الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

كيف تستخدم المخابرات الامريكية مجنديها من مارينز الاعلام ؟

 ( شاهد على العصر ) مثالا

 

 

شبكة المنصور

صلاح المختار

 

                                                 ( نحن لم نشاهد الله باعيننا بل بعقولنا )

                                                                                 مثل عراقي

لقد حاولت تجاهل الرد على ما ورد في حلقات ( شاهد على العصر ) ، الذي يقدمه السيد احمد منصور مع السيد حامد الجبوري ، لانني كنت ومازلت اعرف بان هندّسة وتوجيه برنامج ( شاهد على العصر ) كان وما زال امريكيا صرفا ومباشرا احيانا ، كما سنرى ، ولخدمة خطة الشيطنة الامريكية للقوميين العرب عموما وللبعثيين خصوصا .

ولكن تجاوز عاهر الضمير هذا الملغوم ، من شعر راسه حتى قدميه ، على كل مقدساتنا الوطنية والقومية ، وفي مقدمتها التجاوز على المقاومة العراقية ، وانتهاك حرمة 120 الف شهيد بعثي اغتالهم الاحتلال الامريكي فقط وهم يقاتلونه منذ بدء الغزو ، واهانته لذكريات الاف البعثيين الذين استشهدوا وهم يدافعون عن العروبة خلال اكثر من ستين عاما ، وفي مقدمتهم سيد شهداء العصر القائد صدام حسين ، وطعنه ظهور الاف البعثيين الذين يقاسون من الاسر في سجون الاحتلال والموت البطئ امام انظار العالم ، وسط صمت عهار الضمير ومنهم هذا الملغوم ، من شعر راسه حتى اسفل قدميه ، كل ذلك اجبرني على القاء الضوء على هذه المسألة مؤكدا اننا كمبدأ عام لا نرد على الملغومين الساقطين وطنيا واخلاقيا لان سقوطهم هذا هو الرد الحاسم على اكاذيبهم .

          ما الذي يجلب الانتباه في هذا البرنامج ؟ هنا سنضع النقاط على الحروف لاجل ان يعرف الراي العام الكيفية التي تمارس المخابرات الامريكية والاسرائيلية عملهما في الوسط العربي . ولتوضيح الصورة الكاملة علينا طرح بضعة اسئلة بارزة ومنها : من هو العدو العملي والواقعي والرسمي للولايات المتحدة الامريكية ؟ والثاني هو : كيف عملت امريكا على القضاء على هذ العدو وماهي الاساليب التي اتبعتها لتحقيق ذلك ؟ وأيهما اخطر : القتل بقذيفة دبابة ؟ ام برسم صورة ؟ وهل من المعقول ان تكون الصورة اخطر واكثر قتلا من القذيفة ؟ واخيرا وليس اخرا : ما معنى ودلالات ان يروج اعلامي اكاذيب وتشويهات وهو يعرف انها اكاذيب وتشويهات مقصودة ؟ ان الاجابة على هذه الاسئلة هي التي تجرد عهار الضمير حتى من ملابسهم الداخلية ، وبالاخص الملغوم من شعر راسه حتى اسفل قدميه ومثيله وضيفه شاهد الزور والتزوير حامد الجبوري ، الملغوم من اسفل قدميه حتى شعر راسه !  

العدو الرسمي والفعلي

       اذا تجاوزنا العقود السابقة للتسعينيات ، والتي شهدت حروبا متعددة ومختلفة الصيغ شنتها امريكا ضد العراق في ظل النظام الوطني البعثي ، فان عام 1990 شهد مركّزة امريكا لعداوتها  على العراق ، رسميا وفعليا ، وعده العدو الاول والاخطر ، وعبرت هذه الحقيقة عن نفسها في الاصرار على تفجير الحرب الاطول والاخطر في كل التاريخ التي ابتدأت في عام 1991ومازالت مستمرة حتى الان .  ولاجل اختصار العرض فمن المفيد الاكتفاء بنقاط مركزة توضح كل شيء :

          1 – دفعت الولايات المتحدة الكويت للقيام باعمال عدائية كبيرة ضد العراق لاجل فرض الحرب عليه ، وحينما

تفجرت ازمة الكويت في صيف عام 1990 وتدخلت الجامعة العربية وعقدت قمة القاهرة لحلها عربيا وطرح فعلا الحل العربي وكانت الاغلبية معه اصرت امريكا على اجهاضه وفرض طلب القوات الاجنبية وادى ذلك الى وقوع العدوان الثلاثيني ضد العراق والذي شاركت فيه 43 دولة وجيوش 28 دولة ، وكان الهدف الرئيس هو اسقاط النظام الوطني بالقوة .

          2 – واسقاط النظام الوطني كان تمهيدا اكيدا لتحقيق هدف ستراتيجي امريكي وهو الاستيلاء على نفط العراق ، وهي حقيقة لم تعد خافية الا على الجهلة ، خصوصا وان جهات امريكية متخصصة عديدة اعترفت بذلك ومنها المفكر نعوم جومسكي ومدير الاحيتياطي الفدرالي الامريكي السابق الن جرينسباك . ومن يظن ان الهدف من السيطرة على نفط العراق كان لاغراض تجارية واقتصادية فقط  مخطأ جدا ويجهل حقيقة خطيرة وهي ان الهدف الاهم للسيطرة على نفط العراق هو استخدامه اداة ابتزاز للعالم كله من اجل فرض الهيمنة الامريكية عليه دون حروب عسكرية لا تستطيع امريكا خوضها ولا كسبها . ان النظرية الجيوبوليتيكية الجديدة القائلة بان ( من يسيطر على حنفية النفط الاساسية  يسيطر على العالم ) هي التي تتحكم بالسياسة الامريكية تجاه العراق ، لان النفط العراقي هو الاهم بعد ان تم تأكيد انه يملك الاحتياطي الاعظم في العالم والمقدر باكثر من 400 مليار برميل .

