الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

 

محطات رئيسية وفرعية أمام قطار السيادة العراقية

 

 

شبكة المنصور

علي الكـــاش

 

منذ الغزو الأمريكي للعراق اختفت كل مظاهر سيادة العراق بمعانيها المختلفة كسيادة كاملة أو جزئية أو منقوصة, وبين محطتين الانطلاق والنهاية لقطار السيادة هناك محاطات فرعية توقف عندها القطار السيادة في العراق ومنها:-

 

محطة الانطلاق

 

 وتحمل هذه المحطة رقم(17) وهو المرسوم الذي أعلنه المندوب السامي الأمريكي في العراق بول بريمر في28/6/2004 والذي أذاب سيادة العراق كما تذوب فصوص الملح في الماء, ولأن الحكومة العراقية من بنات أفكار الاحتلال فأنه لم يجرأ احد من الحكومة على مناقشة هذا القانون وليس الاعتراض عليه فحسب, وقد تضمن القرار بنودا مبتكرة ما أنزل الله بها من سلطان وحتى دول الاستعمار القديم غفلت عنها, ومنها على سبيل المثال" تمتع القوات المتعددة الجنسية وسلطة التحالف وبعثات التنسيق الأجنبية وأشخاصها وممتلكاتها وأموالها وأرصدتها علاوة على كل المستشارين الدوليين والمقاولين الأمنيين بحصانة كاملة من الإجراءات القانونية العراقية, ويخضعون للسلطات القضائية في بلدانهم الأصلية" بمعنى أن العراقي يكون كبش فداء لكل هذه القوات والهيئات دون أن تتمكن حكومته من أن تضمن له حقوقه في حالة انتهاكها, ولا يوجد حكومة في العالم ترتضي أن يهان شعبها بهذا الطريقة ويعامل بمثل هذا الاحتقار والازدراء, وقد مثلت جرائم بعض هذه القوات أمام القضاء الأمريكي وهي لا تتجاوز الواحد من مائة ألف من هذه الانتهاكات وكان الأحكام الصادرة عن القضاء الأمريكي تافهة وانحصرت ما بين البراءة أو حكم سجن سنة واحدة لمن يقتل عائلة ويغتصب بنت لا يزيد عمرها عن ستة عشر ربيعا, كما حوكم احد الأمريكان المسئول عن جريمة قتل أسرة عبير قاسم حمزة وغيرها من الجرائم, ولنتصور هذا ما يحصل في قضاء بلد الديمقراطية الأول كما يدعي, فكيف ستكون النتيجة في دولة مثل ألبانيا وتشيكيا ومقدونيا والبوسنة وليتوانيا والسلفادور وتونغا؟

 

وتضمن القرار فقرة تنص بأن" كافة العقود التي يتم التعاقد بها مع المقاولين الأجانب والعراقيين تكون حسب قوانين الدولة الأجنبية صاحبة العقد وليس العراق"! وهذا الأمر يثير الدهشة فمن المعروف أن العقد هو شريعة المتعاقدين ولا بد أن يكون برضاء الطرفين ويضمن حقوق الجهتين المتعاقدتين وليس جهة واحدة فقط؟ فمن يضمن حقوق العراق في حالة الإخلال بالعقد؟ وكيف يمكن للعراق أن يسبر غور قوانين جميع الدول ليتصرف وفقها؟ وهل توجد دولة في العالم ( ما عدا العراق بالطبع) لا تدافع عن حقوق رعاياها من شركات وأشخاص وتساعدهم على الخروج من مأزق الإخلال بالعقود؟ وسنأخذ مثلا على ذلك ما جاء في تقرير نشرته مجلة ( ريفيو الهولندية) "أن أصحاب الشركات والمقاولين يمتلكون قدرة جبارة على ابتكار الطرق والوسائل المختلفة للتلاعب في الضرائب والتهرب من إكمال المشاريع الوهمية التي قبضوا مبالغ هائلة من اجل إكمالها، الطريقة الأكثر حمقا والأكثر ربحا هي تلك التي كان يستخدمها المقاولون الأمريكيون والشركات الأمريكية العاملة في العراق على سبيل المثال رسى عطاء لبناء مستشفى مختص بالأطفال الذين يشكون من ضيق التنفس في مدينة البصرة على شركة بيكتل الأمريكية، حيث تم صرف مبلغ (50) مليون دولار للشركة وبعد عام واحد ارتفعت التكاليف إلى (169) مليون دولار بعدها تركت ( بيكتل ) العمل بالمستشفى وكان عدد الأسرة التي زوُدّت بها المستشفى ( صفر) ! لماذا تركت الشركة المستشفى قبل اكتمال البناء أو حتى إكمال نصفه ؟ السبب كان واضح وبسيط انتهاء مدة العقد!! وكلف الخزينة العراقية 169 مليون دولار ولم يحصل بالنهاية حتى على سرير واحد"! وبمثل هذه الطريق تضيع المليارات وليس من حق العراق أن يقاضي الشركات وحتى لو قاضها في بلدانها فأن النتيجة صفر ونتحدى الحكومة العراقية بأن تفصح عن قضية واحدة كسبتها من قضاء أجنبي لإخلال شركة بعقدها مع العراق!

