الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

إلاّ قومَ يونس

 

 

 

شبكة المنصور

طلال الصالحي

 

يتفرّد أهالي "نينوى" .. أهالي نبي الله يونس "ذو النون" ومنهم أهالي مدينة الموصل على وجه الخصوص , بأنهم هم القوم الوحيدون من بين جميع أقوام العالم وعبر جميع أجيالهم , هم وحدهم الوحيدون الذين تفرّدوا برحمة الله المستدرِكة , حين رفع الله عنهم العذاب الواقع بهم لا محالة , والذي أوشك أن يقع عليهم , فنجّاهم الله تعالى منه بعد أن أعمَلوا شغل العقل والفطنة في أنفسهم لمّا رأوا ملامح العذاب الربّاني الموعود لهم من نبي الله "ذو النون" قادم عليهم لا محالة , فأعلنوها في الحال وبالإجماع توبة نصوح لوجه الله لا لبس فيها ولا زوغان , بعكس جميع الأقوام التي استهزأت بتحذيرات أنبيائهم , وبذلك ألبس الله تعالى أهالي نينوى تاج العز والشرف إلى يوم الدين , حين أنزل في نفوسهم الركازة وأكساها ببأس العناد والتحدي والتكاتف لتقف أمام جميع الغزوات والحصارات التي أرادت بهم الشرّ متحدّين صابرين قانعين , بل وكانوا من أهم الأقوام قاطبة من التي دخلت الإسلام "الإسلام الحق" لا إسلام الخمس والسلطان والجاه ! , بل دخلوه عن قناعة ويقين ورسوخ , لا عن تمسلم أو خوف أوإسلام أعراب سرعان ما يتلاشى مع وفاة نبيّهم ! بل هم قوم متمحّصون محصحصين للحق بإرادة الله إلى يوم الدين , يشمّون رائحة العفونة والخيانة والغدر والإحتلال من مسافات بعيدة جداّ ومن قبل أن تطأ نجاساتها أرض العراق , بل وحتى من قبل أن تترطـّب أطراف حواشي حدود العراق والعرب بأذيالها ...

قوم نبي الله ذو النون أولي بأس شديد أكساهم الله بهذا البأس لحظة لفظهم الحوت جميعاً بعد "التوبة المشتركة" بينهم بمعيّة نبيهم المرسل من الله , وبين الله تعالى وتعاليمه التي أوكلت إليهم وميثاقه الذي واثقهم به , بعكس أقوام اليهود وغيرهم , من الذين نكثوا عهد الله دائماً ! فما كان من الله تعالى إلاّ أن يباركهم ببركة مباشرة منه سبحانه فأكساهم جميعا من كساء منيع جدّاً لا يستطيع أيّ عدو طامع من اختراقه أو مساسه , وذلك حين أكسى الله ذو النون الكساء المناسب بعد أن دلـّه عليه حال خروجه من بطن الحوت , وبعد أن رمته مياه " البحر المتوسط" الذي كان على بعد مسافة قليلة عن مدينة الموصل والذي كان مدمجاً آنذاك بما يعرف اليوم "البحر الميّت" والله أعلم , وبذلك نالوا جميعا , قوم نينوى ونبيّهم , كساء العز والمنعة والتقوى في نفس اللحظة , فكان أن تزامنت مع لحظة رفع الله عذابه عن أهالي نينوى التي تزامنت مع لحظة لفظ الحوت ليونس ورميه في البحر في لحظة واحدة جمعها الله بعد أن انطق الله يونس , وكأنه نطقها عنه ونيابة عن قومه , لتكون الدعاء المشترك الناطق لكليهما حين قال " أن لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" , فمتعهم الله بعدها بكل ما لذ وطاب من أخلاق ومن كرم ومن عز ومن مجد ومن غيرة ومن نخوة كانت جميعا الستار المنيع الذي تحطمت عليه جميع حراب من اعتدى أو حاول أن يعتدي على مدينة الموصل نفسها أو من اعتدى على أي حصن من حصون الإسلام , وعلاوة على كل هذه الخصال الربّانية الحميدة , كانوا أيضاً قوماً اشتهروا بالنظافة والانضباط في شؤون حياتهم اليوميّة وبالتراحم الشديد فيما بينهم , وكانوا قوماً يحبون قيادة الناس نحو العز والنصر , وكانت هذه الخصلة تسري في دمائهم ونفوسهم , ولذلك كانوا منبع العلم والمعرفة وكانوا من أكثر المدن العراقية حبّاً في التطوع في جيش العراق العظيم , وكانوا أيضاً من أكثر الناس تنظيماً اقتصاديّاً بعد أن علمّتهم الحصارات التي ضربت حولهم على مر التاريخ , فهم ليسوا بخلاء كما يروّج البعض , بل قوم يحسنون كيفية الإنفاق بعيدا عن الإسراف فيضعون كل درهم أو دينار في موضعه الصحيح, سواء في المأكل أو الملبس , وعندما يأتيهم ضيف يكونون أجود الناس وأشدّهم كرماً , والشواهد على ذلك كثيرة ....

أهالي نينوى يواجهون اليوم أعتى المجرمين العالميين المطلوبين إلهيّاً ودولياً وإقليمياً من الذين استباحوا حرمات الناس وانتهكوا أعراضهم وأموالهم وأراضيهم وعقائدهم تحت دعاوى كاذبة ملفقة , هم في حقيقتهم من أجبن الناس , ولكنهم مستقوّين بأسلحة دنيونيّة خالية من إي علاقة لها بإيمان ربّاني أو حكمة لعقلاء , بينما نجد أن قوم يونس مسلـّحين بإيمان من أكساهم كسوة المنعة وقهر الأعداء إلى يوم الدين لا يهابون ولا يرجف لهم عين مهما استقوى السفلة بأسلحة متطوّرة , والمناضل البطل المجاهد الصابر الأسير سلطان هاشم الوزير الشرعي لوزارة الدفاع العراقية في حكومة العراق الشرعيّة من ذروة أهالي نينوى الأبطال خير شاهد , حينما رأى صلابته وقوة شكيمته وعلوّ بأسه المليارات من البشر في جميع أنحاء العالم وعبر شاشات جميع تلفزيوناته حينما كان قصف الجبناء على أشدهّ وبمختلف أنواع القنابل , وخاصة في تلك اللحظة التي اهتزت الأرض لإحداها بعدما أصبحت قوّة الانفجار وشدّته ليس بينها وبين قاعة المؤتمر الصحفي لهذا الوزير الأسد سوى أمتار معدودة خارج جدران مبنى القاعة انبطح أرضاً بذعر وهلع لهولها جميع الصحفيين الذين أتوا من جميع أنحاء العالم , "إلاّ قوم يونس" , لم يكونوا يوماً من الهلعين أو من المذعورين ! ....

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء /  16  جمادي الاول 1429 هـ

***

 الموافق  21  /  أيــــار / 2008 م