الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

أمريكا ومرحلة تدمير الذات

 

 

 

شبكة المنصور

د فيصل الفهد

 

لازالت الاداره الامريكيه تحصد مزيدا من الإخفاقات بسبب استمرارها احتلال العراق فبعد فشل العمليات العسكرية في البصره ومدينة الثورة في بغداد تلاحق الشبهات العملية التي اطلقت في الموصل شمال العراق والتي تنفذ من قبل قوات الحكومة العميلة وبدعم من قوات الاحتلال تاركة المزيد من التداعيات التي من شأنها إحداث المزيد من التوتر والإشكاليات في العراق المحتل...لاسيما بعد قيام قوات حكومة ألهالكي باعتقال اكثر من 1500 مواطن (اغلبهم من ضباط الجيش العراقي) لاعلاقة لهم بمن تدعي حكومة الهالكي انها تستهدفهم في هذه الحملة الفاشلة علما ان مصادر نيابية عراقية مطلعة أكدت ان جميع الإجراءات التي اتبعت خلال الاعتقالات غير قانونية و ان جميع المتهمين الذين تم اعتقالهم خلال العملية اعتقلوا من دون مذكرات توقيف قضائية.

ان هذا التخبط والهوج الامريكي تزامن مع اعتراف العميد الامريكي مايك ميلانو نائب قائد فرقة عسكرية في بغداد ان المنطقة الخضراء المحصنة تعرضت في غضون الأسابيع القليلة الماضية الى قصف متواصل، طال السفارتين الامريكية والبريطانية والمكاتب الرسمية المنتشرة حولها وقدر المسؤول العسكري الامريكي حجم القصف بأنه أكثر من ألف صاروخ وقذيفة هاون، أوقعت خسائر مباشرة في صفوف قواته، رغم التكتم الشديد الذي تبديه الادارة الامريكية عند الاعلان عن حجم خسائرها الحقيقي في العراق... ان شدة القصف الذي تعرضت له المنطقة الخضراء، جاء متزامناً مع الذكرى الخامسة لاحتلال العراق، التي صادفت الشهر الماضي، مما يؤكد قوة تصاعد الفعل العسكري المنظم للمقاومة العراقية، وقرارها بالمواجهة من اجل تحرير العراق وإلحاق الهزيمة بالاحتلال واعوانه.

ان السياسه الرعناء لادارة بوش تواجه مزيدا من الانتقادات والرفض وبالذات من اوفر المرشحين حظا في الانتخابات الأمريكيه القادمه حيث جدد المرشح الديموقراطي اوباما أن السياسة الأمريكية التي ينتهجها بوش وإدارته في العراق "كارثية" وأن الشعب الامريكي عانى من الانقسامات نتيجة هذه السياسة واتهمه بشن حرب غير شريفة ضده في مجال السياسة الخارجية

ان هذه الانتقادات لم تتوقف عند حدود المرشحين للرئاسة بل تعدتهم الى عديد من المنظمات المناهضه للحرب على العراق حيث وصفت احدى هذه المنظمات الرئيس بوش بـ"افتقاد الاحترام واللياقة"، ردا على تصريحه بأنه اعتزل لعب الجولف تضامنا مع أسر القتلى الأمريكيين في العراق، وهو ما اعتبرته المنظمة تقليلا من قدر تضحيات أسر القتلى الأمريكيين.

وفي بيان أصدرته اعتبرت منظمة "عائلات العسكريين ترفع صوتها"، التي تضم أسر الجنود الأمريكيين الذين لقوا حتفهم في العراق، أن تصريح بوش بأنه توقف عن لعب الجولف من أجل القتلى الأمريكيين في العراق يُظهر أن بوش لديه "افتقاد هائل للاحترام والتفهم واللياقة العامة".

