الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

حوزة الاحتلال
سبات المراجع ونقيق الضفادع

 

 

شبكة المنصور

علي الكاش كاتب ومفكر عراقي

 

ما تزال بضعة أشهر قادمة لأجراء الانتخابات في المحافظات والمجالس البلدية في عموم القطر هذا إذا توافقت الكتل السياسية فيما بينها على الصيغة النهائية للقانون الذي وجد معارضة من بعض الكتل السياسية والذي من المؤمل ن تنتهي بعد صفقات على حساب الشعب والوطن كما عودونا في السابق, فمصاصو دماء الشعب العراقي المعروفين بشراهتهم لم يرتووا بعد من دماء الأبرياء وفقا لنظرية الأواني المستطرقة فلابد أن يكون مستوى الدماء العراقية لنازفة متعادلا لإرضاء قوات الاحتلال الأمريكي والإيراني والإسرائيلي, ويتناسب مع جهد الاحزاب الحاكمة التي لن تقصر في جهودها الرامية لاستمرار مسيرة النزف اليومي.

وفي الوقت الذي صرح فيه احد وكلاء الحوزة العلمية في النجف بأن الحوزة لا تدعم أية جهة سياسية وإنها تنظر نظرة متساوية إلى جميع الأطراف, فأن الاحزاب الشيعية الحاكمة قامت بتكذيب هذه الدعوة مصرة على استخدام الرموز الدينية في الانتخابات القادمة, ويبدو أن الجهل ما زال يضلل عقول جهابذة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وحزب الدعوة, فهم لم يدركوا بعد بأن الحوزة العلمية بعد أن تنقلت من أحضان السفراء الأمريكان في العراق وجي غاردنر وبول بريمروخليل زادة وايان كوكر فقدت عذريتها المقدسة وأمست وبالا على الدين والدنيا لا فرق بينها وبين أي مؤسسة إيرانية توزع معاولها على عمالها لتدمير جداران العراق وتفك التلاحم بين أبنائه وتلطخ نسيجه الاجتماعي الزاهر بفرشاة الطائفية.

فمفتي الاحتلال الأمريكي الإيراني السيد السيستاني هو أول من نفذ توجيه الكاردينال جين لويس توران مستشار بابا الفاتيكان بينديكتوس السادس عشر الذي طالب الزعماء الدينيين في العالم الإسلامي بإبطال فريضة الجهاد, فطالب السيستاني أتباعه من محبي آل البيت بالركون في ديارهم وفسح المجال للمحتل ليبسط نفوذه بسهولة على كل العراق, وكانت النتيجة المأساوية جراء تنفيذ فتوى التخاذل والاستسلام هذه أن دفع الشعب العراقي أكثر من مليون شهيد وحتى هؤلاء الشهداء اعتبرهم السيستاني قتلى وغير شهداء مؤولا كلام الله بما يرضي أسياده في واشنطن وطهران ومضللا الناس بأقوال وفتاوى هي من الهام الشيطان.

موقف الحوزة أن صدق فقد جاء متأخرا عن وقته خمس سنوات عاش العراق خلالها أيامه السوداء الحالكة جراء إصرار السيستاني على إجراء الانتخابات مستفيدا من تشرذم مواقف الطائفة السنية ومقاطعتها للانتخابات للاستئثار بالقطعة الكبرى من كعكة الاحتلال مشاطرا الخونة الأكراد بها,ولم يصفى باله إلا بعد أن تحققت نبوءة شياطين قم بأن أصوات الإمام الخميني بدأ صداها يسمع من صناديق الاقتراع في العراق, وان سيطرة الاحزاب الوليدة في إيران على زمام الأمور في العراق سيؤدي إلى قيام الدولة الشيعية العالمية, لقد هيأت فتوى السيد السيستاني قيام حكومة عميلة جل قادتها من اللصوص وقطاع الطرق والمجرمين والمتسكعين على أبواب المخابرات الأجنبية. رغم انه شدد بأن تكون الحكومة ممثلة لكل العراقيين وهذا ما لم يحصل ولكنه باركها لأنها تفي بالغرض لتحقيق طموحات ملالي إيران وشياطين البيت الأبيض.

