الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

بيان نقابة المحامين العراقيين تدعوا شعبنا للتصدي للمعاهدة الجائرة والنضال لاسقاطها

 

 

شبكة المنصور

 

 

تحت مظلة الحروب العسكرية الداخلية الراهنة التي تشنّها الأجهزة الحكومية وقوات الاحتلال في بغداد والبصرة والموصل، وفي مدن العراق الأخرى، وتحت عناوين ومسميات متعددة، تستهدف في إحدى حلقاتها الأساسية، إسكات الصوت الرافض والمقاوم للاحتلال ومشاريعه الخطيرة ذات التأثير السيئ على حاضر العراق ومستقبله.. عبر هذا كله يسعى الاحتلال الأميركي إلى فرض معاهدات عسكرية مشتركة بينه وبين الحكومة التي أقامها في العراق، وتحت ذريعة الخروج ببلادنا من أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كيما يؤمّن لقواته الغازية، تواجداً عسكرياً على أرض بلادنا، حتى زمن مفتوح أو طويل الأمد، حد تخويله اختصاصات وصلاحيات متعددة ليمارسها على أرض بلدنا المحتل، وبالتعامل مع شعبنا بالتدخل في شؤون مؤسساته والتأثير على مختلف خياراته السياسية والاقصادية والاجتماعية، بما يتعارض مع استقلاله وسيادته المفقودتين أصلاً وبصورة فعلية منذ احتلال العراق عسكرياً في التاسع من نيسان عام 2003.

ولعل من أبرز ما ستتضمنه الاتفاقية العسكرية المزمع عقدها بين حكومتي الاحتلال الرابعة والولايات المتحدة الأميركية، ومن خلال مسوداتها، إقامة قواعد عسكرية إقليمية دائمة، مع توفير مظلة قانونية لتواجد القوات العسكرية الأميركية، والسماح لها بالقيام بعمليات عسكرية منفردة أو مشتركة داخل أراضي العراق والدول المجاورة، فضلاً عن اعتقال العراقيين واتخاذ إجراءات سلب الحريات والحجز والتحقيق بعيداً عن السلطات القضائية، وذلك بادعاءات الحفاظ على مصالح العراق وحمايته من تدخلاتها ومعالجة أزماته الناتجة عن هذه التدخلات بالقوة العسكرية، واستثناء القوات العسكرية والمتعاونين معها من العراقيين وغيرهم والشركات الأمنية الخاصة، من الخضوع للقوانين العراقية، بحيث يتمتع الضباط والجنود وعناصر الشركات المذكورة بالحصانة القضائية وبصورة مطلقة، تحول دون مساءلتهم، أمام القضاء العراقي، جزائياً أو مدنياً أو إدارياً عن أية جرائم يرتكبونها!؟

وهكذا تتكامل الاتفاقية العسكرية مع اتفاقيات التعاون الاستراتيجي الطويل الأمد بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة الأميركية، في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، لتشكل منظومة فاعلة ومؤثرة في تأكيد الوصاية مجدداً على شعب العراق ومصادرة خياراته وقراره الوطني المستقل وبصورة نهائية، وعبر السياسات والمواقف لمواجهة الحركة الوطنية المناهضة والمقاومة للاحتلال والتدخل المباشر في تشكيل الحكومات العراقية وحلّها ومراقبة أعمالها ومتابعة مدى تقيّدها بالالتزامات الواردة في الاتفاقيات، وكذلك التدخل في الأوضاع الدستورية والقانونية والقضائية ومجلس النوّاب والمؤسسات الحكومية بذرائع شتى وبغايات مقصودة.

إن الاتفاقيات العراقية الأميركية، وبضمنها الاتفاقية العسكرية، هي في حقيقتها تأكيد لوجود عسكري أميركي طويل الأمد في العراق، وتمثل امتداداً للأوصاف والإشتراطات المثبّتة في قرارات مجلس الأمن الصادرة طبقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويترتب عليها تفويض الصلاحيات والاختصاصات لقوات الاحتلال العسكري وسلطاته ولحكومة الولايات المتحدة الأميركية، لتمارسها في كل الشؤون الداخلية الوطنية العراقية، وسيكون للسفارة الأميركية في بغداد دور تنفيذي قوي بعد أن خصص لها أكثر من 3 آلاف موظف بضمنهم العاملون في جهاز المخابرات الأميركية الـ(CIA)، ما عدا المستخدمين المحليين من العراقيين، وبهذا سيكون العراق أمام فصل جديد للسياسات الأميركية والصهيونية، ستكون أكثر قساوة من بقائه تحت أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتفريطاً بسيادة العراق واستقلاله، بل وأكثر شراسة وعدوانية في انتهاك كرامة شعب العراق وحقوقه في الحياة والحرية والاستقلال، وباتجاه خلق ظروف أكثر ملاءمة لمنح الامتيازات الاقتصادية والتجارية والنفطية وبشكل أوسع للشركات والاستثمارات الأميركية، عن طريق دمج الاقتصاد العراقي في منظومة السوق الحرة وتمرير مشروع قانون النفط والغاز، إلى جانب فيدرالية المحافظات التقسيمي، وصولاً إلى واحد من أهم الأهداف التي تكمن وراء الاحتلال العسكري للعراق، ذلك هو تطبيع علاقته مع الكيان الصهيوني، وتأهيله للقيام بأدوار حيوية لمصلحة السياسات الأميركية في المنطقة، ومن خلال التصدي لمعالجة أزمات العراق الداخلية والإقليمية مع دول الجوار باستخدام القوة العسكرية..

