الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

ثلاث تجارب لثلاثة انظمة حكم كانت امام بوش قبل الغزو

 

 

شبكة المنصور

طلال معروف نجم / المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية / عمان القاهرة

 

يوم ان قرر بوش غزو العراق , لم يكن في ذهنه غير ان يستحوذ على أكبر مخزون نفطي في العالم . فتخبط المحتل الامريكي منذ الايام الاولى لاحتلاله لبغداد . فسارع باقامة نظام حكم غريب . لامثيل له في التركيبة والاشخاص والاهداف . نظام حكم يقوم على الطائفية والعرقية المذهبية بغيض ومقزز . هو أقرب بكثير من شكل النظام الطائفي الغيبي نظام الملالي في ايران . وعكس الشكل الذي اعتمده في شكل النظام الافغاني , بأسناد دور القيادة لعميل واحد هو حامد كرزاي . الذي كان يقدر له النجاح لولا وجود بن لادن وقوة طالبان في الساحة الافغانية .

فجاء نظام المحاصة الطائفية متجليا بمجلس الحكم المحلي , مكونا من 25 عميلا اختيروا حسب قوة ونفوذ الطائفة او الملة او القومية . وبدعم من المشرف العام الامريكي بول بريمر , اسندت اول رئاسة وزارة الى أياد علاوي لاسباب كثيرة منها , كونه أقرب العملاء الى البيت الابيض . بعثي سابق أنشق عن النظام السابق . قاد تنظيما معارضا من لندن . وقبض 98 مليون دولار امريكيا من وزيرة الخارجية الامريكية الاسبق مادلين اولبرايت . توزعت على شلة العملاء الثمانية المشهورة . والتي أطلقت عليهم وقتذاك صحيفة العرب العالمية التي تصدر في لندن . مصطلح " القابضون " . فكانت هذه التركيبة من الحكم مدخلا لتدهور اوضاع العراق تدهورا . قد يفوق في نتائجه ما حصل لبغداد ايام الغزو المغولي .

لعل مرد رضوخ المحتل الامريكي لهذه التركيبة يعود للاسباب التالية :

1 / ان ايران قدمت الدعم الكامل لامريكا في اسقاط نظام صدام حسين . كتقديمها الدعم الكبير لاسقاط نظام طالبان .

2 / ان أمراء الحرب في شلة " القابضون " جلهم من امراء الحرب الشيعة .

3 / أن أمراء الحرب الشيعة الذين برزوا على السطح , يكاد أكثرهم قدم من ايران .

4 / افتقار امراء الحرب الشيعة الى شخصية متميزة قوية ذات "كاريزما" يمكن ان يعتمد عليها بول بريمكر , ليسند لها دور القائد الاوحد . وهذا يؤكد ان حتى علاوي لايحمل مثل هذه الصفات. ناهيك عن كره طهران له بأعتباره بعثيا سابقا . ولايكن لايران ودا يذكر . ولم يكن يوما ما تحت عباءة المرجعية الدينية الشيعية . ولعل في كتاب بريمر" سَنتي في العراق " كثير من الحكايا التى تدمي القلب، وفيها ايضا الكثير من الاسئلة التي تطالب بايضاحات وايجابات مفصلة عن اداء الكثيرين ممن احتواهم كتاب بريمر، فرغم مرور فترة غير قليلة على صدوره، إلا ان احد لم يعقب . فلم يقتنع بريمر بأي وجه من الوجوه التي كانت حوله . وقد وصفهم بأوصاف مختلفه منهم الهزيل والتافه والكذاب والحرامي وغيرها من النعوت . التي حالت دون اسناد دور العميل الاوحد للقيادة .

نخلص الى القول , انه لولا وجود بن لادن وطالبان في افغانستان , لكانت تجربة الديمقراطية التي تروج لها امريكا نجحت في افغانستان . ولعملت على تطبيقها في العراق . الا ان ماحدث في العراق . ان ايران شريك لامريكا وان امراء الحرب الشيعة هم اذنابها في العراق . فلا يعقل ان تترك امريكا لتنصب عربيا اصيلا سواء من الشيعة او السنة لمنصب القائد الاوحد . كما لايعقل ان تنجح الديمقراطية بأذناب تشربوا بمذهبيات ملالي قم وطهران.

