الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

صواريخ غراد وخبث الجراد

 

 

شبكة المنصور

علي الكاش / كاتب ومفكر عراقي

 

تأتي العملية الإرهابية التي استهدفت ضرب معسكر اشرف بصواريخ غراد الإيرانية الصنع لتسقط الشعارات الزائفة التي تتشدق بها الحكومة الإيرانية في حرصها المستمر على أمن العراق وبناء علاقات حسن جوار وعدم التدخل في شئونه الداخلية, ففي يوم الاثنين المصادف 26/5/2008 ضربت مدينة اشرف بصواريخ إيرانية وقد كتب عليها التاريخ الفارسي لصنعها وهو التأريخ الذي تعتمده الجمهورية الإسلامية بدلاً من التقويم الإسلامي الهجري, ليضاف إلى سلسة جرائمها ضد هذه المدينة بعد مضي فترة قليلة على تدمير المحطة الرئيسية التي تجهز المدينة بالماء وقد أعدت الضربتان بتدبير وإشراف سفير فيلق الحرس الثوري في العراق كاظم حسن القمي الذي أتهمه الجنرال ديفيد بتريوس بأنه" عضو بارز في فيلق القدس, و يقف وراء عمليات اغتيال عديدة" ومنها اغتيال أثنين من المحافظين جنوب العراق, وبرر بترايوس سكوت الأمريكان عنه بالقول" أن الجيش الأمريكي لا يسلط الضوء على كاظمي قمي لأنه دبلوماسي ويتمتع بالحصانة". وقد أكد هذه الحقيقة ساتر فيلد بقوله أن السفير الإيراني هو مسئول كبير في الحرس الثوري الإيراني وقد ساعد على تنظيم تيار حزب الله في لبنان.

ويبدو أن هذه العملية الإرهابية جاءت كردة فعل لخروج منظمة مجاهدي خلق من باب المنظمات الإرهابية والتي دخلها الحرس الثوري الإيراني بجدارة, وفي الوقت الذي تتصاعد فيه النداءات في أوربا بأن تحذو بقية دول حذو بريطانيا في رفع أسم القائمة من قائمة الإرهاب, وتقديم الدعم لها, سيما أن هذه الأصوات بدأت تتعالى وتلقى تفهم واستجابة من الرأي العام العالمي, مما أزعج حكومة الملالي, وهي تجد المنظمة تحقق قفزات وتجهض مؤامراتها المستمرة وتفضح نواياها الشريرة داخل إيران وخارجها!

ومع هذا فقد جاءت العملية سريعة وغير محبوكة بسبب التسرع والانفعالية التي ارتكبها الإرهابيون بحيث أنهم  تغافلوا عن محو الكتابة الفارسية عليها, ومن المؤكد إن السفير الإرهابي رفع لوزيره متقي برقية رمزية يطلعه فيها على نجاح العملية التي استهدفت منطقة مدنية آهلة بالسكان ومهنأ له نجاحها, ومهما يكن فقد كشفت العملية رغم فشلها من حيث النتائج عن تخبط حكومة الملالي وهمجيتها ومدى ابتعادها عن النهج الإسلامي الذي تدعيه وهي تستهدف الأبرياء, كما إنها تكشف مدى استهانتها بالحكومة العراقية وعدم اعترافها بسيادة العراق والتدخل السافر في شئونها الداخلية.

ونستذكر عندما قامت القوات الأمريكية باعتقال(5) من الإيرانيين في القنصلية الإيرانية في أربيل وتبين أنهم ضباط مخابرات على مستوى عالي, قام السفير قمي بعقد مؤتمر صحفي في أربيل حضره آنذاك نيجرفان البرزاني وممثلين عدد من الاحزاب الكردية, ووصف الاعتقال بأنه" عمل غير قانوني ويتنافى مع سيادة العراق", ولكن عندما تقوم القوات الإيرانية بقصف القرى في شمال العراق ويطال القصف(12) قرية عراقية نزح عنها سكانها, بحجة إن القصف يستهدف قوات حزب الحياة الحرة المعارض لحكومة الملالي, فأنه يخرس ولا يقول لنا فيما إذا كان ذلك القصف عمل قانوني أو أخلاقي يتفق وسيادة العراق؟ ولا نعرف فيما إذا كان قيامه بنقل رسالة من وزارة الخارجية الإيرانية إلى الحكومة العراقية يطالبها ب" طرد الشركات الأجنبية ودمج الميليشيات في صفوف قوات الامن" يتماشى مع سيادة العراق وعدم التدخل في شئونه الداخلية, وقد عبر حينها الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ برفض الخطة التي عرضتها وزارة الخارجية الإيرانية! وفيما إذا كانت الخطة التي طرحتها إيران في مؤتمر اسطنبول بتشكيل تحالف مع سوريا ودول أخرى لتحل محل القوات الأمريكية تتناغم مع إدعائها بالحرص على سيادة العراق؟ أو عندما صرحت حكومته " إن إيران جاهزة لتملأ الفراغ في العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية منه"؟ فأية سيادة يتحدث عنها السفير القمي؟

