الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

هل افتقد الإعلام العربي الموضوعيه ؟ العراق نموذجا

 

 

شبكة المنصور

د فيصل الفهد

 

لا يختلف اثنان في أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه الإعلام في تحديد شكل ومضمون الانطباعات والآراء بل وحتى القناعات ومن هنا أصبح الناس يؤيدون او يرفضون هذا الموقف او ذاك ليس لأنهم يؤمنون به عن قناعات سابقة لأنها تكونت نتيجة كم ... من المعلومات التي تترك أثارها كالسحر في ذهن الإنسان وربما تدفعه إلى إتباع سلوك يعكس درجة تأثره بما تلقاه من هذه المعلومات والكيفية التي ترسخت فيها في نسيجه العقلي ..

ومعروف لدى المتخصصين في حقل العلام ان هناك فرق كبير بين الإعلام والدعاية فالأول يفترض ان يتوفر الدقة والموضوعية وقدر كبير من المصداقية.. وهو يخاطب العقل مثل كل شئ ولذلك فهو يهدف الى تنوير الجماهير ومساعدتها في تكوين موقف صحيح ازاء اي قضية مطروحة على بساط البحث اما الدعاية فرغم انها تخاطب العقل أحيانا بشكل فعال وذكي الا انها على الاغلب تستهدف عواطف وغرائز الإنسان وتستمليها عن طريق تلوين الحقائق وتضليلها وتزيفها الى درجة تبدو فيها الحقائق جزيرة صغيرة وسط بحار متلاطمة بأمواج الكذب ولذا فان الدعاية هي الشكل الغالب على ..... وسائل الاتصال وليس الإعلام .

نسوق هذه المقدمة ونحن نتابع سلوك أغلب وسائل الإعلام العربية لأنها تعنينا بشكل مباشر ولا نعطي لأنفسنا الحق بالحديث عن ( وسائل الدعاية الغربية لاننا ندرك تمام ان تلك الوسائل انما هي انعكاس لتوجهات الغرب وتعبير منظم عن خططه ومصالحه وان بدت هذه الوسائل وكأنها تعمل بشكل مستقل أحيانا وهذه هي احدى تكتيكات الدعاية الغربية لتحقيق اكبر قدر ممكن من القبول والمصداقية لدى الجمهور المتلقي والحقيقة التي يجب ان يعرفها الجميع انه لا يوجد في هذا العالم الفسيح أية وسيلة إعلامية او دعائية تعزف بشكل مطلق بعيد عن هامش يكبر او يصغر في هذا البلد او ذاك من الاشراف او التدخل الحكومي في حيثيات العملية الإعلامية لهذه المؤسسة او تلك وما يحدث في عالم اليوم من توارث للبشرية فان سببها هو السياسات الهمجية العدوانية التي تقودها الإدارة الأمريكية وتسوقها بشكل مبرمج أدوات المطبخ الدعائي الأمريكي والغربي وإذا عدنا الى قضية العراق وما حدث فيه من تداعيات دراماتيكية مأساوية فإننا نلاحظ حجم الدور الذي لعبته وسائل الدعاية على مختلف مصادرها في إيصال وضع العراق الى ما هو عليه عبر فترات طويلة بدأت قبل حرب الخليج الثانية 1991 وازدادت قوة وفاعلية حتى يومنا الحاضر .

إن الشئ الذي يبعث على الأسى حقا هو عدم تفهم اغلب العاملين في وسائل الإعلام العربية لحقيقة ما جرى ويجرى في العراق وهؤلاء يعتقدون ومن باب الجانب المهني أنهم يمكن أن يوازنوا بين الحق والباطل بين الظالم و المظلوم بين اللصوص وأصحاب البيت بين الغاصب والمغتصب .

لقد فات على العاملين في وسائل الإعلام العربية ان نقل الحقائق والوقائع مجرده امرأ لا يمكن ان يكون عملا صحيا بسبب بسيط جدا ( ونحن نتحدث عن قضية العراق ) ذلك لان هناك طرفين ليسا متساوين في الإمكانيات فهنالك المغتصبون من المحتلين الامريكين ومعهم من عينوهم حكاما على العراق وهؤلاء لديهم كل الفرص والوسائل والأساليب لكي يوصلوا ما يريدونه إلى الرأي العام العراقي والعالمي إضافة الى ما تقوم به وسائل الإعلام العراقية المنحازة لهم أصلا ووسائل الإعلام العربية التي تنقل عنهم ولصالحهم بسبب يسر وسهوله الحصول على المعلومات والإخبار او الوصول اليها مع مايمارس من ضغوط على هذه الوسائل العربية وبالذات على الفضائيات كالجزيرة والعربية وغيرهما لدفعها الى الانسياق وراء الخطاب الأمريكي وذيوله في حكومة ألهالكي ألمنصبه في حين ان الفرص التي تمنح للشعب العراقي ولمقاومته الباسلة قليلة ان لم تكن في كثير من الأحيان مشوهة في طريقة صياغة الأخبار او المادة الفيلمية المصاحبة لها وان حدث ان عرض خبرا او معلومه مثلما تتضمنه بعض الاشرطه من تعريف بهذه الجماعة او تلك من المقاومة وما يصدر عنها من بيانات فان قيامة الأمريكان وأعوانهم تقوم ولا تقعد .

