الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

جلود وعمائم

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

عندما تتحالف وتتكاتف الجماعات والأحزاب والتيارات السياسية على حق وإيمان نابع من إخلاص حقيقي للنية بخدمة الشعب سوف لن تستطيع أي قوة مهما كان حجمها أو مصدرها من أن تفتت هذا التلاحم..

عدا ذلك فالذي جمعهم سيفرقهم!..

وعندما كنا في بدايات فهمنا للسياسة كنا نختلف مع الآخرين على النهج والوسيلة والغايات وعندما لا نتفق مع غيرنا على الأقل في أحد هذه المبادئ..  فلا يمكن لنا أن نلتقي معه..وغالبا ما كان الاختلاف مع الغير في الغايات باعتبارها أساسا لبناء النظريات..

كنا في السابق قد نختلف مع غيرنا في الأساليب.. منهم من يريد تحقيق الهدف المتفق عليه بالقوة والانقلاب والثورة والمقاومة والكفاح المسلح والآخر يراه في التعبئة الشعبية ومنهم من يرى إن التغيير يكون باستخدام الجيش والآخر يراه بالثورة الشعبية وبعض التيارات كانت ترفض فكرة التغيير المسلح..

أما النهج فهو الإطار الفكري والعملي للغايات والوسائل..وتتوضح هوية الحزب أو التيار  الفلاني من خلال نهجه اليومي والتعامل مع الأحداث ..وكلما كان هنالك ثبات في مسار هذا النهج كلما ازدادت جماهيريته وقواعده بغض النظر عن طبيعة الأهداف والوسائل..

وكثيرا ما اختلفنا على مفهوم ( ربط الغاية بالوسيلة )..وكيف أن الغايات ومهما كانت أهميتها فهي لا تبرر استخدام كل الوسائل لتحقيقها..فقد كانت درجة قدسية الأهداف تعتمد على شرعية الوسائل المعتمدة للتقرب منها..وكان سمو هذه الأهداف يمنع الشارع من أن يتقبل فكرة استخدام وسيلة معيبة للوصول إليها..

ولم يخطر في بال أحد من كل هذه الأطراف أن يأتي يوم كما هو الحال في العراق اليوم حيث تتلاشى فيه قدسية الأهداف والغايات وأخلاقيات الوسائل..ليصل الأمر بنا لنلمس قيام البعض من الأحزاب والتيارات التي تدعي الوطنية بتطبيق منهج الغير التفصيلي تحت مسميات مختلفة وبثمن مدفوع مقدما!!..

يسمونه (الطيف السياسي العراقي!) الذي ظهر بعد الاحتلال وجاء معه مؤيدا ومصفقا ومساندا ومبررا.. نعم طيف من الأفاعي والعمائم ..طيف منتهز للفرص والغنائم ..تيارات ملونة بألوان الطيف وقوس القزح وتتدرج وتتداخل الألون والمناهج فيها حسب الظروف والمصالح ..تلتقي وتختلف ..تتجاذب وتتنافر بدون أن يكون للشعب حصة في ذلك !..

نرى اليوم تيارات سياسية بعضها يلتحف بعباءة الدين وآخر بمعطف العلمانية والتكنوقراط وآخرين يغرفون من أي بركة تقع عليها أنظارهم حيث بغوص منتسبوا هذه الأحزاب في تطبيق نهج لا غاية له ..ووسائله متعددة ومتباينة ومختلفة التربية والمدارس والتوجهات ..وسائل تبدأ من منبر صلاة الجمعة وتمر بمجلس النواب لتنتهي في مطاعم ومراقص القاهرة وستوكهولم ولندن وواشنطن ..حيث تبحث هذه التيارات الجديدة على أخلاقنا وأعرافنا وديننا في كل شيء له علاقة باستمرار اغتصابهم للأرض والثروة الوطنية والسلطة تحت حجة التغيير والتجديد والتطوير للوصول بالعراق الى الديمقراطية المنشودة والازدهار الحر والرفاهية التي ستحسدها على الشعب العراقي دول المنطقة كافة بما فيها إسرائيل!..

وفي كل لقاء يتبادلون الأفكار وينزعوا عنهم جلودهم القديمة..كالأفاعي التي تجدد حياتها الفانية ويتفقون على وسائل وصيغ لأهداف وهمية لتكريس استمرارية وجودهم في السلطة وإدامة عملية الانتقام والنهب المفرط لثروات العراق وشعبه..