وهذه الحقيقة تفسر سر الاصرار الامريكي على ابقاء العراق تحت الحصار رغم فشل العدوان الثلاثيني وتحمل امريكا نقدات قاسية ، حتى من داخلها ، لتجاوزها على كل المعايير القانونية والانسانية والاخلاقية في تعاملها مع العراق منذ عام 1991 ! وقد تجلى هذا الاصرار الامريكي على السيطرة على العراق ، اوضح ما تجلى ، في تبني الكونغرس الامريكي قانونا غريبا على التشريع الامريكي بالذات وعلى كل القوانين والاعراف الدولية ، وهو القانون الذي اطلقت عليه تسمية بالغة الغرابة ، من وجهة نظر القانون الدولي ، وهو ( قانون تحرير العراق ) في عام 1998 الذي نص على ضرورة اسقاط النظام الوطني بكافة الوسائل ورصد مبالغ مالية لتحقيق ذلك . ان الغرابة تكمن في نواح عديدة ولكن اهمها هو انه لم يسبق ان تبنت دولة قانونا ينص على اسقاط نظام في دولة اخرى ! وما عملية ثعلب الصحراء في نفس ذلك العام الا محاولة في هذا الاطار لاسقاط النظام الوطني بالقوة والغزو العسكري . 

3 – لقد تعاونت امريكا مع كافة الاطراف الدولية والاقليمية لاجل تحقيق هدف اسقاط النظام الوطني في العراق ، لدرجة انها تعاونت مع ايران التي وضعتها في قائمة واحدة مع العراق ، وهي قائمة ( محور الشر ) ، بعد ان استخلصت الدرس الاهم من فشل عملية ثعلب الصحراء وهو ان ايران فقط تستطيع انجاح الغزو لانها تملك اذرعا في جنوب العراق ، وبما ان الغزو يجب ان يبدأ من الجنوب فان التعاون مع ايران حتمية لا مفر منها ، وهذا ما حصل بالفعل حيث ترتب على الاتفاق الامريكي – الايراني ، بعد مباحثا سرية بين الطرفين عقدت في اوربا ، التحاق ما سمي ب ( المجلس الاعلى للثورة الاسلامية ) بالمعارضة العراقية في لندن وحضر اجتماعات لندن التي نظمتها المخابرات الامريكية عبد العزيز الحكيم بأمر ايراني .

( ان غزو امريكا لافغانستان والعراق ما كان له ان ينجح  لولا المساعدة الايرانية ) ، وهذه العبارة هي ما قاله محمد خاتمي الرئيس الايراني ونائبه حينما كانا رئيسا ونائبا للرئيس في عام 2004 . وتنطوي تلك العبارة على معنى واضح ومحدد لا لبس فيه وهو ان الغزو الامريكي للعراق في عام 2003 كان مستحيلا ان ينجح بدون التعاون الايراني ، كما اثبتت محاولتي الغزو الفاشل في عامي 1991 و1998 ، وهذا ما قاله خاتمي مباشرة ورسميا .

اذا اكتفينا بما تقدم ، رغم ان الكثير من الحقائق الاخرى توجد ، فاننا نواجه حقيقة واضحة وهي ان امريكا عدت العراق تحت قيادة البعث والشهيد صدام حسين هو العدو الاخطر والاهم لاسباب واضحة تتعلق بالنهج التحرري للعراق ، خصوصا في مجال السياسية النفطية القائمة على تأميم النفط ، والتي تمنع امريكا من الاستيلاء عليه واستخدامه بعد ضمه لنفوط الدول الاخرى كاداة ابتزاز للعالم كله . لذلك فان اهم سؤال هو هل يوجد نظام او طرف اخر في العالم اجبرت امريكا على تحشيد كل طاقاتها وطاقات اكثر من 40 دولة معها لاسقاطه غير نظام البعث ؟ الجواب هو كلا فقط نظام البعث والشهيد صدام حسين هو الذي حرك امريكا لتجيش الجيوش وجعلها تضطر لخوض حرب مدمرة وخطرة وضعت مشروع القرن الامريكي على كف عفريت .

الشيطنة والاجتثاث ما هي الصلة بينهما ؟

اننا لن نكتشف الدور الحقيقي للملغوم عاهر الضمير احمد منصور الا اذا تذكرنا ، اضافة لما تقدم ، ان سياسة ( اجتثاث البعث ) ، وهي سياسة اجرامية فاشية لانها ادت الى اغتيال اكثر من 120  الف بعثي في العراق اضافة لقتل الالاف من الذين يناهضون الاحتلال تحت غطاء اجتثاث البعث ، تستند اساسا الى وجهها الاخر المكمل وهو شيطنة البعث ، فبدون الشيطنة لا يمكن ان يتم الاجتثاث وينجح . ان المطلوب امريكيا واسرائيليا وايرانيا ، في ضوء ماشرحناه ، هو تصفية البعث كحزب وكأيديولوجيا قومية تحررية اضافة للتصفيات الجسدية للبعثيين ، تنفيذا للقانون الامريكي السيء الصيت ( قانون تحرير العراق ) ، والذي اعقبه بعد الغزو قانون فاشي لا مثيل له ، وهو قانون ( اجتثاث البعث ) .

وهذا  الاصرار على تصفية البعثيين من قبل امريكا يعود الى حقيقة واضحة وهي ان وجود بعثيين يبقي البعث حيا وفعالا ، وبقاء البعث هو الضمانة الوطنية الاولى لمنع امريكا من السيطرة على العراق ونفطه قبل الغزو ، ولقيام مقاومة مسلحة وسلمية بعد الغزو ضد الاحتلال . وهكذا فان المصالح الاستعمارية الامريكية والصهيونية التي عدت صدام حسين هو العدو الاسطوري ( البابلي الذي يدمر اسرائيل ) ، والبطل القومي الذي اطلق 43 صاروخا ستراتيجيا على اسرائيل  في عام 1991 ووضع الاساس المتين لاسقاط نظرية الامن الاسرائيلي ، واصر على رفض اي مساومة ، خصوصا حول فلسطين ، مقابل اي ثمن تجعله يتخلى عن السياسة القومية للبعث القائمة على رفض الاعتراف باسرائيل ، هي التي تجعل من صدام حسين الهدف الاول والاساسي لامريكا واسرائيل ، وهذه حقيقة يعرفها حتى الطفل البسيط ولا ينكرها الا الجاهل ، او المعوق عقليا او ضحية العقد النفسية ، او العميل لامريكا واسرائيل .