لم يبق امام امريكا انذاك غير التجربة التركية العلمانية . فهي التجربة الانجع للعراق . وللديمقراطية الامريكية التسويقية المهوسة بها . على الدوام والاستمرار . ولغرض انجاح هذه التجربة يجب الاخذ بما يلي :

1 / التخلص من النظام البغيض الذي يقوده أمراء الحرب الشيعة تحت راية اصحاب العمائم. المستمدين قوتهم من ايران .

2 / انتقاء شخيصة عراقية عربية عسكرية , تمتلك روح القيادة والمخاطرة . ولاتلتفت ابدا الى أهواء اصحاب العمائم الخضراء والسوداء والبيضاء .

3 / ان تبعد عن الشارع العراقي بالكامل نفوذ وهيمنة رجال الدين السنة والشيعة . وتحصرهم في اماكنهم المخصصة لهم بالاساس . وهي الجوامع والمساجد والحسينيات .

4 / ان تلغي بأوامر رسمية وجود مراجع دينية كهيئة علماء المسلمين او الحوزات الشيعية. ومنع تراخيص الاحزاب القائمة على الدين .

5 / ان تلغي ما يسمى بدائرتي الوقف السني والوقف الشيعي . وتترك نشاطات الوقف السني او الشيعي الى الاشكال التي كانت تدار بهما سابقا .

6 / ان تحدد المدن الدينية تحديدا رسميا . وتؤسس لشرطة تدير هذه المدن تحت اسم / شرطة المدن والمراقد الدينية . تشرف على كامل نشاطات وامن وجباية مدخولات هذه المدن لحساب الدولة .

7 / ان تمنع اصحاب العمائم بكافة الوانها المختلفة من التجوال خارج هذه المدن والمقامات الدينية سنية كانت ام شيعية .

متى ما تم التعويل على التجربة التركية العلمانية , استطاع العراق انذاك ان يعود الى ألقه الفكري والحضاري . الذي استمده ويستمده من تراثه العربي الاسلامي الخلاق . بعيدا عن هيمنة امراء الحرب الذين جعلوا من الدين الاسلامي العظيم . وسيلة للغيبيات الخرافات لحسابات جهات مشبوهة . تريد ان تخرج العراق من جذوره العربية . وتكرهه بدينه الاسلامي الحنيف . وهي عملية مبيت لها منذ الغزو الانجلو امريكي ايراني للعراق .

هل يعقل ان ديمقراطية يروم بوش ان يطبقها في العراق في ظل نظام يؤمن بالخرافات والغيبيات ؟ . وهل يعقل ان بمقدور بوش ان يقنع الشعب العراقي بمعاهدة يكبل فيها العراق طول العمر . وهو الغازي لا المحرر . وهو المدمر لا الباني .

يكفي ان الترويج لهذه المعاهدة , قد اربك حتى مثقفي العراق من الشرفاء والخيرين. فصوروا كل من روج لها ورضا بها فهو عميل لامريكا . وكل من ناهضها وناصبها العداء فهو عميل لايران . حتى ان رموز العملية السياسية الحالية في العراق , انقسموا على انفسهم بين مؤيد وآخر رافض . كما لو انه خطاب الى المناهضين للهيمنة الايرانية بأن يرضوا بالمعاهدة نكاية بايران. وبالمقابل خطاب الى أعزاء ايران بأن يتصدوا للمعاهدة لتجميل صورتهم الوطنية . أما كل الشرفاء في عراقنا فيريدون لهم التفرج فقط .. وأن لا ينبسوا ببنت شفة . حتى يمرروا مخططا جديدا مشبوها .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين /  12  جمادي الاخر 1429 هـ

***

 الموافق   16  /  حزيران / 2008 م