثمان كتائب من الميليشيات العراقية المسلحة بواقع(850) مقاتل لكل كتيبة وستقوم القوات الأمريكية بتدريبها وتأهيلها, وأشار بريمر في القانون المرقم(91) المؤرخ في7/6/2004 بحل الميليشيات وهي القوات التابعة للحزبين الكرديين الرئيسيين وميليشيا المؤتمر الوطني وحزب الوفاق وحزب الله والحزب الشيوعي وحزب الدعوة والحزب الإسلامي وقوات بدر. ولكن رئيس الوزراء آنذاك أياد علاوي لم يتمكن من تفعيل القرار المذكور, لكنه كان يعارض دمجها بالجيش والشرطة خشية من تحولها إلى أطراف متصارعة داخل الكيانات الأمنية وفعلا هذا ما حدث. وقد صدر قرار عن مجلس الوزراء في10آب 2005 موجه إلى وزارة الداخلية( كان الوزير باقر صولاغ) يؤكد على إلزام الوزارة بأحكام القرار(91لسنة2004) الذي يحظر عمل المليشيات والمجموعات المسلحة داخل العراق إلا إذا كانت تحت سيطرة الحكومة وإعادة دمجها في القوات المسلحة, وقام صولاغ باعتباره رئيس لجنة دمج الميليشيات بالقوات المسلحة بأخطر جريمة في تأريخ العراق الأحتلالي عندما زج بعناصر بدر وفيلق القدس الإيراني في أجهزة الشرطة والحرس الوطني ومغاوير الداخلية ووزع عليهم الرتب العالية وأماكن العمل الحساسة بما يخدم الأجندة الإيرانية. وقد عاثت هذه القوات فسادا أينما حطت بحيث وصل الأمر ببعض المناطق رفض دخول الجيش والشرطة العراقية لتفتيشها إلا بوجود قوات الاحتلال معهم؟

 

فشل دستوري في معالجة وضع الميليشيا

 

من ناحية الدستور فقد جاء في المادة التاسعة من الدستور الفقرة (أولا- ب) بأنه " يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة" ولكن المشكلة تبرز في أن جميع الكيانات السياسية تبرر وجود ميليشياتها بطرق مختلفة, وعلى الرغم من تصريح المالكي بأن الميليشيات جميعا مشمولة بقرار الحل" لا فرق بين ميليشيا شيعية أو سنية" لكنه وقع أسر ميليشيا حزبه وقوات بدر المتعاضدين بالرغم من تحويل فيلق بدر إلى منظمة مدنية لكن الأمر لا يغدو  سوى لعبة مكشوفة فزعيمها هادي العامري هو جنرال في الجيش الإيراني لذلك فأنه برر وجود بدر على أساس إنها منظمة سياسية ولذلك فلا تعتبر ميليشيا " نحن تخلينا عن رفع السلاح طوعا، وهناك القانون 91 لسنة 2004 الذي يسمى خطأ دمج الميليشيات، ووافقنا عليه وقلنا هو عبارة عن دمج كل القوات العسكرية التي حملت السلاح ضد النظام الصدامي. كل الاحزاب والحركات كانت لها قوات عسكرية ونحن من ضمنها. ووافقنا على دمج قواتنا كما وافقت البيشمركة على الانضمام لوزارتي الدفاع والداخلية. نعم لدينا عناصر رفعت السلاح سابقا، وهي مستعدة الآن للانضمام للقوات المسلحة أو في بقية دوائر الدولة. ولكن لدينا مجموعة من الإخوة الذين يقومون بحماية مقراتنا وشخصياتنا، ولديهم إذن قانوني بحمل السلاح، وإذا تحسن الوضع الأمني فسوف نتخلى حتى عن هذا السلاح المحدود، وسوف نحمله إلى الدولة". والأدهى أن يصرح العامري" لا يوجد هناك أي مكون سياسي أو حزب عراقي لديه ميليشيا باستثناء التيار الصدري"! من ثم يتهم جيش المهدي بأنه رفع سلاحه بوجه الحكومة؟ ولكن الحقيقة هي عكس ذلك فصولة الفرسان بدأها المالكي وهو من حمل السلاح بوجه الصدريين وليس العكس, وهذا لا يبرأ الصدريين بالطبع من جرائمهم المنكرة.

