|
في مقال
نشرته جريدة القدس العربي بتأريخ
30 / 6، تطرق الدكتور خير الدين
حسيب الى مجموعة من القضايا التي
تشكل واجهة الاحداث الراهنة في
العراق والمنطقة. وقد وجدت نفسي
كمواطن عراقي اسبح مرغما في حوض
ماء لا يحتوي من الماء على ما
يحمل جسدي، ولا كميته قادرة على
تغطية قبائل الاشنات الخضراء التي
غطت قاعا لا يبتعد سوى انجات عن
سطح الماء!. ورغم اني لست ضليعا
في السباحة في هكذا احواض للسباحة
مثلما انا غير قادر على مواجهة
بحورها المتلاطمة، الاّ انني وجدت
نفسي مرغما مرة اخرى على التعاطي
مع اشنات القاع القريب علّني
ألامس شيئا مما اراد الدكتور حسيب
تسويقه والظهور به علينا بمظهر
العارف المبتكر.
ايران والتغيير المفاجئ:
في لفتة
عابرة يقر الحسيب بالدور الايراني
المرفوض في العراق، كما يقر بأن
ايران قد سهلت للامريكان دخول
العراق، وان ما فعلته في العراق
مرفوض. وعلى اهمية التنويه واهمية
الرجل الذي يعلنه، الاّ انني ارى
ان ما يمتلكه الدكتور من وثائق
ومعلومات خطيرة عن ما تلعبه ايران
من ادوار في العراق لا يتناسب على
الاطلاق مع حجم المساحة التي
اعطاها له، لا في هذه المناسبة،
ولا على ما مر على العراق من
اهوال كانت ايران مسؤولة عن الجزء
الاكبر منها مباشرة ومن دون رتوش.
ايران هي جيش المهدي الذي يتزعمه
مقتده وجيش المهدي هو ايران
بالجنسية والانتماء الفكري
وبالسلاح وبالتدريب والمعسكرات
والخطط والتنفيذ. وايران هي
المجلس الاعلى وجيشه المعروف باسم
فيلق بدر 9 والمجلس وفيلق بدر هم
ايران بعينها ولحمها ودمها. ونفس
المنطق يصح على حزب الدعوة وحزب
الله وعشرات المنظمات
الميليشياتية ومنظمات المجتمع
المدني بالاضافة طبعا الى قطعات
اسناد من فيلق القدس واطلاعات. ان
جميع الاحزاب (الشيعية)
وميليشياتها دون استثناء هي قوات
ايرانية بالافراد وبالقيادة
والتسليح وبالعقيدة السياسية التي
هي عقيدة الخميني ودولته
الاسلامية المعروفة تلخيصا
وتكثيفا باسم ولاية الفقيه. وكل
ما في العراق من مراقد مقدسة
وجوامع وحسينيات ومدارس دينية
وجمعيات خيرية وواجهات تجارية
وسياحية هي ايرانية. اعضاء في
مجلس النواب العراقي واكثر من نصف
اعضاء المجالس المحلية في محافظات
جنوب بغداد هم عجم فرس.
نعم هم عجم فرس وليس عراقيين
تجنسوا بالجنسية الايرانية.
الحكومة العراقية هي حكومة تحت
الادارة الامريكية المباشرة وتحت
الادارة الايرانية المباشرة ايضا
وتستلم كل توجيهاتها وخطط تحركها
وقراراتها من واشنطن عبر قنوات
الاحتلال المدنية والعسكرية ومن
ايران عبر ولي الفقيه الايراني
المكلف بادارة الشأن العراقي
ايرانيا وهو السيد على السيستاني.
هل يجهل الاخ الدكتور خير الدين
حسيب هذه الحقائق؟ وهل يجهل لحظة
دخول ايران في العراق شريكا في
الاحتلال؟ الجواب قطعا بالنفي فهو
يعرف ويعرف اكثر بكثير من محدثكم
العراقي الفقير الى الله.
لماذا اذن لم يتحدث الدكتور عن
الاحتلال الايراني ولم يشر الى
تورط ايران، الاّ على استحياء وفي
عدد محدود من المرات وبطريقة
النقد الناعم الذي لا يفسد للود
قضية؟
لماذا ظل المؤتمر القومي العربي
والى آخر جولاته المباركة التي
جرت قبل اسابيع في اليمن يتعامل
مع الموقف الايراني من باب
الاحتمالات وتحت شعار .. نفترضها
صديقا ولا نفترضها عدوا.؟
بلا
والله .. لا يوجد عراقي مدرك الاّ
ويتمنى ايران جارة محبة ..
الاّ ان
ليس كل ما يتمناه المرء يطاله.
ولا نجد منطقا سليما يجعل
أي عربي شريف يتمنى عداءا مضموما
او سافرا مع ايران.