وقالت منظمة "عائلات العسكريين ترفع صوتها"، في بيانها: "كيف يجرؤ على مساواة قراره باعتزال لعب الجولف بالتضحية التي طلبها من عائلاتها ومن الجنود الأمريكيين الـ4077 الذين قُتلوا في المواجهات والآلاف الذين قتلوا أنفسهم أو ماتوا نتيجة المخدرات والكحول نتيجة للفظاعات التي شهدوها في العراق؟"وطالبت المنظمة الرئيس الأمريكي بإيقاف الحرب وإعادة القوات الأمريكية...وأضافت المنظمة، في البيان إن: "ما يدين به الرئيس لأُسر الجنود الذين ماتوا في العراق هو إنهاء الحرب التي حطمت حياتنا بقتل أبنائنا وبناتنا، وإخوتنا وأخواتنا، وأزواجنا وزوجاتنا...."وقالت المنظمة إن الرئيس بوش "لن يستطيع على الإطلاق أن يفهم ألم فقدان شخص يحبه في حرب غير قانونية وغير أخلاقية وغير عادلة".

وأضاف بيان المنظمة: "نحن لا نطلب تضامنه أو تعاطفه، نحن نطلب أن يقوم بإعادة جميع القوات من العراق إلى الوطن، الآن وقبل أن تتعرض حياة أسرة أخرى للدمار إلى الأبد".

يُشار إلى أن منظمة "عائلات العسكريين ترفع صوتها" تضم أكثر من 3800 أسرة أمريكية فقدت أفرادا منها في العراق وتعارض الحرب في العراق.. ولم تقف المسأله الى هنا بل تسبب بامتعاض الكثير من الأمريكيين من الرئيس بوش وردوا عليه بكل تهكم وسخرية. ومن بينهم الإعلامي المشهور كيث أورمان الذي يقدم برنامج يشاهده الملايين من الأمريكيين. حيث قال: أن "أربعة ألاف يضحون بحياتهم، وتكون تضحيتك أنت في أن تتوقف عن لعبة الغولف؟". ثم أنتقد بوش كونه لا يمتلك السيطرة على "قدرته العقلية".

لقد تنبهت غالبية الشعوب الامريكيه الى حجم المخاطر التي تتهددهم في الوقت الحاضر والمستقبل، فالقوى التي لا تزال تسيطر على المجتمع الأمريكي هي نفسها التي ذبحت الملايين من الهنود، والملايين من السود، وقتلت العمال الأمريكيين عندما حاولوا تنظيم أنفسهم، وقتلت الملايين في جميع انحاء العالم اكثر مما قتل هتلر. ، لقد حوّلوا البلد الى معسكر مسلّح من خلال تدريب وتسليح الشرطة، وقد أعطوا الدبابات الى بعض اقسام الشرطة. وهم يأتون بأولئك المرضى النفسيين من القناصين العائدين من العراق ليصبحوا جزءاً من منظومة الشرطة.انهم يعملون كل مافي استطاعتهم لتحطيم ارادة الامريكيين.

ان الشعوب الامريكيه تدرك اليوم ماالت إليه جرائم حكومتهم التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء وفي فضيحة جديدة  أقرت الولايات المتحدة بأن جيشها اعتقل   2500 (طفل) قاصر خلال السنوات الست الماضية، وأن 500 منهم ما زالوا موقوفين لديها في مراكز اعتقال في العراق وفي قاعدة باغرام بأفغانستان.

ففي تقريرها الدوري الذي رفعته الأسبوع الماضي إلى لجنة حقوق الطفل التابعة للأم المتحدة، اعترفت الولايات المتحدة بأن جيشها قام بتوقيف بعض الأطفال لفترات وصلت إلى سنة أو أكثر، وذلك في إطار الحملة التي أطلقها الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش لمكافحة الإرهاب عام 2002.

وذكر التقرير أن جميع الأطفال الـ 2500، ما عدا 100 منهم، أُلقي القبض عليهم في العراق، بينما جرى اعتقال الغالبية الباقية في أفغانستان.

وأضاف ان ثمانية أحداث كانوا قد سجنوا في معتقل جوانتانمو الأمريكي في كوبا، لكن أُطلق سراحهم جميعا بين عامي 2004 و2006.