 

مما يزيد الطين بله فقرة أخرى تنص على" لا يخضع المقاولون الأجانب للقوانين العراقية أو الضوابط فيما يتعلق بشروط العقود بضمنها اشتراط تراخيص وتسجيل الموظفين والأعمال والشركات, وللمقاولين حصانة من كل الإجراءات القانونية فيما يتعلق بأعمال يقومون بها تتعلق بشروط العقد أو العقد الباطن" ويضاف إلى الحصانة المجحفة هذه المرة أن شروط العمل والتراخيص وشوط العقد تفرض الشركات الأجنبية على العراق ولا يحق له اخضاعها لسلطانه القضائي, بما في ذلك العقود الباطنة! ولنتصور عقود باطنه تجري بين دولة وشركة! إذا كانت العقود ظاهرة وليس للعراق سلطة عليها فكيف سيكون الأمر للعقود الباطنة ..الله أعلم؟ ولنستعين ب(تقرير ريفيو) باعتباره محايد ليساعدنا في فهم هذه الفقرة " تمكنت شركة بارسونس في شهر آذار عام 2004 الحصول على عقد بملايين الدولارات لإنشاء معسكر دفاع مدني( إطفاء الحرائق) في قرية (عينكاوه) وهي تقع في أكثر مناطق العراق أمانا وعهدت ( بارسونس ) بالعقد إلى شركة أخرى لانجازه وهذه بدورها عهدت بالعقد إلى شركة عراقية وعندما قام المفتشون الحكوميون بعد مرور أكثر من عام ونصف بزيارة موقع المشروع لم يجدوا سوى حفرة واحدة كان المزمع استخدامها كبئر وحفر متفرقة و جدران متناثرة هنا وهناك مليئة بالأخطاء حتى صفوف الطابوق التي بنيت كانت تحتوي على منافذ وثقوب تستطيع القطط والكلاب المرور من خلالها ما الحل؟ يجب على الشركة ( صاحبة العقد ) إعادة إصلاح الأخطاء وتقرير إعادة الإصلاح يبعث به المفتشون إلى الجيش ويقوم الجيش بإرساله إلى شركة ( بارسونس ) التي ستقوم بإرساله إلى الشركة الأخرى وهكذا دواليك" وتضيع حقوق العراق في خضم المتاهات وكتابنا وكتابكم بين دولتين!

 

