الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

الساداتيون الجدد : متلازمة حسن الصباح
( 4 )
معنى القضية المركزية

 

 

شبكة المنصور

 

 

ومادمنا قد وضحنا معنى الوضع الستراتيجي بقي علينا ان نوضح معنى القضية المركزية . ان جعل القضية الفلسطينية هي القضية المركزية كان الاساس في تجسيد قومية المعركة والمعبر الدقيق عن الترابط العضوي والجدلي ، بين ابناء الشعب العربي الواحد من موريتانيا وحتى عمان ، وليس نتيجة تعاطف ودعم لقضية عادلة ، كما تفعل الشعوب الغير عربية . ان دعم العرب للقضية الفلسطينية يعود لاسباب عديدة أهمها :

           1-   لان فلسطين جزء اصيل من الوطن العربي وشعبها جزء من الامة العربية .

           2-   لانها عندما احتلت اصبحت منطلقاً لتحقيق الخطوات الاخرى من المخطط الصهيوني القائم على شعار ( دولتك يا اسرائيل من الفرات الى النيل ) ، ثم بعد الاستيلاء على هذه المنطقة المهمة جداً جيوبولتيكياً ، سيتم فرض الهيمنة الاسرائيلية على كل الوطن العربي .

من هنا فأن الخطر الاسرائيلي لايقتصر على غزو فلسطين ، وهو غزو بحد ذاته يلزم العرب بمحاربة اسرائيل بلا تراجع او مساومة ، بل هو ايضاً غزو اولي ومقدمة لغزو كل الوطن العربي اما جغرافياً وسكانياً ، بين الفرات والنيل طبقا للصهيونية التقليدية ، او بالهيمنة على بقية الوطن العربي ، ونهب واستغلال موارد كل الوطن الكبير طبقا للصهيونية الجديدة . بهذا المعنى فأن وصف فلسطين بانها القضية المركزية لايعني انزال قيمة الاقطار العربية لاخرى خدمة لفلسطين ! فذلك الموقف ليس خاطئاً فحسب بل هو خيانة للقضية الفلسطينية ، مادامت قضية كل العرب ، لان غزو او تقسيم أي قطر عربي ، سواء من قبل ايران او اسرائيل او امريكا ، هو اضعاف مباشر للقضية الفلسطينية ، اضافة لكونه تفريط مجاني باراض عربية اخرى .

كيف اذاً حينما يكون القطر العربي الذي يتعرض للاحتلال والغزو هو العراق ، القوة العربية الاساسية تاريخياً وحديثاً والتي يعقد الامل ماضيا وحاضرا عليها قبل غيرها في تحرير فلسطين ؟ ان الساداتيين الفلسطينيين بشكل خاص والساداتيين العرب بشكل عام  يقولون : ان غزو الاحواز ( وسكانها العرب ثمانية ملايين عربي وارضها اكبر من ارض فلسطين بكثير ومنها يتدفق كل النفط والغاز ويتعرض شعبها الى عملية تفريس منظمة كصهينة فلسطين ) ، واحتلال الجزر العربية الثلاث التابعة لدولة الامارات العربية المتحدة ، وشن الحرب على العراق في عام 1980 ، ونشر الفتن الطائفية في الوطن العربي ، والعمل على غزو البحرين ، وتغيير البنية الوطنية والقومية العربية لكم كبير من المجتمع اللبناني وجعله مواليا للطائفة قبل الوطن بفضل حزب الله ، واخيرا وليس آخر غزو العراق وتدميره ومحاولة تقسيمه ، يقول هؤلاء ان هذه القضايا قضايا ثانوية ويجب ان لاتجعلنا ننسى ان ايران تدعم القضية الفلسطينية ، ومن ثم يجب ان نبقي على علاقات التحالف مع ايران حتى لو قامت بأكثر من ذلك  !

ان هذا المنطق الساداتي الفلسطيني هو ، في افضل الحالات ، موقف ساذج في فهم القضايا القومية المبدأية ، ومنها واهمها ان كافة الاراضي العربية وكافة المواطنين العرب ، مهما اختلفت اقطارهم ، متساوين في القيمة ، وان فلسطين ليست افضل من العراق و لا العراق افضل من فلسطين . كما انه موقف ساذج على المستوى الستراتيجي لان الساداتيين هؤلاء لايرون ، ولايفهمون مايجري في ساحات الصراع ، خصوصاً اكتشاف ان الصراع الرئيسي والمعركة الرئيسية تقعان في العراق وليس في فلسطين ، لان امريكا ، وهي درع اسرائيل العسكري والسياسي ومزودها بقدراتها الاساسية المالية والعسكرية ومنقذها عندما تتعرض للهزيمة ، هي التي تخوض الحرب في العراق مباشرة ومعها جيوش عشرات الدول ، اما في فلسطين فأن الصراع همّش وقزم لدرجة ان انصار التسوية السياسية للصراع ، على مستوى المنظمات ، قد اصبحوا هم الاغلبية ، بما في ذلك حماس التي اعلنت رسمياً ، بعد فوزها في الانتخابات انها ستقبل بدولة فلسطينية في الضفة والقطاع مقابل التخلي عن ارض فلسطين التأريخية ، وتم تأكيد هذا الموقف مرارا خصوصا بعد زيارة كارتر واجتماعه بخالد مشعل .