وجاء في التقرير ايضا "يظل من غير المؤكد ما هي أعمار هؤلاء الأحداث بالضبط، إذ أن معظمهم لا يعرفون تواريخ ميلادهم أو حتى السنة التي وُلدوا فيها."

إلا أن التقرير نقل عن الأطباء العسكريين الأمريكيين الذين أجروا فحوصات وكشوف طبية على المعتقلين عبروا عن اعتقادهم بأن أولئك الأحداث الذين سُجنوا (في جوانتانامو) كانوا دون سن السادسة عشرة .

وفي ظل هذه الظروف بالغة التعقيد أعلنت (وزارة الدفاع الأمريكية) في 20-5-2008 بأنها سترسل سبعة ألوية مع 25 ألف من قوة الواجبات الحيوية إلى العراق اعتباراً من الخريف حتى نهاية السنة. وهذه القوة طبعاً سوف تحل محل القوات المنتشرة الآن والتي سيمضي على خدمتها 15 شهراً؛ بعد أن كانت في البداية 6 أشهر، ثم أصبحت 12 شهراً، لتصل إلى ما هي عليه حالياً. وبهذا التبديل المرتقب ستكون الولايات المتحدة الأمريكية قد أرسلت إلى العراق أكثر من مليون جندي أمريكي. ناهيك عن الخوض بألاعداد الحقيقية لقتلى وجرحى ومعوقي ومرضى من خدموا بالعراق من الجيش الأمريكي.

ان المهم هنا اعتراف الرئيس الأمريكي جورج بوش قبيل زيارته الأخير والنهائية للشرق الأوسط. حيث عبر عن "خيبة أمله" لما أسماه خداع المعلومات الاستخبارية الكاذبة التي بموجبها شن الحرب على العراق في شهر آذار عام 2003...لقد بات واضحا (بفضل سياسات بوش) أن الولايات المتحدة دخلت في مرحلة "تدمير الذات" بعد اقترافها للحماقات والأخطاء الفادحة. وهذه السلوكية السياسية هي نفسها التي مرت بها سابقاً الإمبراطورية البريطانية وأدت إلى نهايتها. ويرى عديد من المحللين ان إدارة بوش قد أخلت بالسياسة السليمة التي كانت متبعة منذ عهد رونالد ريغن (1981-1989)....ودمرت الدستور الأمريكي". ورغم حالة "الضياع" التي تمر بها السياسية الخارجية الأمريكية، فأن عباقرة الحزب الجمهوري مشغولون في العمل على إعداد الخطط بشأن الكيفيه التي ستقوم الولايات المتحدة بموجبها بكبح الصين ومنعها من الصعود كقوة تتجاوز السيطرة الأمريكية.

ان الصورة التي يعكسها واقع الحال في العراق الحرّ الديمقراطي؛ عباره عن تزاحم مفردات العنف، القتل، الإختطاف، الإختفاء القسري، الإحتجاز والحرمان التعسفي من الحياة، الممارسات الطائفية، الفساد المستشري، الإعدام خارج القانون، التعذيب، المعاملة المهينة، سوء الأوضاع في مرافق الإحتجاز والسجون، الحرمان من محاكمات علنيه عادلة، الإفلات من العقاب، إقتحام البيوت وإنتهاك حرماتها، الحدّ من حرّية التجمعات، الحدّ من حرية التعبير، القيود على الصحافة، ملاحقة الصحفيين، القيود على المنظمات غير الحكومية، التمييز ضد المرأة، أعداد هائلة من المشردين داخلياً واللاجئين خارجياً، الإفتقار الى حماية اللاجئين وعديمي الجنسية، التمييز ضد الأقليات الأثنية والدينية، الإتجار بالبشر، وغير ذلك من المفردات التي قلّما تجتمع في مكان واحد، وإن اجتمعت فان الحديث عن الحكومة المنتخبة، والديمقراطية وحقوق الإنسان في ذلك المكان يصبح ضرباً من الخيال....هذا هو العراق الذي وعد به السيد بوش العراقيين!!

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت /  19  جمادي الاول 1429 هـ

***

 الموافق   24 /  أيــــار / 2008 م