ولنأخذ فقرة أخرى تنص على" تتمتع سلطة التحالف وأفراد القوات المتعددة الجنسية وبعثات التنسيق الأجنبية والمستشارون الدوليون والمقاولون مع مركباتهم ومراكبهم وطياراتهم ومعداتهم بحرية الحركة بدون تأخير في جميع أنحاء العراق, ولهم حق استخدام الطرق والجسور والقنوات والمياه والموانئ والمطارات والفضاء الجوي بدون دفع الرسوم أو الضرائب أو الغرامات بضمنها أجور الهبوط والأرضية والموانئ والمخازن والإبحار واستخدام الأجواء أو عبور الأراضي والأجور المماثلة" لم يكتف بالحصانة للأشخاص وإنما شملت أيضا وسائط النقل والاستخدام المجاني للمطارات والموانئ ونقاط العبور البرية وعدم دفع الغرامات والضرائب والأجور؟ أي بلد مستباح أرضا وبحرا وجوا؟ وفي الوقت الذي يدفع ابن البلد الأجور والضرائب والغرامات فأن المحتل والأجنبي يعفى منها! حتى الذين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية فأنهم يدفعون الأجور وبعض الضرائب والغرامات, في حين تعفى منها قوات الاحتلال! بل أن فقرة أخرى تسمح لهذه الجوقة الأحتلالية أن تستورد بدون أن تدفع الضرائب الجمركية أو أية تقييدات وكذلك بدون تفتيش وترخيص وتفويض.

 

من هو صاحب السيادة الفعلية في العراق؟

 

يشير القرار البريمري المذكور بأن قائد القوات الأمريكية هو المسئول عن المجال الجوي العراقي للاستخدامين العسكري والمدني, ويسمح للقوت الأمريكية والقوات الأخرى المتجحفلة معها بالحق في دخول العراق وحق البقاء والمغادرة دون تدخل حكومة العراق وإعفائهم من إجراءات جواز السفر وسمات الدخول والتفتيش والأجور وكل لضوابط الأخرى التي تحكم إقامة الأجانب في العراق! كما يسمح لهذه القوات أن تستخدم مجانا أية مساحة أرض في العراق تناسبها لبناء معسكرات ومقرات لأعمالها العسكرية والمدنية ولا يجوز للحكومة العراقية أن تنتهكها( معاذ الله وهل تجرؤ) وأن تضمن الحكومة العراقية استخدام هذه المقرات بدون إعاقة, مع تخصيص منطقة وسط بغداد للقوات الدولية وتكون السيطرة فيها وشئون الأمن بيد القوات المتعددة الجنسية ولا تخضع لسيطرة الحكومة العراقية! ويحق للقوات الدخيلة استخدام الماء والكهرباء والوقود وبقية المرافق العامة مجانا عكس سكان البلد الذين أصلا هم محرومون منها.

 

وسيتوقف قطار السيادة العراقية عند أهم المحطات بعد أن خرج من محطة الانطلاق الرئيسة(17) لحين وصولة إلى المحطة النهائية(اتفاقية التعاون المشترك) بين إدارة  الاحتلال وحكومة الاحتلال.

 

محطة بيع لعراق

 

بدون أن ترجع إلى حكومة الذل عرضت إدارة الاحتلال المنطقة الخضراء للاستثمارات الأجنبية رغم أن المنطقة تتعرض باستمرار إلى القصف الصاروخي والهاون, وقال قائد الخطة توماس كارنوسكي بأن المشروع سيمثل ضمانات لبلده أمريكا نظرا لتكلفة المشروع الباهظة وتقدر بحوالي(5) مليار دولار, وتتضمن الخطة إقامة مركز تجاري داخل المنطقة  وفندق لشركة( ماريوت الدولية) وستقوم مجموعة(MBI) السعودية بالاستثمار داخل المنطقة, ولم تعلق حكومة العراق على كيفية قيام قوات الاحتلال بعرض أراضي عراقية للاستثمار,علما أن قرار بريمر(17) لا يجيز ذلك رغم جوره.

 

محطة غلوبل

 