واستنادا لذلك فان امريكا ، مدعومة من قبل اسرائيل وايران ، متفقة على ، وملتفة حول ستراتيجية معلنة وواضحة وهي القضاء على صدام حسين وتشويه صورته عربيا اولا واسلاميا ثانيا ، وكان الغزو العسكري هو الخطوة الاساسية والحاسمة ، والتي مهد لها بحملات شيطنة استندت على قصص اكتشف العالم انها اكاذيب بعد الغزو ، واعقب الغزو عمليات تصفية جسدية للبعث وقياداته من قبل امريكا وايران . وحينما فشلت وبقي البعث هو الرقم الصعب في العراق الذي تصدى للغزو بمقاومة مسلحة هي الاعظم في كل التاريخ الانساني اقدم على اغتيال صدام حسين وبعض قياداته ، وهو الان يعد العدة لاغتيال قادة اخرين ، الامرالذي يوجب شيطنتهم مجددا بعد فشل حملات الشيطنة السابقة ، لان الاغتيالات الجماعية والابادة المنظمة للبعثيين والمقاومين الاخرين يمكن تسهيلها بجعل الراي العام يظن انهم شياطين ورجال سوء .                                                                  

كيف نفذت هذه الخطة ؟

         ان خطة الشيطنة اصبحت واضحة ومعروفة ومع ذلك علينا ان نعيد تسليط الضوء على اسسها وكيفية تنفيذها في العراق والوطن العربي . تنطلق خطة الشيطنة من حقيقة معروفة في عصرالاعلام  الالكتروني ، الذي يخاطب الملايين ويسيطر على اتجاهاتهم ، وهي ان رسم الصورة لحزب او شخص تريد المخابرات الامريكية القضاء عليه او تلميع صورته هو الواجب الاهم للاعلام ، لان تأثير الصورة أقوى وأشد  ضررا من قذيفة الدبابة ، وهي قاعدة الاعلام الامريكي الاساسية منذ ما بعد حرب فيتنام ، لذلك كان صنع الصورة سلبا وايجابا هو اهم ما في ستراتيجية الغزو الامريكي والاسرائيلي ، وهو اهم من العمل العسكري لان العمل العسكري اذا اصطدم بمعنوبات قوية لدى الطرف المستهدف فان الغزو فاشل مهما طال الزمن . اضافة لذلك فان القتل بالقذيفة مذموم ومدان بلا تردد اما القتل بالصورة فهو مقبول لانه يتسلل الى الوعي بنعومة كنعومة جلد الافعى ، وقد تضايق لكنها مضايقة محتملة !

والشيطنة صناعة قديمة قدم الصراعات ، لكن امريكا والصهيونية طورتاها بشكل مذهل وخطير جدا لانهما استفادتا من تجارب التاريخ ، من جهة ، ومن التطور المذهل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من جهة ثانية .  وتقوم الشيطنة على مبدأين اساسيين : المبدأ الاول هو ترويج اكاذيب مدروسة بدقة بعد دسها وسط حقائق معروفة ، لاقناع المتلقي بان ما يقرأه او يشاهده حقائق معروفة ، دون ان يلاحظ ان هناك كذبة مهمة قد دست وسط الحقائق ! وفي اطار هذا المبدأ فان الاكاذيب لا تصدر مرة واحدة ، ولا تصاغ باسلوب واحد ، بل تقوم على فكرة ضخ الاكاذيب وترويجها واحدة بعد الاخرى ، وباساليب مختلفة وعبر وجوه مختلفة ايضا ، لحرمان الضيحة من القدرة على الرد ، ولجعل المتلقي ينتقل من التعامل مع كذبة الى اخرى دون امتلاك الوقت الكافي للتدقيق ! وهكذا فان ما روج ، ومهما فشلت بعض الاكاذيب في اقناع المتلقي يستقر بعضها في ذاكرته ، اما نتيجة للتعب من الملاحقة او للبراعة في صياغة الكذبة . اما المبدأ الثاني فهو عدم السماح للضحية بالرد ، واذا سمح له فبحدود ضيقة لا تمنحه الفرصة لتفنيد كل الاكاذيب ، او انه يتعرض لتكتيك جره الى مواضيع ثانوية وتمضية اغلب الوقت في التعامل معها .

وهكذا فان مروج الاكاذيب ينجح في ترويج عدد من الاكاذيب ، مهما كان صغيرا ، يسمح بشيطنة الضحية او انه يمهد لشيطنته فيما بعد نتيجة التشكيك والشك اللذان تزرعهما المعلومة الكاذبة في نفسه .  ان الصورة النموذجية لهذه الخطة نجدها في العراق منذ عام 1988 حينما خرج العراق منتصرا على ايران في الحرب التي فرضتها عليه ودامت ثمانية اعوام ، فلقد لوحظ ما يلي :

1 – ضخ كم كبير ومتتابع من الاكاذيب في اوقات متتابعة وربما متداخلة ، بحيث ان المتلقي يضطر للتعامل مع مجموعة من الاكاذيب ، والتي لا تبدو اكاذيبا في البداية وتحتاج الى زمن وتأمل وتدقيق لتحديد ما اذا كانت اكاذيب ام حقائق . ان اكاذيب المدفع العملاق واسباب اعدام الجاسوس البريطاني بازوفت و( خرق ) حقوق الانسان واسلحة الدمار الشامل و( اضطهاد الاكراد ) ، وكثير غيرها ، اطلقت في وقت واحد او اوقات متقاربة ، ووضع الانسان امامها كلها وكان عليه ان يحكم عليها بسرعة ، لكنه قبل ان يصل لحكم تتغير الكذبة ويركز على غيرها فيضطر للانتقال الى الاخرى دون حسم موضوع الاكاذيب الاولى ( هل هي اكاذيب ام حقائق ؟  ) ، وهكذا ينجح الاعلام المعادي في ترك بعض الاكاذيب تستقر في وعيه او في لا وعيه !

2 – اشتراك عدة اجهزة اعلامية في ضخ الاكاذيب ، وبعضها يتمتع بصدقية و( حياديتها ) ومعروفة لدرجة ان المتلقي تتشوش رؤيته لانه يصبح حائرا بين ميله للتشكيك بالكذبة ومعرفته بصدقية من يروجها !

