الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

خمسة عصافير على شجرة العراق بحجر أمريكي واحد !

 

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

لم يكن اختيار الولايات المتحدة للأشخاص الذين يتربعون على كراسي السلطة في العراق اليوم بدون دراسة وتخطيط قبل وبعد احتلال العراق..نعم غالبا ما تكون النتائج التي يحصلون عليها تسير باتجاه يتعارض مع ما خططوا له لان المعطيات التي تدخل في حساباتهم تفتقر دوما للمصادر الموثوقة والأمينة ..ولكنهم قادرون دوما على اختلاق أهداف تكتيكية جديدة تتناسب مع ما تطور من أحداث ..ولعل واحدة من اكبر الابتلاءات التي عمت على شعب (العراق الجديد!) هي رئاسة جمهورية يقودها جلال الطالباني!..ورئاسة وزراء خاصة بالائتلاف العراقي الطائفي الموحد..  

ومرة أخرى يظهر بوضوح إن الذي تخطط له وتفعله الولايات المتحدة لا ينبع من فراغ وهذا ما حدث فعلا عندما عينت طارق الهاشمي وعادل عبد المهدي نائبين له..لكي تضرب خمسة عصافير على الساحة العراقية المتأزمة  بحجر أمريكي واحد !.. 

الأول..أنه لا يوجد في طاقم الحكم اليوم شخص تنطبق عليه مواصفات يمكن عجنها وصياغتها حسب مايريد الأمريكان مثل جلال الطالباني في قدرته على التأقلم مع التبدلات والتغيرات في المواقف والتي غالبا ما تفاجيء الولايات المتحدة أصدقائها بها مما يحتم وجود عاكس يردد فورا ما تبشر به السياسة الأمريكية بلا مناقشة وعليه أن يجد التبريرات والأسباب لهذا التبدل حتى أصبح واضحا لكل العراقيين الذين لا يعرفون جلال الطالباني ولم يقرئوا تأريخه وسياسته في خلط الأوراق ومدح الأطراف المتصارعة كل على حدة ثم ضربهم عندما يتسنى له ذلك وتصريحاته التي يطلقها لتأييد وجهات النظر المختلفة علنا .. الجميع يعرفه جيدا بأنه لا يعتمد على رأيه في أي قضية لان ما يقوله صباحا ينساه ظهرا ويناقضه عصرا ويثور وينقلب ضده في المغرب ثم يرجع ليؤيده مساءا!..ويذكر العراقيون كيف انه صرح قبل أكثر من سنة بان المصالحة الوطنية ستتحقق (غدا!) بعد أن أنهى اجتماعاته مع (17) فصيل من فصائل المقاومة!!.. 

والثاني أن وجوده في الرئاسة بعد رمز مثل الشهيد القائد الخالد صدام حسين عملية تقليل من أهمية المنصب وكسر شدة وقوة التأثير المعنوي لهالة ( الزعامة العراقية الفذة في المنطقة والعالم )..هذه الزعامة التي كانت تهز أركان عروش الطغاة والمتجبرين الذين لا يجرؤا على التفكير بالنيل من العراق والأمة ..إضافة إلى أن العالم يذكر جيدا ما ذا يعني قول الرئيس صدام حسين ورأيه عندما يتحدث أو يسأل عن موضوع ما وكيف أن هذا الموقف لن يتبدل مهما طال الزمن وغلت التضحيات..  

والثالث هو ارضاءا للطموحات الكردية بالأحقية (التاريخية!) والحقوق القومية ( المضطهدة !) على مر العصور مثلما استفرد التيار الطائفي المقيت برئاسة الوزارة ارضاءا للتوجهات الطائفية البالية  ( ولغرض إعادة الحق االى المظلومين والمضطهدين والمهمشين لقرون!!)..والحقوق الكردية أكبر من أن يأخذها الطالباني لوحده !..وتجاوزت حتى على حقوق (المظلومين والمهمشين!)  

والرابع أن رئاسة وزارة يرأسها الجعفري أو المالكي من حزب الدعوة العميل إلى إيران قلبا وقالبا ..نشأة ورعاية ومنهجا وفكرا وممارسة لا يسفه توجهاتها ويميعها ويضع العصي في عجلتها إلا شخص مثل جلال المعروف بالخبث والكذب واللعب على الحبال.. 