وشركة غلوبل البريطانية هي احدى الشركات الأمنية التي أنذرتها وزارة الداخلية العراقية بمغادرة العراق خلال(15) يوم وفرضت عليها غرامات ( قانون 17 لا يسمح بتلك الغرامات) وفاتحت مديرية الإقامة بمنع موظفي الشركة من دخول العراق وإقامة دعوى قضائية على الشركة, وأشار بين لوزارة الداخلية العراقية بأن الشركة متهمة" باستخدامها أسلحة عائدة لوزارة الداخلية تم شراؤها من السوق السوداء، واستخدامها سيارات تابعة لوزارة النقل دون عقود مبرمة مع الحكومة العراقية، فضلا عن وجود قيود جنائية بحق بعض العاملين لديها."
و"إن شركة كلوبل قامت بمراجعتنا منذ فترة لغرض الحصول على إجازة ممارسة العمل، ومن خلال تدقيقنا لملفاتها وجدنا سلبيات عديدة، من ضمنها حيازتها لمسدسات نوع ( كلوك ) اشترتها من الأسواق المحلية، حيث طلبت وزارتنا من الشركة تسليمها الأسلحة كونها مسلمة للشرطة العراقية فقط." مضيفا "أما عن العجلات التي تستخدمها في عملها فأنها لم تزودنا بأي تفاصيل بخصوصها، مع استخدامها لعجلات وزارة النقل في الوقت نفسه، كما إننا وجدنا قيودا جنائية بحق بعض العاملين لديها، وهذه القيود تمنعهم من ممارسة العمل."
ويتابع بيان الداخلية "إن الشركة لم تقدم عقود الإيجار أو التمليك مع وجود شكاوى عديدة بحقها مقدمة من قبل وزارة الخارجية ودوائر وزارتنا العاملة بالمطار"!

 

إنها تهم عديدة وخطيرة تدل على عدم احترام الشركة للحكومة العراقية ووزاراتها ناهيك عن قيام الشركة بقتل عدد من العراقيين الأبرياء نتيجة الخطأ وهذا ما لم يشير إليه بيان الداخلية, ومن المؤكد أن الوزارة جدية في مقاضاة الشركة ووزير الداخلية مهتم بالموضوع, ولكن بعد مرور ساعتين من تصريح الداخلية, صرح اللواء عبد الكريم خلف بأن" إن وزير الداخلية جواد البولاني قرر تمديد عمل شركة (غلوبل) لحين ترتيب أوضاعها واثبات جديتها في احترام آلية العمل الأمني بالعراق. وفما إذا كانت الشركة ستستمر في العمل بمطار بغداد الدولي قال خلف"سننظر في ذلك على ضوء النتائج التي ستقدمها تلك الشركة ومدى إثبات جديتها في احترام القانون العراقي". وأغلق الملف كان شيئا لم يكن ولا احد يعرف مصير الأسلحة والسيارات والعقود, لكن احد العالمين ببواطن الأمور قال جمدت جميعها بأمر الوزير الغيور والهمام نفسه؟ واستمر عمل الشركة في المطار رغم انف وزارة الداخلية ووزيرها البولاني!

 

محطة إهانات رفيعة المستوى

 

يقول الكاتب جون وليامز" ما فائدة الدنيا الواسعة إذا كان حذاؤك ضيقا" ونقول ما فائدة منصبك إذا كان لا يؤمن لك الحماية تجاه البسطال الامريكي؟ لقد استجدت علاقة وثيقة بين الرأس العراقي - وهو رمز للكبرياء لذلك يقال (عالي الرأس) و(لا يطأطئ رأسه) و(ما ينزل رأسه لأحد) وغيرها من الكلمات- وبين البسطال الأمريكي؟ علاقة مشينة بكل ما للكلمة من معنى, فطريقة التفتيش والاعتقال تتم بعد أن يجبر العراقي بأن ينام على بطنه ويده إلى الخلف ويضع الأمريكي بسطاله على رأسه, طريقة حقيرة بحقارة الأمريكان أنفسهم ولا يستثنون منهم أحد سواء كان مسئول أو مواطن عادي فرؤوس الجميع سواسية كأسنان المشط تحت سلطان بساطيلهم النتنة, ومن الممارسات المشهورة هو تعرض رئيس مجلس الحكم وزعيم الحزب الإسلامي د. محسن عبد الحميد كما اعترف بنفسه لمثل هذا الوضع المزري حوالي عشرين دقيقة بالرغم من منصبه العالي وسنه المتقدم وعلمه الواسع فما بالك بالمواطن العادي! واعترف رئيس مجلس النواب بلا خجل بأن الكلاب تشمشمهم قبل الدخول إلى باحة مجلسهم اللاموقر, وأعترف عدد من النواب الصدريين بأن جنود من القوات المتعددة الجنسية أعتقوهم وأهانوهم قبل دخولهم اجتماع المجلس, بل أن النائب فتاح الشيخ طرح أرضا وأطبق جندي على رقبته وقيد يديه خلف ظهره, وعندما أعلم المترجم الجندي بأن الموثوق نائب رد الجندي بسخرية" وماذا يعني هذا؟ نحن أمريكان" ويقال انه عندما شكا الأمر إلى مجلس النواب هون الجميع الأمر عليه وقالوا له" نحن جميعا مذلون مهانون فقد أهانونا الأمريكان وليس أنت فلا تعقد الأمور ومشي".