أن استهداف معسكر اشرف من قبل فيلق القدس ورديفه فيلق بدر يعتبر خرقاً كبيرا لسيادة العراق وانتهاكا جسيما لمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للعراق, واستهانة بحكومة العراق وإدارة الاحتلال, كما إنه تعتبر خرقا لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص والمؤرخة في 12آب 1949, فقد جاء في المادة (2) منها بأن " أحكامها تسري في وقت السلم والحرب وجميع حالات الاحتلال الجزئي والكلي للدولة العضو" كما جاء في الفقرة (4) إن الأشخاص التي تحميهم الاتفاقية تشمل أولئك الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما, وبأي شكل في حالة قيام نزاع أو احتلال تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياه أو دولة احتلال ليسوا من رعاياها" كما جاء في المادة(8) " لا يجوز للأشخاص المحميين التنازل في أي حال من الأحوال جزئيا أو كليا عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الاتفاقية". كما أوجبت المادة(32) بحظر جميع التدابير التي من شانها أن تسبب معاناة بدنية أو إبادة للأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطة الدولة العضو, وهو يشمل أي أعمال وحشية أخرى سواء قان بها وكلاء مدنيون أو عسكريون". كما جاء في المادة(47) بأنه" لا يحرم الأشخاص المحميون الموجودون في إقليم محتل بأي حال ولا بأية كيفية نتيجة لاحتلال الأراضي من الانتفاع من هذه الاتفاقية".

وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ورد في الجزء الثاني الماد(2/1) ما يلي" تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها ، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون ، أو الجنس ، أو اللغة ، أو الدين ، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي ، أو الأصل القومي أو الاجتماعي ، أو الثروة ، أو النسب ، أو غير ذلك من الأسباب"0لذا فان هذه الجريمة تعتبر بالإضافة إلى انتهاكها لسيادة العراق فأنها تنتهك القانون الدولي!

ومن المعروف إن السفير الإيراني يلعب دورا خبيثا في إثارة الفوضى والبلبلة والعنف في العراق وهو من أهم مصادر التوتر والعنف وتشير الكثير من الدلائل بأنه تورط بالكثير ن العمليات الإرهابية في العراق, وقد سبق له إثارة الكثير من المشاكل خلال عمله بما لا يتناسب ووظيفته الدبلوماسية, ويمثل تجاوزاً على القواعد الدبلوماسية المتعارف عليها, ولو كان هذا السفير في دولة أخرى غير العراق لطرد فورا ورمي كالجرذ خارج الحدود, فقد سبق أن تهجم على رجال الصحوات مما يشكل تدخلاً في شئون العراق الداخلية وصمتت الحكومة كعادتها أمام تجاوزاته, مما حدا بشيخ عشائر الدليم حاتم علي السلمان أن يتولى مهمة الرد عليه, وتهديده بضرب سفارة قمي في حال عدم توقفه عن التدخل في شئون العراق.

ولو كانت هناك حكومة عراقية ذات سيادة حقا وغير موالية لحكومة الملالي فأنها منذ فترة طويلة يفترض أن تخرج هذه الشوكة المنحشرة في البلعوم العراقي والتي تزداد مضرتها يوما بعد آخر, خصوصا بعد طلبه لمجموعة من الصحفيين خلال صولة المالكي في البصرة عندما دعاهم على عجل وهو يخشى من تصاعد الكره في الجنوب لحكومته بعد أن رفضت مئات العشائر العربية هذه التدخلات وطالبت بقطع الذراع الإيرانية, حيث أوجزهم بأنه يرفض صولة الفرسان, وان هناك" طرق أخرى لمعاقبة الخارجين عن القانون من خلال القضاء وليس عبر السياسة الخاطئة التي تمثلت بصولة الفرسان" وهو تصريح يتنافى مع طبيعة عمله كسفير ويدل بوضوح على مدى استخفافه بحكومة المالكي. وعلى العنجهية والتغطرس الذي تمارسه حكومة الملالي التي باركت تصريح سفيرها, وعلى ذل الحكومة العراقية التي لم تحرك ساكنا وتطالب على أقل تقدير بالاعتذار عما بدر من السفير أو تقدم مذكرة احتجاج للخارجية الإيرانية, مع علمنا أن حكومة الاحتلال لا تجرؤ على توبيخ السفير فحسب وليس طرده, بل العجب إنه من يقوم بتوبيخ الحكومة العراقية بالرغم من خضوعها لإرادة حكومة الملالي! فهل سلطة السفير تتجاوز سلطة المالكي الجواب لا يحتاج إلى الكثير من التفكير! ولننتظر ردة فعل الحكومة العراقية وناطقها! رغم ثقتنا بأن الضغط الجوي الإيراني على الحكومة العراقية سيرتفع إلى درجة يجعلها تشعر بالصداع والشلل والغثيان ويعجزها عن الكلام, ولله في خلقه شئون.

 

 

Alialkash2005@hotmail.com

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الأربعاء/  23  جمادي الاول 1429 هـ

***

 الموافق   28  /  أيــــار / 2008 م