الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

إلى الشيخ سبعاوي إبراهيم الحسن
ومن خلاله الى جميع السادة الأسرى فرج الله كربتهم

 

 

 

شبكة المنصور

أحمد الرفاعي

 

أحيكم بتحية الإسلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

أدعو الله سبحانه وتعالى أن يفرج كربتكم، ويعمق الإيمان في قلوبكم، ويسلحكم بالصبر والتوكل على الله سبحانه وتعالى، ناصر المؤمنين الصابرين ...  عليك أخي العزيز بالصبر.. ثم الصبر.. فهو الدواء الشافي لكل الأزمات، وهو العلاج والملاذ الطيب لما أنت فيه، وأذكرك بأن الحياة الدنيا فانية وزائلة، بل أن الله سبحانه وتعالى وصفها بالدنيا، وليس بالعليا أو الوسطى، من الدنيئة والأدنى، فلا تبالي بها، ولا تلتفت إليها، فهي ليست سوى مواقف ومحطات يسطرّها الإنسان، فإن كانت مواقفه كريمة وكبيرة، خٌلد فيها الإنسان أبد الدهر، ولعلك أيها الشيخ العزيز، كنت وما زلت من أشجع وأقوى وأرقى من سطّر هذه المواقف، بشجاعتك وبسالتك ومواقفك الخالدة، فطوبى لك أخي المجاهد الباسل، وإن أهلك وأحبابك يفخرون ويتباهون بك، وستفخر بك وبمواقفك الأجيال القادمة، لأنك علماً شامخاً، ومقاتلاً جسوراً، ورجلاً صبوراً أمام أخطر وأقسى المحن، وأصعب عاتيات الزمن.

إن للإنسان في الحياة آمال عريضة، وأهداف قريبة وبعيدة، ولكن الطريق إليها شائك وطويل، والعقبات متنوعة، والمعوقات كثيرة، بعضها من الطبيعة وسنن الله فيها، وبعضها من البشر أنفسهم، فلا غرو أن يظل الإنسان في جهاد دائب، وعمل متواصل، ليتغلب على الآلام والمعوقات ويحقق الأهداف والآمال. وما أشد حاجة الإنسان إلى قوة تسند ظهره، وتشد أزره، وتأخذ بيده، وتذلل له العقبات، وتقهر أمامه الصعاب، وتنير له الطريق. وليست هذه القوة المنشودة إلا في ظلال العقيدة، ورحاب الإيمان بالله.

المؤمن قوي؛ لأنه يستمد قوته من الله العلي القدير، الذي يؤمن به، ويتوكل عليه، ويعتقد أنه معه حيث كان، وأنه ناصر المؤمنين، وخاذل المبطلين:

{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}

عزيز لا يذل من توكل عليه، حكيم لا يضيع من اعتصم بحكمته وتدبيره.

الإيمان بالله هو الذي يمدنا بروح القوة، وقوة الروح، فالمؤمن لا يرجو إلا فضل الله، ولا يخشى إلا عذاب الله، ولا يبالي بشيء في جنب الله. إنه قوي وإن لم يكن في يديه سلاح، غني وإن لم يملك الذهب والفضة، عزيز وإن لم يكن وراءه عشيرة وأتباع، راسخ وإن اضطربت سفينة الحياة، وأحاط بها الموج من كل مكان. فهو بإيمانه أقوى من البحر والموج والرياح، وفي الحديث الشريف:

"لو عرفتم الله حق معرفته لزالت بدعائكم الجبال"

فعليك أخي الكريم بالدعاء فانه سلاح المؤمن، واعلم ان دعاء المظلوم ليس بينه وبين الله سبحانه وتعالى حجاب.

هذه القوة في الفرد مصدر لقوة المجتمع كله، وما أسعد المجتمع بالأقوياء الراسخين من أبنائه أمثالكم، حيث كنت وما زلت، الشجاع الكريم، الوفي لأصدقائك والناصر لهم، العادل في عملك، المخيف لعدوك الذي هو عدو الدين والوطن، المساهم في توفير الامن والأمان للوطن والمواطن من أجل نهضة العراق وتقدمه، ورفع رايته. وأنا أعلم أيها الشيخ العزيز، أنك تعرف أن الوطن والمجتمع شقي بالضعفاء، الذين لا ينصرون صديقاً، ولا يخيفون عدواً، ولا تقوم بهم نهضة، أو ترتفع بهم راية.

توكل على الله، لان التوكل هو من ثمار الإيمان، وليس استسلام أو استرخاء. إنه يولد الحافز، ويعطي شحنة نفسية، تغمر المؤمن بقوة المقاومة، وتملؤه بروح التحدي والإصرار، وتشحذ فيه العزم الصارم، والإرادة الشماء، والقرآن يقص علينا كثيراً آثار هذا التوكل في أنفس رسل الله، إزاء أعداء الله. وها هم الرسل جميعاً يعتصمون بالتوكل على الله أمام عناد أقوامهم وإيذائهم:

(وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون).

مثلما عرفتك في أصعب الظروف تقول كلمة الحق وتدافع عنه، فأعتصم بكلمة الحق لان المؤمن يستمد قوته من الحق الذي يعتنقه، فهو لا يعمل لشهوة عارضة، ولا لنزوة طارئة ولا لمنفعة شخصية، ولا لعصبية جاهلية، ولا للبغي على أحد من البشر، ولكنه يعمل للحق الذي قامت عليه السموات والأرض، والحق أحق أن ينتصر، والباطل أولى أن يندثر:

(بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق)

(وقل جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً)

المؤمن بإيمانه بالله وبالحق على أرض صلبة غير خائر ولا مضطرب؛ لأنه يعتصم بالعروة الوثقى، ويأوي إلى ركن شديد:

(فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها)

فليس هو مخلوقاً ضائعاً، ولا كمًّا مهملاً، إنه خليفة الله في الأرض، إن تظاهر عليه أهل الباطل، فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين، والملائكة بعد ذلك ظهير. فكيف يضعف المؤمن أمام البشر ومن ورائه الملائكة؟ بل كيف ينحني للخلق ومعه الخالق؟:

(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء).

