الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

لقد آن للفرسان أن يترجّلوا

 

 

شبكة المنصور

علي الهمامي  - تونس

 

وأخيرا عاد المتوحّدون بالمطلق إلى الوطن ,هم الشّهداء الميامين . شاخصة هاماتهم وبهم تشخص هامة أمّة "ما لانت لمغتصب" : أمّة تمشي على حدّ السّيف ما هابت الموت, تزخّ الشّهداء زخاّ نصرا للحياة وانتصارا للحقّ.و لأنها تنسج للحياة معنى, يليق بها أن تكون مشروع استشهاد و تليق بها الكبرياء.فالأمة الحيّة هي التي يحي شهداءها و يخلّدون.


وجدير بنا أن لا نقف أمام المشهد الجلل- مشهد العودة-عند حدّ النّوستالجيا بما يقتضيه من هيام وافتتان فنطاسميّ لايدرك منتهاه.فلم لا نرتقي بالحدث إلى المفهوم لنتحرّرّ من وقعه السّحري؟ ,عندها يكون حدث عودة الشهداء مناسبة للتّذهّن والتبصر وفق آليات الاستقراء والاستنباط والاستنتاج.وهكذا يصحّ لنا أن نتحدّث عن مزيّة الشهداء,فتحرير الأرض يمرّ عبر تحرير الذّهن من عقاله,فلا يستغرقنا الحسّ بكثافته المادية و بثقله,ولا يستهوينا الخيال بهيامه فنتيه بين درابينه وبين ثناياه.


فماذا تعني عودة الشهداء اذن؟


سأتقصّد النّأي قليلا عن الأسباب المباشرة والملابسات التي رافقت عودة الشّهداء والتي اختزلها البعض تحت لافتة الصفقة ,وحسبي أن أأسسّ للحدث موقعا في التاريخ هو بمثابة مؤشّردالّ "ينبئ" بالعودة الكبرى: عودة شعبنا الفلسطيني في الشّتات.عندها فقط يصبح بإمكاننا الحديث عن نهاية التّاريخ الصّهيوني .لقد أصيب الصّهاينة الجاثمون على الأرض المحتلّة وهم يشاهدون جثامين الشّهداء تعود إلي أهاليهم بالشعور بالهلع الشّديد ,حيث يمتزج الذّهول بالرّعب : أمّا الذّهول فهو وليد انكشاف وهم الجيش الذي لا يقهر,وأما الرّعب فمردّه افتضاح عورة "شعب الله المختار".و من جديد تضطرم فيهم "فوبيا النّهايات".


قد يرى البعض في هذا القول إفراطا في التفاؤل, وكأن الكيان الصهيونيّ وجد ليبقى.إن هذا الزّعم مردود على من يدّعيه فالصّهيونية ميّتة سريريّا وهذه بعض علامات موتها:


ـ كان الكيان الصّهيونيّ سابقا ينوب عن أمريكا في المنطقة العربيّة,يعربد كيفما شاء ومتى شاء ويبطش بمن شاء وكلّنا يذكر كيف استغلّ الصهاينة انشغال عراق البعث بالحرب التي فرضها عليه ملالي قمّ و طهران وقاموا بقصف مفاعل تمّوز,أمل الأمة في التّمكّن من ناصية العلم والقطع مع الشعوذة والخرافة,وهو أمريكشف عن مستطاع القوّة سابقا لدى الصّهاينة.وحين انتصر عراق صدام حسين على الظلاميين وحمى البوابة الشرقية للوطن العربي,عجزت الآلة الصهيونية على الإنابة عن أمريكا,فجاءت هذه الأخيرة مدجّجة بأكثر من ثلاثين جيش لانجاز مهمة الهيمنة وبسط النفوذ التي كانت موكلة للصهيونية آنفا.


- كان الصّهاينة يوهمون العالم بان "وطنهم المزعوم" يمتدّ من الفرات إلى النّيل ,ويستندون في ذلك الى ما جاء في "التلمود" الذي تأسس بدوره على خرافات لا طائل من ورائها.ولقد ورد في التلمود بخصوص "الوطن المزعوم" ما يفيد بان الله كان يخاطب أبراهام يطمئنه بأن ترك لأبنائه و لأحفاده أرضا تمتدّ من الفرات إلى النّيل .غير إن بوادر هزيمة أمريكا في العراق بفضل صولات المقاومة أوحى للإدارة الصّهيونية بان أمريكا لا تقدر على حمايتها فانهار مشروع "الوطن المزعوم",وجاء الجدار العازل يتخفّون وراءه كالجرذان يلتمسون التحصّن من رجم حجارة أطفال فلسطين:معجزة الأمة لذاتها وللعالم.-


-الهجرة المضادة والتي تضاعفت منذ انبعاث ثورة أطفال الحجارة وتزامنها مع امتناع الأفراد عن أداء الخدمة العسكرية بدافع الرّعب لابدافع الاحتجاج.


-الامتعاض الشديد لدى الشعب الأمريكي بفعل تيقّنه بان "إسرائيل" أصبحت عبء يثقل كاهله المادي والأخلاقي وهو ما يؤشّرالى إمكانية فتور الحماسة التي كانت إدارة البيت الأبيض توليها ل"إسرائيل".


-الاحتفال المبالغ فيه الذي أقامه الصّهاينة بمناسبة مرور ستّين عام على تأسيس ما يسمى"دولة إسرائيل"يكشف ما يستبطنه الصّهاينة من قلق يخصّ مصيرهم .قلق حادّ أسرّ به أحد زعمائهم لتيودور هرتزل مؤسّس الغيتو الصّهيوني حين قال له:"إنّ ما يزعجني هو أنّنا سنواجه أمّة حيّة",ويقصد أمّة العرب.


هذه بعض العلامات التي من شانها أن تهتك سترخرافات الصّهاينة,وان تشحن بقايانا الذين استكانوا لما هو متحقق بدعوى الواقعية وما رافق هذا المفهوم المفخّخ من مفردات تؤسّس لإستراتيجية الانهزام ,من قبيل إن إسرائيل وجدت لتبقى.إن الشهداء هم أصدق إنباء, وهم الأكرمون. فهنيء لشهدائنا "العودة الصغرى" تعبّد السبيل لشعبنا الفلسطيني في الشّتات, فتهيّأهم "للعودة الكبرى".


إنّ أمّة تتطرّز بهكذا شهداء جديرة بان تنهض وجدير بشهدائها الفوارس أن يترجّلوا.


ملاحظة: تمّ اقتباس العنوان من حدث تاريخيّ يتّصل بنهاية عبدالله بن الزّبير :قتله الحجاج بن يوسف الثّقفيّ و صلبه ايّاما. ومرّت به امّه أسماء بنت أبي بكر وهو على حاله وقالت: اما آن للفارس ان يترجّل ؟

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاربعاء / ١٢ شعبان ١٤٢۹ هـ

***

 الموافق ١۳ أب / ٢٠٠٨ م