الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

السيد السيستاني ...الحقيقة والإدعاء

 

 

 

شبكة المنصور

صلاح أحمد

 

يحدث أن يتكرر لعب العملاء بورقة السيستاني بقصد الاستمرار في تضليل عدد غير قليل من أبناء شعبنا وصرف أنظارهم بعيدا عن حقيقة ما تنطوي عليه أهداف مواقف وسياسات حكومة الاحتلال الرابعة ، والتي عمد رئيسها يوم أمس إلى زيارة السيد السيستاني ليخرج علينا كالعادة بتصريح يفيد بأن الأخير موافق على سياسات الحكومة،وهذه الزيارة شأنها شأن سابقاتها ، يلفها الغموض والعتمة ، خصوصا وأن دار أقامة السيد السيستاني يقع في كوكب آخر لاتصل أليه كاميرات وميكروفونات الصحفيين .

أن استمرار عزف هؤلاء على ذات الوتر بهدف التحشيد وكسب التأييد يستدعي من جانبنا تسليط الضوء على بعض الحقائق ووفقا لما يلي :

أولا: أن العملاء على تنوع صورهم وانتماءاتهم واختلاف أساليبهم في التعاطي مع كل شيء في العراق ، يشتركون في حقيقة تجافي تراكيبهم الشخصية والنفسية عن أية مقومات أخلاقية أو قيمية ، وهذا ما يفسر حقيقة سلوكهم الخياني الذي عبروا عنه من خلال اندماجهم الواعي والاختياري في مخططات العدوان والاحتلال ، ويفسر أيضا عدم امتلاكهم لأي مشروع وطني أو قاعدة شعبية حقيقية ، لذلك فهم يتحركون وفقا لعوامل التأثير الافتراضية في المجتمع لتحقيق مكاسب يعجزون عنها من خلال فعلهم الذاتي ، ومن هنا كان هذا الاستخدام المتواتر لورقة السيستاني في تسويقهم لكل الأعمال الإجرامية التي ارتكبت وترتكب بحق العراق أرضا وشعبا منذ التحضير للعدوان والاحتلال ولحد الآن .

ثانيا / : أن السيد السيستاني من حيث يعلم ! أو لا يعلم ! أصبح بعد الاحتلال أحد أهم اللاعبين في القضية العراقية استنادا إلى ما يلي :

1- السيستاني يعتبر مرجعا دينيا رئيسيا لقطاع واسع من أبناء شعبنا ، وهذا القطاع ومن خلال قوانين اعتقادهم الديني تنظم علاقتهم مع مرجعهم وفقا لمنهج التقليد والأتباع والطاعة والتسليم بكل ما يقول من غير كثير تمحيص أو تدقيق ، وخطورة ذلك تكمن في أمكانية تحول دور هذا المرجع في علاقته مع أتباعه من واجب الإرشاد الديني إلى دائرة التوظيف السياسي ،وقد يأخذ هذا التوظيف أحد اتجاهين ، الأول مباشر ، وهو ما قد يتصل بمنهجه وفلسفته ونواياه في التعامل مع قضية العراق في جانبها السياسي وكل ما يترتب عليه من نتائج وتبعات نعتقد بأنها لن تصب في مصلحة وحدة العراق كونها في الغالب تنطلق من رؤى طائفية، والثاني غير مباشر ، من خلال العمل على إكساب صفة الشرعية على كل مواقف وسياسات وجرائم ثلة العملاء من المتواجدين في ما يسمى بالحكومة أو الأحزاب أو الميليشيات..

2- أن مما يساعد في استمرار أثارة الشكوك والتحفظات بشأن كل ما يتصل بالدور الذي يضطلع به السيستاني في تعامله مع قضية العراق هو ظهور تأثيره الانتقائي في المشهد السياسي.ويمكن تأشير ذلك وفقا للمعطيات التالية :

أ‌- السيد السيستاني عمد طيلة الفترة التي أعقبت الغزو الصفو أنكلوا أمريكي للعراق إلى عدم إصدار أي بيان يدين فيه الاحتلال وكل ما يتصل به من سياسات ومواقف وكل ما رشح عنه من نتائج ، وهذا يؤشر حالة من عدم الاعتراض يمكن أن تفسر بالقبول أو الركون أو الترقب ، وهو مما لا ينبغي أن يصور به موقف رجل دين يحتل مركز زعامة دينية متقدمة إقليميا وربما حتى عالميا ، خصوصا عندما يكون مثل هذا الموقف إزاء قضية باطلة لا لبس فيها ولا تحتمل ما يمكن أو يقبل من الاجتهاد .