من سمات الحوزة الخرساء تمتع وكلاء المرجع بالثرثرة وهي حالة غريبة فبالرغم من التمويه الذي أشارت إليه الحوزة بعدم تدخلها في الانتخابات القادمة لكن احد جهابذتها وهو مهدي الكربلائي أشار بان العديد من المواطنين لا يرغبون في المشاركة في هذه الانتخابات بحجة عدم الفائدة منها مستمدين دعواهم من فشل المشاركة السابقة, لكن الثعلب الماكر حذر بأن هذه الخطوة من شأنها " عودة الدكتاتورية من جديد بعد أن ولت, لأن عدم المشاركة سيؤدي إلى احتلال السيئين مقاعد مجالس المحافظات" وكأن من يحتلها في الوقت الحاضر من الخيريين والنجباء والغيارى على وطنهم وشعبهم! فأكثرهم من عصابات فيلق بدر وجيش المهدي وبقية الميليشيات المسعورة, وكأن العراق من جهة أخرى كأن العراق يرفل بالأجواء الديمقراطية التي يخشى الكربلائي من انقراضها وعودة الدكتاتورية؟ وقد تجاهل الكربلائي تصريحاته السابقة عن معاناة العراقيين في ظل الاحتلال وسوء إدارة الدولة وانتشار الفساد المالي والإداري في مؤسساتها كافة! ولا نعرف موقف الحوزة من هذا الخروج الصفيق عن توجيهات السيستاني فهل الكربلائي تجاوز حدود الوكالة الممنوحة له من سيده أم انه يعمل وفق التقية السياسية التي تمارسها الحوزة منذ الاحتلال وحتى الوقت الحاضر.

والأمر المثير انه في الوقت الذي أعلن فيه الكربلائي بأن" المرجعية تقف على مسافة واحدة من جميع القوائم والأشخاص الذين رشحوا لمجالس المحافظات، وأنها لا تتبنى أية قائمة، وهناك بعض الأشخاص أو الأحزاب يرون أنفسهم أنهم على خط المرجعية وحينما يرشحون للانتخابات، هذا لا يعني أن المرجعية تتبنى هذه القائمة أو ذلك الشخص، وان وظيفة المرجعية هي حث المخلصين من أبناء الشعب بأن يرشحوا أنفسهم في مجالس المحافظات" لكن ثعلب براثا جلال الدين الصغير بالرغم من حجمه المتقزم فقد أنبرى لنا بفبركة جديدة كان هو نفسه احد أبطالها فقد انتقد الشائعات التي تناقلها البعض عن إمامه المفدى كما يحلو له أن يسميه بشأن عدم استخدام الرموز الدينية في الانتخابات القادمة, مؤكدا بأن سأل بشكل شخصي احد الشخصيات ( لم يسميها) داخل الحوزة وتبين له أن " كل ما نقل لم يكن دقيقا بما فيهم الأفاضل الذين نقلوا عن سماحة السيستاني لم يكونوا دقيقين في هذه القضية"! وتيقن القزم بأن السيستاني لا يرى حرجا من استخدام الرموز الدينية في الانتخابات وهذا موقف شرعي" طالما انه لا توجد فتوى مكتوبة ومختومة بأسم المرجع فأنه يمكن تسخير العمامات لخدمة الانتخابات والخروج بوجبة جديدة من المنتفعين واللصوص والمجرمين لينفخوا على النار التي تحرق العراق. ويبدو أن العقل المتقزم للصغير يتوسع وتتفتح قريحته بكل ما من شأنه أن ينقل وضع العراق من سيء إلى أسوأ وهو يستفيد من خرس الحوزة وعدم ردها لدحض إرهاصاته, ويبقى رأس الشليلة ضائعا في خضم هذه الفوضى الحوزوية. فلا نعرف من يصدق ومن يكذب الكربلائي أم الصغير؟

