الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

حراثة البحر والحيتان واحتلال العراق

 

 

شبكة المنصور

محمد عبد الحياني / مناضل بعثي

 

المقدمة

           لم تقتصر ضربات المقاومة العراقية البطلة على تحطيم الآلة العسكرية لقوات الاحتلال (معدات وأفراد) وخلخلة تفكير قادتهم السياسيين الذين لم يعودوا إلى موازنة تصريحاتهم التي يوجهونها لشعبهم ... وكان من ذلك تصريحات مجرم الحرب بوش الأخيرة حول الأزمة الاقتصادية التي تعصف بأمريكا، والتي (كما يقول هذا المجرم ) أنها تنذر بخطر على مستقبل أمريكا الاقتصادي، ويدعو المواطنين الأمريكان إلى التحمل ...!!!. كما يدعو إلى حملة للبحث عن النفط في السواحل الأمريكية ، مدفوعاً (كما يدعي ) إلى تجاوز زيادة أسعار النفط ، وبالتالي زيادة أسعار الاحتياجات الأخرى (التي أثقلت على كاهل المواطن امور معيشته...!!!) . يقول ذلك وكأن أسعار النفط الخام التي بلغت أكثر من (147) دولاراً للبرميل الواحد ، بعد أن كانت اقل من (20) دولاراً قبل احتلال العراق ، جاءت بفعل فاعلين مجهولين لاعلاقة لهم بإرادة الأدارة الأمريكية ...!! . وقد يكون هذا الأمر صحيحاً ولكن الفاعل ليس مجهول . بل هو معلوم يتمثل بحيتان الاحتكارات الدولية الأمريكية ، تلك الحيتان التي لم تكن وراء تدهور الحياة المعاشية للمواطن الأمريكي الذي يراد منه التحمل ( إلى حدود سفك دمه في العراق ) فحسب بل وراء تدهور الحياة المعاشية لشعوب العالم وفي مقدمتها شعب العراق المحتل من قبل أمريكا .

وفي تصريح بوش تم تحديد ثلاث نقاط تلتقي مع أزمة تورط أمريكا في احتلال العراق وجشع حيتان الاحتكارات اليهودية والانكلوسكسونية التي تسيطر على الاقتصاد الأمريكي وعلى اقتصاديات العالم في آن واحد ، وهي وجود أزمة اقتصادية تعصف بأمريكا ... وبشكل غير مباشر ، أشار إلى أن أمريكا تعيش أزمة نضوب في احتياطيها النفطي المخزون في حقولها النفطية ... وأن أمريكا ، والحال هذا ، لابد أن تباشر التنقيب عن النفط بسواحلها ... ولكي نفهم ما وراء هذه الإشارات لابد أن نشير إلى بعض المعلومات الأولية عن النفط في أمريكا :


1-  إن أمريكا هي بالأساس بلد نفطي ... وقد حاولت أمريكا في أول الأمر أن يبقي احتياطها النفطي كما هو لولا حاجة صناعتها (المتوسعة) إليه ...وتعاني عملية استخراجه من باطن الأرض من كلفته العالية قياساً لكلفة أنتاج النفط العربي والعراقي منه على وجه الخصوص . حيث إن استخراجه في أمريكا يعتمد على الواسطة الآلية لندرة وجود الغاز في مكامنه ، في حين إن استخراج النفط العربي يعتمد على الدفع الذاتي للغاز المحصور في أعلى المكمن النفطي الذي يولد ضغطاً هائلاً يدفع النفط بعد الحفر ويستمر بالاندفاع بشكل دائم بعد نصب الأنابيب على البئر النفطي.

2-  ان الدستور الأمريكي وما انبثقت عنه من قوانين جاءت لتخدم النظام الإقطاعي برموزه الإقطاعيين الانكلوسكسون وحلفائهم اليهود باعتبارهم ممولين لمشاريع الإقطاع لسيطرتهم على البنوك وتجارة السلاح الذي كان الإقطاعيون يحتاجونه للقضاء على مالكي ارض أمريكا الحقيقيين (الهنود الحمر). هذه القوانين التي استمرت إلى هذه الأيام . ومنها ما ينص على أن مالك الأرض (الإقطاعي) يمتلك ما على سطح أرضه ومافي باطنها وما في سمائها . ولذلك فأن هؤلاء الإقطاعيين ومموليهم اليهود قد تحولوا إلى مالكين لحقول النفط في أراضيهم . وبسبب اشتراك بعض الحقول مابين الإقطاعيات المتجاورة ، نشأت الشركات الكبيرة الخاصة بإنتاج النفط ... ونرى هنا أن الشعب الأمريكي لايملك قطرة واحدة من نفط بلاده. وهو يذعن وبحكم القانون (الديمقراطي...!!!) وعلى مضض للسياسات النفطية والأسعار التي تحددها هذه الشركات التي نمت لتكون الكارتلات العملاقة حينما انتقلت إلى الاستثمارات النفطية والمعدنية خارج حدود أمريكا (في الدول النفطية والتي تمتلك المعادن في الدول الضعيفة).