وفي ذات السياق نرى تجاهله المفرط للإشارة ولو من بعيد إلى شرعية مقاومة الاحتلال ، بل أنه تطرف في الابتعاد من خلال تغليبه لفكرة ما يسمى بالمقاومة السلمية التي ساهمت وعلى نحو فعال في تشويه مفاهيم المقاومة وتحريف مقاصدها لدى شريحة واسعة من أبناء شعبنا من الذين ركنوا إلى الاعتقاد بما يقول أو يصدر عنه .

ب‌- السيد السيستاني ومن خلال منطق المباركة أو صيغة الاحتجاب خلف أسلوب غض الطرف ، ساهم في تمرير مؤامرات كبيرة وخطيرة استجابت بصيغة مركبة لأهداف المخططات الصهيو أمريكية والصفوية على حد سواء .

ولعل أبرزها إصدار ما يسمى بالدستور الذي أسس لقوانين طائفية وتشطيرية ، ومن بعده الانتخابات المضللة التي امتزجت فيها نوايا وإرادات وأفعال الائتلاف الصفوي مع التأثير الموظف للسيد السيستاني ، الذي أصدر من جانبه فتوى تحرم عدم المشاركة مقترنة بإيحاءات لترجيح كفة الكتلة الصفوية في محاولة لإعادة صياغة كل عناصر المشهد في العراق وتشكيله وفقا للأداعات برفع المظلومية المزعومة وإعادة المغتصب من حقوق ما يسمى بالأغلبية .ونحن نذكر هنا بأن كل اليافطات الانتخابية للائتلاف الصفوي كانت تحمل صورة السيد السيستاني في أشارة واضحة إلى أن هذا الائتلاف يحظى بدعمه وتأييده ،وفي ذلك دليل على انحيازه الطائفي وعدم حياديته .

ج- لم تصدر عن السيد السيستاني أية فتاوى أو بيانات تدين الاعتداءات المتكررة لقوات الاحتلال ومعها ما يسمى بالقوات الحكومية على المدن العراقية على الرغم مما رافقها من انتهاكات وجرائم بحق أبناء شعبنا بلغت مستويات اهتزت لها ضمائر الإنسانية في كل أرجاء العالم ، كما أنه عزف عن أن يكون له قول أو دور في منع الجرائم المنظمة للميلشيات الطائفية ، فضلا عن صمته إزاء كل جرائم الاغتيال السياسي التي نفذتها العصابة الطائفية بحق قادة العراق والأمة من خلال أجراء محاكمات صورية غاب عنها القانون والقيم في آن معا ، عدا أن هذه الجرائم نفذت في الأشهر الحرم ، ولكن يبدو أنها ليست كذلك وفقا للتقويم الصفوي .

3- البعض يحاول الحفاظ على المعالم الافتراضية المشرقة لصورة المرجع الديني من خلال التماس الأعذار والمبررات أو الطعن في الحقائق والمعطيات ، وهذا البعض ينطلق فيما يقول من أدعاءين ، الأول يفيد بعدم وجود أية علاقة للسيد السيستاني بكل ما حدث ويحدث في العراق استنادا إلى كونه رجل دين ينشغل بعلمه وعبادته عن كل ما سواهما ، والثاني يعتمد على فرضية كون الرجل رهن الحجر أو الحبس وأن ما يصدر عنه أنما هي أملاءات للقوى ( السياسية !!) الفاعلة على الأرض والتي يرضخ لها بسبب ما تملكه من قوة وقدرة عليه . وكلا الأمرين لا يمكن النظر إليهما بايجابية ، لأن الأمر الأول ببساطة لا يسقط الواجب عن رجل الدين في الموقف حيال ما يتعرض له البلد من فتن ومحن بما يرتب عليه واجب الإنقاذ بالقول والعمل ، والأمر الثاني يبدو غير منطقي ، لأنه لو كان كذلك لما خفي الأمر على مريديه وأتباعه ومقلديه ، فضلا عن أن الرجل ومن خلال كل المؤشرات والمعطيات لم يظهر موقف يتعارض فيه مع منهج وأهداف الاحتلال وعملاؤه وهذا يعني بأنه يسير على ذات السكة بل ويتقدم السير فيها ليكون واجهة مستقطبة .

ونحن نقول ، أذا كان الإدعاء بأن كل ما جرى ويجري هو خلاف رغبته وأرادته ( وهذا ما نتمنى ) ،ألا يستحق الأمر من رجل دين بمنزلته أن يخرق العادة ويعلن موقفه بصراحة ووضوح من خلال وسائل الأعلام ليضع كل شيء في نصابه ويسقط عنه ما يمكن اعتبارها (في هذه الحالة ) تهم ، ويقطع الطريق أمام كل من يريد أن يتخذ منه جسرا إلى جرائم ترتكب بحق العراق وشعبه .

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت /  19  جمادي الاول 1429 هـ

***

 الموافق   24 /  أيــــار / 2008 م