والخامس لكي يضع تحت جناحيه الشبلين الجامحين والمعلقة عيونهما (بالسقوف) طارق الهاشمي وعادل عبد المهدي..فهما على الرغم من أنهما يمثلان تيارين دينيين طائفيين مختلفين إلا أنهما مستعدان للتخلي عن هذه (النظريات المتخلفة!) في إدارة الدولة أذا ألتزمتهم الولايات المتحدة..فمكانهما هي تجربة للمتوقع في المرحلة القادمة..فهما يمثلان التيار الديني الواجب احتوائه..وكلاهما من (التكنوقراط!) ومن الدارسين في الخارج ..ومن الذين عاصروا نظام البعث واشتغلوا معه!..ومن العقليات التي تطرح أساليب جديدة غير (متخلفة ) للحل السياسي والاقتصادي !..  

وعلى الرغم من كل المناصب التي شغلها ممثلي الحزبين الكرديين في الدولة العراقية اليوم فهم لازالوا يفكرون بالإقليم قبل الدولة ..ولازال مسئوليهم في السلطة المركزية من الطالباني إلى موظفي السفارات العراقية في الخارج يتحدثون عن تجربة الإقليم قبل (تجربة العراق الديمقراطي  الفيدرالي التعددي ....الخ) ويخططون لعقد كل اللقاءات العربية والإقليمية السياسية والفنية والثقافية والتجارية والأدبية وحتى البرلمانية في كردستان بدل أي من محافظات العراق بحجة استتباب الأمن والاستقرار في الإقليم.. 

ويتعجب العراقي لماذا لا تعقد هذه التجمعات في النجف أو كربلاء والناصرية والعمارة والسماوة والديوانية أو الكوت والتي يفترض أن تنعم بالأمن والاستقرار بعد ( كل هذه السنوات الطويلة من التهميش والظلم في عهد النظام السابق !).. 

ويتساءل: لماذا إذا رئاسة الوزراء هي من حصة الائتلاف..كانت ولازالت وستبقى..وهي لم تستطيع لحد الآن تأمين متطلبات عقد مؤتمر أو معرض أو تجمع عربي أو إقليمي أو دولي في كل هذه المحافظات التي كان من المفروض أن تنعم بالحرية والرخاء والأمن والاستقرار وأفضل من كردستان ..وليبقى ( مثلث الإرهاب !) على حاله متخلفا وغير آمن وغير مستقر؟ 

والملاحظ أن ( القائد السياسي !) العراقي الوحيد الذي لا يفكر قليلا قبل أن يطلق لتصريحاته العنان هو (رئيس جمهورية العراق الحالي !) في حين لا ينطق نائبيه بشيء إلا بعد تدقيق وتمحيص وتروي وتشذيب واختيار للكلمات !..فهل المطلوب أن تعطي الولايات المتحدة انطباعا للعراقيين والآخرين من أن طارق الهاشمي ( السني! ) هو الأكثر ملائمة لمنصب رئيس الجمهورية العراقية لإشعال الفتنة بين الأكراد والسنة ونسف أي فكرة للتقارب السني الكردي للمشاركين في العملية السياسية..وتقوية التقارب الكردي مع الائتلاف ردا على هذه التوجهات وخاصة بعد أن أخذ طارق الهاشمي يتحرك بمساحة اكبر من تلك المخصصة له وفقا للمخطط المرسوم مما ولد توجها جديدا بدأ يستهدف شخص الهاشمي من جهة والحزب الإسلامي العراقي من جهة أخرى بحملة منظمة ومدروسة حيث بدا احمد ألجلبي بقيادتها بدءا من محافظة الانبار من خلال حميد الهايس وعلي حاتم السليمان ومطالبتهم بحل مجلس المحافظة وإخراج الحزب الإسلامي من الانبار!  

المهم..في كردستان لا يرى أحد أنه أحق بالرئاسة من الطالباني ولكن في الانبار يرى كثيرون أنهم أحق من طارق الهاشمي !! 

أما عادل عبد المهدي وهو المعروف بقدرته على توظيف الآلية سواء كانت فكر أو معتقد أو وسيلة ما لخدمة الهدف فهو لا يطمح بأكثر من رئاسة الوزراء وهذا الموضوع لا يعارضه الأكراد ولا يعارضون أي مرشح ومن أي جهة إذا أعطاهم كركوك وجزء من الموصل وديالى والكوت !!.. ولا تعارضه جبهة التوافق أو الهاشمي والعقبة الوحيدة الموجودة هي في تقييم الولايات المتحدة لهذا التغيير ..حيث أن عملية الموازنة بين ثقل الحكيم وتأثيره وطبيعة علاقته مع إيران من جهة و( ثقافة!) قيادة حزب الدعوة وعلاقتهم مع إيران لازالت موضع بحث وتمحيص!.. 