3 – منع الضحية من الرد ، او تعمد ارباك من يدافع عن الضحية بوضعه امام اسئلة لاتشكل الاجابة عليها ردا على الاكاذيب الاساسية ، لان الذي يدير المقابلة او الحديث هو من يقرر اتجاهه وليس الضيف ، فانت لا تستطيع الرد على سؤال حول مظاهرة بالحديث عن نهب الثروات ، لانك ستوقف فورا من قبل مقدم البرنامج ويقول لك : لقد خرجت عن الموضوع !

4 – تدرج طرح الاكاذيب وعدم ترويجها كلها مرة واحدة ، لان المطلوب هو الزحزحة التدريجية لقناعات راسخة مما يجعل محاولة تغييرها بسرعة تصطدم برفض عنيف يولد حصانة لدى الضحية ضد سيل المعلومات ، لذا لابد من التدرج لتجنب حصول صدمة تنبه الضحية الى وجود خطة ما . لكن هذا التدرج يجب ان يوصل الى تشكيل صورة متكاملة عن الضحية تتناقض كليا مع حقيقتها ! وجعل بعض الناس يتقبلون الصورة المزيفة وهم يعتقدون انها صحيحة .

5 – افتعال ازمات ساخنة وتصعيدها وجعل الضحية طرفا فيها او انه البطل الرئيسي لها ، وتحاط باجواء هائلة من التزوير والايحاء ، مستغلة الاخطاء التي قد يقع الضحية فيها ، خصوصا بسبب ضخامة الازمات وخطورتها لاجل تاكيد الاتهامات الموجهة له !

6 – طبق واحدا من اهم اساليب اجبار الضحية على الوقوع في الفخ ، وهو اسلوب يقوم على قاعدة ( اجعل الضحية يدافع فقط وامنعه من الهجوم يخسر الحرب ) ، وطبقت قاعدة اخرى وهي ( اجعل الضحية يشعر بانه سيدحر سيضطر للقيام بأعمال لم يكن يريد القيام بها على الاطلاق ) ، وهنا تبدا الشيطنة بالنجاح  .

7 – ومن آليات الشيطنة ايضا تسخير اطراف واشخاص متناقضي الهوية والاتجاه ، وبعضهم وطني لكنه اسير حماقات الحقد ونزعة الثأر من وطني اخر ، فيستخدم من قبل المخابرات دون معرفته لمهاجمة الضحية ، وبهذه الطريقة تصبح الشيطنة اسهل لوجود نوع من انواع الاجماع ضد الضحية  .

8 – واخيرا وليس اخرا فان من اساليب فتح الباب واسعا امام الشيطنة القيام بتعهير المفاهيم الوطنية والقومية والحط من شأنها ، لانها هي القلعة الكبيرة التي تحمي القوميين العرب من الاختراق او التعرض للتشويه ، فاذا عهرت هذه المفاهيم فان قيمة الضحية النضالية تقل باعين من خضع لعملية غسل دماغ وتدنت لديه قيمة المفاهيم الوطنية والقومية . ان الترويج لمصطلحات مثل ( القومجية ) او خيالية هدف الوحدة العربية يخلق نوعا من الارباك لدى البعض .

بين عامي 1988 و1990 كانت الاكاذيب تترى وتسلط عليها الاضواء وتروج على نطاق واسع ، حول العراق وقيادته ، من قبل الاعلام الغربي ، ويقوم الاعلام العربي باعادة ضخ تلك الاكاذيب . لكن بعد العدوان الثلاثيني ( 1991 ) تغيرت القنوات التي تضخ الاكاذيب او تعيد رسم الصور او تغير البيئة العامة ، فلقد انشأت مئات الفضائيات العربية اللسان والتسمية لكن اغلبها موجه من قبل المخابرات الامريكية . لقد وصل عدد الفضائيات ، العربية اللسان الغريبة الهوية والهوى ، الى اكثر من 500 قناة مختلفة الاختصاصات ، من فنية تروج للدعارة والقيم الغربية ، الى الدينية التي تشجع على التطرف الديني والطائفي ، مرورا بالقنوات الاخبارية التي تخصصت بشيطنة القوى الوطنية . ورغم ان العراق كان يملك الثروات الا انه فشل في اقامة اجهزة اعلامية تستطيع الرد او فضح الحملات المعادية  بالصورة المطلوبة ، لذلك فان الاعلام المعادي المعتمر للكوفية والعقال كان يضخ ما يشاء بدون رد او برد محدود ومطوق ممنوع من الانتشار .

ماذا ترتب على هذه الحالة ؟ ببساطة لقد رسمت صورة غير ايجابية عن العراق تحت قيادة البعث ليس لانه سيء بل لانه حرم من القدرة على الرد او شن هجمات اعلامية مضادة ناجحة ، فانفردت الفضائيات المعادية بنقل صورة منفّرة عنه ! وبتحقيق ذلك فان احد اهم شروط خوض حرب عسكرية ضد من شيطن قد توفر وهو عزل الضحية عن محيطه وتقليص عدد مناصريه او من يدافعون عنه وارباك الراي العام ، فتصبح عملية ضربه او غزوه اسهل ولا تترتب عليها الا ردود فعل يمكن احتواءها او تحملها . لقد وقع العدوان الثلاثيني في هذه الاجواء  ورغم فشله عسكريا نتيجة صمود العراق شعبا وقيادة ، فانه اصاب العراق بضرر كبير لم تسببه القذائف بل تشويه الصورة ، حيث غلبت صورة العراق المعتدي والمغامر على ضرورة معرفة وجهة نظره مهما كانت طبيعتها .

ملاحظات اضافية

من الضروري توضيح بعض اساليب القتل بالصورة لاكمال فهمنا للمسألة :

1 – اعادة رسم الصورة ماذا يعني ؟ بعد وفاة المرحوم جمال عبدالناصر قرر الغرب منع بروز قائد عربي كارزمي لانه سيكون قادرا على تحقيق استقطاب جماهيري حوله مما يجعل طاقات الامة العربية قابلة للجمع والحشد والتثوير باتجاه دعم القضايا الوطنية والتحررية . وكانت الخطة تعتمد على عنصرين جوهريين : عنصر التنفير بنسج الاكاذيب حوله او بتضخيم اخطاءه ، وعنصر التعجيز بوضع خطط شاملة لمنع القائد القومي العربي من تحقيق اهدافه ووعوده المعلنة وبذلك تشن حملة نقد واسعة النطاق عليه ترتكز على اتهامه بانه يرفع شعارات ولا ينفذها . في عدوان 1991 تعززت صورة صدام حسين بصفته بطلا لا يهاب القوى العظمى ولا يتنازل لها تحت الضغوط ، واصبحت القاعدة الجماهيرية الداعمة له عربيا وسلاميا وعالميا كبيرة جدا ، وتلك حقيقة ساعدت العراق على الصمود بوجه الحصار والتطويق الكامل للعراق دبلوماسيا واقتصاديا وسياسيا .

