الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

ما وراء مشروع المعاهدة الأمريكية للعراق

 

 

شبكة المنصور

كمال القيسي / إقتصادي عراقي - عضو منتدى الفكر العربي

 

في دائرة المصالح الجيو- سياسية ،يقضي سلوك  هيمنة القوة الأعظم التواجد القريب والأشراف المباشر عند مناطق الصراع. ولضمان السيطرة على العالم عسكريا وإقتصاديا ونفطيا، تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على الأستيلاء على الشرق الأوسط والسيطرة على مراكز الأنتاج النفطي التي تغذي الأقتصاد الرأسمالي العالمي من أجل تكوين جسر عسكري عظيم يتيح لأمريكا فصل الكتلة الأوربية الآسيوية عن روسيا والصين وتعطيل أية محاولة لتكوين قوة منافسة لها في ذلك الجزء من العالم في ضوء ذلك إعتمدت الإدارة الأمريكية إستراتيجية " أن من يسيطر على نفط الشرق الأوسط يسيطر على النفط العالمي ومن يسيطر على النفط العالمي يسيطر على اقتصاد العالم على الأقل في المدى المنظور" . لذلك يعتبر نفط الخليج مفتاح السيطرة و"مركز الأمن النفطي العالمي" حيث أن من المتوقع أن يجهز الخليج العالم بحدود 45-67% في عام 2020.لذلك فإن الأحتياطيات النفطية العراقية( 200-300 مليار برميل) تعتبرعنصرا إستراتيجياً في لعبة الهيمنة العالمية التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية .

ويشترك في لعبة الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط "شركاء إستراتيجيون" كبريطانيا وإسرائيل و"لاعبون إستراتيجيون" كتركيا وإيران وسوريا و"لاعبون تنسيقيون" كالسعودية ومصر والكويت وقطر. ويتلخص الدور الأسرائيلي في :

 1) السيطرة على المنطقة العليا لشرق البحر الأبيض المتوسط . 2) إضعاف دور كل من روسيا والصين في وسط آسيا وعزلهما عن مصادرها النفطية 3) المساعد في تحويل جزء من العرض النفطي والغاز عند تعرض مصادر التجهيز في منطقة الشرق الأوسط للانقطاع. ومنذ بداية ستينات القرن الماضي كان لأسرائيل هدفا تسعى لتحقيقه بأن تجعل من كردستان العراق نموذجا إسرائيليا توسعيا يخدم المصالح الأمريكية-الأسرائيلية.

وفي إطار الهيمنة تنظرالولايات المتحدة الأمريكية للقواعد العسكرية المنتشرة في العالم على أنها "مستعمرات" و " منظومات إمبراطورية " ووسائل إستراتيجية تحقق السيطرة العسكرية - الأمبريالية الكونية . ويتسنى للولايات المتحدة الأمريكية في ظل هذه الآيديولوجية المعادية للشعوب  ، توظيف السياسيين والجنود والجواسيس والفنيين والأساتذة والمقاولين في الدول المستضيفة لقواعدها . لذا فإن التواجد المتقدم للقواعد الأمريكية يحافظ على شبكة المصالح الأقتصادية الأقليمية والكونية ( السيطرة على الحقول النفطية وخطوط الأنابيب في الخليج وبحر البلطيق وكولومبيا، ..) ويحقق للشركات الأمريكية العملاقة العابرة للقارات أرباحا عظيمة.   أما بالنسبة لموضوع القواعد،فإن هناك صراعات ونقاشات دائرة بين البنتاجون ومجلس الشيوخ الأمريكي حول موضوع التوسع في نشر القواعد الخارجية أو تقليصها  وسحب القوات إلى الداخل.. وينتظر الجميع في الأدارة الأمريكية النتائج التي ستتمخض عنها تجربة غزو وإحتلال العراق.. فتجربة العراق تشير بما لا يقبل الشك أن وجود القوات الأمريكية يزيد من حدة مقاومتها على الأرض و يفاقم الأخطار المحيطة بها ويلحق أضرارا مادية وبشرية لايمكن تجاوزها مما يعطل الأهداف ويطلق سقوف التكاليف .

بالنسبة للعراق... قامت منظمة الأمن العالمي Global Security Organization بتحديد أكثر من 100 موقع عسكري لقوات التحالف بين مخفر صغير وقاعدة كبيرة. ولإحكام التواجد الأمريكي في العراق، إقترح البنتاجون تحت تسمية "إعادة الإنتشار Reposition، الأحتفاظ بأربعة أو ستَة قواعد عسكرية كبرى  "ثابتة" هي : قاعدة بلد، قاعدة عين الأسد الجوية في غرب الجزيرة،وقاعدة الناصرية و"السفارة الأمريكية" في المنطقة الخضراء المكونة من 21 بناية ذات الأكتفاء الكلي الذاتي  .لهذه القواعد طرق خاصة ممتدة من الكويت لنقل المؤن والأحتياجات . ولأغراض التحايل القانوني وصفت ميزانية الولايات المتحدة القواعد في العراق مرة بانها منشآت "ثابتة"  ومرة "بإستثمارات دائمية" لتبرير توظيف الأموال الطائلة والغايات البعيدة المدى. ويعتقد البعض بأن قواعد العراق ستكون بديلا كليا أو جزئيا لقواعد الولايات المتحدة الأمريكية الموجودة حاليا  في كل من السعودية وتركيا.