وفي لبنان لم يدعي احد ، بما في ذلك الذراع الايرانية الاهم والاخطر وهي حزب الله ، انه يريد تحرير فلسطين ، بل اعلن وكرر القول ان هدفه المركزي شكلياً ورسمياً الان هو تحرير مزارع شبعا ، وهو ماقاله بالقلم العريض حسن نصرالله اثناء وبعد حرب عام 2006 ! وهنا ، وفي ضوء ماتقدم ، يجب ان نسقط كلياً تلك الفكرة التافهة والدعائية التي تقول ان ايران تقود المواجهة الاقليمية والعالمية ضد امريكا ، لانها لا تتناقض فقط مع الواقع القتالي ، والذي يقدم لنا المقاومة العراقية بصفتها القيادة العامة للصراع الاقليمي والعالمي كله ، مع امريكا ، بل انها تتناقض وبشكل صارخ مع الدور الايراني الفعلي والرسمي ، فهي التي ساعدت امريكا على غزو العراق وتدميره ومحاولات تقسيم العراق ، وهي تتفاوض مع امريكا لتقرير مصير العراق والمنطقة علناً وسراً ، وهي الداعم الاساسي لسلطة الاحتلال في العراق مباشرة ومن خلال اذرعها في العراق ، كالمالكي والحكيم والصدر وغيرهم ، لذلك فأن صراعها مع امريكا يتمركز اساساً حول تقاسم الغنائم العربية وليس لدعم فلسطين او نشر الاسلام او التشيع العلوي .

 

في ضوء ماتقدم فان القضية الفلسطينية ، وان بقيت القضية المركزية في الامة العربية دون ادنى شك ، الا ان الصراع الستراتيجي حولها وبسببها انتقل الى العراق ، واصبحت الساحة العراقية هي بوابة تحرير فلسطين عند انتصار المقاومة العراقية ، لان هزيمة امريكا في العراق ، وهي الدرع الذي يحمي اسرائيل ويديمه ، سوف يؤدي حتماً الى اخطر انكشاف ستراتيجي لاسرائيل ويمهد لتفككها وانحطاطها .

مامعنى ذلك عملياً ؟ ان المعنى الاهم المتضمن فيما قلناه هو ان الموقف من المقاومة العراقية المسلحة هو الذي يحدد الخطأ والصواب في السياسات العربية الرسمية والشعبية في هذه المرحلة من النضال العربي العام ، فدعمها الكامل والمباشر هو المعيار الحاسم لوطنية واسلامية وقومية ويسارية أي طرف او شخص ، لانها هي ، وليس غيرها ، الامل في تحرير فلسطين انطلاقاً من تحرير العراق . ويترتب على هذا المعيار الحاسم ان من يقف ضد الثورة العراقية المسلحة يقصد حتماً خنق الامل بتحرير فلسطين ، لان اغتيال هذه الثورة سيدشن عصر ظلام شامل في الوطن العربي ، قد يستمر لعدة عقود من الزمن ، ويجرد العرب من القدرة على مواصلة الوجود كعرب .

ان السؤال الذي يجب طرحه ، بعد كل هذا التحليل الستراتيجي والمبدأي هو التالي : اين تقف ايران الآن ؟ مع الثورة المسلحة ضد الاحتلال ؟ ام مع امريكا ضد الثورة ؟ دون ادنى شك ان ايران هي الشريك الاول والاساسي لامريكا ، وقبل بريطانيا من حيث اهمية الدور، في غزو وتدمير العراق ، وفي محاولات تقسيمه وتغيير هويته العربية ، والمعنى الاخطر في هذه الحقيقة هو ان ايران تقوم بنفس الدور الاسرائيلي وتكمله . وفي ضوء هذا الجواب يطرح سؤال آخر وهو : هل مواقف ايران هذه قضايا ثانوية ويمكن تحملها مقابل دعم فلسطينيين ، وليس فلسطين ، ببضعة دولارات مغموسة بدم شهداء العراق ؟ ام انها مواقف لاتقل خطورة عن مواقف اسرائيل وامريكا ؟ الجواب : ان الاحتلال هو احتلال ، وان المشاركة في الاحتلال هي مشاركة في الاحتلال ، بغض النظر عمن يقوم بذلك ، ومن يهاجم بريطانيا لانها شريك امريكا لا يغفر له تجاهل الدور الايراني في العراق .