وهنا برزت مشكلة امام اعداء العراق وهي ان مواصلة تنفيذ مخطط العمل على احتلال العراق يتطلب قبل كل شيء شيطنة صدام حسين بصورة مدروسة اكثر مما حصل بين عامي 1988 و1991 ، فاتبعت خطة اغراق الوطن العربي بسيل هائل من المعلومات والاراء المعادية للرئيس الشهيد بشكل خاص وللعراق بشكل عام . ان أنشاء الفضائيات العربية باعداد هائلة لم تكن تفرضها الضرورة الموضوعية بل هدف شيطنة العراق ، لان تعريض المواطن العراقي والعربي لكم ضخم من المعلومات ، ومن مصادر مختلفة ومتنوعة وربما تبدو غير منسجمة ، مقابل حرمان العراق من القدرة على الرد المؤثر والواسع النطاق يؤدي تدريجيا الى اضعاف ملكة النقد والتدقيق لديه ، ويقع ضحية للدعاية المعادية . ولذلك فان الفترة بين عام 1991 و2003 تميزت ببروز صدام حسين قائدا كبيرا يعشقه الكثير من الناس ولكن بنفس الوقت له اعداء كثيرون وبعضهم لم يكن مع الغرب واسرائيل بل كان وطنيا ! وازدواجية الصورة جعلت صورته ايجابية لدى بعض الناس وسلبية لدى البعض الاخر . وهذه خطوة مهمة ومتقدمة على طريق الشيطنة .

وبعد الغزو مباشرة بقيت هذه الصورة ، لذلك جاء اسره فرصة للقيام بمواصلة واكمال عملية الشيطنة ، فروجت قصة اسره في الحفرة مع انها كاذبة كما ثبت فيما بعد ، وروجت قصة انه كان منهارا ، وقد ثبت فيما بعد انها كاذبة  ! وجاءت المهزلة المسماة ( محاكمة ) لتقدم صورة حقيقية ورائعة عنه ، وهي صورة الفارس الشجاع الذي حول محاكمته الى محاكمة للاحتلال وعملاء الاحتلال ، فسقطت كل الاكاذيب المنسوبة اليه قبل الغزو وبعده ، وتأكد الناس انه لم يكن يستغل منصبه وانه ليس لديه ملايين الدولارات ولا القصور والتي كانت للشعب . لقد برز صدام حسين قائدا مقداما ارعب عملاء الاحتلال واقلق الاحتلال خصوصا وانه هدم كل الدعايات التي بثت خلال اكثر من ربع قرن لشيطنته .

وتشكلت صورة نهائية وحاسمة لصدام حسين عربيا وعالميا لحظة اغتياله ، وهي الصورة الحقيقية له التي حاول الاعلام الغربي – الصهيوني – الايراني شيطنتها ، مما اجبر الكثير من اشد اعداءه كرها ورفضا له على اعادة نظر جذرية في الموقف منه ، مثل الشيخ د. عائض القرني الذي كان معاديا له لكنه نظم واحدة من اجمل القصائد لصدام الشهيد ، وهذا ينطبق على موقف الشيخ د. يوسف القرضاوي الذي افتى بان صدام حسين مات شهيدا ، كما انه ينطبق على موقف حركة طالبان المجاهدة في افغانستان التي اكدت ان صدام حسين شهيد عظيم بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، رغم الاختلاف الايديولوجي الواضح . وتلك حقيقة تترتب عليها نتائج خطيرة لانها تعيد رسم مواقف الناس والقوى الحية في الوطن العربي والعالم باتجاه دعم نهج صدام حسين والوقوف ضد امريكا . فماذا تفعل امريكا لتجنب هذه النتيجة ؟ الشيطنة مرة اخرى وباسلوب اخر .

ان القضاء على الاسطورة التي بقيت حية وازدادت عظمة لصدام حسين ، رغم اغتياله جسديا ، هو احد اهم الاهداف الرئيسية للمخابرات الامريكية ، فهي لا تعزز فقط وحدة الحزب والشعب وتعمق معنوبات واصرار البعثيين على التحرير، وهو الحزب الوطني الوحيد في العراق ( وطني بالمعنى التنظيمي وليس السياسي ) ، بل هي ايضا تخلق بيئة نضالية صحية وواسعة لتوحيد كل الوطنيين العراقيين والعرب خلف هدف التحرير . ان الرمز الجهادي والاستشهادي الاعظم في العراق ، والذي تحتاجه كل حركة تحرر وطني لانه يحرك الملايين ويضع لهم قدوة هو صدام حسين الشهيد . واذا تذكرنا ان المخابرات الغربية والصهيونية قد قررت منذ رحيل عبدالناصر ان لا تسمح ببروز قائد كارزمي في الوطن العربي فان صورة صدام وهو يستشهد كان يجب ان القضاء عليها .

وكنا نتوقع حملة ضخمة لاعادة شيطنة صدام الشهيد وبالفعل فان المخابرات الامريكية اخذت تدعي ان الشهيد سرب مذكراته الى الخارج لغير محاميه الذين سجل بعضهم احاديثه ، ومنهم المناضل خليل الدليمي صاحب القسم الاعظم من المذكرات ، وهذا ادعاء كاذب تماما لان الشهيد حصر ما سربه بالمحامين ، ومع ذلك اخذنا نقرأ لضباط امريكيين كانوا مكلفين بخدمة الشهيد في اسره قصصا ملفقة عنه حول النساء وغير ذلك ! وبسرعة تلقفت جرائد وفضائيات تلك التسريبات المخابراتية ونشرتها واضافت اليها من عندها الكثير !