من ناحية البيشمركة فأنهم برأي قادتهم ليسوا ميليشيا أيضا ويرى فؤاد معصوم أن هناك خلط بالمفاهيم معتبرا أن قوات البيشمركة ليس ميليشيا وإنما" تعني قوات حرس الحدود وحفظ الأمن في إقليم كردستان".

كذلك بالنسبة للتيار الصدري فأنهم يعتبرون جيش المهدي جيشا عقائديا وليس ميليشيا مسلحة ولا ينطبق عليه قرار حل الميليشيات, وصرح الصدر بأنه غير قادر على جيشه على اعتبار انه جيش الأمام المنتظر وليس جيشه, وبعدها أوكل مهمة حله إلى المرجعية, و في حيت تناقلت الأخبار إن المرجعية ترفض حله وان من أسسه بإمكانه أن يحله دون الحاجة إلى رأي المرجعية!

في حين تنكر بقية الاحزاب الشيعية والسنية وجود ميليشيات لديها وإنما فقط حراسات متذرعة بعدم توفر الأمن متجاهلة أن عدم توفر الأمن يرجع أصلا لوجود الميليشيات نفسها!

 

أذرع الإخطبوط الإيراني يمتد لكل الاتجاهات

 

لا توجد إحصائيات مؤكدة حول عدد عناصر الميليشيات التابعة لإيران ففي الوقت التي قدرها ألنائب الدايني بأكثر من(60) ألف عنصر فان السفير الأمريكي يعتقد إنها بحدود(80) ألف مستثنيا الميليشيات الكردية, ولكن العاصفة الحقيقية كانت بنشر احدى أهم وأوثق الصحف الايطالية( بانوراما) في عددها الصادر في 15/2/2007 تقريرا خطيرا كشف فيه مجلس المقاومة الوطنية الإيرانية عن أسماء (32000) من عملاء إيران في داخل العراق وقد أثار التقرير حفيظة البنتاغون الأمريكي الذي كان يجهل هذه المعلومات، وتضمنت القوائم الأسماء الرباعية لعراقيين عملاء لإيران يتقاضون رواتب من إيران وتأريخ تجنيدهم وتوظيفهم وعناوينهم في العراق ومناصبهم ومهامهم العسكرية والأستخبارية وكذلك رقم حساباتهم المصرفية، ويشير التقرير بان العراق قد قسم إدارياً إلى (418) وحدة وعليها مسئول معين من مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، ويبلغ عدد العناصر الإيرانية المدسوسة داخل العراق (100) ألف، ويخلص التقرير بأن إيران احتلت وزارات الخارجية العراقية والداخلية والدفاع والمالية ومجلس النواب، وأمام هذه الصدمة شن عملاء النظام الإيراني في حكومة المالكي حرباً على المنظمة طالبين بطردها من العراق، واعتبارها منظمة إرهابية بعدما فضحت الشبكات الإيرانية الرهيبة؟ ومن الغريب أن تدان المنظمة قبل جلسات المحكمة المزعومة وليس بعدها، فقد ذكر المدعي العام جعفر الموسوي بأن الحكومة العراقية ستقاضي أعضاء من منظمة مجاهدي خلق موضحاً " لدينا أدلة كافية تدين المنظمة الإيرانية في الوقوف إلى جانب النظام السابق في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية" وتشير المعلومات بأن جعفر الموسوي قد ورد أسمه ضمن قوائم مجاهدي الخلق بأنه عميل لإيران؟

وجاء في تقرير خطير أصدرته مؤسسة( جيمس تاون فاونديشن) الأمريكية بأن"أن الميليشيات التي تدعمها إيران اخترقت أجهزة الأمن العراقية بكل مستوياتها ووسعت مجال عملياتها في كل أنحاء العراق. وهذه الميليشيات مسئولة عن مصرع أعداد من المدنيين تفوق أعداد من لقوا مصرعهم على أيدي المتمردين والمقاتلين الأجانب الذين تعتبرهم الولايات المتحدة خصمها الأول". وأكد بأن" الميليشيات تسيطر تقريباً على القوات التابعة لوزارة الداخلية العراقية ومن المؤسف أن بعض هذه القوات واغلبها من الميليشيات الشيعية كانت يوماً جزءاً من القوات الأمنية العراقية الجديدة التي دربتها قوات التحالف وأنفقت على تدريبها مليارات الدولارات على أساس أن هذه القوات ستخدم العراقيين وتنقذ العراق بدلاً من أن تتبع الأجندة السياسية الإيرانية" وتشير احدى الدراسات بأن لكل ميليشيا تابعة لإيران ثلاثة مستشارين كل منهم يختص بمجال معين سياسي وأمني وعسكري ويتولون مهام التمويل والتسليح والتدريب ورسم الخطط وتنفيذها.

