الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

خــطايـا آل بــوش الوضـيعة في الـعـراق
دروس وعـــــبر

الجزء الثاني

 

 

شبكة المنصور

الوعي العربي

 

كنا قد تحدثنا في الأسبوع الماضي عن الجزء الأول عن خطايا عائلة بوش في العراق بداية بجورج بوش الأب وقد أشرنا حينئذ علي أنه عندما أصدر بوش قراره بوقف العمليات العسكرية في العراق يوم 28 فبراير / شباط 1991كانت أستراتجيته قائمة علي هدفين اولهما التخاص من صدام حسين مع تدمير القوة النامية الصناعية والعسكرية للعراق وثانيهما وفي نفس الوقت هو المحافظة علي تركيبة العراق البشرية لأن تقسيم العراق إذا حدث فسوف يودي ذلك الي ما لا يحمد عقياه وهو ما لا يريده بوش ولكن يبدو أن الرياح تاتي بما لا تشتهي السفن وبالضغوط السياسية والأقتصادية والنفسية للحرب بدأ أن ما لا يريده يوش هو أقرب الإحتمالات الي الوقوع فعلا فهذه الضغوط كلها وصلت الي حد أن إنفكاك تركيبة العراق بدأ إحتمال قائم وقد ساعدت عليه الي جانب تعقيد التركيبة نفسها والي جانب الضغوط ظهرت عوامل خارجية أدت دورها في الجنوب الشيعي وفي الشمال الكردي علي حد سواء فقد كانت مناطق الشيعة في جنوب العراق هي قلب جبهة القتال وبعد تراجع الجيش العراقي فإن سكان هذه المناطق كان يتعين عليهم أن يجدوا لانفسهم هوية مختلفة يواجهون بها جيوشا أجنبية دخلت غازية وكان طبيعيا أن تكون هذه الهوية مستقلة عن الدولة العراقية التي كانت طرفا في الحرب ومن المنطقي أن تكون الهوية الجاهزة هي الهوية المذهبية آي الشيعية ويقول الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتابه حرب الخليج أوهام القوة والنصر في هذا الشأن بانه من الإنصاف أن يقال أن الشيعة في العراق تمسكوا بهويتهم القومية وكان أمتحانهم الأكبر هو الحرب العراقية -الإيرانية ، فقد كانت هذه الحرب في جزء منها تحمل إيماءات صراع سني -شيعي كما أنها تحمل ملامح عربية -فارسية ،وكانت النقطة الحرجة أن شيعة العراق بحكم وزنهم في المجتمع العراقي وبحكم أوضاعهم الطبقية في هذا المجتمع يمثلون أغلبية جنود الجيش في حين كان السنة هم أغلبية الضباط وكانت هذه النقطة بالذات واحدة من النقاط التي حاول" آية الله الخميني" نفسه أن يستغلها متصوراً أن جيشا أغلبية جنوده من الطائفة الشيعية سيتردد في الدخول للنهاية في حرب ضد الدولة الشيعية في المنطقة ولكن رهان" آية الله الخميني" علي شيعة العراق لم ينجح لانهم أطاعوا نداء الدولة القومية وخاضوا الحرب دون الألتفات الي النداء الشيعي القوي الموجه اليهم من طهران ،وللانصاف أيضا يقول الأستاذ هيكل أن الحكومة الايرانية في بداية الأزمة وحتي الي قرب نهاية الحرب لم تتردد في تقديم تعهدات الي الحكومة العراقية مفادها أن إيران لن تستغل ظروف العراق الصعبة وتحاول تأليب الشيعة علي بغداد ولكن سير المعارك حدا بطهران الي إعتبار نفسها في حل من سابق تعهداتها ،وفي الوقت الذي حاول فيه سكان الجنوب في الظروف الصعبة التالية للحرب أن يحموا أنفسهم بإظهار هويتهم الشيعية فان بعض العناصر في طهران لم تلبث أن تقدمت للساحة فاذا آلوف من حراس الثورة الإيرانيين يدخلون بسلاحهم الي مناطق جنوب العراق وإذا الفتنة تتحرك ولم يكن حراس الثورة الإيرانيون هم فقط الذين دخلوا بسلاحهم وبالآلآف كل يوم لتحريك الفتنة وإنما تحركت جيوب للفتنة كانت نائمة وقد أشعلتها المخابرات الإسرائيلية وكانت مؤيدة ومعززة بنشاط سري قامت به الموساد في الجنوب العراقي بقصد إرباك حكومة بغداد وفي ظرف أيام كانت نيران الفتنة علي أشدها وراحت القوات الأمريكية في المنطقة تتفرج علي حركة العصيان الواسعة في الجنوب العراقي ضد الحكومة المركزية في بغداد وضد منشاتها ومؤسساتها وإستبيحت مخازن الجيش العراقي ووقف الجنود الأمريكيون يراقبون آلافا من الحرس الثوري الإيراني وعملائهم الذين مهدوا لهم الأجواء يقتحمون أطلال هذه المخازن وينهبون ما فيها من ذخائر ومؤن ويدخلون في إشتباكات دموية مع الجيش العراقي