لكن الضربة المخابراتية الامريكية المتميزة كانت استخدام الجهاز الاعلامي الاهم في الوطن العربي ، وهو قناة الجزيرة لتحقيق ذلك الهدف : الشيطنة ، ووجدت المخابرات الامريكية في شخص مريض بداء الحقد على كل ماهو قومي عربي ، سواء كان ناصريا او بعثيا ، وهو الملغوم مقدم ( برنامج شاهد على العصر ) ، واعدته فنيا للقيام بدور المشيطن . وتنفيذا لهذا الامر استخدم اشخاصا كانوا بعثيين وا صبحوا خارجه وحاقدين عليه لاسباب شتى ، واخذ يفرغ احقادهم الشخصية واحقاده المرضيه هو ايضا على القائد الشهيد صدام حسين ، وحزب البعث حزب الشهداء والوحدة العربية وحزب المقاومة والجهاد .

ان ذروة السقوط الاخلاقي والوطني لمقدم البرنامج كانت استضافة شخص عميل علني للمخابرات البريطانية هو حامد الجبوري ، والذي كان مهمشا بالاصل حزبيا وكلف بوظيفة وزير دولة ثم سفير وهرب الى لندن في اصعب زمن كان يمر به العراق ، وهو زمن العدوان الثلاثيني عليه ، وانضم الى ماكان يسمى ( معارضة ) وهي معارضة يعرف القاصي والداني انها كانت اداة للمخابرات الامريكية والبريطانية ساعدت على غزو العراق وتدميره . ان مجرد كون حامد الجبوري عاملا في صفوف ما سمي ب( المعارضة ) يحدد هويته بدقة وبلا اي لبس او غموض لانها كانت معارضة اعدت ونظمت من قبل المخابرات الامريكية ، وبمساعدة المخابرات البريطانية ، لاجل تدمير العراق بعد غزوه ، وهو ما رايناه وراه العالم كله ، لذلك فان هوية حامد هذا محددة بدقة ودون اي التباس او غموض .

          3 ان بعض العاملين في الجزيرة ، وفي مقدمتهم مقدم برنامج ( شاهد على العصر )  ، قد تم ادخالهم في دورات متخصصة ، ليس من قبل قناة الجزيرة بالتأكيد ، حول اساليب التحقيق مع متهمين واعدوا اعدادا ممتازا لوضع ضيوفهم في زاوية حرجة لا يخرج منها الا ذوي القدرة المتميزة على الدفاع عن مواقفهم ومبادئهم . وفي هذا الاطار فان ارسال هذا الملغوم الى الفلوجة لتغطية المعارك فيها كان اساسا عملية تأهيل له لاكتساب صفة متعاطف مع المقاومة العراقية وضد الغزو ، لكي يستطيع القيام لاحقا بدوره المرسوم من موقع غير مشبوه ! علما ان تغطية معارك لا يعني باي حال ان من قام بها وطني لانه واجب مهني يقوم به مئات الصحفين في العالم وبعضهم جواسيس كما نعلم .

4 – ان الملغوم المذكور اختير وجند استنادا الى خلفيته المشبوهة سياسيا بصفته كان ، وربما مازال ، منتميا الى جناح من الاخوان المسلمين يتميز بالحقد المتطرف على القومية العربية والقوميين العرب وتلك صفة ضرورية للتجنيد الناجح .

الثغرات الفاضحة

لقد تعمدنا ان نقدم عرضا ملخصا ومتكاملا لكيفية ممارسة الشيطنة ، لان ذلك ضروري لرؤية الحدث بكامل تفاصيله ، والان علينا ان نحدد ابرز الثغرات القاتلة في برنامج ( شاهد على العصر)  ، والتي تسقط قيمته لمن انتبه اليها , واهمها :

1 – لقد تميز هذا البرنامج بان مقدمه لا يخفي حقده على القومية العربية والقوميين العرب ابدا ، بل هو عدو رسمي ويفخر بعداوته ! ان الحقد يسيل دبقا على وجهه وهو يتحدث عن القوميين العرب وقادتهم ، خصوصا عبدالناصر وصدام حسين ، وهذه الحقيقة تضع البرنامج في خانة البرامج الدعائية التي لا قيمة لها لان من اهم مميزات الاعلامي موضوعيته ولا نقول حياديته لان الحياد مستحيل .

2 - هذا البرنامج ، بخلاف اغلب برامج قناة الجزيرة التي تقدم الراي والراي الاخر ، يحرم احد الطرفين من حق الرد ليس عن طريق رسالة او مكالمة ، فذلك خداع منظم لان الطرف الاول اعطي فرصة اسابيع وهو يتهم ويلفق الاكاذيب ، لذلك فان الحيادية والالتزام بعرض الراي الاخر يتطلبان استضافة الطرفين معا ، او استضافة الثاني بعد الاول واعطاءه نفس الفرصة الزمنية . وهذه ثغرة تسيء للجزيرة كثيرا لانها تجعلها لا تختلف عن فضائيات الانظمة العربية الاخرى التي تتميز بعرض راي واحد .

3 – ان المصادر الاساسية لمعلومات مقدم البرنامج معادية ، مثل المخابرات الامريكية ، التي استخدم تقاريرها المسربة عمدا لاجل الشيطنة مع انها مفضوحة ويعرف حتى الطفل ان هناك اقساما في المخابرات الامريكية وغيرها متخصصة بتسريب الاكاذيب لاجل الاساءة للخصوم ، وكلنا نتذكر الاعلان الرسمي لرامزفيلد عن انشاء مكتب للكذب في وزارة الدفاع الامريكية لمواجهة الهزيمة في العراق . كما ان البرنامج اعتمد على ( شهادات مجروحة ) ، اي مطعون بموضوعيتها ودقتها وصدقيتها ، لان الشاهد معاد لمن يشهد عليه . ان حامد الجبوري مثلا معاد لحزب البعث وللشهيد وعميل بريطاني معروف ، وكان ضمن ما يسمى ب ( معارضة ) وضعت نفسها في خدمة المخابرات الامريكية وسهلت الغزو .