وفي تطور لاحق وبعد أن لاذ السيد السيستاني بالصمت كعهدنا به دائما فقد انبرى المرجع محمد اسحق الفياض ليؤكد بأن المرجعية لا تدعم أية قائمة في الانتخابات المقبلة ولا تؤيد أي طرف, مشيرا إلى الانطباعات السيئة التي أخذها العراقيون عن الاحزاب الحاكمة التي فازت في الانتخابات السابقة والتي وصفها بأنها" خيبت آمال الناس" والتي ستضعف من إقبال الناخبين خلال الانتخابات القامة, ولكنه أومأ بأن الشعب العراقي سيكون الخاسر الوحيد جراء عدم المشاركة في الانتخابات التي ستجري في ظل الاحتلال وهيمنة الاحزاب الموالية له. وموقف المرجعية هو نفس الموقف الذي اتخذه السفير الأمريكي كروكر بحذافيره! لقد نسى الفياض إنهم كانوا وراء الانتخابات الزائفة التي ينتقدها الآن والتي ساهمت في تركيبة الحكومة التي خيبت آمال المواطنين كما وصفها, ونسى إن تلك الانتخابات المبكرة هي صنيعة الحوزة والمرجعية التي أصر عليها السيستاني كانت المفتاح التي فتح باب جهنم على العراقيين. وتناسى فتواه السابقة بأن الموقف الشرعي من الانتخابات السابقة يقتضي القول ببطلانها. ولا يمكن أن ندعي بان فتوى الفياض جاءت نتيجة صحوة ضمير فقد ماتت الضمائر منذ الأول اليوم للاحتلال!

لكن الذي لم يدركه بعد الكربلائي والصغير وبقية الوكلاء هو أن مراجعهم السائرة في فلك الاحتلال قد فقدت بريقها والهالة المقدسة التي تحيط بعمائمهم, فقد انطلت لعبة الانتخابات السابقة على الكثير من الذين انخدعوا بفتاوى هذه المراجع وتبين لهم زيفها وبطلان الشعارات التي ألصقت زورا وبهتانا بآل البيت الكرام, وبات من المتوقع أن يعزف العراقيون عن ممارسة حقهم الانتخابي في ظل الاحتلال تقديرا منهم بان أصواتهم لا تقدم ولا تؤخر في نتائج الانتخابات بعد أن ذاقوا الأمرين من حكومات الاحتلال السابقة والحالية كما أن النتائج في ظل التزوير والتزييف والترغيب والترهيب وشراء الذمم من شأنها أن تسير دفة الانتخابات كما تريد النخبة الحاكمة حاليا.

ولا يمكن أن تنطلي اللعبة النابعة من حقد دفين وتواطؤ مهين وجهل مبين عليهم مرة ثانية على العراقيين الذين يحملون المرجعية قبل الاحتلال تشويه عملية الانتخاب بسبب إصرارهم عليها, فهذه المراجع تتحمل جزءا كبيرا من المسئولية عن الأوضاع المأساوية التي عاشها العراقيين خلال سنوات الاحتلال العجاف من قتل وتهجير ونهب وتدمير وتخريب, والغبي كما يقال من "يعثر بحجرة واحدة مرتين".