 

إيران وصناعة الموت

 

يشير تقرير نشرته المنظمة العراقية للمتابعة والرصد بأن أكثر من 85% من العمليات الإجرامية التي ارتكبتها الميليشيات المسعورة تم تنفيذها بناء على قرارات صادرة من لجنة إيرانية يشرف عليها مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي بغية" خوض حرب مقدسة لإنهاء القوى السنية" طبقاً لوثيقة برقم (2132) صادرة بتأريخ 11/9/2006 وزعها المجلس الأعلى على إتباعه من" محبي آل البيت". وكانت الزيارة الاستفزازية لوزير المخابرات الإيرانية للعراق ولقائه بالقيادات الشيعية لغرض الاطمئنان من سير المعارك ضد الطائفة المناوئة وتلبية احتياجات الميليشيات من المال والسلاح لإدامة زخم انتصاراتهم المظفرة على أشقائهم في الدين والعروبة؟ ويشير تقرير تاون فاونديشن أنه في 11/3/2004 " قامت المخابرات الإيرانية بافتتاح مكتب في النجف أطلقت عليه اسم "مكتب مساعدة الفقراء". وقامت المخابرات الإيرانية بتوزيع ألفي دولار فوراً وألف دولار كل شهر على من يقبلوا بالانضمام إلى ميليشيات معينة. وتمكنت المخابرات الإيرانية من تجنيد 70 ألف شخص, انضم عدد منهم إلى الميليشيات فيما بقي العدد الآخر للقيام بمهام استطلاع وإسناد". كما تضمنت الدراسة اعترافات ضابط إيراني منشق بمدى التغلغل الذي قامت به المخابرات الإيرانية داخل العراق في تلك الآونة. وقال الضابط "إن مدى واتساع عمليات قوات القدس (التابعة للحرس الثوري) في العراق تجاوز ما فعلناه خلال الحرب بيننا وبين صدام، إن هناك مناطق واسعة في العراق تخضع لقوات القدس من الناحية العملية وذلك من خلال المتعاونين معها. إن هذه القوات تستخدم شبكة من المؤسسات الخيرية والشركات والواجهات الأخرى لممارسة أنشطتها في أنحاء العراق, أننا نقوم بإرسال ضباطنا إلى العراق لفترات تمتد إلى شهور وذلك تحت غطاء العمل في شركات البناء. ومنها (شركة الكوثر) في النجف مثلاً و كانت واجهة لقوات القدس في حقيقة الأمر". وتشير التقارير إلى أن المخابرات الإيرانية والإسرائيلية تمكنتا من اغتيال عدد كبير من علماء العراق والأكاديميين والأطباء والقادة العسكريين والطيارين, ويذكر تقرير أمريكي بان المخابرات الإيرانية فقط اغتالت(90) ضابطا وطيارا, كما انه تم خطف أكثر من (20) طيار وسلموا أحياءا إلى إيران من قبل عمار الحكيم.