ومرة أخرى.. في كردستان لا يطمح احد أن يصبح رئيس وزراء للعراق بدل المالكي ..وكذلك (السنة!) ..ولا يوجد أي منافس له من خارج (الائتلاف!)..   

وحول ما جرى في مؤتمر البرلمانات العربية في أربيل وكيف اعترض ممثلو العراق والكويت على كلمة الجامعة العربية التي وصفت العراق بأنه بلد محتل .. 

فالعراقيين يذكرون أنه ومنذ الأيام الأولى لاحتلال العراق كان الطالباني يجاهر علانية بما لم يجرؤ احد في حينها من كل المشاركين اليوم في العملية السياسية والمتسلطين على رقاب الشعب حيث كان يقول أن (ماقامت به الولايات المتحدة الصديقة هو مساعدة للشعب العراقي وليس احتلالا للعراق !) وحتى عندما قال بوش بنفسه أن ( احتلال الولايات المتحدة للعراق كان لجعل العالم أكثر أمنا!) ردد الطالباني أنه يختلف مع الأمريكان في ذلك ! أنه تحرير وتسليم سيادة للعراقيين وليس احتلالا!..وعندما كانت كل الجهات بما فيها (حليفة أمريكا ) تنادي في الحكومة ومجلس النواب بالانسحاب التدريجي للمحتل الأمريكي واستحالة موافقة الشعب على إقامة قواعد عسكرية دائمة للقوات الأمريكية في العراق ..خرج الطالباني على الهواء ليقول وبوضوح : ( إن الانسحاب الأمريكي من العراق سيسبب كارثة وان بقاء الأصدقاء الأمريكان ضرورة ملحة واني اطلب منهم إقامة قواعد عسكرية ثابتة لهم في الإقليم!) . 

وكما اشتهر الطالباني بالتحريف فقد اشتهر باختراع الأحداث والتأويل عليها ..ويذكر العراقيون كيف أنه أعلن عن قيامه بإجراء مناقشات ولقاءات مع (17) فصيل مسلح من المقاومة العراقية وانه توصل إلى نتائج ملموسة معهم ستضفي إلى إلقاء سلاحهم والانخراط في العملية السياسية وكيف أن كل فصائل المقاومة نفت أي اتصال معه بذلك!! وهكذا وانسجاما مع سياسة وتوجه ونهج الساسة والقادة العسكريين الأمريكان خلق ( رئيس جمهورية العراق منذ توليه منصبه هذا ) نهجا جديدا من العلاقات وتبني المواقف وتقييم الأحداث..نهج عماده الكذب والتضليل والتناقض..وتعلم منه وتبنى نهجه هذا كل الطاقم السياسي والعسكري والأمني لحكومة الاحتلال في المنطقة الخضراء..حيث أسرفت (دولة العراق الحالية) في زمن الاحتلال ومن خلال كل مؤسساتها بإتباعها للنهج الطالباني الخياني الغوغائي المتميز بالكذب والتضليل والاستهزاء في غير محله.. نهج متناقض ومتراجع ومتنصل وجبان وخانع..نهج الوعيد والتهديد والترهيب الذي سرعان ما ينقلب فورا إلى توسل وتذلل وتنازل وترغيب..نهج القتل والاغتيال ونهب الثروات ..نهج ربط سيادة وإرادة وتأريخ وأمجاد وثروة العراق بالأجنبي بكل إشكاله وألوانه أيهما يعطي أكثر..انه نهج ( القائد الهزيل!) في (قيادة العراق  غير الجديد ) والذي يزداد تراجعا وضعفا.. 

هذا النهج التآمري كان خلفا غير شرعي وغير قانوني للنهج الصدامي الذي يتندر المتآمرون والخونة والأذلاء بالتطاول عليه ..انه نهج الشرف والكبرياء والشموخ والرجولة والبطولة والايمان بالعراق ..نهج التضحيات الجسام..نهج الدفاع عن العراق والأمة والشعب ..نهج المباديء والقيم ..نهج الاقتصاص من الخونة والجواسيس والمتآمرين..نهج الإبداع والخلق والرعاية والاحتضان للكفاءة والعلم والمعرفة والتطور..نهج ربط الماضي بالحاضر ..نهج المستقبل المشرق ..نهج الصدق والالتزام والوضوح..انه نهج الله اكبر.. 

ويكفينا فخرا .. ولنا المجد والعز كله ..إن أعداء العراق وسارقي ثروته ومزوري تاريخه وبائعي تربته وقاتلي شبابه ووطنييه هم أعدائنا..

 

mah.azam@yahoo.com

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت /  19  جمادي الاول 1429 هـ

***

 الموافق   24 /  أيــــار / 2008 م