لاشك أن إصرار الاحزاب السياسية على استخدام الرموز الدينية يفسر لنا حقيقة الفشل الذي لحق بها واتساع الهوة بينها وبين الجماهير التي وجدت أن هذه الاحزاب هي أبعد ما تكون عن الدين فهي أحزاب عميلة وانتهازية تحركها مصالحها الحزبية وتعيش كالطفيليات على دماء الآخرين وهي تحاول أن تغطي فشلها بالاستعانة بالمراجع الدينية التي أمست في وضع لا تحسد عليه بعد أن حل خريفها وسقطت أوراقها وباتت عارية أمام الجماهير التي انخدعت بها لتورطها بممارسات سياسية واجتماعية مؤذية, فهي رهينة المحبسين الأمريكي والإيراني في تجلياتها السلوكية والعملية وأمست إشارتها التمويهية سلعة بخسة تباع وتشترى في سوق النخاسة الانتخابية, وقد آن الأوان للعراقيين ليركلوا أصحاب هذه العمامات المزيفة خارج حياتهم ويبدءوا عصر تنوير جديد.

إن هؤلاء الحثالات البشرية كما عهدناهم لا يستجيبون لمنطق الوقائع وإنما الالتفاف عليها وهم مطالبين أمام أتباعهم بشهادة حسن سلوك. فقد ثبت باليقين إنهم يدورون في كل الاتجاهات ويعزفون على كل الأوتار بل ويرقصون على كل الحبال, ولا يقتصر هذا الأمر على المراجع الشيعية وإنما المراجع السنية التي تمسحت أيضا ببساطيل المحتل وتنكرت لشعبها وأمتها.

يجب أن نعي جميعا بأن بناء الدول وتحقيق التنمية ورفع مستوى التطور والنهضة والتقدم التكنولوجي لا يحتاج إلى مشورة الفقهاء ورجال الدين, بل أن هؤلاء أنفسهم بحاجة إلى تنوير عقولهم المغلقة والمتكلسة بخرافات الماضي البعيد, وان يخرجوا من صومعتاهم وكهوفهم ليستنشقوا عليل الحضارة ويشعروا بنسيم الإسلام الحقيقي. ولابد من وضع النقاط على الحروف فلا عصمة إلا لله وحدة ولا قدسية للبشر ولا حصانة لرجل دين ولا تديين لحزب ولا تسييس لفقه ..

ونقول لأولئك الذين يصرون على الاصطياد في مياه المراجع العكرة أن تكفوا عن الاستعانة برموز مبهمة أصبحت مدعاة للشكوك والريبة, وتحولت بعد الاحتلال إلى أفاعي تبث سمومها بين أبناء الطائفة قبل غيرهم, ونحن على ثقة تامة بأن الأحزاب الحاكمة سوف لا تكف عن إتباع مختلف الطرق لشراء ذمم الناخبين, فأن فشلت بأذن الله ورقة الرموز الدينية والتي بدأ فعلا تأثيرها بالتراجع والتقهقر فأنهم سيستعينون بالأموال والرشاوى وطرق الترغيب والترهيب وشراء الذمم لتمرير الانتخابات وفق مصالحهم, ولا نجانب الحقيقة عندما نقول بأن الجهلة والحمقى والأغبياء هم فقط الذين لا تكتمل سعادتهم إلا بوجود من يستعبدهم ويسير خطاهم سوى كانوا حكاما أو مراجعا دينية.

وإننا على ثقة بأنه إذا فشلت طرق الترغيب فهناك طريق الترهيب طالما أن معظم عناصر الشرطة والجيش والأجهزة الأمنية هم صنيعة ميليشيات الاحزاب الحاكمة هم رهن الإشارة لتحقق أجندة أحزابهم العميلة. ولكن يبقى لدينا فسحة من الأمل في تنامي الوعي والمسئولية والشعور الوطني بأن يكون العراقيون أسياد الموقف هذه المرة وان يغمسوا أصابعهم في الكلور خلال الانتخابات القادمة ليزيلوا آثار ألقذارة التي سببها الحبر البنفسجي المرة السابقة.

ونطلب من العراقيين أن يفكروا في نتائج تصويتهم السابق قبل أن يتقدموا خطوة واحدة إلى مراكز الاقتراع ونذكر فقط عسى أن تنفع الذكرى.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاحد / ١٥ شعبان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ١٧ أب / ٢٠٠٨ م