كل هذا سيتم في الوقت الذي تنعدم فيه مشروعية المعاهدة العسكرية التي ستعقد بين حكومة العراق وحكومة الولايات المتحدة الأميركية من زاوية القانون الدولي، لأن العراق قد تعرض إلى احتلال عسكري من قبل القوات التابعة للولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، وإن مجلس الأمن، بقراره المرقم 1483/2003، قد خضع للأمر الواقع بتوصيف هاتين الدولتين القائمتين بالاحتلال، لإنتهاكهما، بالغزو والعدوان والاحتلال العسكري، لقاعدة دولية آمرة، وهي عدم استخدام القوة في العلاقات الدولية حسب أحكام الفقرة رابعاً من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة، مما تنتفي والحالة هذه، صفة المشروعية عن الحكومات العراقية الثلاث المشكّلة في ظل القرار الصادر عن مجلس الأمن المرقم 1546/2004، لاستمرار الاحتلال العسكري، ولأن القرار المذكور لم ينه وجوده وسلطاته ولم تتولى الحكومات العراقية المؤقتة والحكومتان التاليتان (المنتخبتان) في سنتيْ 2005 و2006، لمهامها الأساسية، وبالتالي ليس من حق أية حكومة إبرام أية اتفاقية أو معاهدة أو عقد في ظل وجود قوات الاحتلال العسكري واستمراره في أي بلد محتل، لأنها في ذلك ستكون، قطعاً، نتاج استعمال القوة العسكرية في العلاقات الدولية، لأن العراق، الآن، فاقد للاستقلالية، ولا يتمتع إلاّ بسيادة شكلية، فضلاً عن خضوعه للاحتلال العسكري الأجنبي، الذي اتخذ طابعاً تعاهدياً غير مشروع بموجب القانون الدولي، وتعد الاتفاقية العسكرية المزمع عقدها، وكل الاتفاقيات السابقة واللاحقة باطلة، بموجب المادتين 52 و53 من اتفاقية فينّا لقانون المعاهدات لسنة 1969، وذلك لعقدها نتيجة التهديد بالقوة، وأن استعمالها ينتهك مبادئ القانون الدولي في ميثاق الأمم المتحدة، فضلاً عن تعارضها مع قاعدة قطعية من قواعد القانون الدولي العام.

إن المحامين العراقيين، وإدراكاً منهم لطبيعة مثل هذه الاتفاقيات العسكرية غير المتكافئة، ووعيهم بمخاطرها، وانطلاقاً من مسؤوليتهم الوطنية والقانونية والمهنية في الدفاع عن بلادهم  وشعبهم، وثوابت هذا الوطن، أرضاً وسيادة واستقلالاً، واستلهاماً منهم للتاريخ النضالي المشرف لنقابتهم العريقة ذات الأفق الوطني الشامل في نصرة شعبهم العراقي الذي ناضل طويلاً ضد الانتداب البريطاني ومشاريعه وأحلافه، حتى تحقيقه النصر المبين في معارك الدفاع عن الوطن، يعلنون وقوفهم إلى جانب شعبهم في نضاله وجهاده من أجل إسقاط هذه المعاهدات التي تعمل على ترسيخ قاعدة إفقاد العراق لسيادته واستقلاله وقراره الوطني، كما يحذّرون من (سرّية) بعض الاتفاقيات العسكرية، أو جزء منها أو بعض بنودها، أو اعتماد صياغات غامضة قابلة للتأويل لمصلحة المحتل ومخططاته وسياساته، سيلجأ إليها، حتماً، لتوقّي ردود الفعل الغاضبة والقوية بين صفوف الشعب العراقي.

من هنا أيضاً يدين محامو العراق عبر نقابتهم المجاهدة، ممارسات ذلك النفر الضال من خونة الوطن والشعب، ممن ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا عبيداً وخدّاماً أذلاء، للأهداف الأميركية في العراق، عبر تبريرات وترويجات لصالح إبرام الاتفاقية العسكرية العراقية مع الولايات المتحدة الأميركية، دولة العدوان والغزو والاحتلال، إلى جانب قيام هؤلاء بـ(تهوين) آثار هذه الاتفاقية بجوانبها السياسية والعسكرية والتي تستهدف حاضر العراق ومستقبله، من خلال الإدعاء بتقاضي بدلات إيجار مرتفعة عن الأرض العراقية التي ستكون قواعد عسكرية أميركية، وهو في حقيقته بيعٌ للوطن في سوق النخاسة، كما هو سلوك مُشين، يؤكد بالدليل القاطع بؤس ما يفكرون به ويعملون من أجلهِ، إثراءً فاحشاً لهم ولمن يسير في ركابهم.

النصر الأكيد والمؤزر لشعبنا العراقي المجاهد في نضاله من أجل الحرية والاستقلال والسيادة.

 
ضياء السعدي
نقيب المحامين العراقيين
بغداد/ أوائل حزيران 2008
 

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة  /  02  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   06  /  حزيران / 2008 م