4 – ان الشاهد ليس طرفا في اغلب الاحداث التي تطرق اليها ، لذلك فان اغلب المعلومات التي قدمها سمعها من اطراف اخرى ، وهذه الحقيقة تجعل الشهادة مرفوضة حتى قانونيا . ان اغلب ما تحدث عنه حامد هذا هو سماعيات ساذجة لانها كذب مفضوح . واذا كان القانون لا يقبل الشهادة السمعية فان الاخلاق اشد رفضا لمثل هذه الشهادة . حامد لم يكن قياديا في الحزب ولذلك فكل قصصه عن الحزب تدخل في باب السماعيات المشكوك بصحتها ومع علم احمد منصور بذلك فانه رقص امامنا فرحا بما سمعه ! اما في الدولة فقد كان وزيرا للاعلام لفترة وخرج من الوزارة لانه فشل بحكم محدودية امكانياته وضعف ثقافته ، والتي لاحظها كل مشاهد ، فاذا كان حامد الان بهذه الدرجة من التخلف الثقافي والفكري والانحطاط الاخلاقي وضحالة الشخصية بعد اكثر من اربعين عاما من التجارب والقراءة ، فعلينا ان نتصور كيف كان مستواه العام في ذلك الوقت قبل اربعين عاما ؟ !

5 – ان هزال حامد الجبوري الشخصي المذهل اثناء تقديم البرنامج ، وتحمله لاهانات الصبي مقدم البرنامج تقدم لنا صورة عن درجة احترامه لنفسه وكونه تافها ولا يحترم نفسه ولا كرامته الشخصية . ان من يسمح للصبي التافه احمد منصور باهانته من المؤكد انه يسمح اكثر لمن هو كبير المقام والدور باهانته وتقبله لتلك الاهانات برحابة صدر . ومن الامثلة التي تشير الى تفاهة وجبن احمد منصور هو كيفية احناء راسه للمرحوم حسين الشافعي وتقبله لاهانته له ! كما انه عبر عن وضاعته عندما استضاف الشيخ حمد وزيرخارجية قطر ، وقت اجراء المقابلة ، وبدى احمد كمن يريد ارضاء ضيفه بأي طريقة وكانت ضحكاته وابتساماته المنافقة واضحة جدا ! من هنا فان تفاهة حامد الجبوري وعدم احترامه لنفسه وسماحه لاحمد باهانته يحدد بدقة من هو حامد هذا ؟ ولدينا مثل عراقي يقول ( ان الحياء قطرة وليس جرة ) وحينما تسقط القطرة لا يمكن لمها ابدا ، وحامد سقطت ( قطرته ) من زمان ، والعراقيون كلهم يعرفون كيف سقطت ، لذلك لم يستطع لملمتها عندما اهانه احمد منصور مرارا وبشكل منهجي .

6 – اعترف حامد بانه تنقل بين حزب البعث وحركة القوميين العرب وتلك حقيقة تسلط الضوء على واقع انه انتهازي يبحث عن الحصان الرابح وليس عن المبادي والقيم والافكار . ولعل تتويجه لمسيرته الحافلة بالانتهازية وعدم احترام الذات بالهروب الى لندن ، حينما كان العراق يواجه حربا مدمرة مع انه بقي في منصبه قبل ذلك في زمن الرخاء والسلم ، واعلانه الانضمام الى معارضة عميلة ، رسميا وفعليا ، هو الفيصل الحاسم في تحديد هويته ، وهي انه انسان مستعد لبيع نفسه لمن يوفر له امتيازات ومنافع اكثر . ولذلك فانه لا يصلح باي شكل ووفقا لاي معيار معروف ليكون شاهدا موضوعيا ومحترما .

ان هذه الحقائق لم تكن غائبة عن مقدم البرنامج لكنه ، كصبي مأمور من قبل مجنديه ومحكوم باحقاده ، تجاهل كل ذلك وقدم برنامجا ابسط وصف له انه عبارة تقيأ وسخ ومثير للاحتقار والقرف من المقدم المنحط اخلاقيا والساقط وطنيا ومن ضيفه الذي يشابهه في كل شيء بتاريخه الملغوم وبواقعهم المسموم .

المسؤولية القانونية

اذا كان الصبي لا يعلم انه ارتكب جريمة التحريض على الابادة الجماعية فعليه ان يفكر بذلك الان ، بعد ان جمعنا كل برامجه حول البعث ، والتي تشكل تحريضا مباشرا وكاملا على قتل البعثيين . هناك في القانون العادي عقوبة قاسية لمن يحرض على القتل الفردي ، اما التحريض على الابادة الجماعية فان عقوبته اكثر قساوة . ان شيطنة البعثيين التي قامت بها امريكا وتوابعها ومنهم الصبي المذكور ،  كانت تستهدف احتواء ردود الفعل على قتل البعثيين او تقليلها ، وقانون الاجتثاث هو قانون واضح ، لانه يقوم على اجتثاث البعثيين جسديا وايديولوجيا وتنظيميا ، وقد استشهد حتى الان بسبب ذلك القانون اكثر من 120 الف بعثي ، ومسؤولية قتلهم لا يتحملها من اطلق النار عليهم فقط بل ايضا من حرض على قتلهم وهيأ البيئة النفسية والمنطقية لقتلهم ، عبر الشيطنة المبنية على اطلاق الاكاذيب التي تجعل اجزاء غير قليلة من الراي العام لا تكترث بالقتل .

واذا كان الصبي احمد منصور لا يعرف ذلك فعليه ان يسأل محاميا مختصا في هذا الشأن منذ الان . اننا مصممون على تقديم هذا الشخص للعدالة بتهمة المشاركة الفاعلة في الابادة الجماعية لالاف العراقيين ولدينا كافة حلقات برامجه وهي تكفي لادانته ، وقد سألنا محاميا اوربيا مختصا فاكد انه سيعامل كمعاملة من اطلق النار .

وهنا سنكون واضحين جدا فاحالته للمحاكمة سيتم حتما ، مهما دافعت عنه المخابرات الامريكية او اي طرف اخر ، لاننا سنجلبه للعدالة ب( واسطتنا ) نحن حتى لو اختبأ في القمر . ان ارواح شهدائنا تنادينا للثأر لها من القتلة وفي مقدمتهم من هيأ القاتل واقنعه بان القتل ضروري لبشر شيطنوا .