3-  إن الحقول النفطية في كل العالم تتكون من مكامن على شكل تجاويف صخرية عظيمة داخل الأرض ، وهي أشبه بصهاريج عظيمة تخزن هذه المادة منذ مئات الآلاف إن لم نقل الملايين من السنين تحت باطن الأرض ، إلى أن جاءت يد الإنسان لتستخرجها على الشكل الذي نشاهده اليوم ... ثم أصبح النفط بديلاً عن الفحم الحجري كمصدر للطاقة لسهولة استخراجه وقلة تلويثه للبيئة واستعمالاته الأخرى غير كونه مصدراً للطاقة الحرارية العالية ، فهو الآن مصدراً لصناعة بعض الأدوية المهمة وصناعة بعض الأغذية بالإضافة إلى إنتاج بعض المواد ومنها المواد البلاستيكية وتبليط الشوارع والجسور ... ورغم إن هناك بدائل كثيرة له كمصادر للطاقة (كالطاقة الشمسية والرياح ومساقط المياه وفروقات الجهد الكهربائي ما بين المعادن المختلفة وما بين مستويات العمق في البحار) إلا إن كل هذه البدائل لا تصل إلى الرخص والإنتاجية العالية للطاقة وللاستعمالات الصناعية المختلفة التي يتميز بها النفط ...ولذلك فان شراهة حيتان النفط في أمريكا كانت عالية جداً للسيطرة عليه عالمياً .

4-  إن الاحتياطي الوطني للنفط في أمريكا بدأ بالتراجع منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي . وبدأت أكثر مكامن الحقول النفطية فيها بالنضوب أو شارفت عليه ... وبسبب أهمية النفط لحركة الصناعة وللحياة العامة في أمريكا من جانب ، وتعرض سياسة أمريكا الابتزازية لدول العالم والغرب بدولِهِ الصناعية ، عن طريق هيمنة شركاتها الاحتكارية لتجارة النفط واحتكاره (استخراجاً وبيعاً) من جانب آخر, قامت الولايات المتحدة بضخ نسبة من النفوط التي تستثمر إنتاجها في العالم وبالأخص منها نفط الخليج العربي في مكامن النفط الأمريكية الناضبة لإعادة الاحتياطي النفطي الأمريكي إلى سابق عهده . فالاحتكارات الأمريكية تريد أن تبقي آخر برميل منتج في العالم هو في أمريكا حصراً بغية استمرار أمريكا في ابتزازها لدول العالم .

الغاية من تصريح بوش

          قد يظن البعض أن هذا التصريح جاء نتيجة حرص المستر بوش على راحة المواطن الأمريكي وتألمه لآلامه . وهو بالتالي يُمَنّيه بالفرج (غير القريب ) عندما يستخرجون النفط من السواحل الأمريكية ، وكأن هذا الاستخراج ستقوم به شركات تخضع لنظام (اشتراكي...!!!) أو حتى تعاوني يرعى مصالح الشعب ...!!! . إن عمليات البحث والاستخراج ستكون قطعاً من خلال حيتان النفط الأمريكية . وبعد الاستخراج يكون الشعب الأمريكي قد (بلع الطعم) في استمراره بدعم سياسة بلده وفي تأييده هذه الإدارة في ذهابها إلى العراق (الذي يسبح على بحيرة من النفط...!!) لينهي بذلك أزمته الاقتصادية وتردي الواقع ألمعاشي للفرد الأمريكي ...!!!

     هكذا هو التوجه الجديد لإدارة حيتان الاحتكارات ذات التوجهات الصهيونية الساعية للسيطرة على ثروات الشعوب ، وجعل شعوب العالم مجرد خدم يدينون بالولاء للكيان الصهيوني الذي يسعون لإيجاده في الأرض العربية ما بين الفرات والنيل . والذي يقرأ بروتوكولات (حاخامات) حكماء صهيون يجد ذلك واضحاً في إصرارهم لاحتلال العراق والبقاء فيه ، أما الجانب الآخر فهو محتل بشكل سلمي واستسلامي منذ أن ذهب أنور السادات إلى (إسطبل داود) .

          إن كل كلمة من كلمات بوش قد صُممت من قبل حيتان الاحتكارات اليهودية الأمريكية لتلتقي في سعيها لتوقيع الاتفاقية الاقتصادية والأمنية المزمع عقدها مع حكومة الاحتلال في العراق ... هذه الاتفاقية المفتوحة المدة ، ليس على أساس بناء الجيش والقوات الأمنية العراقية القادرة على حماية العراق من أي عدوان ...!!! ، لأن هذا الأمر تحته خط احمر بالنسبة لدول العدوان ( أمريكا وإسرائيل وجارة السوء إيران) بل إن مدته تمتد إلى :-

1-  نفاذ آخر قطرة من نفط العراق بمساعدة الحكومات العميلة المنفذة لسياسة الاحتلال في سرقة النفط العراقي وضخ غالبية النفط المسروق خلال هذه المدة في مكامن النفط الأمريكية الناضبة ، وبيع الباقي بالسعر المعلن في الأسواق النفطية العالمية الذي حددته حيتان الاحتكارات الأمريكية ذاتها ، والذي صعّدت من قيمته السعرية خلال الخمس سنوات من احتلال العراق 700% .