العائد من معركة غير متكافئة ، وفي الوقت نفسه كانت مناطق الأكراد في الشمال أكثر تعقيداً ذلك أن الشعب الكردي بتوزعه الجغرافي في جبال ما بين الأناضول التركي وأفغانستان كانت له طموحات مشروعة لكنه كانت تواجهه عقبات لا حل لها فوطنه المأمول كردستان مبعثر بين خمس دول وهي تركيا، والعراق ،وإيران، وسوريا، والإتحاد السوفيتي، في ذلك الوقت ومعني ذلك أن بروز آي مشروع قومي لهذا الشعب العريق كان لابد له أن يواجه خمس سيادات دولية مختلفة بينها واحدة من القوتين الأعظم في ذلك الوقت ونتيجة لهذا الوضع الدقيق فان القيادات الكردية وجدت نفسها داخلة او لعلها متورطة في علاقات دولية تصورت أن تستعين بها فاذا هذه العلاقات الدولية هي التي تستغل الحركة الكردية وتتلاعب بأمالها في سبيل تحقيق مصالحها هي ، وقد كان شاه إيران " محمد رضا بهلوي" في أيام تربعه علي عرش الطاووس في طهران طرفاً من الأطراف التي حاولت إستغلال الحركة القومية الكردية في صراعها ضد الحركة القومية العربية وبالذات في العراق وقد ترددت روايات عن نشاط إسرائيلي يحاول بدوره إستغلالاً لحركة القومية الكردية لصالحه وكانت هناك معلومات عن نشاط إسرائيلي واسع مع الحزبين الكرديين للطالباني والبارزاني وتكشفت الحقائق فيما بعد وبعد أن قام "دافيد كيمحي" وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية بنشر مذكراته عام 1991 بعنوان الخيار الأخير وإذا به يعترف في فصل كامل بانه هو بنفسه مندوب الموساد الإسرائيلي لدي "الملا مصطفي البرزاني" والد مسعود رئيس أقليم كردستان العراق وأحد النخب السياسية في الحكومة العراقية في العراق الجديد وقال" كيمحي "بان إسرائيل أقامت جسر أتصال مع قيادات الحركة الكردية في شمال العراق منذ 1965 وأنها ظلت تتعاون مع شاه إيران في شمال العراق مع الأكراد وفي جنوب العراق مع بعض تنظيمات الشيعة حتي عام 1979 وقال مندوب الموساد الإسرائيلي لدي الحزبين الكرديين بانه قررنا أن نعطي للأكراد كل المساعدات التي يحتاجونها وكنا ننسق مع شاه إيران الذي تعاون معه أيضا في الجنوب لانه كان يخاف علي أقليم خوزستان العربية في جنوب إيران من الدعوة العراقية الي عروبتها فقد كانت سياستنا هي التعاون مع القوميات الغيرعربية في الشرق الأوسط وبالتحديد مع تركيا، وإيران، وأثيوبيا، كما كانت سياستنا مع السنة من غير العرب ومع الأقليات الشيعية في المنطقة وقد قدمنا الي أكراد العراق أسلحة وذخائر ومدربين ووسائل إتصالات ومعدات طبية ويقول المندوب الإسرائيلي بان" مناحم بيجين" رئيس وزراء إسرائيل كان يتابع شخصيا التقارير التفصيلية عما قدمته إسرائيل للحركة الكردية من مساعدات بالمال والسلاح والعسكريين وهكذا فانه في الظروف الشاقة والمرهقة في جنوب العراق وشماله بعد حرب الخليج كانت هناك الفوضي والجيوش الغازية والجيران المحليون يستغلون حالة التمزق في العراق وفوق ذلك وإضافة عليه كانت هناك إسرائيل ووجدت بغداد نفسها بعد كارثة القتال تواجه عصيانا في الجنوب وعصيانا في الشمال وأصبح الوضع بالغ الخطورة الي حد أن الحكومة فقدت سيطرتها علي محافظات العراق الثماني عشر بإستثناء ثلاث محافظات هي بغداد والأنبار والموصل ولكن الحكم في بغداد كان مصمماً علي إستعادة السيطرة الكاملة علي الوضع معتبراً أن تلك وسيلته الوحيدة لحصر آثار الكارثة التي أطبقت علي العراق وكانت آلة الإعلام الصهيونية الأمريكية ماضية في عملية دفع الشعب العراقي لأداء دوره غير واعية أن الميزان الدقيق لتركيبة العراق يتأرجح بشدة ويوشك علي أن ينفك وتنفلت حركته أنها تركيبة كيميائية دقيقة وقد قالها الرئيس صدام حسين لانه عرف سر هذه التركيبة واليوم أنفكت وأنفلتت هذه التركيبة علي أيدي الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر فهل من مغيث ؟

 

http://www.alarabi2000.logspot.com

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة /  18  جمادي الاول 1429 هـ

***

 الموافق  23  /  أيــــار / 2008 م