السقوط يبدأ بالاخلاق

          ان سقوط حامد واحمد وطنيا لم يحدث الان ، فذلك مستحيل ، لان السقوط هو حصيلة بذرة انحطاط اخلاقي وجدت مقدما داخل الساقط ونمت تدريجيا وكانت الاساس الذي استند اليه السقوط الوطني ، لذلك فان البحث في سيرة هذين الشخصين يقدم لنا التاكيد على انهما سقطا اخلاقيا اولا ومنذ زمن بعيد . والساقط اخلاقيا ووطنيا لا يصلح لا للشهادة ولا للسياسة والاعلام لانهما مجالان عامان خطيران يتعلقان بمصير الملايين . لقد تميزت اخلاق العرب وكل الشرفاء في العالم باحترام ذكرى الاموات ويحثنا الاسلام على احترام موتانا ، وفقا للقول العظيم ( اذكروا محاسن موتاكم ) ، واذا كان الاسلام والخلق القويم يحثان الانسان على احترام ذكرى ميت عادي فكيف يجب التعامل مع ذكرى شهيد من طراز استثنائي اغتاله العدو الرسمي للعرب والمسلمين ؟ يضاف الى ذلك ان هناك تقليدا عربيا وعشائريا راسخا يتمثل في الحكمة التي تقول ( انا واخي على ابن عمي وانا ابن عمي على الغريب ) ، والشهيد صدام حسين اغتالته امريكا ، كما هو معروف ، فاذا كان مقدم البرنامج وضيفه يحترمان تعاليم الاسلام وتقاليد العرب الم يكن مفروضا بهما ان يتجنبا الاساءة لاعطم شهداء الامة في هذا العصر ؟

ان السقوط الاخلاقي لاحمد منصور وحامد علوان يكمن في هذه الحقيقة بالذات ، فهما تجردا حتى مما يلتزم به العدو مع عدوه حينما يموت ! والسؤال المهم هنا هو : لماذا هذا الاصرار على ترويج اكاذيب قذرة حول اعظم شهداء الامة العربية في العصر الحديث ؟ هل من الممكن فصل هذا البرنامج وما ورد فيه عن الخطة الامريكية المعروفة لشيطنة قائد خاض حربا مع امريكا استمرت 13 عاما متوالية ( 1991 – 2003 ) دون توقف وكلفها اكثر مما كلفتها اي حرب اخرى ، وجر امريكا جرا لتواجه ( اسوأ كارثة في تاريخها ) ، بعد ان نظم وفجر وقاد المقاومة العراقية ، كما اعترف جيمي كارتر الرئيس الامريكي الاسبق ومادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة وجنرالات امريكيين ؟

وحينما وضعنا المثل العراقي الذي يقول ب( اننا لم نشاهد الله باعيننا بل بعقلنا ) كنا نريد تاكيد حقيقة تقول بان العقل الانساني وجد ليستخدم لا ليهمل او يطمر بقبعة الحقد ، واذا كان العقل يقول لنا بان صدام حسين كان قائدا عظيما ضحى بحياته من اجل امته ، فان ما رايناه باعيننا يوم اغتياله ورأه العالم كله ايضا كاف بحد ذاته لغلق باب الاجتهاد حول هوية صدام حسين . لذلك وفي ضوء ما تقدم فاننا واثقون بان البرنامج كان من صنع شيطان امريكي يركب الصبي مقدمه ويخنق انفاسه .

ان عظمة الاستشهاد وان كانت كافية لتحدد هوية صدام حسين الا ان انجازاته في العراق تكمل الصورة المشرفة له وهو يستشهد ، فهو بطل تأميم النفط الذي عد من اعظم الانجازات ، وهو بطل مجانية التعليم والطب ، وهو الذي ازال الامية من العراق ، وهو الذي اقام مجتمع الرفاهية الذي يخلو من الفقر ، وهو الذي وفر للعراقيين ما لم توفره اي حكومة في العالم على مستوى الطب ، حيث كان يرسل المرضى العراقيين الذين يتعذر علاجهم في العراق الى الخارج على نفقة الدولة ، وهو فاتح باب العلوم والتكنولوجيا التي وصل تقدمها في العراق الى حدود تصنيع قمر صناعي عراقي واختراع طريقة عراقية لتخصيب اليورانيوم ( كانت توجد طريقتين فقط لتخصيبه في العالم ) ، وهو بطل الحل السلمي الديمقراطي للمشكلة الكردية ، وهو بطل اقامة الجبهة الوطنية التقدمية ، وهو باني اعظم جيش امتلكه العرب في العصر الحديث ، وهو مصنع الصواريخ الستراتيجية كالحسين والعباس وغيرهما  ، وهو مصنع دبابة بابل ، وهو الذي جعل اسم العراق والعراقي عاليا لدرجة ان اعظم قوة في التاريخ اضطرت لخوض حرب عالمية ضده ، وهو  ... وهو ، ان تعداد انجازات صدام حسين تبدأ ولا تنتنهي ، لذلك نكتفي بما ذكرنا ، ونسأل عاهر الضمير احمد منصور : هل يوجد نظام في العالم كله قدم لشعبه انجازات توازي ما قدمه صدام حسين ؟ نتحدى اي انسان ان يقدم دليلا واحدا على ان هناك نظام او حكومة في العالم منحت شعبها ما قام به صدام حسين للعراق وشعبه .  وهذه الحقائق هي التي تفسر ظاهرة صدمت امريكا وايران بعد الغزو وهي الصمود المذهل للبعثيين وعدم سقوط اي قائد منهم رغم تعريضهم للاعدام واعدام الكثير منهم .

ويجب هنا نذكّر بان الشهداء لا يحتاجون لشهادة من احد ، فهم الشهداء وهم من يقدم الشهادات بحسن السلوك ، لذلك فان تلفيق الاكاذيب حول الشهيد القائد ليس سوى تعبير دقيق عن سقوط اخلاقي مقرون بسقوط وطني مدروس ومقرر وليس نتاج خطأ .

ان الشهداء ينطقون ، وهم يعيشون بيننا ويمنحوننا العزم والاصرار على تحرير العراق وفلسطين ، وهذا هو سر خلودهم وبقاء رمزيتهم تحرك الملايين لمواصلة النضال مهما غلت التضحيات ، وصدام الشهيد حي بيننا ينطق الان بلساننا ويقاتل ببنادقنا ، ونحن الشهود على خلوده وديمومته .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الجمعة /  16  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   20  /  حزيران / 2008 م