 

محطة زيارات مفاجئة

 

هذه محطة تدل على مدى استهتار قوات الاحتلال بحكومة العراق ورجالها, فكافة الزيارات التي قام بها المسئولون الأمريكان والبريطانيون وغيرهم للعراق تمت بدون علم الحكومة وفقا للقرار(17) الذي اعتبر قائد القوات الأمريكية هو المسئول عن سماء العراق, ولم يقتصر الأمر على الرؤساء ورؤساء الوزراء وإنما حتى الوزراء وبقية المسئولين الصغار, فالطالباني أعلم بزيارة الرئيس بوش وبلير وتشيني بعد ساعات من وصولهم وكذلك رؤساء الوزارة الجعفري وخلفه المالكي, ولا يجرؤ أي مسئول عراقي أن يستفهم عن وصول ومغادرة المسئولين الأجانب للعراق, بل حتى أوقات وأماكن الزيارة تحدد من قبل إدارة التحالف وليس حكومة العراق! وعلق الطالباني على استهانة الأمريكان بمنصبه بقوله " لقد بعنا السيادة واشترينا الديمقراطية" ويا لها من صفقة خاسرة, فهي أشبه بمن يستبدل سيارة بدراجة هوائية.

 

محطة توقف للتزود بالوقود

 

رغم محاولة الحكومة العراقية الادعاء بأنها تسيطر على ثروات البلاد لكن الحقيقة تشير إلى خلاف ذلك, فهذه الثروة تخضع إلى نفوذين باتجاهين متضادين أولهما المصالح الأمريكية والثاني المصالح الإيرانية حيث أن وزير النفط حسين الشهرستاني كما هو معروف إيراني الجنسية, وقد كشفت صحيفة نيويورك تايمز بأن الخارجية الأمريكية هي التي تدير وتشرف على العقود النفطية وتسمح للمالكي التوقيع عليها فقط, وذكر فريدريك بارتون كبير مستشاري الدراسات الإستراتيجية في واشنطن " إننا ندعي ان نفط العراق ليس محور اهتمامنا لكننا دائما نثبت عكس ذلك" ويضيف بطريقة ساخرة" نحن نقضي على مصداقيتنا من خلال ذكر مواضيع مثل السيادة في حين أن يدينا تمسك بوسط العراق". وهو الأمر الذي أكده الصحفي اندريو كريمر بقوله أن فريقا من الخارجية الأمريكية لعب دورا أساسيا في إعداد النصوص للعقود المبرمة بين حكومة المالكي وخمسة من كبار الشركات النفطية الغربية لتطوير أكبر حقول النفط العراقي. ومن هذه الشركات ايكسون موبايل وشركة شيفرون الامريكيتين وشيل الهولندية و(BP ) البريطانية وتوتال الفرنسية.

 

وانتقدت الصحيفة إنكار إدارة الرئيس بوش بأن الحكومة العراقية هي التي تتخذ قراراتها وأن المتحدثة بأسم البيت الأبيض دانا بيرينو لطالما كررت في تصريحاتها بأن " العراق بلد ذو سيادة كاملة ويمكنه أن يتخذ قرارات حسب مصالحه سيما فيما يتعلق بثروته النفطية".