لكن ايران
بالنسبة لملايين العراقيين والعرب
قد فرضت نفسها عدوا على طول الخط
قبل خميني وبعده ولم يسجل التاريخ
العربي الفارسي ودا وصفاء سريرة
من ايام الفاروق عمر بن الخطاب
والامام علي عليهم تحيات الله
ورضوانه والى يومنا هذا. بل ان
التاريخ الاقدم يصرخ بما هو موجع
في صلة العرب بالفرس.
ان المؤتمر
القومي العربي الذي يلعب الدكتور
حسيب دورا قياديا بارزا فيه يمارس
ومن خلال بعض اعضاءه المعروفين
دور الحكيم الصبور ذي الرؤى
والبصيرة الخارقة ليمنع المؤتمر
من اداء واجبه تجاه ايران كبلد
مشارك فعليا في احتلال العراق،
ومحتل علني لاجزاء من الارض
العربية في الخليج والاحواز ..
واجزاء اخرى!!!. ويقينا ان لا احد
يطلب من المؤتمر واعضاءه البررة
ان يحملوا السلاح لمقاتلة ايران،
انما المطلوب ان يقولوا بالاجماع
سرا وعلنا ان ايران تحتل العراق
شريكا وتذبح نخبة شعبه ثارا من
انتصار العراق في قادسية العرب
الثانية قادسية صدام المجيدة بعد
ان مكنتها امريكا من الوصول الى
امكانات الثار البغيض.
والآن
... وفي انتقالة سريعة تشبه
انحرافة الدكتور حسيب اللبقة ...
ننتقل الى تساؤل لو وهبنا القوة
والقدرة لحولناه الى صرخة تقض
مضاجع استاذنا الكبير واخونا
المقاوم خير الدين حسيب، لكي يصحو
من سبات ارتضى لنفسه ان يغط فيه
ولكي يخرج روحه من وهم لم يكتفي
الضياع في متاهاته لوحده بل جر
معه بعضا من مفكري الامة
وسياسييها ومناضليها وخاصة من
اعضاء المؤتمر القومي .... ولا
يمكننا ابدا ان نتعامل معه بحسن
نية ... انه اعتقاد الدكتور بان
ايران قد غيرت وجهتها وسلوكها منذ
اسبوعين لانها اظهرت رفضا
لاتفاقية العار والعبودية التي
يزمع المالكي توقيعها مع المحتل
بغرض توطينه شرعيا في بلادنا.
واقول للدكتور ما يقوله الانجليز
في مثل هكذا مواقف وحالات
IF YOU BELIEVE THIS, YOU BELIEVE
EVERY THING
(ان كنت
تصدق هذا، فانت تصدق كل شئ) ..
فهل حقا ان اخي الكبير سهل المنال
هكذا .. أم ماذا؟
وهل يمكنك
ان تعوّل وتصرّح في هكذا امر خطير
مستندا الى تصريح جريدة ايرانية
هاجمت المالكي؟ أَلا تدري سيدي ان
التركيبية الباطنية لنظام الملالي
تبيح ان تشتم نصف الجرائد
الايرانية من تشاء دون ان تعني
ذلك فعلا .. بل هي اللعبة
الفارسية الباطنية التي ابتكرها
نظام ولاية الفقيه لكي يعدد مصادر
القرار كي تضيع المسؤولية ويصبح
مركز القرار الحقيقي في حل عن أي
التزام ادبي او اخلاقي او حتى
رسمي او شرعي؟
وعلى اية حال .. وعلى افتراض حسن
النية من قبل الدكتور لالتقاط
موقف يؤسس عليه لتصحيح علاقتنا
بايران او علاقة ايران بنا ..
فكيف لنا ان نصدق نحن ابناء
الجنوب العراقي ونحن نعيش في
محافظات تحتلها ايران وتحكمها
فعليا؟ في الوقت الذي يدير هو
مؤسسة دراسات الوحدة العربية
وأنشطة المؤتمر القومي من عاصمة
الضباب التي تحتل العراق هي
الاخرى؟
وثمة سؤال
عابر هنا .. هل يستطيع أي مقاوم
عراقي ان يحصل على لجوء سياسي في
لندن ليمارس من هناك نشاطا فكريا
او اعلاميا ضد الاحتلال؟ وهل
يستطيع الاخ الدكتور ان يعاون
بصفة شخصية على ان تفتتح المقاومة
العراقية قناة فضائية تبث من على
ارض الديمقراطية العتيدة، او ان
تقوم المعارضة باصدار جريدة او
مجلة تسوق فعالياتها المقاومة
للعالم انطلاقا من لندن؟
حزب الله اللبناني الايراني
واحزاب الله العراقية الايرانية:
انا لا
استطيع ان اتعارض مع الدكتور
بقناعاته بالسيد حسن نصر الله
لانه يعرفه وانا اسمع عنه فقط ...