وتأتي الخاتمة متزامنة مع هروب رئيس الحرس الثوري الإيراني السابق ومساعد وزير الدفاع الجنرال علي رضا عسكري من بلاده عبر تركيا ولقائه برجال من الموساد محملاً بكل ما لذ وطاب للزبون الأمريكي والإسرائيلي من خرائط ومعلومات إستخبارية إيرانية تخص الأزمة النووية والتدخلات الإيرانية في العراق ولبنان وبقية أرجاء العالم، وقد وصف المستشار العسكري لرئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون شبيرا الجنرال عسكري بأنه " قدس الأقداس" لما يحمله من خرائط عسكرية ووثائق إستخباراتية عن المؤسسة العسكرية الإيرانية وعلاقة الحرس الثوري بفيلق بدر وحزب الله والجهاد الإسلامي وجيش المهدي مما ينذر بعاصفة عاتية أشد من سابقاتها بعد أن ذكر بأن عدد من الوزراء والنواب العراقيين يتقاضون رواتب من نظام الملالي وهو تأكيد لما ذكرته منظمة مجاهدي خلق في تقريرها. من جهة ثانية فقد صرح قائد المجلس العراقي من اجل الحوار الوطني في عدة مناسبات بأن "إيران تستخدم عملائها في قوة القدس التابعة لفيلق الحرس الثوري للحيلولة دون تسارع عجلة التقدم في العراق" ويمكن معرفة حجم هذا التدخل من خلال المذكرة الصادرة من مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي والموقعة من قبله في10/8/ 2006المعنونة إلى مجلس القضاء، يأمره فيها بإطلاق سراح 442 إيرانيا! فما يفعل هؤلاء وجميعهم من قوات الحرس الثوري في العراق؟ بل إن عدد من النواب أكدوا بأنه القي القبض على(11) ألف إيراني في محافظة ديالى وأحيلوا إلى الأجهزة الأمنية العراقية لكن غرفة العمليات في الوزارة أطلقت سراحهم واخفت ملفاتهم!


إيران وتأجيج العنف الطائفي

 

مع بداية الغزو بدأت إيران تعزف على الوتر الطائفي من خلال الأحزاب والميليشيات المرتبطة بها وبالرغم من نجاحها النسبي في هذا الأمر لكنها لم تتمكن من أن توقده إلى درجة الغليان التي تتمناها, فأواصر المواطنة كانت تعصف بمحاولاتها المشبوهة, عندئذ غيرت من تكتيكها مستخدمة أبشع الطرق وأشدها خسة ونذالة بتدمير العتبات المقدسة في سامراء, وكانت محاولة مدبرة وواضحة, فما أن دمرت حتى طالب السيستاني أنصاره بالخروج بتظاهرات استنكار وخطب عمار الحكيم موغلا الجماهير الساخطة بالانتقام بقوله" يدمرون مقدستانا ويريدوننا أن نبقى في بيوتنا" وطرحت شعارات " ثارات الحسين" وبدأت عمليات القتل الطائفي وتدمير المساجد وحرقها, وتبين من التحقيقات إن الفاعلين هم (6) عناصر من فيلق القدس كما كشف احد النواب ولكن الموضوع أغلق بتوصية من المرجعية في النجف والمجلس الأعلى. وقد اعترف علي دقدوق المشرف على المجاميع الخاصة من جيش المهدي في اعترافاته بعد أن القي عليه القبض " إيران أوعزت للمجموعات الخاصة في الميليشيات الشيعية العراقية بتفجير التجمعات الشيعية والأماكن الشيعية المقدسة لإثارة الفتنة الطائفية وإبقاء العراق في فوضى رهيبة.