إن المشروع الأستعبادي لأتفاقية " التعاون والصداقة الطويلة الأمد " التي سترسّخ  وجود القواعد العسكرية في العراق، ستحدث تأثيرات كارثية من عدم إستقرار سياسي وإقتصادي وإجتماعي . وستتجسد تلك الكوارث في (الأضطرابات السياسية،إزدواجية وتشوه الأقتصاد الوطني، التضخم،،خسارة العوائد التي قد تتأتى  من عقود التأجير الطويل والتي  سينفق أضعافها على تأهيل المناطق بعد إنسحاب القوات ،  التأثير السلبي على منظومات القيم الأجتماعية.. وغيرها ).و يصف الأقتصاديين القواعد العسكرية، بأنها  وحدات إقتصادية مستقلة تفرض سيطرتها على الأقتصاد الوطني وأنها منشآت معزولة لكون أن  إحتياجاتها من المعدات والتجهيزات العسكرية والغذائية والخدمية وقواها العاملة يتم توفيرها من القطاعات والشركات والأسواق الخارجية  كما هو الحال مع الكويت وبعض من الدول المجاورة بالنسبة لتجهيز القواعد الأمريكية في العراق . كما أن إستخدام القواعد العسكرية يحدث تلوثا بيئيا هائلا  في التربة والأجواء والمناطق المحيطة بالقواعد (نفايات المذيبات الكيمياوية والمنتجات  النفطية وأسلحة الدمار الشامل المحظورة دوليا وتوطن مادة الرصاص والألغام الحربية والبشرية ؟!). ولأزالة آثار التلوث الوطني والبيئي تحتاج الدول المضيفة لتلك القواعد  كالعراق الى أموال طائلة و صراعات داخلية دامية وعدم إستقرار لزمن غير منظور.

إن ظروف الأحتلال السائدة والأجندة الأقتصادية  الأمريكية للعراق المبنية على السيطرة والهيمنة وإستغلال الفجوة الضخمة في القدرات العسكرية و السياسية والأقتصادية أنشأ تعارضا وتقاطعا حادا بين مصالحنا الوطنية المشروعة وبين أطماع محتل مهيمن. لذا فالشروط المسبقة لتحقيق التوازن في المصالح غائبة مما سيجعل من دورنا في التفاوض والتعاقد هامشيا مسلوب الأرادة .إن ما فرضه بريمر من قوانين إحتلالية  تدعو إلى  " تحرير الأقتصاد والتجارة" وما يصر عليه بوش في ترسيخ أذرع أخطبوط "إتفاقية التعاون البعيدة الأمد"   يضع العراق في حالة إستعمار وتبعية للأقتصاد الأمريكي مما يتيح للشركات العالمية الهيمنة والسيطرة وإستنزاف مواردنا النفطية وخلق قطاعات إقتصادية مشوّهه تابعة.

إن ما تهدف إليه المعاهدة هو " تجريد القوات المسلحة العراقية من مهمتها الأساسية التي تتركز في ضمان أمن وإستقلال وسيادة العراق والدفاع عن أراضيه وأجواءه ومياهه تجاه مختلف أنواع العدوان. وأن ما نصّت عليه في قيام القوات الأمريكية بالأضطلاع بردع أي عدوان خارجي على العراق معناه بقاء قواعد عسكرية قوية لها القدرة على تحقيق هذا المفهوم. ومن تأثيرات ذلك ، إنعكاسه على العقيدة العسكرية العراقية وعلى الأستراتيجية العسكرية وعلى بناء القوات المسلحة العراقية من ناحية المهام والنوع والحجم وبعبارة أدق ستبقى القوات المسلحة العراقية ضعيفة غير قادرة على إمتلاك أسلحة دفاعية مهمة مثل سلاح الدروع والمدفعية والطائرات والقطع البحرية إلا بالقدر المحدود الذي لا يعطيها أكثر من دور قوات أمن داخلي "

 لكسر الدائرة المغلقة المحيطة بالعراق   المسجون نرى أن تعمل كافة الأطراف الوطنية الحقيقية المعروفة بنزاهتها على إنهاء كافة صيغ الأحتلال وتداعياته وتواجد القوات الأجنبية والمشاريع الأمريكية الأستعبادية( الدستور الطائفي العرقي، قوانين بريمر،قانون النفط والموارد المالية ومشروع الأتفاقية البعيدة الأمد وغيرها ) وإرجاع العراق إلى أهله العرب والتوجه لصياغة إرادة سياسية عراقية موحدة وحكم سليم يأخذ بسيادة القانون وإحترام حقوق الأنسان وإرساء الديمقراطية الحقيقية وتحقيق المساواة في توزيع الثروات والخدمات والمسائلة أمام القضاء العام. إن ما يحتاجه العراق هو تنفيذ خطط ستراتيجية تعمل فورا للقضاء على الخوف والفقر والجوع والمرض والبطالة وقتل الأطفال ويتمهم وبؤس الأرامل وإعلاء حقوق الشهداء والمهجّرين والنازحين واللاجئين والمهاجرين .. إن ما يحتاجه العراق رجال يعرفون حرمات الله في الأنسان والوطن ..

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الثلاثاء /  13  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   17  /  حزيران / 2008 م