ولايجوز ان نغفل حقيقة مجسدة في مواقف بعض الساداتيين الفلسطينيين وهي انهم يخفون رؤوسهم في الرمال ، ويمارسون ازدواجية مقيتة ، حينما يتحدثون حديث الاستحالة والغرابة ، عن دعمهم لايران والمقاومة العراقية بنفس الوقت ! انه بالضبط كحديث السادات عن ضرورة كامب ديفيد وضرورة دعم الشعب الفلسطيني !

منطق الساداتيين الفلسطينيين يفرط حتما بالعراق لان ايران كاسرائيل شريك لامريكا في غزو العراق ، كما ان الساداتية العامة تفرط بفلسطين من خلال تحالفها مع امريكا مع انها شريك اسرائيل ! وهناك دليل أضافي على ان الصراع الاساسي يدور في العراق وليس في فلسطين وهو موقف امريكا من الفضائيات العربية ، وبالاخص الجزيرة التي يعدها البعض منبرا للجميع وهذا غير صحيح ، فالجزيرة مثلا تصف شهداء المقاومة الفلسطينية ومن يقتل على يد اسرائيل بالشهداء ، وتصف من يقاتل في فلسطين بالمقاوم ، وهذا بالتاكيد موقف سليم ، ولكن : لماذا تصف الجزيرة المقاومة العراقية ب( العنف ) ؟ ولماذا لا تطلق على من يقتل ، وهو يقاتل الاحتلال الامريكي ، وصف ( الشهيد ) ؟ اليس ذلك نتيجة الموقف الامريكي الذي يعرف تماما ان معركته الحاسمة تدور في العراق ، وليس في فلسطين ، تماما مثلما يعرف ان انتصار المقاومة العراقية سيبعث روح الثورة الفلسطينية ويمهد لتحرير فلسطين ؟ ولذلك فان امريكا  تتساهل في الاوصاف التي تستخدم لدعم الساحة الثانوية اوالاقل اهمية ، ستراتيجيا طبعا وليس قوميا او مبدئيا ، وهي الساحة الفلسطينية ، بينما لا تتساهل مع الاوصاف التي تطلق على مقاتلي الساحة الرئيسية وهم ابطال المقاومة العراقية ، خصوصا وان الدعم اللغوي المجرد لفلسطين في الجزيرة وغيرها لن يغير الواقع القتالي او يرفع من امكانيات المقاومة الفلسطينية ولا سقف مطاليبها بل انه ، على العكس ، سيعزز صدقية الجزيرة بنظر الجماهير العربية لتستطيع تجاهل المقاومة العراقية والمناضلين العراقيين والمفكرين العراقيين من انصار الثورة العراقية المسلحة دون تعرضها لنقد او ادانة قوية .

ومن الضروري ان يسأل كل ساداتي عربي يدعي انه يدعم المقاومة العراقية نفسه مايلي : هل يوجد فصيل عراقي مقاوم واحد لايتهم ايران بكل ماقلناه ؟ كلا لايوجد ، وهناك اجماع شامل من قبل كافة فصائل المقاومة العراقية ( الوطنية والاسلامية والقومية ) على ان ايران هي الشريك الاهم لامريكا في كل ماحدث ويحدث في العراق من كوارث منذ غزو عام 2003 وحتى الآن .

وعلى الساداتي العربي ، وبالاخص الساداتي الفلسطيني ، الذي ينكر ذلك ان يقدم لنا فصيلاً واحداً مقاوماً للاحتلال يبرئ ايران . وهنا تسقط ادعاءات دعم المقاومة العراقية وتبدوا انها مجرد كلام قصد به اسقاط فرض ، او منع توجيه تهمة ، لان المقاوم العراقي الذي يستشهد على يد امريكا او فرق الموت الايرانية في العراق يعرف جيداً من هو العدو في العراق ، ويعلم أي بندقية تغتاله ، واي عاصمة تتخذ قرارات الاغتيالات ، وأخيراً وليس آخرا ان المقاوم العراقي لا يريد ، قلبياً وصدقا ، ان تكون بندقية ايران تقاتله مع البندقية الامريكية ، التي تقاتل في العراق نيابة عن اسرائيل ، ولكن هذه الامنية ينسفها واقع السياسة الايرانية .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين /  28  جمادي الاول 1429 هـ

***

 الموافق   02  /  حزيران / 2008 م