كما أشارت صحيفة نيويورك تايمز بعددها في 13/1/2007 بأن القوات الأمريكية عثرت في هجوم لها على مقر مسئول إيراني على خرائط لأحياء في العاصمة تستهدف تهجير السنة من بغداد، وهو الأمر الذي يذكرنا بقول إبراهيم الجعفري " لم يهدأ لي بال حتى أرى آخر سني يخرج من بغداد " وهو نفس المعنى الذي تحدث به المالكي عندما أشار ليذهب السنة إلى المنفى مثلنا عشرين عاماً ويعودون بعدها ليحكموا! كما كشف النائب العراقي المستقل وائل عبد اللطيف عن وجود المقر الرئيسي لحزب ثأر اللّه في محافظة خوزستان الإيرانية. وقد أطلع بنفسه على المقر الذي يعمل فرعه في البصرة, وتم العثور بعد العمليات العسكرية الأخيرة على وثائق تدين الحزب بالإرهاب واغتيال عدد كبير من العلماء والأكاديميين, وقد اعتقل رئيسه يوسف سناوي الموسوي واعدم. مؤخراً اكتشف الجيش الأمريكي والعراقي أثناء مداهمة بعض أوكار الميليشيات ضمن الحملة التي أطلقها الجنرال ديفيد بيتريوس على مقابر جماعية في  معاقل ميليشيات موالية لإيران" في محيط بغداد وما يسمى " مثلث الموت" وذكر مصدر عسكري عراقي لصحيفة المحرر العربي "أن جميع ضحاياها هم من النساء والشيوخ والشبان اليافعين، وتعود لحملة الإعدامات التي نفذتها الميليشيات الشيعية (المهدي وبدر والدعوة) خلال عامي 2005- 2006 ضد المواطنين السنّة الذين اختطفوا على الهوية على حواجز تلك الميليشيات وحواجز المتعاونين معها المنتسبين إلى وزارتي الدفاع والداخلية. وبحسب المصدر، فإن الميليشيات عمدت للتمويه إلى بناء حسينيات فوق المقابر الجماعية لإخفاء جرائمها". وتشير مصادر موثوقة بأن حزب الدعوة والمجلس الأعلى والتيار الصدري ضغطوا على الحكومة في محاولة للتمويه على الأرقام الحقيقية للمغدورين, كما حاولوا التقليل من أهمية المقابر كي لا تقارن بالمقابر الجماعية المزعومة التي نسبت للنظام الوطني السابق والتي تبين إنها فبركة إيرانية حيث أعطي لكل من يملأ كيس من العظام البشرية (250) ألف دينار, وتهافت عناصر الميليشيات والعاطلين عن العمل على المقابر لاستخراج عظام الموتى للاستفادة من المكرمة الإيرانية. فحتى الموتى في قبورهم لم يسلموا من عبث الميليشيات وإيران. ومن المفارقات ذكر النائب وائل عبد اللطيف بأنه تم إلقاء القبض على(50) من ضباط المخبرات الإيرانية في مقر حزب الله عند مداهمته ولكن الائتلاف الحاكم أغلق الملف وطالب بمقاضاة النائب!

وقد أفرزت إحداث البصرة مؤخرا بعد صولة الفرسان المالكية العثور على مخابئ كبيرة من الأسلحة الإيرانية الصنع(ساخت إيران) ومنها أسلحة متطورة صنعت حديثا كما كتب تأريخها(عام 2008) كما تبين أن الصواريخ التي ضربت المنطقة الخضراء كانت إيرانية الصنع أيضا, كما أشارت تقارير أخرى أن إيران تدعم تنظيم القاعدة في العراق, وذلك لغرض تصفية الحسابات والمساومة على ملفها النووي على الأرض العراقية حيث يدفع أبناء العراق من كل الشرائح الثمن باهظا. ومن أغرب أنواع الدعم الإيراني لهذه الميليشيات تزويدها بصواريخ أرض إيرانية الصنع(فلق1) حيث عثر على واحد منها في البصرة, ويمكنه أن يدمر مدينة كاملة!

وعن علاقة جيش المهدي بفيلق القدس فقد كشفه القيادي اللبناني بالفيلق(علي موسى دقدوق) الذي ألقت القوات الأمريكية القبض عليه, فقد اعترف أثناء التحقيق معه بأنه المسئول الأول عن تدريب وتجهيز المجموعات الخاصة من جيش المهدي في إيران وبعد تأهيلها وتوزيع المهمات عليها يقوم بإدخالها للعراق, وان دقدوق يعمل بإمرة الوحدة رقم(9000) من فيلق القدس التي يرأسها العميد يوسف الوندي وهو من أقارب وكيل وزارة الداخلية العراقية(بشير ناصر الوندي) وهو من قوات بدر وإيراني الأصل.

 