هذا الإيمان هو الذي جعل بضعة شبان كأهل الكهف، يواجهون بعقيدتهم ملكاً جباراً، وقوماً شديدي التعصب، غلاظ القلوب، مع قلة العدد، وانعدام الحول والطول المادي:

(نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى)

تذكر أخي العزيز، وذكر كل إخوانك الأسرى فرج الله كربتهم، أن لديهم أخوة، وهم سندكم، مثلما انتم سندهم وقدوتهم سابقا، وأصبحتم أكثر من ذلك وانتم بالأسر، صامدين صابرين مؤمنين، فإنهم يستمدون القوة والعزيمة من موقفكم أمام المحكمة، ويجاهدون لأنكم قدوتهم ومنارهم الذي يهتدون به، وان مثلهم في التضحية هم الصحابة من الأنصار رضي الله عنهم، الذين وصفهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله:

( نعم القوم الأنصار، يكثرون حين الفزع، ويقلون حين الطمع)

وتذكر أن المؤمن يستمد قوته من إخوانه المؤمنين، فهو يشعر بأنهم له وهو لهم. يعينونه إذا شهد، ويحفظونه إذا غاب، ويواسونه عند الشدة، ويؤنسونه عند الوحشة، ويأخذون بيده إذا عثر، ويسندونه إذا خارت قواه(لا سمح الله)، فهو حين يعمل يحس بمشاركتهم، وحين يجاهد يضرب بقوتهم، إذا حارب في جيش يتكون من ألف مؤمن شعر كل فرد منهم أنه يقاتل بقوة ألف لا بشخصه وحده. وشعر أن هؤلاء الألف يعيشون في نفسه -كما يعيش هو في أنفسهم- حبًّا لهم، وحرصاً عليهم، وضنًّا بهم، فإذا ضربت الألف في الألف كان المجموع المعنوي ألف ألف رجل في الحقيقة، وإن كانوا ألفاً واحدة في لغة الإحصاء والتعداد وقد شبَّه النبي قوة المؤمن بإخوانه المؤمنين ب (اللبنة في البناء المتين).فقال:

 

"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"

اللبنة وحدها ضعيفة مقدور عليها، ولكنها داخل البنيان أصبحت مرتبطة به ارتباطاً لا ينفصل، أصبحت جزءاً من (الكل) الكبير، لا يسهل كسرها، أو زحزحتها عن موضعها فإن قوتها هي قوة البنيان كله الذي يشدها إليه. وأنت أيها الشيخ العزيز وإخوانك مثل هذا البنيان، ندعو الله سبحانه وتعالى أن يمدكم بالعز والقوة لترصين هذا البنيان.

وتذكر أخي الكريم جهاد الصحابة الكرام رضي الله عنهم، حيث أن جيشاً من المسلمين كان بينه وبين عدوه نهر فأمرهم القائد أن يخوضوه، ولبوا الأمر، وخاضوا النهر، والعدو يشهدهم من بعيد دهشاً مرتاعاً.. وفي وسط النهر شهدهم العدو يغوصون في جوف الماء مرة واحدة كأنما غرقوا، ثم ظهروا فجأة.. فسأل العدو ما شأنهم؟ فعرفوا أن رجلاً منهم سقط منه قعبه -إناؤه- فصاح: قعبي.. قعبي.. فغاصوا جميعاً يبحثون عن قعب أخيهم.. فقال الأعداء في ذهول: إذا كانوا يصنعون مثل هذا في قعب سقط من أحدهم. فماذا يصنعون إذا قتلنا بعضاً منهم؟؟ وفت ذلك في عضدهم، وكانت العاقبة التسليم للمؤمنين.

ندعو الله سبحانه وتعالى أن يفرج كربتك وإخوانك الأسرى، ويعيدك عزيزاً كريما مرفوع الرأس، الى ديوانك الذي هو ديوان العشائر العربية، والسادة الأشراف، ومجلس الكرم والعلم، والمكان الذي يجد فيه المظلوم حقه، ويتعلم فيه الشباب معنى النخوة العربية، ويطلعوا على تاريخ أجدادهم في الدفاع عن الدين والعرض والوطن.. اللهم آمين.

أنا أعلم ان حضرتكم تعرف، ان مصائب الدنيا تزول، وان من يظلم سيندم على فعله، ومن يضحي سوف تخلده الأجيال، ويفخر به أهله وأحبابه، وبالتالي فان كل الشرفاء سيعرفون ان المنهج الإيماني، والموقف المبدئي هو الصحيح، وتذكر:

ما تبقه هيجي أبد ربك قراره عدل

لا تلتفت للبشر ظلام محد عدل

جدك رسول الخلق قاتل أعداءه عدل

طلك الدنية وربح الجنة جدك علي

صار الثرية وعله فوك النجوم وعلي

منهجنه ننطي النفس وجدنه الفدائي علي

تصفه وتكول العرب منهجنه هو العدل

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء /  15  جمادي الاول 1429 هـ

***

 الموافق  20  /  أيــــار / 2008 م