ان المسالة البالغة الدقة والخطورة والتي فاتت على كثير من الاعلامين العرب هي انسياقهم وراء الموضوعات التي يتناولها المطبخ الدعائي الأمريكي والتي تتحدث بمناسبة وبدون مناسبة وبشكل مشوه عن النظام العراقي الوطني قبل الاحتلال وهنا نؤكد انه لا يوجد نظام في هذا العالم بدون خطايا ولربما لو أرادوا ان يفتحوا عدسات كاميراتهم على نظام أي بلد لاكتشفوا الغرائب والعجائب وفي المقدمة منهم نظام الولايات المتحدة الأمريكية الذي يعد اليوم أكثر الانظمه المارقة في العالم والذي لايقيم وزنا لحقوق الإنسان .

ان المطلوب من الإعلاميين الشرفاء في الأمة العربية ان يعودوا إلى رشدهم ويطرحوا بقوة حقيقة عدم شرعية الاحتلال الأمريكي للعراق ويعرضوا حجم الإضرار التي ألمت بشعب العراق طيلة ثلاثة عشر سنة تحت الحصار والذي أدى إلى وفاة أكثر من مليون ونصف عراقي أكثرهم من الأطفال والنساء والشيوخ وتعرض مئات الآلاف غيرهم الى الاصابه أمراض السرطان والتشوهات الخلقية وتعرض ملايين من دونمات الأراضي للتلوث بالمواد الإشعاعية النووية والتي سيستمر تأثيره آلاف السنين وان يعيد الاعلامين العرب الى ذاكرة المجتمع الدولي ان الحصار على العراق واحتلاله كانا لأسباب ومبررات لم يثبت صحتها مثل وجود أسلحة الدمار الشامل وعلاقة العراق بتنظيم القاعدة .

والأمر الذي يجب ان يحرص عليه الأعلام العربي بشكل اكبر هو إظهار النتائج الكارثيه التي أصابت الشعب العراقي نتيجة الاحتلال لاسيما وفاة الملايين من المدنين وعوق قرابة مليون آخر واعتقال مثلهم وتهجير ملايين الى خارج العراق عدا ما أصاب العراق من تخريب للبنى التحتية والمرافق العامة والمؤسسات والخدمات التي كانت مثار فخر ونموذج للعرب والمسلمين...

ان على الاعلام العربي ان لاينسى جرائم معتقل ابو غريب وغيره وكل مايرتكب يوميا من جرائم يندى لها جبين الانسانيه واذا كان الاعلاميون العرب انفسهم لاينصفون اشقائهم في العراق فمن سينصفهم ومن سيساعدهم ليستعيدوا حقوقهم ويعوضهم عن سنوات الحصار واسترجاع حريتهم واستقلالهم ووحدة أراضيهم ومن سيمنح اسر الضحايا التعويضات .. أليست هذه مهام وأهداف نبيلة وشريفة يجب أن تتناولها وسائل الإعلام العربية سيما الفضائيات بدل إغراق بعض منها بالحديث عن ما فعله نظام صدام حسين (يمكن ملاحظة ما تبثه قناة الجزيره هذه الايام من خلال برنمج شاهد عى العصر) ... الم يحن الوقت للوقوف مع الشعب العراقي بوجه من يريدون بيع العراق خردة و سلب خيراته من النفط والغاز والكبريت والفوسفات والزئبق ويعملون على اغتيال خيرة علمائه ومطاردتهم وتهجريهم خارج بلدهم وهم ثروته التي لا تقدر والتي بناها العراق عبر أجيال من الزمن ... هذه أسئلة وغيرها تستحق فعلا موقفا نبيلا مخلصا من الاعلامين العرب الشرفاء .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة /  16  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   20  /  حزيران / 2008 م