من يحكم العراق حقاً؟

مع أن العراق يخضع لأحتلالين منظورين وهما أمريكي وإيراني باعتراف جميع المراقبين والأهم باعتراف الشعب العراقي نفسه وقوات الاحتلال الأمريكي نفسه, لكن كما تؤشر جميع المعلومات أن الجنرال قاسم سليماني قائد قوات القدس هو أقوى رجل في العراق, فهو المسئول عن كافة التنظيمات العسكرية الإيرانية والميليشيات التابعة لها في العراق, وأشارت شبكة(مكلاتشي) الأمريكية في تقرير لها في شهر نيسان2008 بأن سليماني هو الذي أوقف القتال بين قوات المالكي وجيش المهدي لما يملكه من تأثير قوي على الجهتين, بناءا على طلب شخصي من الرئيس الطالباني حيث التقى به في احدى النقاط الحدودية, ويشير التقرير بأن سليماني دخل إلى المنطقة الخضراء في نيسان عام 2006 لإنهاء الجدال واختيار رئيس وزراء العراق, وأكد السفير زلماي خليل زادة هذه المزاعم للشبكة لكنه لا يستطيع أن يتذكر فيما إذا كانت السفارة الأمريكية قد تأكدت من هذه المعلومة! في حين يؤكد مسئول أمريكي بأن سليماني دخل المنطقة الخضراء عدة مرات! وتتهم القوات الأمريكية سليماني بأنه من يزود الفصائل الشيعية بالعبوات الناسفة, لكن السفارة الإيرانية في واشنطن رفضت الرد على اتهامات الشبكة التي أنهت تقريرها بالقول" إن سليماني أثبت براعته في استخدام الوسائل السياسية لتحقيق أهدافه في العراق، ففي الشهر الماضي لعب دورا محوريا لإنهاء القتال بين القوات الحكومية وجيش المهدي في البصرة والذي كان يهدد بشل الصادرات النفطية من البصرة". ويبدو أن هناك تنسيق بين الشيطانين الأكبر والأصغر بشأن حجب الأمريكان المعلومات عن تتريب وتسليح الميليشيات الطائفية من قبل إيران, فقد زعم مسئولون أمريكان بأن واشنطن قررت حجب المعلومات في هذا المحال بسبب" حساسية المرحلة الحالية بسبب طبيعة العلاقات المتوترة بين واشنطون وطهران, وسلمت الملفات إلى الحكومة العراقية لتمارس ضغطها على حكومة طهران" وان التقارير تشير إلى أسلحة وصواريخ ومتفجرات تحمل تواريخ لأشهر قريبة ماضية, إضافة إلى اعترافات لمعتقلين اعترفوا بتدريبهم في إيران, ورفض علي الدباغ الناطق بأسم الحكومة التعليق على الموضوع!

 

إيران والموقف الأمريكي


لم يكن غريباً ما كشفته صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية من وثائق سرية للحكومة العراقية تحتوي علي نتائج 400 تحقيق داخلي عن الفساد بين صفوف قوات الشرطة العراقية، وتؤكد هذه الوثائق مدى تغلغل المليشيات داخل القوات شبه العسكرية وقوات الشرطة، وكذلك عن الفساد المتفشي داخلها. ذكر مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط جيمس جفري في حديث لصحيفة (لوفيغارو) بأن " الأولوية هي تشجيع قادة إيران على تغيير تصرفاتهم، فنحن قلقون لوجود متفجرات في العراق من صنع إيراني"، وفي حديث آخر للجنرال الأمريكي ريموند اوديرنو نائب قائد القوات المتعددة الجنسية في العراق ذكر" عثرنا على صواريخ كاتيوشا وقاذفات صاروخية مصنوعة في إيران وضعت في مخابئ في مناطق شيعية في بغداد، ولم نعثر على أسلحة إيرانية في المناطق السنية".