2-  إكمال المشروع الاستسلامي ما بين الكيان الصهيوني وحكومات الأقطار العربية ، واحتواء المقاومة الفلسطينية أو تفتيتها ... وصولاً لفرض الأمر الواقع بقبول الكيان الصهيوني عربياً وفق شروط التميّز العسكري لهذا الكيان على باقي الأقطار العربية . وفي هذا المجال فان التلويح من الآن بإدخال العراق ضمن هذه الطبخة بدأت عن طريق شلة الخونة الذين يحكمون العراق ومن جاءوا مع المحتل لينفذوا برنامجه من خلال اشتراكهم باللعبة السياسية و من يمثلون شعبه زيفاً في (مجلس الإمعات) رغم معارضة شعبه ... ولابد أن نشير هنا إلى أن النظام السوري الذي كان يتجنب المفاوضات المباشرة مع الكيان الصهيوني منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي الذي اجري فيه أول مفاوضات مباشرة سرية مع الكيان الصهيوني في جنيف ، وحينما انكشف أمرها قطع تلك المفاوضات ، والآن بدأ هذا النظام بتقبل وساطة تركيا وفرنسا لمفاوضات غير مباشرة وصولاً إلى المفاوضات المباشرة مع الكيان الصهيوني ، خصوصاً بعد ان غاب البعث بقوته التأثيرية في منع هذا الأمر بسبب احتلال العراق .

ماذا يريدون من العراق

رجوعاً إلى ما اشرنا إليه في أعلاه ، خصوصاً فيما يتعلق الأمر بسرقة نفط العراق ، فأن أمريكا باشرت في ضخ نفط العراق في مكامن نفطها النابضة (ولمّا نذكر أمريكا هنا فأننا نعني بها حيتان الاحتكارات النفطية فيها ، وليس أمريكا الدولة بشعبها المغلوب على أمره) أو بكيانها الإنساني والاجتماعي ... هذا النفط الذي يضخ منذ أن بدأ الاحتلال في عام 2003 ولغاية هذا اليوم دونما رقيب على تصديره غير قوات الاحتلال التي آلت على نفسها أن (ترتشف) نفط العراق بشراهة لتحوله بوقت يتجاوز القياسي في التصدير بمرات متضاعفة إلى رصيد احتكاراتها... خصوصاً  وإنها تجاهلت أمر وضع العدادات التي يمكن من خلالها معرفة الكمية الحقيقية للنفط المصدر ....فتصوروا كم هي كمية النفط العراقي الذي سرقته حيتان الاحتكارات الأمريكية خلال السنوات الخمسة من عمر الاحتلال ، ناهيكم عن سرقات قادة المافيات النفطية والميليشيات الصهيوفارسية .

         لقد كان شهيد الحج الأكبر صدام حسين (رحمه الله) يقول دائماً بأن سياستنا التصديرية للنفط تهدف إلى أن نبقى متوازنين في عملية التصدير ، بحيث إن آخر برميلين من النفط تبقى في العالم يجب أن يكون احدهما عراقي . أما اليوم فان الأمر أصبح معكوساً بسبب هذه السرقات أمام أعين كل الخونة الذين نصبهم الاحتلال حكاماً على شعب الحضارات في العراق .

الخاتمة

      فيما كتبت آنفاً هو ملخص لقضية أمريكا مع العالم ركزتها برمتها في احتلالها للعراق ...وبطبيعتها البراغماتية جمعت كثيراً من الذرائع الكاذبة و(جرابيع) العملاء من عراقيين وعرب و صفويين مجوس ، لملموا لها الأكاذيب ومهدوا لها الأرض والبحر والجو والرعاع لكي تغرق في (شر أعمالها) بفضل تصدي شعب العراق العريق في أصالته وأبطال مقاومته النشامى الذين فجروا أحلام صهاينة أمريكا في غزو العالم اقتصادياً انطلاقاً من العراق ...وقد كانت مقاومة العراقيين عظيمة في ضرباتها للاحتلال وعملائه ...وسوف لن تسمح ولو لجزء يسير من هذه الأحلام المجرمة أن تتحقق ...ومن هذه الحقيقة فان مقاومة أحرار العراق قد ارتفعوا بها من مستواها الوطني العراقي إلى المستوى الإنساني الذي نبه شعوب العالم لتتهيأ لتحرير نفسها وبضمنها الشعب الأمريكي ذاته من هذا الطاعون الذي اسمه أمريكا في إطارها الصهيوني .
والله اكبر والمجد والخلود لشهيد الحج الأكبر صدام حسين مصمم تأميم نفط العراق والنصر لشعبنا ومقاومته البطلة . ومن الله التوفيق والنصر .

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

السبت /  16  رجــــب  1429 هـ

***

 الموافق   19  /  تمــوز / 2008 م