لقد ظهر في العراق اليوم جيل جديد من زعامات النفوذ المادي الذي يستخدم ما أتيح له من مغانم ونفوذ دينية وطائفية بحكم الموروث التقليدي ونفوذ القوة والبطش والميليشيات ونفوذ الاحتماء بالأجنبي والقتال بسيفه وبدبابته وطائراته وحرسه!..هذه الأفاعي السامة من الشخصيات التي ظهرت على الساحة العراقية بعد الاحتلال تميزت بالتلون والتغيير الذي يتلاءم مع الظرف عملا بمنهج المحتل الأمريكي الذي يطرح الأهداف اليوم ويدافع عنها ثم يتخلى عنها ويعرض أهدافا جديدة غدا ليعود ليغيرها بعد غد مع كل ما يلحق ذلك من مستجدات  في الوسائل والتحالفات ..

و يوضح تظاهر  هذه الأحزاب والتيارات والشخصيات الدخيلة باستخدام نفس المنهج الأمريكي المتقلب مدى تخلفها الفكري في فهم قدرة الولايات المتحدة على المناورة باستخدام هذا النهج لأنها تهدف للوصول إلى أهداف إستراتيجية ثابتة عكس أساليب هذه الزعامات الجديدة التي لا تعرف الفرق بين هذين المفهومين لعدم قدرتهم على التخلص من هدف الانتقام ألتأريخي الذي لا يجعل للعقل والمنطق مكان نقي للتحليل العلمي والمنطقي ..وهكذا بدءوا وانتهوا وهم قتلة وسراق وبدون منهج!!..لأنهم جاءوا مع رياح الصدف وتواجدوا في مكان وزمان يخدم الهدف الأمريكي والإيراني..

وهم يتميزون بالكذب والتلفيق والتزوير..وأيضا كمنهج المحتل الذي بدأ واستمر وسيبقى يضع نظرياته وأهدافه مستندا على أعلى درجات الكذب والخديعة..

وتدعي وتطرح هذه الزعامات الجديدة والجيل الدخيل على العقلية العراقية أهداف لا تتفق مع تهجها ووسائلها!..وقد ساعدت ظاهرة الفوضى السياسية على ظهور منصات (غاية في سوء استخدام للديمقراطية!) حيث يهاجم الجميع بعضهم البعض ويبرروا ويكذبوا  بلا أي ضوابط أخلاقية أو مهنية..

وتتميز هذه الجماعات بأنها وبالرغم من الاختلافات المتعددة بينها إلا أنها تلتقي على هدف واحد وهو محاربة البعث ومناضليه ورجال النظام الشرعي السابق وكل ما له علاقة بالعروبة والقومية العربية ..ويربطون بين هدفهم هذا و(صلاح دينهم ودنياهم وآخرتهم ) أما الأهداف الأخرى فهناك هامش كبير للديمقراطية فيها ..ولها من يرفعها وينادي بها !...

وتكمن مشكلة هؤلاء في كون (عدوهم هذا) لا يعرف اليأس ولا الاستسلام على الرغم من مرور  خمس سنوات على هذه الهجمة العسكرية والإعلامية والاقتصادية والاغتيالات والاعتقالات والتهجير والعمليات المركزة على كل مناطق العراق ..

أنه تنظيم وكيان ورابطة لا تموت .. 

وتزداد قوة مع الزمن .. 

ولأنهم دخلاء على العراق وشعبه وتأريخه فهم واهمون إذا راهنوا على الزمن والمال لتغيير هوية الوطن والقضاء على رمزه وسيف جهاده.. 

وأول براهين عجزهم وأوهام أحلامهم كان في يوم احتلالهم للعراق ..يوم انفجر بركان المقاومة الوطنية العزوم عليهم .. 

وتوجوا هزيمتهم المنكرة في بداية شهر مايس 2003 عندما أعلن بوش انتصارهم في العراق.. 

 ليعودوا بعد خمس سنوات ليقولوا من إن هذا التصريح كلف التأريخ الأمريكي وشعبه الكثير!!.. 

انه النصر لنا والهزيمة والعار لهم.. 

ومهما اختلفت ألوان الجلود والعمائم والسحنات .. 

فهم لا يمثلون لنا أكثر من أفاعي تخاف صياديها ..

 

 

mah.azam@yahoo.com

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد  /  04  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   08  /  حزيران / 2008 م