كما أشارت وزيرة الخارجية ألأمريكية كوندوليزا رايس بأن العمليات العسكرية الأخيرة في العراق ضد المصالح الإيرانية " جاءت بأمر مباشر من الرئيس بوش، بسبب زيادة نشاط الإيرانيين في العراق، وارتفاع عدد القتلى بسبب هذا النشاط، والخطورة المتزايدة لما يقومون به " وكان اعتقال خمسة من كبار مسئولي المخابرات الإيرانية في أربيل من قبل القوات الأمريكية قد كشف عن حجم التدخلات الإيرانية في شئون العراق، فقد ذكر العميد قاسم سليماني قائد فيلق القدس لصحيفة الشرق الأوسط بأن المعتقلين " يمتلكون معلومات خطيرة عن شبكات الحرس وفيلق القدس وعملاء المخابرات الإيرانية والمتعاونين معهم من العراقيين، وقد طالت الحملة الأمريكية عدد من هؤلاء لكن القادة الكبار تم تهريهم إلى إيران بمساعدة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي كما جاء في كتاب رسمي تسرب إلى وسائل الأعلام، ولم يعلق المالكي أو احد الناطقين باسمه كالدباغ والركابي وغيرهم على الموضوع ؟ ولم تهدأ هذه العاصفة تماماً حتى هبت أخرى تحمل غبار التدخل الإيراني في العراق، فقد تم العثور على أسلحة إيرانية وزعت على الشرطة الإيرانية لمكافحة المخدرات و ملاحقة المهربين- وسعر البندقية الواحدة (19500) دولارا- في العراق حيث قد تم العثور على (100) بندقية؟ كما أعلن الجيش الأميركي بأنه اكتشف في قرية شيعية في محافظة ديالى الحدودية على مخبأ هائل لقنابل خارقة للدروع من النوع الذي تتهم فيه واشنطن إيران بتزويد ميليشيات شيعية بالمكونات اللازمة لتصنيعها. وقال الميجور جيرمي سيغرتس إن جنودا أميركيين اكتشفوا موقعا به مكونات كافية لتصنيع 150 قنبلة خارقة للدروع، كما تم العثور على 19 قذيفة هاون في المخبأ نفسه, وهي تحمل علامات إيرانية الصنع؟ وأضاف انه تم العثور كذلك على 13 قذيفة من عيار 122 ملم وسبع قاذفات قنابل، ويعتبر المسئولون الأميركيون إن استخدام هذا النوع من القنابل من قبل المسلحين العراقيين دليل على تدخل إيران في العراق. وذكرت وزارة الدفاع الأميركية في احدث تقييم لها للظروف الأمنية في العراق إن الهجمات ضد أهداف أميركية وعراقية قد تصاعدت في الصيف والخريف الماضيين إلى أعلى مستوى لها، واعتبر العنف الذي يمارسه المسلحون الشيعة، وخاصة جيش المهدي الذي يمثل الخطر الأكبر في بغداد. مضيفا أن "جيش المهدي يمارس نفوذا كبيرا على الحكومة, ويحتمل أن تكون الميليشيات الشيعية مسئولة عن خسائر في صفوف المدنيين أكثر من تلك المرتبطة بالمنظمات الإرهابية. فالمتشددون الشيعة كانوا أكبر تهديد لوجود الائتلاف في بغداد وفي جنوب العراق". وذكر قائد القوات الأمريكية جورج كايسي  خلال اجتماع في بغداد مع وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد إن فرق الموت الشيعية باتت تشارك تنظيم القاعدة مسؤولية تصاعد العنف الطائفي في العراق. واعتبر الناطق باسم القيادة المركزية للقوات الأميركية كابتن فرانك باسكوال مدير فريق التعامل مع الإعلام من دبي  أن مساهمة طهران في "ترك العراق وسط حال نزاع مذهبي وعدم استقرار لن يساعد الوضع الأمني في إيران". معربا عن قلقه الواضح من تأثير إيران في الميليشيات الشيعية المتهمة بأعمال العنف, مؤكدا بأن العالم تساوره " الشكوك بشأن الدور الإيراني في العراق وأهدافه, مجددا اتهامه بنقل تكنولوجيا" العبوات الناسفة التي تفجر عن بعد إلى داخل العراق". وفي آخر تصريح لماكيل مولين رئيس هيئة الأركان المشتركة في21/5/2008 أدلى به للكونغرس ذكر أن إيران مصرة على تعريض كل" محاولات الاستقرار في العراق إلى الخطر, وأن التصرفات غير المسئولة والممارسات المشبوهة للحرس الثوري الإيراني تضر باستقرار العراق وتؤثر على مستقبله". أما وزير الدفاع روبرت جايتس فقد حاول طمأنة اللجنة العسكرية التابعة لمجلس الشيوخ بان الجيش الأمريكي سوف لن يوسّع الحرب إلى إيران. وأضاف" نعتقد بأننا يمكن أن نقطع دابر هذه الشبكات التي توفر الدعم إلى المليشيات من خلال الأعمال داخل أرض العراق وليس هناك حاجة لمهاجمة الأهداف في إيران نفسها، لكن كون مستقبل العراق الغني بالنفط فأنه مهدّد بالضياع، لذلك سوف لا يتراجع حكام إيران من أطماعهم فيه. وقال المساعد السابق لوزير الخارجية مارتن أنديك. مادام الرئيس بوش قد شمر عن ساعديه أنا أتوقّع بأنّهم سيشمرون عن سواعدهم أيضا.