 

محطة قطعات الجيش

 

وهذه المحطة تشير إلى مدى هشاشة الحكومة العراقية في التحكم ليس بالقوات الأجنبية على أرضها وإنما على قوات الجيش العراقي نفسه, فقد أعترف رئيس الوزراء نفسه بأنه لا يستطيع أن يحرك قطعة جيش من مكان لآخر إلا بعد استحصال موافقة القوات الأمريكية, واعترف أيضا وزير الدفاع عبد القادر العبيدي أمام البرلمان بأن القوت الأمريكية هي المسئولة عن حفظ الأمن وتوجد صعوبات في تحريك القوات من منطقة لأخرى لأن الأمر يستوجب موافقة القوات المتعددة الجنسية! وقد اعلم المالكي السفير الأمريكي قبل أيام من بدء صولة الفرسان, مما جعل السفير يغضب من المالكي ولم يتدخل في الصولة إلا بعد محاصرة المالكي من قبل الصدريين وكان على وشك أن يقتل, فاستغاث بقوات التحالف وبعد أن اشتد الخناق عليه أرسلوا طائرات مروحية لإنقاذه وفي ذلك عبرة لمن اعتبر.

 

محطة الاعتقال

 

وهذه من المحطات التي تثير الدهشة, حيث لا يعرف أحد بالضبط عدد العراقيين المعتقلين في السجون الأمريكية ويقدرون ما بين(30-50) ألف معتقل, ولا يسمح للحكومة العراقية ولا القضاء العراقي بالتدخل في موضوع اعتقالهم أو معرفة عددهم وقضاياهم والتهم الموجه لهم! و لا يسمح لهم بالاتصال بذويهم أو توكيل محامين عنهم. كما لا تسمح القوات الأمريكية للمنظمات الإنسانية كالصليب الأحمر ومنظمة العفو الدولية ومنظمات حقوق الإنسان بزيارة السجون والاطلاع على أحوال المعتقلين, والأشد عجبا أن قانون العفو الذي أصدرته الحكومة العراقية مؤخرا لم يشمل المعتقلين في السجون الأمريكية لأنها خارج سلطان سيادة الحكومة العراقية!

 

محطة كل حسب هواه

 

العراق أشبه بساحة مفتوحة لكل حكومات العالم وأجهزة المخابرات ولا توجد دولة أجنبية أو عربية ليس لمخابراتها عناصر أو وكلاء في العراق, والعراق مباح من قبل دول الجوار فالإيرانيون يمثلون الاحتلال الثاني بعد الولايات المتحدة الأمريكية وهم لا عب أساسي في شئون العراق كافة الداخلية أو الخارجية, ومنذ أشهر يقومون بقصف القرى الكردية دون أن تجرؤ الحكومة العراقية على مفاتحتهم وليس إدانة القصف لأن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق في ظل هيمنة إيران على مجلس النواب والحكومة العراقية, والجانب التركي بدوره يكتسح شمال العراق لمطاردة حزب العمل الإرهابي في ظل عجز إقليم كردستان في الدفاع عن سيادة اقليمها, ويمكن لكل دولة أن تتدخل في شئون العراق دون رادع, فحتى الرئيس الروسي بوتين طلب بعد اغتيال دبلوماسيين روس في العراق تهيئة العدة لعملية انتقامية في العراق ضد العناصر الإرهابية, كما يمكن لأجهزة المخابرات أن تتصارع كما تشاء في الساحة العراقية وتصفي حساباتها مع الغير والحساب مدفوع من دماء العراقيين!

 

محطة توبيخ

 

عندما حاول رئيس الوزراء المالكي أن يقدم اقتراحا إلى الإدارة الأمريكية لمراجعة القانون البريمري(17) بشأن الحصانة التي تتمتع بها القوات الأجنبية في العراق, بعد أن اشتدت الضغوط عليه بعد مأساة عروس الشهادة( عبير قاسم حمزة) رفض نيكولاس بيرنز وكيل وزارة الخارجية الأمريكية هذا الأمر جملة وتفصيلا( تصوروا وكيل وزارة يرد بعنف على رئيس وزراء العراق) ووبخ المالكي على هذا الاقتراح, وأكد أن بلاده ترتبط باتفاقيات تحدد بدقة قواعد حماية الجنود والدبلوماسيين في العراق" ونحن مطالبين من جانبنا باحترام تلك الاتفاقيات" ويلاحظ انه أستبعد الحديث عن المقاولين والمستشارين والمدنيين رغم أن الحصانة تشملهم! كما أن حصانة الدبلوماسيين لا تخضع إلى اتفاقية بين دولتين وإنما تنظمها اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية كما هو معروف. ومن الطريف أن ينهي بيرنز تصريحه بالقول" أن بلادنا تتعامل بقدر وافر من الشفافية فيما يتصل بالتحقيقات حول مزاعم إساءة المعاملة وإحالة المسئولين إلى القضاء"! انه لا يتحدث عن حقائق وإنما مزاعم ولا يتحدث عن جرائم قتل وإبادة جماعية وإنما عن"إساءة معاملة" فقط! وإذا كان تعاملهم بشفافية مع كل هذه الانتهاكات والجرائم فالله  يستر العراقيين عندما لا يتعاملون بمثل هذه الشفافية!