الاّ انني اعيش ما لا يعرفه الاخ
الدكتور ميدانيا من يوم الاحتلال
البغيض الى هذه اللحظة، ما فعلته
احزاب الله, اشقاء حزب نصر الله,
في العراق والدكتور يسمع عن ذلك
فحسب. انا اعرف الاسماء الرباعية
والالقاب لمئات العراقيين الذين
اغتالتهم احزاب الله امام اطفالهم
ونساءهم في ليل العراق المظلم، بل
وحتى في نهاراته المظلمة وامام
انظار (حماة القانون
والديمقراطية)، ومئات العراقيين
الذين تحللت اجسادهم وهم احياء
يتنفسون في سراديب النجف، ومن
قطعت رقابهم باحكام اعدام شرعية
من محاكم مقتدة الشرعية التي
يديرها آية الله العظمى الحائري
من قم.
وانا اعرف
ايضا مئات الآلاف من شباب العراق
الذين قتلتهم احزاب الله بعد
تفجير مراقد أئمتنا الاطهار من
قبل احزاب الله ذاتها في سامراء.
ولن اتحدث عن اعراض هتكوها ومساجد
انتهكوا حرماتها واحرقوها وبيوت
سلبوها من عوائل رموها في اطناب
الصحارى ... ولا اظن اخي الكبير
خير الدين حسيب يجهل هذا ..
فكيف
يقنعني انا الذي لا اجيد السباحة
في بركة لا يصل ماءها الى كاحل
قدمي؟ ولا اعرف شيئا غير الله
والعراق وعرضي؟ وكلها اغتصبتها
احزاب الله تحت انظار الامريكان
وبحمايتهم.
أي
تناقض مفجع هذا الذي يضعنا فيه
الاخ المقاوم خير الدين حسيب؟ واي
نوع من اوراق السياسة يلعبها رئيس
أو مدير مركز دراسات وحدتنا
الحبيبة؟
انا ارى
الايرانيين بأم عيني يحكموننا ..
وارى بأم عيني احزاب الله تقتلنا
.. وهو يصدق كلام جريدة هاجمت
المالكي بشدة لقبوله باتفاقية
توطين الاحتلال ...
المالكي فارسي
مطيع ولم يدخل المفاوضات، الاّ
بأمر من طهران وبتوجيهاتها ووفق
رؤاها .. ولن يوقع الاتفاقية،
الاّ بعد ان ينزع ربطة عنقه ثانية
في حضرة الولي الفقيه ليأخذ منه
الاذن بالتوقيع كما اخذ منه الاذن
بالبدء بالتفاوض.
وحسن نصر
الله وحزب الله اللبناني شريك
لاحزاب الله العراقية في العملية
السياسية، وفي البرلمان وفي
الحكومة. انه شقيق مقتده والحكيم
والمالكي والجعفري .. وجرب اخي
الدكتور ان تزعّل احزاب الله
الحاكمة تحت حراب الاحتلال لترى
انهم سيشتموك بل يلعنوك ويتهمونك
بانك صدامي ووهابي ناصبي وكافر
وعميل وجاسوس وقومجي من على
منابرهم الحسينية (والحسين منهم
براء) ومن على قناة المنار ومنها
توزع نشرات الشتيمة على قناة
العراقية والفرات وبلادي والانوار
ومن ثم تنتقل السلسلة بامان الله
الى العربية والجزيرة وغيرها.
تكلم اخي
الدكتور بلغتنا وما نعيشه لكي
نصدق انك مقاوم ورافض للاحتلال
وافرازاته، ومد معنا جسور تواصل
نحن الملايين من ابناء عشيرتك
وحارتك ومدينتك الذين نعيش امواتا
ونموت احياءا، لا خبز ولا خدمات
ولا كرامة ولا دعم حقيقي
لمقاومتنا التي نعرفها نحن
ولاتعرفها انت، الاّ من خلال
التقارير سيدي.
نعرفها
انها مقاومة عربية وطنية اسلامية
.. وجيش المهدي ومجاميعه الخاصة
ليس منها ,... لحد اللحظة.
وادعوك
استاذي الكبير ان تقرأ ما يكتبه
المقاومون في شبكاتنا الوطنية مثل
منبر البصرة وشبكة الرافدين وشبكة
المنصور وغيرها لتستقي منها صورة
الوضع في جنوب العراق ولكي تستشهد
برؤاهم ومعلوماتهم الميدانية كما
تستشهد بمعلومات موقع البنتاغون
التي نقرأها نحن ونقارنها بواقع
ما يحصل امام نواظرنا، فنجد انها
بعيدة جدا عن الواقع في تلفيقها
وكذبها لما يحصل لهم من حصد رقاب
وخسائر مادية واعتبارية ... تماما
كما نعرف نحن ان مقتده ايراني ولا
يقاوم الاحتلال لانه شريك بكل
تفاصيله مثله مثل العجم الفرس عبد
العزيز والجلبي والمالكي والجعفري
وعلي الاديب وحامد الجبهوري وموفق
شاهبوري.
صحيح سيدي الدكتور، ان السياسة هي
فن اللعب بالممكن، لكنها لا يمكن
أن تكون فن اللعب بالافتراض غير
الواقعي والمجرد. |