 

الخلاصة

يبدو إن موضوع حل الميليشيات يحتاج بالدرجة الأساس إلى توافقات سياسية وهذا الأمر لا يمكن أن يتحقق في ظل ظروف الاحتلال وفقدان الأمن فجميع الأحزاب الحاكمة تمتلك ميليشيات تؤمن لها الابتزاز والتهديد لاستئثار بأكبر حصة من الكعكة العراقية, وبدون هذه الميليشيات فأنها لا يمكن أن تحقق هذا الهدف, كما أن الصراعات السياسية بين الأحزاب الحاكمة نفسها تولد حاجة للاحتفاظ بميليشياتها لمواجهة أية تحديات قادمة ولذلك فأنها غير مستعدة للاستغناء عنها, فكما لاحظنا إن مسعود برزاني هدد في حال عدم إلحاق كركوك بإقليمه فأنه سيشن حربا؟ فضد من سيشن حربه؟ وما هي الأداة ؟ من المؤكد أنها البيشمركة!

من جهة ثانية فأن أجندة معظم الأحزاب الحاكمة المرتبطة بإيران تعتمد على التوجيهات الإيرانية وحتى صولة المالكي ضد التيار الصدري الذي مولته ودعمته إيران فأنها تمت وفق أسبقيات حيث رجحت كفة قوات بدر التي تسيطر على وزارتي الداخلية والدفاع على كفة ميليشيا جيش المهدي, التي كان من الممكن أن تكتسح حزبي الدعوة والمجلس الأعلى في انتخابات مجالس المحافظات القادمة خلال شهر تشرين أول القادم! وبدون موافقة إيران ما كان المالكي يجرأ على شن صولته ضد الصدريين, والحقيقة إن جيش المهدي كان أشبه بعود الثقاب الذي شعل شمعة المجلس الأعلى ورمي العود بعد الفراغ منه إلى القمامة!

أن دمج عناصر الميليشيا في وزارتي الدفاع والداخلية كان من اكبر أخطاء الاحتلال فقد قدموا أمن العراق على طبق من ذهب إلى إيران التي أوقعتهم في شرك أعمالهم, وهذا الدمج لم يكن حلاً للميليشيا والحد من تأثيرها ونفوذها بقدر ما كان رفعاً لشأنها ومنزلتها للتسلم قيادة أهم وزارتين في ظل توترات أمنية وعنف طائفي عاصف, سيما أن الوقائع أثبتت أن ولاء عناصر الجيش والدفاع ليس للحكومة وإنما للأحزاب السياسية المرتبطة بها, وكانت صولة فرسان البصرة أفضل دليل على ذلك, بالرغم من أن الدستور لا يسمح باستخدام الجيش في النزاعات الداخلية, وهي المثلبة التي كانت توجهها هذه الأحزاب للحكم الوطني السابق!

ومن العبث أن تدعي الحكومة بأنه لا توجد دلائل على تدخل إيران في الشأن العراق طالما أن الرئيس السابق محمد خاتمي أعترف بأن " سماحة المغفور له آية الله الخميني قائد الثورة الإسلامية في إيران قد رفض رفضا قاطعا تشكيل وحدات من المقاتلين تؤدي دور المقاتل بالنيابة عن الثورة الإسلامية. وان للمسلمين حق الاختيار بما يناسب بلدانهم. وأنني إذ استنكر ما تقوم به الحكومة الإيرانية من أعمال في العراق وخصوصا أحداث البصرة التي ألمت بالجميع. وأننا إذ لا نرى موجبا لهذا التدخل. ونعلن اعتزالنا العمل السياسي استنكارا لهذه الإعمال".

عندما يحكم البلد من قبل أحزاب سياسية وطنية متوافقة ومستنيرة ومتمسكة بمبادئ السيادة والهوية الوطنية والكرامة وتعلي مصلحة الوطن على مصالحها الحزبية الضيقة فأنها مستعدة للتضحية بكل شيء في سبيل الوطن, أما عندما تحكمه جوقة من الرعاع والعصابات الموالية للاحتلال والتي تنفذ أجندة أجنبية فمن المؤكد إن كل منها سيحاول تعزيز نفسه وقوته ليواجه بقية العصابات ليستأثر بأكبر قدر ممكن من الغنيمة.    

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء /  13  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   17  /  حزيران / 2008 م