 

هناك بالطبع مئات المحطات الأخرى ولكننا لم نتوقف عندها لأننا سنحتاج إلى كتاب وليس مقال لتوثيقها, لذا سنتوقف في آخر محطة وصل إليها القطار السيادي وهي:-

 

محطة الخزي والعار

 

لا عجبا أن تكون تلك هي المحطة النهائية لتدمير ما تبقى من سيادة العراق بعد المسلسل من التجاوزات التي لا ترتضيها على نفسها أية دولة بالعالم باستثناء تلك الحكومات التي نصبها الاحتلال لتدافع عن بقائه ومصالحه ومصالحها أيضا ومنها حكومة العراق المحتل, لذلك كان النتيجة متناغمة من الافتراض, ورغم محاولة الحكومة العراقية التستر عن بنود الذل والعار التي تضمنتها الاتفاقية والتي تسمح بإقامة قواعد عسكرية ثابتة وتقديم تسهيلات عسكرية لقوات الاحتلال, وإعطائها حق التفتيش والمداهمات والاعتقالات دون الرجوع الي إتباعها الأذلاء من المسئولين العراقيين, لكن جيفة الاتفاقية فاضت من بالوعة السراديب بعد أن سربتها صحيفة الغاريان البريطانية فاضطرت الحكومة العراقية أن تعلن عنها بعد عام من المشاورات السرية في الدهاليز, سيما أنها تهدد الجارة يران التي ألهبت بسياطها  ظهور عملائها في الحكومة العراقية ومجلس النواب ليرفضوا هذه المرة بشكل علني الاتفاقية لأنها تهدد إيران وليس سيادة العراق؟ وهل هناك بلد محتل في العالم له سيادة؟

 

الغريب أن الاتفاقية أيقظت أشباح الحوزة العلمية من سباتهم العميق بعد أن رفضتها إيران, رغم أن صرخات الشعب العراقي منذ خمس سنوات وتدنيس القرآن الكريم لم يوقظها, ولكن عندما تتعلق القضية بمصالح إيران فأن الوخزة الفارسية تؤدي مفعولها على أفضل وجه في جسد الحوزة المشلول عن قضايا العراق والناشط الحيوي في قضايا إيران! فتهب مذعورة من سباتها الصفوي العميق.

 

ومهما يكن فأنها المرة الأولى التي يتوحد صف العراقيين فيها ليرفضوا جميعا اتفاقية الخزي والعار التي تحاول أن تنهي حالة الانتداب المؤقت لتحل محله حالة الاستعمار الدائم, حيث يتعاظم دور الاستلاب والنهب والقتل والاغتصاب والعدوان والتدمير والتهديد والاحتراب والفتن التهجير والاغتراب, وبالرغم من محاولة الحكومة العراقية ومجلس النواب تمرير الاتفاقية بعد أن أعلن عن الرشاوى التي قدمتها إدارة الاحتلال إليهم, فأنه حري بالشعب العراقي أن يوقف صلاحية مجلس النواب والحكومة من التوقيع على الاتفاقية وأن لا تكتسب الشرعية إلا بعد أجراء التصويت العام عليها فالحكومة والنواب لا يؤتمنان على حقوق العراق وشعبه وهذا ما أثبتته تجارب السنوات الخمس العجاف الماضية.

 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

الاثنين / ٢٣ شعبان ١٤٢٩ هـ

***

 الموافق ٢٥ أب / ٢٠٠٨ م